اهــ(الأحداث)ــم

• إغلاق تداول 11,881.55 نقطة • ارتفاع 89.14 نقطة • بقيمة 6.3 مليار ريال • محاولة اغتيال ترامب تفوق زلات لسان بايدن • سبق اغتيال 5 رؤساء لواشنطن • نجاة 8 رؤساء لواشنطن من محاولات اغتيال • واشنطن تفرض عقوبات على كيانات إسرائيلية • فتح حركة المرور على طريق أبو حدرية الخفجي
النتائج 1 إلى 10 من 14

العرض المتطور

  1. #1
    عضو متألق
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    الكويت، كيفان
    المشاركات
    837
    معدل تقييم المستوى
    42

    شاعريات رحلة الحج.. من القوافل والمشي على الأقدام إلى «حملات خمس نجوم»!

    حمود الضويحي (الرياض) : يظل هاجس أداء الركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج ملازماً لكل مسلم منذ البلوغ والمقدرة على ذلك، فمتى ما استطاع المسلم القدرة على ذلك جسدياً ومالياً فانه يعد العدة للسفر إلى أطهر البقاع، وكلما كانت المسافة عن مكة المكرمة بعيدة كلما كانت المشقة أكثر والمخاطر أعظم؛ ففي الماضي القريب -أي منذ قرن من الزمان- كان مجرد التفكير بأداء هذا الركن يعني مغامرة نحو الموت في ظل انعدام الأمن وتفشي الأمراض وقلّة ذات اليد.

    كانت محفوفة بمخاطر السلب والنهب والضياع والمرض والموت.. واليوم ب «الرفاهية»

    قوافل الحج تتنقل بين المشاعر مع بداية ظهور السيارات قوافل الحج تتنقل بين المشاعر مع بداية ظهور السيارات

    ونستعرض هنا مسيرة الحج في تلك الحقبة التي تطورت معها رحلات الحج من السير على الأقدام للمعدمين والانتظام في القوافل، وحتى عصر النهضة وظهور السيارات للمرة الأولى في الجزيرة العربية التي قلبت مفاهيم الناس جذرياً عن السفر تلاها السفر جواً عبر الطائرات التي واكبت استتباب الأمن ورخاء العيش وجعلت من رحلة الحج متعة حقيقية من المغادرة إلى الرجوع للأهل والأوطان.

    فارق كبير بين جيل كان عزمه أكبر من إمكاناته وآخر لا يزال متردداً رغم توفر الإمكانات
    وقد مرّت رحلات السفر إلى الحج في المئة عام السابقة بثلاث مراحل، الأولى كانت في البداية وقبل التوحيد وكانت عن طريق المشي على الأقدام أو باستخدام الرواحل، والثانية مرحلة بداية ظهور السيارات والسفر عبر الطرق الصحراوية الوعرة وفي رحلات عشوائية وغير منظمة، أما الثالثة في وقتنا الحاضر عن طريق السفر المنظم بالحافلات وعلى الطرق المزدوجة والسريعة وظهور حملات الحج المنظمة باستخدام الطيران، ولذا فالفارق كبير بين جيل كان عزمه على الحج أكبر من إمكاناته، وجيل اليوم الذي لا يزال متردداً في الحج رغم توفر الإمكانات لديه.

    الحج مشياً على الأقدام
    هناك من لا يستطيع الحج على الرواحل؛ مما يضطره الأمر إلى المشي على الأقدام سعياً منه إلى الحج، خصوصاً من يأتي من البلدان البعيدة كالهند، وباكستان، ودول الشام، ومصر، والمغرب وما حولها، حيث يمضون قدماً في السير لآلاف الكيلومترات، يقطعون فيها العديد من الدول والبلدان، ويصادفون في طريقهم الأهوال الكثيرة، والتي على رأسها فقدان الأمن؛ مما يعني فقدان حياتهم عند سطو أحد عليهم وقتلهم، وأخذ ما معهم من زاد وأمتعة، إضافة إلى أهوال الطريق من الحيوانات المفترسة، إلى الضياع في المتاهات، وآخر ذلك كله إن نجا من هذه الأهوال، فقد يقع فريسة سهلة للمرض الذي يؤدي به إلى الهلاك؛ لذا فلا عجب أن يكون جميع الأهل والأحبة والأصدقاء في وداعه في بلده عند عزمه على الرحيل لأداء مناسك الحج، فقد يكون هذا الوداع وداعاً أبدياً لا رجعة بعده، كوداع الشاعر "ابن زريق البغدادي" الذي قال في قصيدة تصور غربته التي لم يعد منها حيث تخطفته يد المنون:

    ودعته وبودّي لو يودْعني
    ودعته وبودّي لو يودْعني

    صفوُ الحياةِ وأني لا أودّعهُ

    وكم تشفع لي أن لا أفارقه

    وللضرورات حالٌ لا تُشفعه

    وكم تشبثَ بِيْ يومِ الرحيل ضحى

    وأدمعي مستهلاتٌ وأدمعهُ


    وقبل الرحيل وعند الوداع فان الحاج يطلب الصفح من الناس عن ما بدر منه ويقول بكلمة عامية "أبيحوني وحللوني"، فيرتاح ضميره ويهدأ عند سماع عبارات الصفح عنه، ودعاء من حوله له بأن يعينه الله على أداء شعائر الحج ويعيده إلى أهله ودياره سالماً غانماً، بينما هو يحاول أن يداري ذرف الدمع من عينيه.


    رحلة الحج كانت شاقة مع تواضع الخدمات

    حجاج دراويش!
    كان الحج مشياً على الأقدام عند عدم توفر الراحلة أمرا شائعا في بلادنا، حيث يجتمع الرفقة مع بعضهم ويرتحلون إلى الديار المقدسة، ولكن كان ذلك نادراً، فقد كان المثل الدارج يقول عن من ينوي الحج: "ما يحج إلاّ قوي"، وقد يلجأ إلى ذلك المعدمون ومن يخاف فوات الوقت وتقادم السن وتهاوي قوى الجسد، فيدفعه الحنين إلى المغامرة بالحج ماشياً، بينما تدفع الحاجة غير أبناء الوطن إلى القدوم إلى بلادنا ممن لا يملكون المال الكافي والعتاد إلى أن يغامر بالحج قادماً من بلاده مشياً على الأقدام، ويطلق الناس على هؤلاء -خاصةً ممن لا يتقنون العربية- اسم "الدراويش" ومفردهم "درويش"، حيث يمضي هؤلاء من الوقت شهوراً في سبيل الوصول إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج، إذا أسعفهم الحال في طريق الرحلة عند توفر المادة معهم والقوة البدنية، أما إذا فقدوا ما لديهم من زاد فان الأمر قد يستغرق سنين من التعب والكد والشقاء، فقد يضطرهم الحال إلى أن يقيموا في بعض القرى للعمل لدى بعض الناس، من أجل الحصول على المال لإكمال المسيرة.

    وقد يكون الحظ مبتسماً لآخرين منهم وذلك بالحصول على الزكاة من بعض الموسرين من أهل القرى والبلدات التي يمرون بها، إضافة إلى تقديم بعض المساعدات من المؤن التي تعينهم في الحصول على غايتهم بالوصول إلى مكة وأداء مناسك الحج، وقد عمدت بعض البلدان والقرى التي يمر بها هؤلاء إلى إنشاء وقف وهو عبارة عن بيت من غرفتين أو ثلاث، مخصص للغرباء أطلق عليه اسم "بيت اللاعي" أو "بيت الغرباء"، حيث يودعون فيه من يأتي غريباً ماراً بالبلدة من المسافرين إذا كان معدماً أو مريضاً، حيث يتعاهده أهل البلد بإمداده بالطعام والعلاج حتى يخف ويبرأ، ومن ثم يغادر البلدة في حال سبيله شاكراً، وبعد مشقة من السفر والنجاة من أهوال الطريق يصل هؤلاء الذين قدموا للحج مشياً على الأقدام إلى مكة، ويؤدون مناسك الحج، وبعد الحج تتفرق السبل بهم، فمنهم من يستطيع الحصول على المال للرجوع إلى بلده بعد العمل في مكة عدداً من الشهور، فيما يفضل البعض البقاء والسكن بالقرب من البيت العتيق، إما لكبر سنه وضعفه أو لمحبته لأطهر البقاع، فيمضي بقية عمره فيها وينقطع ذكره بعد موته فيها.


    حجاج يشتركون في إعداد الوجبات أثناء رحلة الحج

    مسير القوافل
    قبل ظهور السيارات كان الموسرون ممن يريدون الحج ينتظمون في القوافل، حيث يجتمع مجموعة من الناس في كل بلدة في رحلة جماعية عن طريق الرواحل من الجمال، التي يتم الاعتناء بها قبل فترة الرحيل بوقت كاف، وذلك بإطعامها والعناية بها من أجل أن تتحمل أعباء الطريق، ويحددون يوماً لبدء مسيرة القافلة، ومن يريد الحج يضع "الشداد" على ظهر الراحلة لركوب الرجال، ويسميه البعض "المسامة"، فيما يوضع للمرأة "هودج" أو "الكواجة "، وهو بمثابة خدر للمرأة تركبه ويسترها عن أعين الرجال، ويصنع من الخشب ويستر بالقماش، ويكون على هيئة صندوق مرتفع السقف يسمح للمرأة بالجلوس فيه براحة، ويقوم المسافر بحمل الطعام الذي هو عبارة عن دقيق و"ودك"، وهو سمن مذاب من شحوم الحيوانات وتمر، في أكياس من الجلد تعلق على جوانب الراحلة تسمى "العيبة" أو "الخابية"، إضافةً إلى ملء عدد من القرب بالماء العذب، وتعليقها على جوانب الراحلة.

    كما يحمل المسافر الملابس وأثاثا خفيفا وما يعينه على هذا السفر الطويل والشاق من أدوية وأعشاب قد يحتاجها أثناء الطريق، وعند بزوغ الفجر تنتظم الرحلة والرفقة بعدد من الجمال قد تتجاوز العشرات، والحكمة من انتظام الرحلة في مجموعة كبيرة هي من أجل توفير الأمان لجميع الركاب، حيث يصعب على قطاع الطرق الهجوم على هذه المجموعة الكبيرة التي غالباً ما تكون مسلحة وفيها حراس يتناوبون على حفظ القافلة، فيمضون لأيام طويلة قد تستغرق قرابة الشهر في مسيرهم وهم ينزلون مع غروب الشمس ليأخذوا قسطاً من الراحة والنوم، في ظل الحراسة المشددة من قبل بعض أفرادها بالتناوب، وينطلقون مع بزوغ الفجر من أجل استكمال المسيرة إلى الظهر، وعندما تشتد حرارة الشمس في الظهيرة يتوقف الركب للراحة تحت ظل الأشجار و"المقيل".

    أقدم الحملات
    ويعمد المسافرون إلى أكل بعض الطعام كل على حدة مع أهل بيته بعد أن يترك المطية ترعى حولهم، وقد يكون هذا الطعام بضع تمرات مع مذقة ماء باردة من القرب المملوءة، وقد يعجن البعض من الموسرين الطحين "دقيق القمح" فيجمع بعض الحطب ويصنع "قرص جمر" يفركه ب"الودك"، ويتبعه بشرب الماء، ومن ثم تواصل القافلة المسير إلى وقت الليل، فيتوقف الركب ويعقل كل راحلته حتى لا تسري أثناء الليل وتتركه بلا راحلة، بل إنّ البعض منهم يعقلها ويتوسد يدها لينام الليل، وخصوصاً وقت شدة البرد حيث تجلب له الدف، ويستمر الحال حتى يصلوا إلى مكة، وقد كانت الرحلة شاقة وطويلة، فعلى سبيل المثال كان الطريق من الرياض إلى مكة يستغرق قرابة (25) يوماً عن طريق ركوب الجمال في القوافل، فما بالك بمن يأتي من شمال المملكة أو من دول الخليج والشام.

    وبعد أن يصل الحجيج إلى مكة يؤدون مناسك الحج في بساطة، حيث يتنقلون بين المشاعر في منى ومزدلفة وعرفات بدون خيام، وحتى نهاية أعمال الحج، ثم يطوفون طواف الوداع بالبيت العتيق، ومن ثم تبدأ رحلة العودة إلى الديار فرحين بإتمام ركن الحج، وبعد المكوث في مكة لليال يجوبون أسواقها محملين ببعض الهدايا من مكة للأهل والأحباب، ومن أشهر أصحاب الحملات والقوافل في الرياض منذ مطلع القرن الرابع عشر قبل عصر السيارات حملة "بدينان" حملة صالح بن هديان، حملة علي بن عاصم من أهل الظهيرة، حملة عمر بن بكر تنطلق من قرب مقبرة "معكال"، حملة فراج من أهل الحريق، حملة الكثيري، حملة الشيخ صالح الدخيّل.

    ظهور السيارات
    عند ظهور السيارات في المملكة كانت الطرق في بداياتها صحراوية ووعرة، ولم يكن السفر خلالها سهلاً وميسراً، إضافةً إلى أنّ السيارات في حينها لم تكن مريحة، بل إن معظمها كانت سيارات للنقل وليس للركوب والراحة والرفاهية، ومع ذلك فقد باتت وسيلة سفر تغني عن السفر بالرواحل، وبتوفر السيارات ودع الناس السفر إلى مكة بالرواحل والمشي على الأقدام واستعاضوا بها في ذلك، فقد صار من يريد السفر لأداء مناسك الحج يذهب إلى من يوجد لديه سيارة ويحمل الركاب فيها بالأجرة، حيث يحجز له موعداً معه والسفر به إلى مكه لأداء مناسك الحج، وكانت السيارات في البداية عبارة عن سيارات نقل من نوع "لوري" أو "فرت" كما كانت تسمى سيارات "فورد"، وقد كانت سعادة الناس كبيرة بورود السيارات التي أغنتهم عن ركوب الجمال والمشقة الكبيرة في قطع الطريق، في فترة قد تمتد إلى شهر أو أكثر، بينما السيارة تقطع ذلك في ثلاثة أيام أو أربعة من الرياض إلى مكة، وقد تغنى الشعراء في ذلك ومن ذلك قول الشاعر "مهنا بن إبراهيم":


    واه واهني اللي على فرت جديد

    يقطع الفرجة اللي عمد سرابه

    من دياره لا في صافي الحديد

    ما قضبه مهندس صلح خرابه

    كل ما عشق له بنمره يزيد

    ما تعرف أشجار نجد من هضابه


    وغالباً ما كانت السيارة أو "اللوري" تحمل (20-30) شخصاً، عدد قليل منهم في غمارة السيارة ممن يدفعون ضعف أجرة من يركب في صندوقها الخلفي الواسع، حيث يقوم صاحبها بوضع خشب على جوانبه فيكون هناك طبقتان، السفلى منها يوضع به العفش والحيوانات، بينما كان الركاب يتقاسمون الركوب في الطبقة العلوية مع عائلاتهم، ومعهم طعامهم وشرابهم، وقد كانت الطرق في البداية غير مسفلتة، بل جلها صحراوية؛ مما ضاعف من وقت الرحلة وزاد من المشقة والتعب، خصوصاً عندما تعلق كفرات السيارة في الوحل والطين أو في الرمال الغزيرة؛ مما يستدعي تعاون جميع الركاب في عملية إخراج السيارة مما علقت به، كما كان الطعام يعدّ بتعاون الجميع، حيث يكون هناك قطة على كل راكب ودور في عملية الطبخ والتنظيف وغيرها.

    حملات خمس نجوم
    ودّع الناس المشقة والتعب عند الرغبة في السفر لأداء مناسك الحج، فقد تهيأت ولله الحمد الطرق السريعة والسيارات المكيفة والمريحة، كما أصبح الحج عن طريق حملات مصرحة تخير من أراد الحج بين السفر براً عن طريق حافلات مكيفة وسريعة ومريحة وبين السفر جواً على أفخم الطائرات بمختلف الدرجات، كما يستطيع من يرغب ولديه القدرة المالية أن ينعم بخدمات فندقية بخمس أو سبع نجوم تجعله يتفرغ للعبادة فقط، حيث تهيئ له السكن المريح في منازل فندقي في مختلف المشاعر، وتتولى تنقله بين المشاعر في أي وقت يريد، كما زاد الأمر رفاهية بتهيئة القطار السريع للتنقل بين المشاعر، وتوسعة جسر الجمرات؛ مما جعل من رحلة الحج متعة يؤديها الحاج بكل اطمئنان وراحة بال.


    الخيام في منى متواضعة والحجاج مع هديهم


    السيارات خففت من عناء السفر للحج


    رمي الجمرات كان سهلاً مع عدد الحجاج القليل


    مشهد عام للمشاعر المقدسة حيث تتوفر جميع الخدمات لراحة ضيوف الرحمن



  2. #2
    عضو فضي
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    السعودية، تبوك
    المشاركات
    1,423
    معدل تقييم المستوى
    55

    افتراضي رحلات الحج، سطر تفاصيلها مفكرون ومثقفون ورحالة منذ 8 عقود

    منى (واس) : ضمت كُتب "أدب الرحلات"، التي سطّر تفاصيلها عدد من المفكرين والمثقفين العرب والرحالة الأجانب، رحلات الحج قبل أكثر من ثمانية عقود مضت، حضر في مضامينها الحديث عن شخصية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -تغمده الله بواسع رحمته- واهتمامه بالحج والحجاج، حيث التقى بعضهم بالملك عبد العزيز -رحمه الله- في مكة المكرمة والرياض، وتحدثوا عن مكة المكرمة، والمشاعر المقدسة، والمدينة المنورة، ووصفوها وصفًا دقيقًا علاوة على وصف لقائهم بأمراء وأئمة الدولة السعودية الأولى والثانية، والملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله.



    أثبت الرحالة الأجانب والمفكرون العرب بالحقائق الدامغة تفاصيل رحلة الحج قبل عهد الملك عبد العزيز، ومنها على سبيل السرد لا الحصر ما ذكره "الحاج عبد الماجد زين الدين" ضابط شؤون الحجاج الملايويين في الربع الأول من القرن العشرين، الذي وصف معاناة رحلة الحج في ذلك الزمن وما يعتريها من أمراض، وخوف، وفوضى في تنظيم إدارة الحج، ناهيك عن طول السفر ما بين مدينة جدة حيث الميناء، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة.

    وقال الحاج زين الدين في قصته التي رُصدت ضمن موسوعة الحج والحرمين الشريفين التابعة لدارة الملك عبد العزيز: إن رحلة الحج في ذلك العهد تبدأ من لحظة المغادرة من ميناء جدة إلى مكة المكرمة في رحلة تستغرق ليلتين عن طريق قوافل الإبل، ويوضع على ظهر كل جمل (سرج خشبي) محشو بسعف النخيل يعرف بـ (الشُقدف) حتى يمكنه حمل حاجين على الجهتين، لتستمر الرحلة إلى مكان يعرف باسم (بحرة) يقضي فيه الحجاج راحتهم في طريقهم إلى مكة المكرمة.


    - مجلة "لايف" الأمريكية تنشر تقريرا عن مكة المكرمة عام 1943م >> واس

    و رحلة السفر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بعد أداء الحج، جاءت في وريقات كتبها زين الدين عام 1923م، موضحًا أنها تستغرق 12 ليلة، تمر بعشرة مواقف مختلفة، هي: وادي فاطمة، عسفان، سرف، القديد، رابغ، مستورة، بئر الشيخ، بئر حسن، بئر خريص، بئر درويش.

    وأصبحت رحلة الحج في ذلك الزمان عائقًا كبيرًا أمام المسلمين في العالم بسبب خطورة الرحلة، على الرغم أنها الحلم الكبير الذي يبدأ بكتابة وصية الحاج استعدادًا للرحيل إلى مكة المكرمة لأداء الحج، وينتهي باستقبال بهيج من الأقارب، والأصدقاء، والجيران، يصحبه احتفالات يُقدم فيها "الهدي" كما في أوزباكستان، والأباعخي "الحلبة"، والحلوى، والتمر في أرتيريا، والوليمة في كينيا، والدوجراما، والبلوف، والفاكهة في تركمنستان.



    ومع تولي الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- زمام الأمور السياسية والإدارية في المملكة، تغيّر حال رحلة الحج، إذ تحسنت على مر السنين وسائل النقل فاختصر زمن الرحلة من الشهور والأيام إلى الساعات والدقائق، ونُظمت إدارة شؤون الحج نظير عناية الملك عبد العزيز بالحج من خلال توجيهاته -رحمه الله- بإعادة بلورة تنظيم عمل المطوفين، والزمازمة من أجل خدمة حجاج بيت الله الحرام على أكمل وجه.

    واهتم الملك عبد العزيز بعد دخول الحجاز تحت حكمه عام 1925م بالحفاظ على أمن الحجيج، وتابع -رحمه الله- هذه الأعمال بنفسه، بل واتخذ إجراءات عدة لتحقيق ذلك منها إنشاء فرق عسكرية وأمنية تعمل على استتباب الأمن وتأمين حياة الحجاج خلال أدائهم مناسك الحج حتى يعودوا إلى بلدانهم سالمين، ما جعل مراسل صحيفة (مانشستر جاردن في بغداد) يشيد في تقرير نشرته الصحيفة بنجاح موسم حج عام 1927م، وأبرز في مضامينه جهود الملك عبد العزيز في خدمة الحجاج.



    وذاكرة التاريخ، ضمت الكثير من الرحلات الموثقة، فقد كان الرحالة غير العرب يتقاطرون على مكة المكرمة قبل قيام الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبد العزيز، وقيل إن عددًا منهم اعتنق الإسلام، وفقًا لما أوردته أبحاث موسوعة الحج والحرمين الشريفين.

    وعمل المفكر أحمد محمد محمود على رصد كثير مما كتبه أولئك الرحالة في كتاب أصدره بعنوان (جمهرة الرحلات) قُسم إلى ثمانية أجزاء، وخصّص الجزء الثالث منه لرحلات مكة المكرمة والمدينة المنورة، كما تناول في عدد من أجزائه ما كتبه رحالة أجانب عن أمراء وأئمة الدولة السعودية الأولى والثانية، وما يتمتعون به من خصال الحنكة، والاعتدال، والشجاعة مثلما كتب المستشرق الإنجليزي "ديفيد هوجارث"، ومبعوث المقيم البريطاني في البصرة "رينو" الذي التقى الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود عام 1799م.



    وتشير موسوعة الحج والحرمين الشريفين إلى أن الرحالة وثقوا جوانب متعددة من شخصية الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- وجهوده في خدمة الحجاج والمشاعر المقدسة، حيث زار بعضهم الملك عبد العزيز في ديوانه الملكي، واستمعوا إلى حديثه، وشاهدوا أسلوبه وطريقته وسياسته، وأعجبوا بتميز قيادته حين استطاع توحيد كيان الجزيرة العربية تحت مسمى (المملكة العربية السعودية) وسط صعوبات داخلية وخارجية أحاطت به.

    ومن بين ما ذكره الرحالة، ما أورده وليم شكسبير في رحلته التي أبرز فيها ما دار في لقائه بالملك عبد العزيز عام 1911م، وما كتبه الإنجليزي جيرالد إيفلين ليتشمان عن رحلته للجزيرة العربية عام 1909م ثم إلى مدينة الرياض عام 1912م، ورحلات أمين الريحاني التي كانت بعنوان (ملوك العرب: رحلة في البلاد العربية)، بالإضافة إلى رحلة الدكتور بول هاريسون الذي زار المملكة هو وزوجته عام 1941م، والتقى الملك عبد العزيز -رحمه الله- وقال عنه: لقد كان الملك عبد العزيز حكيمًا في مواقفه"، ورحلة ديكسون للرياض في كتابه بعنوان (الكويت جارتها) حيث وصف الملك عبد العزيز بأنه أكبر استراتيجي عرفته الجزيرة العربية في هذا القرن.



    ومن الرحالة الذين كتبوا عن الملك عبد العزيز، وعن الحج، ليوبولد بن كيفا فايس الذي أسلم فيما بعد وأطلق على نفسه اسم (محمد أسد) في كتابه (الطريق إلى مكة)، والإنجليزي الدون روتر في كتابه (المدن المقدسة)، ومحمد أمين التميمي في كتابه (لماذا أحببت ابن سعود؟)، و الهندي غلام رسول مهر في كتابه (يوميات رحلة إلى الحجاز) و جيرالد دي جوري الذي ألف كتابًا عام 1934م بعنوان (اللقاء مع عملاق في حجم جبل).

    وقدّم الرحالة الياباني (تاكيشي سوزوكي) كتابًا عام 1935م بعنوان (ياباني في مكة) تناول فيه زيارته لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة بعد أن أسلم وأطلق على نفسه (محمد صالح)، كما تحدث عن واقع الحياة في عهد الملك عبد العزيز، والتقى الملك عبد العزيز عام 1938م وقال عنه: (إنه رجل لا يقهر).

    تم تصويب (61) خطأ في عدم إحترام نُظُم الفواصل




معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الحج قديماً من أبرز فعاليات كلاسيك القصيم 3
    بواسطة مشغووولة في المنتدى منتدى تراث وموروث وعادات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: April 20th, 2019, 20:06
  2. قصة مصورة: رحلة الحج قديماً.. عبق التاريخ الذي ينقشه ركن الإسلام الخامس
    بواسطة هلالي القرن في المنتدى منتدى الحج والعمرة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: October 17th, 2012, 16:24

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

تنفيذ شركة تصميم مواقع الانترنت توب لاين
روابط مهمه روابط مهمه تواصل معنا
تواصل معنا