ويتشه ﭭيله : غسان الحيدري أو غسان سكر كما يحب أن يُلقب، شاب سعودي ترك دراسة الهندسية الطبية واتجه إلى عالم الطبخ وصناعة الحلويات. القرار لم يكن عاديا خصوصا في مجتمع محافظ كالمجتمع السعودي. DW عربية التقت غسان وتحدثت معه حول تجربته.



لم يكتف الطباخ السعودي الشاب غسان سكر بترك دراسته في الهندسة الطبية وتفضيل دراسة فن الطبخ عليها والتخصص في صناعة الحلويات بل افتتح له قناة في اليوتيوب ينشر من خلالها برامجه للطبخ. البرامج التي يقدمها غسان تلقى رواجا كبيرا وتفاعلا شديدا، بالرغم من أن المهنة التي اختارها غسان، أي مهنة الطبخ، تعتبر بالنسبة للذكور في دول الخليج بشكل عام والسعودية بشكل خاص من المهن الوضيعة التي لا يتسابق إليها الشباب.

ويعمل الأجانب في المطاعم السعودية بنسبة كبيرة جدا حتى أنك لا تكاد ترى مواطنا ًسعوديا يعمل طاهيا في مطعم نتيجة لنظرة المجتمع السلبية لهذه المهنة. وتفتقد السعودية للجمعيات الأهلية المنظمة لمهنة الطبخ فضلا عن المعاهد والكليات التي تدرس المهنة. لهذا طالب مجموعة من الشباب السعودي وزارة العمل السعودية بتنظيم هذه المهنة حتى يتمكن من يحترفها من دخول سوق العمل.

DWعربية التقت غسان سكر وسألته عن سبب تركه لدراسة الهندسة الطبية واتجاهه لعالم الطبخ في مجتمع قد ينظر له بنظرة دونية. غسان بدا واثقا من حسن اختياره وأجاب قائلا: "بصراحة الطبخ شيء من هواياتي من صغري وارتبط بي حتى وصلت كندا". في كندا حصل غسان على فرصة لدراسة الطبخ وصار بإمكانه تحقيق هدفه في "تحضير الحلويات الأجنبية بنكهة شرقية". غسان يتحدث بحماسة شديدة عن هذا الأمر ويضيف "كان شيئا رائعا جداً؛ والسبب الذي دفعني إلى ترك الهندسة أنني كنت أقول هل أعمل طباخا أم مهندسا؟ لذا قررت أن أقضي عمري في عمل أحبه".


نموذج من الحلويات التي يبدع فيها غسان سكر

"مهنة ليست للرجال"
وعن كيفية تخطيه الوضع الاجتماعي المرتبط بالطبخ في السعودية يقول غسان لـDW عربية: "صراحة كانت من أصعب الحاجات التي واجهتني انعدام الدعم من الأصدقاء والمسؤولين أو حتى الأقارب لكن دعم الوالدين الكبير لي كان له أثر كبير". غسان بدا واثقا من حسن اختياره وقدرته على مواجهة ما يعيق هذا الطموح ويقول: "لم أكن ألتفت للصعوبات لأنني كنت أتمنى أن أكون من يغير نظرة المجتمع عن مهنة الطبخ. والآن تغيرت نظرة جميع الناس من حولي هم يعتبرون المهنة شريفة فقط عندما يكون دخلها جيد للأسف".

ويشير غسان بسخرية إلى أنه شارك بأحد المنتديات الإلكترونية السعودية المهتمة بالطبخ لكن إدارة المنتدى قامت باستبعاده حينما اكتشفت أنه ذكر، حيث أن المنتدى المهتم بالطبخ مخصص للإناث فقط.

ومن المعروف أن السعودية تخلو من معاهد أو كليات متخصصة في تعليم مهنة الطبخ مما دفع غسان إلى البحث عن معاهد أو كليات خارجية توفر له الدراسة الكافية. الطباخ الشاب واجه صعوبة في تمويل تلك الدراسة المتقدمة إلى أن وجد إحدى الشركات السعودية التي وفرت له ذلك بغية المساهمة في المسؤولية الاجتماعية.

"تخصص لا يشرف السعودية"


لمسات شرقية على منتجات أوروبية

ويروي غسان معاناته وكيف تعاملت معه بعض الجهات الرسمية إذ يقول إن أحد المسؤولين في وزارة التعليم العالي أخبره أن هذا التخصص "لا يُشرِّف السعودية ومن الصعب تحمل الدولة تكاليف دراستك في الخارج وأنت تدرس الطبخ". هذا الرد جاء مفاجئا لهذا الشاب وصادما في الوقت نفسه "لأن رائحة الكعكة الزكية لا تفوح إلا إذا مستها حرارة الفرن، كذلك أحلامنا لن تنضج ما لم تمسها قسوة التجارب"، يقول غسان بحسرة. ولم يكن الدعم الذي قدمته له الشركة كافيا ما اضطره إلى العمل طباخا في الغربة لتوفير تكاليف دراسته حتى نال دبلوما في فنون طبخ الحلويات بتفوق.

وحين يسأل غسان مرة أخرى عن المجتمع وخصوصا عن المحيطين به ونظرتهم إليه وإلى مهنته يقول: "إنه (أي المجتمع) منقسم ما بين مؤيد ومعارض، فمنهم من ينظر نظرة الفخر ومنهم من ينظر نظرة الازدراء والعيب". ويضيف الطباخ السعودي الشاب قائلا: "لكن في النهاية هذه هي حياتي وهذا هو قراري أنا، لن يعيش أحد حياتي سواي لذا سأكملها كما أريد".

وفي ختام حديثنا مع غسان تحدث عن طموحاته وقال: "طموحي هو إكمال دراستي في أفضل أكاديمية لتخريج الطهاة في العالم". ويشرح لـ DWعربية أن "ألمانيا تميزت بالخبز وفرنسا بالحلويات وإيطاليا بالباستا والآيس كريم والبيتزا وأمريكا بالبرغر والستيك وبلجيكا بالشوكولاتة". فأين سيكمل دراسته؟ ربما الجواب ليس بالسهل فهو يتمنى "دراسة كل شي على حدة. ولكن الله يكتب اللي فيه الخير وبإذن الله تكون لي سلسلة محلات على حدة وحلمي الأكبر مدرسة لتخريج الطهاة".
___________