كتاب جديد أنجزه
محمد المعمري يتناول بالدراسة والتحليل الصحافة الإلكترونية العربية من حيث الأسس التي أنبتتها والتحديا التي تواجهها. ويتناول المعمري في مقدمة كتابه الذي يحمل عنوان يحمل عنوان "
الصحافة الالكترونية العربية الأسس و التحديات " جملة من العناصر جعل على رأسها تقصيا دقيقا للاشكاليات المستجدة في مجال الاعلام والاتصال حيث يتولى تفكيكها ومتابعة تفاصيلها واستكناه أبعادها للإجابة عن جملة من الأسئلة ذات الصلة الوثيقة بواقع هذا العالم-عالم الاتصال-وآفاقه لما تنطوي عليه من الاهمية التي يمليها العصر وتفرضها الصيرورة في عالم لم يعد قرية واحدة كما يورد المؤلف بل هو أشبه بفندق يتجاهل الناس فيه بعضهم بعضا.
slaalem_5_4.jpg
وقد عمل الباحث على دراسة نوع إعلامي جديد هو الصحافة الالكترونية من خلال تتبع توصيفاتها وتعريفاتها في المدونة التشريعية العربية وفي الادبيات المصاحبة لها...ولم يفته أن يتعرض لأهم الظواهر الاتصالية الجديدة التي غيرت ترسيمة الاتصال من طابعها العمودي –بين نخبة باثة وقاعدة متلقية بألوانها وأطيافها المختلفة –إلى طابع أفقي تختلط فيه الصفات وتتداخل من خلاله الوظائف حيث يصبح مجرد أي مدون وانطلاقا من أي مكان- مكتبا أو مسكنا أو زاوية في مقهى- يصبح مصدرا للخبر.
وفي تناوله سبر أغوار الواقع –واقع الصحافة الالكترونية في البلاد العربية - تخير الباحث أن يتناول هذا الواقع على ضوء التشريع واعتمد في ذلك علىآليتي التوصيف والتعريف والتوصيف تفعيل من الوصف وقد تعمد الأستاذ محمد معمري اختيار الاشتقاق لأنه تناول بالوصف الدقيق كل ما يتصل ببعضه من مكونات المشهد الافتراضي في الصحافة الالكترونية العربية.
أما التعريف فهو تقريب للمفهوم في يسر وسهولة وقد عمد المؤلف إلى اختيار واشتقاق التعاريف الأقرب إلى الفهم والأكثر دلالة على المقصود من قبيل ماهي الصحافة ما معنى صحافة الكترونية وكيف اختلفت التعاريف بين المشرعين بسبب تعدد زوايا النظر ...كما أنه لم يغفل عن طرح الأسئلة المطلوبة في استثارة لآليات البحث عن إجابات مقنعة من قبيل هل يوجد فراغ تشريعي في مجال الصحافة الالكترونية؟وهل تم التشريع لها من داخل المدونة القانونية الإعلامية أم من خارجها؟
وفي حديثه عن التشريعات يورد الباحث عينات من التجارب المعاصرة على اختلافها فيعرض لكل من النموذج الفرنسي والأمريكي والصيني ويختار من المشهد العربي الكترونيا نماذج كل من تونس ومصر والسعودية وهذه الاختيارات مقصودة لما فيها من الخصوصيات والدلالة.
وقد تضمن الكتاب جداول إحصائية مهمة تتصل ببعض الأقطار العربية من حيث
الاتجاه الديمغرافي
مستويات التعليم والدخل
مؤشرات التقدم التكنلوجي من حيث الانتشار والابتكار.
وهذه الجداول أعدها المؤلف بالاعتماد على تقارير حديثة للتنمية البشرية في دول محددة تشمل الكويت .الإمارات.السعودية.مصر.تونس.الجزائر.السودان واليمن.
هذا الكتاب جاء ليسد جانبا من الفراغ الكبير الذي تشهده المكتبة العربية المتخصصة في هذا المجال –مجال الإعلام التكنلوجي والثقافة الرقمية على اختلاف أطيافها وألوانها وروافدها ومقاصدها وقد بوبه الباحث بما يتناسب مع منهجية الاستنطاق والاستقراء والاستنتاج فهو يستنطق النصوص التوصيفية والتشريعية ويستقرىء دلالتها ويجمع بين آليات المنطق تحليلا وتركيبا واستخلاصا ليعرض ما تعكسه تلك النصوص مستندة إلى الواقع بغض النظر عن ايجابياتها أونقائصها وهناتها وهذا من قبيل وضع الأصبع على موقع الداء مثل عدم الوضوح في الرؤية بين التشريعات العربية وضبابية الجانب التشريعي للصحافة الالكترونية عند بعض الأقطار والصبغة التجارية الطاغية أو البعد التوصيفي المختلف بين بعض الأقطار .
وهذه إشارات في محلها بالاستناد إلى المعطيات العالمية ففي الوقت الذي تحولت صحف الغرب إلى التسويق الالكتروني مستغنية عن الورق ما تزال البنى التحتية عندنا ضعيفة عاضدتها نسبة عالية من الأمية العامة والرقمية منها على وجه الخصوص.لذلك نجده يؤكد على أهمية الارتقاء بالبنية التحتية التكنلوجية إذ أن ذلك يساهم في طفرة الصحافة الالكترونية العربية وبالتالي طفرة إنتاج المضامين العربية على الشبكة العنكبوتية كما أن تطوير هذه البنية سيرفع من عدد مستخدمي الأنترنت في المنطقة العربية وبالتالي ارتفاع عدد القراء المفترضين للصحافة الالكترونية العربية وما يحدث عند ذلك من التفاعل الايجابي المنشود.
يحتوي الكتاب توطئة وخاتمة بينهما خمسة فصول تضم خمسة عشر عنوانا حيث عرض في الفصل الأول لحد المفاهيم.
وفي الفصل الثاني أوجز تأريخ البيئة الرقمية العربية ومثل لذلك بموقعين رائدين هما إيلاف والجزيرة نت.
أما الفصل الثالث فقد تطرق فيه لقضية التشريع.
وفي الرابع تعرض لعلاقة التوصيف والتعريف بالتشريع ليخلص إلى الفصل الأخير مستشرفا آفاق الصحافة الالكترونية العربية من حيث التشريع والتنظيم وبناها التحتية ومقروئيتها ومردوديتها كصناعة على الاقتصاد.
في خاتمة كتابه أشار الباحث إلى أهمية علوم الإعلام والاتصال مستقبلا الأمر الذي يستدعي مواكبة لصيقة بالموضوع حتى نتمكن على الأقل من رصد الواقع الجديد وتحديد موضعنا في الخريطة العامة خصوصا وأن الهوة الرقمية ما تنفك تتسع كل يوم بل في كل حين ولعل هذا يعد بعضا محدودا من التحديات التي تضمنها عنوان الكتاب وقد يكون ذلك سببا أحدث نوعا من الغيرة في نفس المؤلف لأنه يحترف الصحافة فلذلك نجده يقول ضمن فقرة في الغلاف الأخير.
تركيزنا على موضوع الصحافة الالكترونية مرده عدة أسباب من أهمها أنها باتت واحدة من المشاغل الرئيسية للباحثين والمهنيين في قطاع الإعلام باعتبار حضورها الطاغي وما صاحبه من جدل حول هوية ومكانة الصحفي وعلاقة منتوج المدونات الخاصة بحقيقة الصحافة الالكترونية...فهذه وغيرها اشكالات حاول الأستاذ محمد معمري تفكيكها وقد وفق في ذلك إلى حد كبير.
مواقع النشر