حث وزير التربية والتعليم سابقاً، الدكتور محمد الرشيد، جامعات المملكة بمضاعفة جهودها لدخول العالم الجديد، وأن تعد قوى بشرية قادرة على المواكبة الحديثة، وقادرة على نفع المجتمع. وشدد على ضرورة التركيز على سمات الجامعة، واستيعابها للطلاب الراغبين في الالتحاق بها حسب رغباتهم وميولهم، مؤكداً أن «الجامعات مناطة بتحديث المناهج والكتب، والخطط الدراسية، والمعامل والمختبرات، والموائمة بين خطط التنمية وفروع المعرفة في المجتمع، والمراجعة المستمرة لخطط الجامعة، والانفتاح على شقيقاتها من الجامعات العربية والغربية، والقيام بالدور الفاعل النشط في البحث العلمي، والتطور التقني بحيث تصبح الجامعة بيت خبرة واستشارة موثوقة».

الاستعانة بالخبرات المحلية سيساعدنا في تحقيق طموحنا

جاء ذلك في محاضرة قدمها الرشيد، صباح أمس، في «خميسية» حمد الجاسر الثقافية في الرياض بعنوان «المعاصرة والمستقبلية في التعليم الجامعي في المملكة»، أدارها الدكتور محمد الخازم.

147717-513x340.jpg

وأكد الرشيد ضرورة تحرر الجامعات من التبعيات والقيود الإدارية للوزارات التي تكبل انطلاق العقول العلمية فيها، مشيراً إلى ضرورة امتلاك الجامعة للسلطة العليا المستقلة، التي تتشكل من خلال مجلس أمناء خاص بها، كي تحمل الجامعات مسؤوليتها الكاملة عن المخرجات التعليمية، ومواكبة العصر لما يشهده من تطور ونمو متسارع، دون الحاجة إلى أن تتبع وزارة التعليم العالي، مشيراً إلى أن الجامعة هي المسؤولة عن إعداد من يقومون بتطوير المجتمع، والنهضة به، والمعول عليهم، وليست الثروات الطبيعية.

كما شدد على ضرورة الاستكشاف المبكر لميول الطلاب، واستعداداتهم، وتوجيههم نحو ما يتناسب وقدراتهم، وتكثيف برامج التوجيه المهني، والإرشاد العلمي، مع تحديد للمقاييس النفسية واختبارات القدرات، وضرورة الانفتاح من الجامعة المحلية على شقيقاتها من الجامعات العربية بمزيد من التنسيق، والانفتاح على العالم من حيث تعاونها مع الجامعات المرموقة، وأن تحتل مكانة متقدمة بين الجامعات العالمية وتكثيف البرامج التدريبية، والتحديث، والتدريب على رأس العمل، ومواصلة التعليم والثقافة؛ آخذا بمبدأ التعليم المستمر، الذي أيقن العالم بأهميته، وإحكام الربط بين المؤسسات الإنتاجية والجامعات، بوصفها مؤسسات تدريبية، عن طريق تدريب الطلاب في تلك المؤسسات الإنتاجية، وتمكين الباحثين في الجامعات من الوقوف على ما لدى تلك المؤسسات.

وعدد الرشيد مجموعة تحديات تواجه التعليم العالي في المملكة تمثل بعضها في التحديات الفكرية والثقافية، موضحاً أن المؤسسات التعليمية في المملكة تركز الأضواء على الثقافات الغربية أكثر من تركيزها على الثقافة العربية الإسلامية، بسبب الانبهار بها، نتيجة التقدم العلمي والتكنولوجي، لافتاً إلى أن الحضارة والثقافة سلوك فردي وسلوك جماعي، «وما أغنى حضارات الشعوب العربية والإسلامية بهذا».

كما قال إن التحدي الاجتماعي يعد من التحديات التي تواجه التعليم العالي، موضحاً أن أزمة الثقافة واهتزاز الهوية العربية، وغياب الفلسفة الإسلامية الشاملة عن الساحة، وضعف العلاقات الاجتماعية، وقصور المشاركة الشعبية على الاتكالية، أدى لفقدان الثقة، مما ساهم في اللجوء إلى البحث عن الحكمة عند الآخرين، متناسين أو متجاهلين «الخبرات الفذة في مواطنينا، الذين هم أجدر من يعرف واقعنا، ويدرك بعيد طموحاتنا، ويساعد على تحقيقها معنا».

وتطرق إلى التحديات التكنولوجية والعلمية، وقال إن «موقفنا من التقنيات والأجهزة المتقدمة هو موقف المستهلك والمستخدم في الغالب، دون أن يكون لنا دور يذكر في الصيانة أولاً، ثم في الابتكار والإبداع، وهذا مما يجب أن تقوم به الجامعات».

وأشار الرشيد إلى ضرورة تجنب الهرطقة الدعائية التي انخرطت فيها بعض الجامعات وبحثها عن التميز الإلكتروني على حساب رسالتها الأساسية، مبيناً أنه ينبغي معرفة ماذا نريد أن نفعل، أفراداً ومؤسسات وحكومة وشعباً، كي يكون التعليم العالي في وجهته المستقبلية محققا لما نريد، واصفاً دور أهل الفكر بأن يقودوا الحاضر، لا أن يستسلموا له، وأن يبلوروا إرادة المجتمع، ليتكون المستقبل الذي تريد، موضحاً أن المعنيين بأمور التنمية ودراساتها، وعالم العمل ترى في بعض مؤسسات التعليم العالي انفصالاً عن واقعه، واستجابة ضعيفة لمطالب التنمية في مجتمعه.

وقال إن هناك خططا وتوصيات تخرج بها مؤتمرات لتطوير التعليم، إلا أن المتأمل لا يرى رجوعاً إليها ممن توجه إليهم من المسؤولين، وكأنها «نفخ في الهواء».


المصدر : صحيفة الشرق - الرياض – خالد الصالح