معلقة الحارث بن حلزة
[poem=font=",6,purple,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
آذَنَتنَا بِبَينها أَسمَاءُ = رُبَّ ثَاوٍ يَمَلُّ مِنهُ الثَّواءُ
بَعدَ عَهدٍ لَنا بِبُرقَةِ شَمَّاءَ = فَأَدنَى دِيَارِها الخَلْصَاءُ
فَالمحيّاةُ فَالصّفاجُ فَأعْنَاقُ = فِتَاقٍ فَعاذِبٌ فَالوَفاءُ
فَريَاضُ القَطَا فَأوْدِيَةُ الشُـ = ـربُبِ فَالشُعبَتَانِ فَالأَبْلاءُ
لا أَرَى مَن عَهِدتُ فِيهَا فَأبْكِي = اليَومَ دَلهاً وَمَا يُحَيِّرُ البُكَاءُ
وبِعَينَيكَ أَوقَدَت هِندٌ النَّارَ = أَخِيراً تُلوِي بِهَا العَلْيَاءُ
فَتَنَوَّرتُ نَارَهَا مِن بَعِيدٍ = بِخَزَازى هَيهَاتَ مِنكَ الصَّلاءُ
أَوقَدتها بَينَ العَقِيقِ فَشَخصَينِ = بِعُودٍ كَمَا يَلُوحُ الضِياءُ
غَيرَ أَنِّي قَد أَستَعِينُ عَلَى الهَمِّ = إِذَا خَفَّ بِالثَّوِيِّ النَجَاءُ
بِزَفُوفٍ كَأَنَّها هِقَلةٌ = أُمُّ رِئَالٍ دَوِيَّةٌ سَقْفَاءُ
آنَسَت نَبأَةً وأَفْزَعَها القَنَّاصُ = عَصراً وَقَد دَنَا الإِمْسَاءُ
فَتَرَى خَلْفَها مِنَ الرَّجعِ وَالـ = ـوَقْعِ مَنِيناً كَأَنَّهُ إِهْبَاءُ
وَطِرَاقاً مِن خَلفِهِنَّ طِرَاقٌ = سَاقِطَاتٌ أَلوَتْ بِهَا الصَحرَاءُ
أَتَلَهَّى بِهَا الهَوَاجِرَ إِذ كُلُّ = ابنَ هَمٍّ بَلِيَّةٌ عَميَاءُ
وأَتَانَا مِنَ الحَوَادِثِ والأَنبَاءِ = خَطبٌ نُعنَى بِهِ وَنُسَاءُ
إِنَّ إِخوَانَنا الأَرَاقِمَ يَغلُونَ = عَلَينَا فِي قَيلِهِم إِخْفَاءُ
يَخلِطُونَ البَرِيءَ مِنَّا بِذِي الـ = ـذَنبِ وَلا يَنفَعُ الخَلِيَّ الخِلاءُ
زَعَمُوا أَنَّ كُلَّ مَن ضَرَبَ العِيرَ = مُوَالٍ لَنَا وَأَنَا الوَلاءُ
أَجمَعُوا أَمرَهُم عِشاءً فَلَمَّا = أَصبَحُوا أَصبَحَت لَهُم ضَوْضَاءُ
مِن مُنَادٍ وَمِن مُجِيبٍ وَمِن = تَصهَالِ خَيلٍ خِلالَ ذَاكَ رُغَاءُ
أَيُّهَا النَاطِقُ المُرَقِّشُ عَنَّا = عِندَ عَمروٍ وَهَل لِذَاكَ بَقَاءُ
لا تَخَلنَا عَلَى غِرَاتِك إِنّا = قَبلُ مَا قَد وَشَى بِنَا الأَعْدَاءُ
فَبَقَينَا عَلَى الشَناءَةِ = تَنمِينَا حُصُونٌ وَعِزَّةٌ قَعسَاءُ
قَبلَ مَا اليَومِ بَيَّضَت بِعُيونِ = النَّاسِ فِيهَا تَغَيُّظٌ وَإِبَاءُ
فَكَأَنَّ المَنونَ تَردِي بِنَا أَرعَنَـ = ـجَوناً يَنجَابُ عَنهُ العَماءُ
مُكفَهِراً عَلَى الحَوَادِثِ لا تَرتُوهُ = للدَهرِ مُؤَيِّدٌ صَمَّاءُ
إِرمِيٌّ بِمِثلِهِ جَالَتِ الخَيلُ = فَآبَت لِخَصمِهَا الإِجلاَءُ
مَلِكٌ مُقسِطٌ وأَفضَلُ مَن يَمشِي = وَمِن دُونَ مَا لَدَيهِ الثَّنَاءُ
أَيَّمَا خُطَّةٍ أَرَدتُم فَأَدوهَا = إِلَينَا تُشفَى بِهَا الأَملاءُ
إِن نَبَشتُم مَا بَينَ مِلحَةَ فَالـ = ـصَاقِبِ فِيهِ الأَموَاتُ وَالأَحَيَاءُ
أَو نَقَشتُم فَالنَّقشُ يَجشَمُهُ = النَّاسُ وَفِيهِ الإِسقَامُ وَالإِبرَاءُ
أَو سَكَتُّم عَنَّا فَكُنَّا كَمَن أَغمَضَ = عَيناً فِي جَفنِهَا الأَقذَاءُ
أَو مَنَعتُم مَا تُسأَلُونَ فَمَن حُدِّ = ثتُمُوهُ لَهُ عَلَينَا العَلاءُ
هَل عَلِمتُم أَيَّامَ يُنتَهَبُ النَّاسُ = غِوَاراً لِكُلِّ حَيٍّ عُواءُ
إِذ رَفَعنَا الجِمَالَ مِن سَعَفِ الـ = ـبَحرَينِ سَيراً حَتَّى نَهَاهَا الحِسَاءُ
ثُمَّ مِلنَا عَلَى تَمِيمٍ فَأَحرَمنَا = وَفِينَا بَنَاتُ قَومٍ إِمَاءُ
لا يُقِيمُ العَزيزُ بِالبَلَدِ السَهلِ = وَلا يَنفَعُ الذَّلِيلَ النِجَاءُ
لَيسَ يُنجِي الذِي يُوَائِل مِنَّا = رَأْسُ طَوْدٍ وَحَرَّةٌ رَجلاءُ
مَلِكٌ أَضلَعَ البَرِيَّةِ لا يُوجَدُ = فِيهَا لِمَا لَدَيهِ كِفَاءُ
كَتَكَالِيفِ قَومِنَا إِذَا غَزَا المَنذِرُ = هَلِ نَحنُ لابنِ هِندٍ رِعَاءُ
مَا أَصَابُوا مِن تَغلَبِي فَمَطَلولٌ = عَلَيهِ إِذَا أُصِيبَ العَفَاءُ
إِذَ أَحَلَّ العَلاةَ قُبَّةَ مَيسُونَ = فَأَدنَى دِيَارِهَا العَوصَاءُ
فَتَأَوَّت لَهُ قَرَاضِبَةٌ مِن = كُلِّ حَيٍّ كَأَنَّهُم أَلقَاءُ
فَهَداهُم بِالأَسوَدَينِ وأَمرُ اللهِ = بَالِغٌ تَشقَى بِهِ الأَشقِيَاءُ
إِذ تَمَنَّونَهُم غُرُوراً فَسَاقَتهُم = إِلَيكُم أُمنِيَّةٌ أَشرَاءُ
لَم يَغُرّوكُم غُرُوراً وَلَكن = رَفعَ الآلُ شَخصَهُم وَالضَحَاءُ
أَيُّها النَاطِقُ المُبَلِّغُ عَنَّا = عِندَ عَمروٍ وَهَل لِذَكَ انتِهَاءُ
مَن لَنَا عِندَهُ مِنَ الخَيرِ = آيَاتٌ ثَلاثٌ فِي كُلِّهِنَّ القَضَاءُ
آيَةٌ شَارِقُ الشّقِيقَةِ إِذَا جَاءَت = مَعَدٌّ لِكُلِّ حَيٍّ لِوَاءُ
حَولَ قَيسٍ مُستَلئِمِينَ بِكَبشٍ = قَرَظِيٍ كَأَنَّهُ عَبلاءُ
وَصَتِيتٍ مِنَ العَواتِكِ لا تَنهَاهُ = إِلاَّ مُبيَضَّةٌ رَعلاءُ
فَرَدَدنَاهُمُ بِطَعنٍ كَمَا يَخرُجُ = مِن خُربَةِ المَزَادِ المَاءُ
وَحَمَلنَاهُمُ عَلَى حَزمِ ثَهلانِ = شِلالاً وَدُمِّيَ الأَنسَاءُ
وَجَبَهنَاهُمُ بِطَعنٍ كَمَا تُنهَزُ = فِي جَمَّةِ الطَوِيِّ الدِلاءُ
وَفَعَلنَا بِهِم كَمَا عَلِمَ اللهُ = ومَا أَن للحَائِنِينَ دِمَاءُ
ثُمَّ حُجراً أَعنَي ابنَ أُمِّ قَطَامٍ = وَلَهُ فارِسِيَّةٌ خَضرَاءُ
أَسَدٌ فِي اللِقَاءِ وَردٌ هَمُوسٌ = وَرَبِيعٌ إِن شَمَّرَت غَبرَاءُ
وَفَكَكنَا غُلَّ امرِيِء القَيسِ عَنهُ = بَعدَ مَا طَالَ حَبسُهُ والعَنَاءُ
وَمَعَ الجَونِ جَونِ آلِ بَنِي الأَوسِ = عَتُودٌ كَأَنَّها دَفوَاءُ
مَا جَزِعنَا تَحتَ العَجَاجَةِ إِذ وَلُّوا = شِلالاً وَإِذ تَلَظَّى الصِلاءُ
وَأَقَدنَاهُ رَبَّ غَسَّانَ بِالمُنذِرِ = كَرهاً إِذ لا تُكَالُ الدِمَاءُ
وأَتَينَاهُمُ بِتِسعَةِ أَملاكٍ = كِرَامٍ أَسلابُهُم أَغلاءُ
وَوَلَدنَا عَمرو بنِ أُمِّ أنَاسٍ = مِن قَرِيبٍ لَمَّا أَتَانَا الحِبَاءُ
مِثلُهَا تُخرِجُ النَصِيحةَ للقَومِ = فَلاةٌ مِن دُونِهَا أَفلاءُ
فَاتْرُكُوا الطَيخَ والتَعَاشِي وَإِمّا = تَتَعَاشَوا فَفِي التَعَاشِي الدَّاءُ
وَاذكُرُوا حِلفَ ذِي المَجَازِ وَمَا = قُدِّمَ فِيهِ العُهُودُ وَالكُفَلاءُ
حَذَرَ الجَورِ وَالتَعدِّي وَهَل يَنقُضُ = مَا فِي المَهَارِقِ الأَهوَاءُ
وَاعلَمُوا أَنَّنَا وَإِيَّاكُم فِي مَا = إِشتَرَطنَا يَومَ إِختَلَفنَا سَوَاءُ
عَنَناً بَاطِلاً وَظُلماً كَمَا تُعتَرُ = عَن حَجرَةِ الرَبِيضِ الظَّبَاءُ
أَعَلَينَا جُنَاحُ كِندَةَ أَن يَغنَمَ = غَازِيهُمُ وَمِنَّا الجَزَاءُ
أَم عَلَينَا جَرَّى إيَادٍ كَمَا نِيطَ = بِجَوزِ المُحمَّلِ الأَعبَاءُ
لَيسَ منَّا المُضَرَّبُونَ وَلا قَيسٌ = وَلا جَندَلٌ وَلا الحَذَّاءُ
أَم جَنَايَا بَنِي عَتِيقٍ فَإِنَّا = مِنكُم إِن غَدَرتُم بُرَآءُ
وَثَمَانُونَ مِن تَمِيمٍ بِأَيدِيهِم = رِمَاحٌ صُدُورُهُنَّ القَضَاءُ
تَرَكُوهُم مُلَحَّبِينَ فَآبُوا = بِنَهابٍ يَصَمُّ مِنهَا الحُدَاءُ
أَم عَلَينَا جَرَّى حَنِيفَةَ أَمَّا = جَمَّعَت مِن مُحَارِبٍ غَبرَاءُ
أَم عَلَينَا جَرَّى قُضَاعَةَ أَم لَيسَ = عَلَينَا فِي مَا جَنَوا أَندَاءُ
ثُمَّ جَاؤوا يَستَرجِعُونَ فَلَم تَرجِع = لَهُم شَامَةٌ وَلا زَهرَاءُ
لَم يُخَلَّوا بَنِي رِزَاحٍ بِبَرقَاءِ = نِطَاعٍ لَهُم عَلَيهُم دُعَاءُ
ثُمَّ فَاؤوا مِنهُم بِقَاصِمَةِ الظَّهرِ = وَلا يَبرُدُ الغَلِيلَ المَاءُ
ثُمَّ خَيلٌ مِن بَعدِ ذَاكَ مَعَ الغَلاَّقِ = لا رَأَفَةٌ وَلا إِبقَاءُ
وَهُوَ الرَّبُّ وَالشَّهِيدُ عَلَى يَومِ = الحَيارَينِ وَالبَلاءُ بَلاءُ[/poem]
مواقع النشر