النابغة الذبياني
[poem=font=",6,purple,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
يَـا دَارَ مَيَّـةَ بالعَليْـاءِ، فالسَّنَـدِ = أَقْوَتْ، وطَالَ عَلَيهَا سَالِـفُ الأَبَـدِ
وقَفـتُ فِيـهَا أُصَيلانـاً أُسائِلُهـا = عَيَّتْ جَوَاباً، ومَا بالرَّبـعِ مِنْ أَحَـدِ
إلاَّ الأَوَارِيَّ لأْيـاً مَـا أُبَـيِّـنُـهَا = والنُّؤي كَالحَوْضِ بالمَظلومـةِ الجَلَـدِ
رَدَّتْ عَليَـهِ أقَـاصِيـهِ، ولـبّـدَهُ = ضَرْبُ الوَلِيدَةِ بالمِسحَـاةِ فِي الثَّـأَدِ
خَلَّتْ سَبِيـلَ أَتِـيٍّ كَـانَ يَحْبِسُـهُ = ورفَّعَتْهُ إلـى السَّجْفَيـنِ، فالنَّضَـدِ
أمْسَتْ خَلاءً، وأَمسَى أَهلُهَا احْتَمَلُوا = أَخْنَى عَليهَا الَّذِي أَخْنَـى عَلَى لُبَـدِ
فَعَدِّ عَمَّا تَرَى، إِذْ لاَ ارتِجَـاعَ لَـهُ = وانْـمِ القُتُـودَ عَلَى عَيْرانَـةٍ أُجُـدِ
مَقذوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحـضِ، بَازِلُهَـا = لَهُ صَريفٌ، صَريفُ القَعْـوِ بالمَسَـدِ
كَأَنَّ رَحْلِي، وَقَدْ زَالَ النَّـهَارُ بِنَـا = يَومَ الجليلِ، عَلَى مُستأنِـسٍ وحِـدِ
مِنْ وَحشِ وَجْرَةَ، مَوْشِيٍّ أَكَارِعُـهُ = طَاوي المَصِيرِ، كَسَيفِ الصَّيقل الفَرَدِ
سَرتْ عَلَيهِ، مِنَ الجَـوزَاءِ، سَارِيَـةٌ = تُزجِي الشَّمَالُ عَلَيـهِ جَامِـدَ البَـرَدِ
فَارتَاعَ مِنْ صَوتِ كَلاَّبٍ، فَبَاتَ لَـهُ = طَوعَ الشَّوَامتِ مِنْ خَوفٍ ومِنْ صَرَدِ
فبَـثّـهُـنَّ عَلَيـهِ، واستَمَـرَّ بِـهِ = صُمْعُ الكُعُوبِ بَرِيئَـاتٌ مِنَ الحَـرَدِ
وكَانَ ضُمْرانُ مِنـهُ حَيـثُ يُوزِعُـهُ = طَعْنَ المُعارِكِ عِندَ المُحْجَـرِ النَّجُـدِ
شَكَّ الفَريصةَ بالمِـدْرَى، فَأنفَذَهَـا = طَعْنَ المُبَيطِرِ، إِذْ يَشفِي مِنَ العَضَـدِ
كَأَنَّه، خَارجَا مِنْ جَنـبِ صَفْحَتِـهِ = سَفّودُ شَرْبٍ نَسُـوهُ عِنـدَ مُفْتَـأَدِ
فَظَلّ يَعْجُمُ أَعلَى الـرَّوْقِ، مُنقبضـاً = فِي حالِكِ اللّونِ صَدْقٍ، غَيرِ ذِي أَوَدِ
لَمَّا رَأَى واشِـقٌ إِقعَـاصَ صَاحِبِـهِ = وَلاَ سَبِيلَ إلـى عَقْـلٍ، وَلاَ قَـوَدِ
قَالَتْ لَهُ النَّفسُ: إنِّي لاَ أَرَى طَمَـعاً = وإنَّ مَولاكَ لَمْ يَسلَـمْ، ولَمْ يَصِـدِ
فَتِلكَ تُبْلِغُنِي النُّعمَانَ، إنَّ لهُ فَضـلاً = عَلَى النَّاس فِي الأَدنَى، وفِي البَعَـدِ
وَلاَ أَرَى فَاعِلاً، فِي النَّاسِ، يُشبِهُـهُ = وَلاَ أُحَاشِي، مِنَ الأَقوَامِ، مِنْ أحَـدِ
إلاَّ سُليـمَانَ، إِذْ قَـالَ الإلـهُ لَـهُ = قُمْ فِي البَرِيَّة، فَاحْدُدْهَـا عَنِ الفَنَـدِ
وخيّسِ الجِنّ! إنِّي قَدْ أَذِنْـتُ لَهـمْ = يَبْنُـونَ تَدْمُـرَ بالصُّفّـاحِ والعَمَـدِ
فَمَـن أَطَاعَـكَ، فانْفَعْـهُ بِطَاعَتِـهِ = كَمَا أَطَاعَكَ، وادلُلْـهُ عَلَى الرَّشَـدِ
وَمَـنْ عَصَـاكَ، فَعَاقِبْـهُ مُعَاقَبَـةً = تَنهَى الظَّلومَ، وَلاَ تَقعُدْ عَلَى ضَمَـدِ
إلاَّ لِمثْـلكَ، أَوْ مَنْ أَنـتَ سَابِقُـهُ = سَبْقَ الجَوَادِ، إِذَا استَولَى عَلَى الأَمَـدِ
أَعطَـى لِفَارِهَـةٍ، حُلـوٍ تَوابِعُـهَا = مِنَ المَواهِـبِ لاَ تُعْطَـى عَلَى نَكَـدِ
الوَاهِـبُ المَائَـةِ المَعْكَـاءِ، زَيَّنَـهَا = سَعدَانُ تُوضِـحَ فِي أَوبَارِهَـا اللِّبَـدِ
والأُدمَ قَدْ خُيِّسَـتْ فُتـلاً مَرافِقُـهَا = مَشْـدُودَةً بِرِحَـالِ الحِيـرةِ الجُـدُدِ
والرَّاكِضاتِ ذُيـولَ الرّيْطِ، فانَقَـهَا = بَرْدُ الهَوَاجـرِ، كالغِـزْلاَنِ بالجَـرَدِ
والخَيلَ تَمزَعُ غَرباً فِي أعِنَّتهَا كالطَّيـرِ = تَنجـو مِـنْ الشّؤبـوبِ ذِي البَـرَدِ
احكُمْ كَحُكمِ فَتاةِ الحَيِّ، إِذْ نظـرَتْ = إلـى حَمَامِ شِـرَاعٍ، وَارِدِ الثَّمَـدِ
يَحُفّـهُ جَـانِبـا نِيـقٍ، وتُتْبِعُـهُ = مِثلَ الزُّجَاجَةِ، لَمْ تُكحَلْ مِنَ الرَّمَـدِ
قَالَتْ: أَلاَ لَيْتَمَا هَـذا الحَمَـامُ لَنَـا = إلـى حَمَـامَتِنَـا ونِصفُـهُ، فَقَـدِ
فَحَسَّبوهُ، فألفُـوهُ، كَمَا حَسَبَـتْ = تِسعاً وتِسعِينَ لَمْ تَنقُـصْ ولَمْ تَـزِدِ
فَكَمَّلَـتْ مَائَـةً فِيـهَا حَمَامَتُـهَا = وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً فِـي ذَلكَ العَـدَدِ
فَلا لَعمرُ الَّذِي مَسَّحتُ كَعْبَتَهُ وَمَـا = هُرِيقَ، عَلَى الأَنصَابِ، مِنْ جَسَـدِ
والمؤمنِ العَائِذَاتِ الطَّيرَ، تَمسَحُـهَا = رُكبَانُ مَكَّةَ بَيـنَ الغَيْـلِ والسَّعَـدِ
مَا قُلتُ مِنْ سيّءٍ مِمّـا أُتيـتَ بِـهِ = إِذاً فَلاَ رفَعَتْ سَوطِـي إلَـيَّ يَـدِي
إلاَّ مَقَـالَـةَ أَقـوَامٍ شَقِيـتُ بِهَـا = كَانَتْ مقَالَتُهُـمْ قَرْعـاً عَلَى الكَبِـدِ
إِذاً فعَـاقَبَنِـي رَبِّـي مُعَـاقَـبَـةً = قَرَّتْ بِهَا عَيـنُ مَنْ يَأتِيـكَ بالفَنَـدِ
أُنْبِئْـتُ أنَّ أبَـا قَابُـوسَ أوْعَدَنِـي = وَلاَ قَـرَارَ عَلَـى زَأرٍ مِـنَ الأسَـدِ
مَهْلاً، فِـدَاءٌ لَك الأَقـوَامُ كُلّهُـمُ = وَمَا أُثَمّـرُ مِنْ مَـالٍ ومِـنْ وَلَـدِ
لاَ تَقْذِفَنّـي بُركْـنٍ لاَ كِفَـاءَ لَـهُ = وإنْ تأثّـفَـكَ الأَعـدَاءُ بالـرِّفَـدِ
فَمَا الفُراتُ إِذَا هَـبَّ الرِّيَـاحُ لَـهُ = تَرمِـي أو اذيُّـهُ العِبْرَيـنِ بالـزَّبَـدِ
يَمُـدّهُ كُـلُّ وَادٍ مُتْـرَعٍ، لجِـبٍ = فِيهِ رِكَـامٌ مِنَ اليِنبـوتِ والخَضَـدِ
يَظَلُّ مِنْ خَوفِـهِ، المَلاَّحُ مُعتَصِـماً = بالخَيزُرانَة، بَعْـدَ الأيـنِ والنَّجَـدِ
يَوماً، بأجـوَدَ مِنـهُ سَيْـبَ نافِلَـةٍ = وَلاَ يَحُولُ عَطـاءُ اليَـومِ دُونَ غَـدِ
هَذَا الثَّنَـاءُ، فَإِنْ تَسمَعْ بِـهِ حَسَنـاً = فَلَمْ أُعرِّضْ، أَبَيتَ اللَّعنَ، بالصَّفَـدِ
هَا إنَّ ذِي عِذرَةٌ إلاَّ تَكُـنْ نَفَعَـتْ = فَـإِنَّ صَاحِبَـها مُشَـارِكُ النَّكَـدِ[/poem]
مواقع النشر