إن النبي إنسان وغير النبي إنسان. فمن أراد الله أن ينفعه برسول الله فإنه يحجب عنه الجانب البشري المادي والا يشهد له أثرا. وعندما نتكلم عن معجزات النبي ونفرح بها ونفرح بفضل الله تعالي ومنته علي النبي. اذ خرق الله له العوائد فلا يعتبر ذلك تعصبا من عندنا.
لغة الكلام عن حضرة النبي صلي الله عليه وسلم لغة مغسولة بماء العشق الصوفي.. تصفي بها القلوب.. وتبرق بها العيون.. لغة تخلع نعليها وتجلس علي الأرض أدبا وخشوعا..إننا لانكف عن منح الرتب والألقاب والنياشين اللغوية للبشر.."صاحب السمو..دولة الباشا..معالي الوزير.. فخامة الرئيس.. حضرة المحترم".. فكيف نقول "محمد" بسهولة وهو رسول الله وصفيه وحبيبه.
إن الكلام عن حضرة النبي صلي الله عليه وسلم عند المؤمنين كالكلام معه.. أن أتحدث عنه كأنني أتحدث معه.. والحالة الوحيدة التي تتساوي فيها رؤيا العين هي حالة رؤيا المؤمن للنبي فهو يقول:"من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لايتمثل بي".
إن احترام رسول الله احترام لله سبحانه وتعالي والنظر إلي رسول الله علي أنه بشر مطلق كسائر البشر فيه تطاول عليه صلي الله عليه وسلم ورأي الله سبحانه وتعالي هوالغالب فلا يصح أن نقول: "قل إنما بشر مثلكم" وننسي بقية الآية: "يوحي إلي" فلو كانت الندية مطلقة في مثليته البشرية فأين الندية في مثلية الوحي ؟
يقول سبحانه وتعالي: " لاتجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا "كلمة" دعاء الرسول بينكم "تعني أنه إذا ذكرتموه صلي الله عليه وسلم أو تناولتم سيرته فلا يكون ذلك كما تتناولون سيركم.. فإن أعماله واقواله وأحواله صلي الله عليه وسلم مرتبطة بالوحي.
فلا يصح مثلاي أن يقال إن النبي تزوج كثيرا لأنه في الواقع لم يتزوج أبدا إلا السيدة "خديجة" فبقية زوجاته زوج بهن بأمر إلهي. ولدينا الدليل في قصة سيدنا "زيد بن حارثة" إنه كان مولي رسول الله "أي خادمه" وكان الرسول قد أسبغ عليه نعمة النسب إليه فقال: "زيد ولدي يرثني وأرثه" ثم زوجه من بنت عمته السيدة "زينب بنت جحش" فلما أراد الله سبحانه وتعالي أن يلغي مبدأ البنوة بالتبني جعل سبحانه وتعالي خلافا يقع بين " زيد" و"زينب" ولم يكن لهما ملجأ إلارسول الله: القاضي العادل العالم بالأحكام ومعلم البشرية فكان صلي الله عليه وسلم يقول لسيدنا "زيد": "أمسك عليك زوجك واتق الله " فما أن يصلا بيتهما حتي يختلفا ثم يعودا إلي الرسول فيكرر صلوات الله عليه ماقاله. وحدث ذلك عشرات المرات رغم أن الرسول كان يعلم عن طريق الوحي أن العشرة بينهما لن تدوم. بل و كان يعلم أنهما سوف يطلقان.. وهذا أمر عادي.. أما غير العادي فهو أن النبي كان يعلم أن الله حكم بزواجه من السيدة "زينب بنت جحش" فخشي صلي الله عليه وسلم علي ضعاف الإيمان أن يظنوا به سوءا و أن يقيسوه علي مقاييس البشر العاديين فيقول قائلهم: "إن الرسول طلق امرأة مخدومه وتزوجها رغبة فيها" علما بأنها ابنة عمته ولم تأت من الخارج ولم يكتشف جمالها فجأة.. يقول سبحانه وتعالي: وإذ تقول للذي أنعم الله عليه "بالاسلام" وأنعمت عليه "بأن نسبته إليك" أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشي الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضي زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون علي المومنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطري"
مواقع النشر