كيفية شحذ الهمة:
ومن لا يجد في نفسه الرغبة القوية، والتحمس الفعال للتنافس في الطاعات، وفعل الخيرات في هذا الشهر الكريم، ولم تنفع أساليب الترغيب والترهيب السابقة؛ من التذكير بالثواب العظيم المترتب على فعل أعمال يسيرة في شهر القرآن، أو الاشتياق للجنة ونعيمها، والترهيب من النار وجحيمها؛ ولا يزال قلبه قاسيا غير سليم؛ فعليه أن يذكر نفسه أن الأجل قصير، والأعمار محدودة، والموت يأتي بغتة، والقبر صندوق العمل، فالذي ينفع المسلم في قبره هو العمل الصالح" قال الله تعالى: "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ".
وأيضا التذكير بأن السعادة في الدنيا و الراحة في الآخرة لا تحدث إلا لمن استقام على أمر الله، فمن أراد أن يحيا حياة طيبة في الدنيا، ويعيش في سعادة دائمة فعليه بالمواظبة على الاستقامة، و الاجتهاد للثبات على الطاعة؛ قال تعالى:" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" سورة النحل. وإلا فسوف يندم يوم الحساب على ما فرط في جنب الله، فعلى المسلم الاجتهاد في طاعة الله لمصلحة نفسه، وللوصول لأعلى الدرجات، فمن يعمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى، كما قال تعالى:"إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى؛ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى، جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى).
ومن لم يستيقظ بهذه الأمور:
فعليه أن يوقظ نفسه ويجلي قلبه بزيارة القبور، والوقوف لحظات لتدبر مصيره، ويتأمل في نهاية كل حي، ويمكن أن يصلي الجنازة ثم يشارك في حملها، ودفنها، أو يذهب لزيارة المرضى خاصة الأمراض المقعدة الناتجة عن حوادث مفجعة؛ فمن المؤكد أن النفس تتأثر والقلب يلين، ويبدأ في الندم على التفريط، و يجدد التوبة، وينوي الإحسان في قابل الأيام، وسيجد فرصة طيبة في مناخ شهر رمضان المفعم بالإيمان، والذي يقبل فيه الناس على الصيام والإطعام، والقيام والصدقة، إضافة لحفظ الجوارح؛ وكبح جماح الشهوة، والقدرة على مجاهدة النفس، وإلزامها طاعة الله للوصول للتقوى التي هي ثمرة الصيام.
ولا يكون الصيام بالامتناع عن الشراب والطعام فحسب؛ بل بالامتناع عن فعل المعاصي، وتقوية الإرادة وتدريب النفس للمجاهدة والنجاح في حفظ الجوارح خصوصا اللسان، بل ومنع النفس عن الوقوع في المنكرات.