اهــــ(الأحداث)ــــم

• تداول خسارة 77.18 نقطة عند 11,787.72 • لفظ الجلالة (الله) بريء من احزاب الشياطين • غرق قارب سياحي مصري في البحر الأحمر • تدمير 6 دبابات إسرائيلية جنوب لبنان • صواريخ من لبنان نحو نتن ياهو • صفارات إنذار تدوي حول نتن ياهو • إشغال فنادق مدينة الرياض 95%
النتائج 1 إلى 8 من 8
  1. #1

    افتراضي " بيني و بينك " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس)

    بيني و بينكَ ..

    هذا الذي بيني و بينكَ فـي العمرِ لـحظَة..
    هذا الذي بيني و بينكَ أغنيةٌ حزينةٌ بصمتٍ حزين..
    و أنا بيني و بيني .. أجلسُ وحيدًا فـي زاويةِ غرفةٍ باردةٍ، أجلــسُ على مقعدٍ قاسية أطرافُه، و تفوحُ رائحةُ الـخَدَرِ ،و أنينٌ حادٌّ بينَ أُذنَـيَّ.. صريرُ خفَقَانِ القلبِ يــطغى على أصواتٍ باهتةٍ تنبعثُ من حيثُ لا أدري.. يسكنُ في النَّفسِ صوتٌ ســألَني يومًا : إلى أين ؟ و هَذي المرافئُ تتجاذَبُني .. و أنا وحيدٌ في زاويةِ الغرفةِ .. يقتربُ رجلٌ في أناقةٍ مبتَذَلَةٍ، ينظرُ إلَـيَّ بعينَينِ ثَقيلَتَيْ الأجفَانِ، و يسألُني بصوتِ حَجَرٍ مُتنَاثِرٍ : أنتَ السَّيد ..؟
    أجبتُ مضطَرِبًـا: أنا هُوَ، لعلِّي أنا ..
    لم يأبَه لاضطِرابي فأَشَارَ إلى مَمَرٍّ مُظلمٍ بعضَ الشَّيء : إنّهم يريدونَ رُؤيتَكَ .. أَزَّ في الرأسِ صوتٌ مُوجِعٌ و اضطربَت دقاتُ القـلبِ بتسارُعِها نحوَ ..آخرِ الـمَمَرِّ.. و تَزاحَـمت الهواجسُ ثقيلةً كالهزيمةِ .. هل وُلَدَ الصبيُّ المنتَظَرُ منذ السِّنين أم ماتَت الأمُّ ؟ كيف اقـترنا تلك اللحظةَ بداخِلي ؟ كيف اقتربَ الموتُ مِنَ الحياةِ ذلك الاقترابَ ؟ هربتُ بـهَواجِسي إلى الوجهِ الباهتِ أمامي ، هَمَمتُ بسُؤالِهِ : ولادةٌ أم موتٌ ؟ لكنَّ الـوجهَ الـباردَ الجاف الذي لا ينبئُ بشيءٍ رَدَّني عنِ السُّؤالِ .. مــلَّ الرجلُ صمتي فأردفَ بصـوتٍ يكـتمُ ثورةً : إنهم بانتظاركَ ، تَفضل من هُنا .. قَرعُ حِذائي على الأرضِ ينهالُ على رأسي و أنا أتبعُ الرجلَ .. تـحركَت أشباحٌ حَولـي و أحسستُ ببعضِ الصدماتِ و كلماتٌ تُقالُ ، لعلّها اعتذارٌ أو سخطٌ .. مَن يهتم ؟ أيُّ معنى لأيِّ قولٍ أمامَ الولادةِ أو الـموتِ ؟؟ باحتدادٍ حدَّثَــــنا الطبيبُ قبلَ أشــهرٍ و هـو يـحذِّرُنا مِن خَطَرِ الحَملِ .. تُرَى هل أرســلَ القدرُ يومَــها ذاكَ الطبيبَ ينذِرُنا بِـما نَخشاه الآن ؟ هل يـمكِنُ أن يغتالَ ذاك الصـــبيُّ أمَّهُ ؟ هل تنطلقُ حياتُه بـمَوتِها ؟ أم يـموتُ لتَحيا...؟ أحسـستُ أنَّ آخرَ المـمرِّ هو آخر الكَونِ .. و أنا لم أَعُد أعلمُ أَيْـني .. لا أدري كيفَ التــقطت عينَاي الكليلتانِ لافتةً تشيرُ إلى غرفَةِ الوِفَياتِ .. حائطٌ بـناه عاملٌ لا يُدرِكُ مــا يفعلُ .. يفصلُ به بينَ الحياةِ و الموتِ .. و أنا لا أزال أسيرُ ، كأنَّ الطريقَ لا تنتَهي و لكن فجأةً وصلنَا أمام بابٍ مُوارَبٍ قليلا .. أشارَ الرجلُ بلامُبالاةٍ إلى الغرفـةِ و قَالَ : إنهم هُنا .. و لكن هل يمكنُ ذلكَ حقًّا : أن يُوجِّـهَكَ رجلٌ لا تعرفُ حتّى اســــمَهُ و لا يهتم بـمعرِفَتِكَ .. أن يُوَجِّهَــك إلى .. حيثُ الـحياة أو الموت .. وقفتُ برهةً أخـشى الدخولَ .. أصَــختُ السمعَ .. ما الذي أصابَ حواسي لــحظَتَها ؟ يرتَفِعُ الوجــيبُ و أخشى من سُؤالٍ جَديدٍ .. سُرعانَ ما زَعزَعَني : هل تُقدِّمُ الممرضةُ إلـيَّ لـفافةً بيضاءَ و تقولُ بحُنُوٍّ مُصطَنَعٍ : أَبشِر إنَّه الصـبي الذي انتظَرتَه .. ها قد جَاءَ .. أم يُوجِّهُني الطبيبُ بنظراتٍ نحوَ لُفافَةٍ بيضاءَ أيضًا و يقولُ بتعاطفٍ لا أُدركُ صِدقَه مِن زَيفه : لقد حذَّرتُكم قبلَ أشهرٍ ، و لـم نستَطِع فِعلَ شيءٍ لها .. خشيتُ أن أدفعَ البابَ .. بابٌ صَنَعَهُ نَـجَّارٌ و هو يتابعُ بِبَصَرِهِ النَّهِمِ فتياتِ الحَيِّ .. صنَعَهُ يومـًا و لم يُدرِك أبدًا ما الذي يُـمكِنُ أن يُخفي وراءَهُ .. أسـمعُ هَمهَماتٍ مِن داخِلِ الغُرفَةِ .. تداخَلت مَعَ صَرخَاتٍ مِن داخِلي .. هل أقتحمُ الغرفةَ ؟ هل أهربُ ؟ إلـى أين ..؟
    أنينُ النَّفسِ الـمُوجِعُ يُطبِقُ على أنفاسي فـأُحِسُّ ضيقًا هائلا .. الـخوفُ أحيانًا يدفَعُنا إلى نَفسِ الفِعلِ الذي نَقومُ به بدافعِ الشَّجاعةِ .. تَمتدُّ يدي نحوَ قبضةِ البابِ فِضيةِ اللَّونِ، يـخترقُ مَسمَـعي صريرٌ حادٌّ لن أنسَاه .. تتخلّى اليدُ عن تلكَ القبضةِ الـمبتعِدَةِ إلـى داخل الغرفةِ .. ينفَتِحُ البابُ كأنَّ غيري قامَ بِفتحِهِ .. لـم تَقَع عينَاي على أحدٍ .. فقـط ظهرت زاويةُ السَّريرِ الـحديديِّ و الـجزءُ السُّفلي مِن سُترةٍ طِبيةٍ بيضاءَ ..أحسـستُ حركاتٍ فـي الأجسادِ تلتفتُ تستطلع مَنِ القادمُ .. بِبَقيـةٍ مِن قُدرَةٍ و عزمٍ تقــدَّمتُ خُطوتَينِ داخلَ الغرفَةِ و تضخُّمٌ مـخيفٌ بصَدري كأنّـي سأنفجرُ .. توسطتُ الـمكانَ و نظرتُ أمامي : أذهَلَني كلُّ ذلكَ البياضُ .. بياضٌ شديدٌ ناصعٌ ، تـمامًا مثلَ السَّوادِ .

  2. #2
    الرائد7

    افتراضي

    السلام عليكم
    شكرا لك أستاذ فيصل.. فقد جعلتني أجوب معك فضاء رحبا من الخيال والإبداع
    وكم نحن بحاجة لمثل هذه الأقلام أن تتواصل معنا وتشعرنا دائما بوضائتها ونضارتها على صفحات منتديات درة المجالس العربية السعودية..

    أظن أن القصة لم تنته .. فماذا بعد دخوله من الباب؟؟
    أنتظر بشوق

  3. #3

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الرائد7 مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم
    شكرا لك أستاذ فيصل.. فقد جعلتني أجوب معك فضاء رحبا من الخيال والإبداع
    وكم نحن بحاجة لمثل هذه الأقلام أن تتواصل معنا وتشعرنا دائما بوضائتها ونضارتها على صفحات منتديات درة المجالس العربية السعودية..

    أظن أن القصة لم تنته .. فماذا بعد دخوله من الباب؟؟
    أنتظر بشوق
    أخي الرائد .. أسعدني تفاعلك مع القصة و اعجابك بها .. القصة انتهت كتابة و لكنها تريد اضافة من القارئ عبر ما يستطيع ان يفهمه او يتصوره في مستوى تشكيل النهاية لان في ذلك اضافة حقيقة و لانهائية للنص الاصلي ..
    دمت في الخير

  4. #4
    مشرف مـجلـسي الترحيب و الإتصالات
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    الدولة
    مكة المكرمة
    المشاركات
    1,433
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي


    السلام عليكم :
    اطلق مافي لفافاتك في كيان هذا المنتدى
    ونحن نرحب ما يتوالد في داخلك
    كلنا اذن صاغية فهناك حشود تتوالى لمباركتك
    على قلمك المبدع
    فلتتقدم مباركا
    كن كقطر المطر ..اينما وقع نفع

  5. #5

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلمان السلمي مشاهدة المشاركة

    السلام عليكم :
    اطلق مافي لفافاتك في كيان هذا المنتدى
    ونحن نرحب ما يتوالد في داخلك
    كلنا اذن صاغية فهناك حشود تتوالى لمباركتك
    على قلمك المبدع
    فلتتقدم مباركا
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخيب سلمان .. سررت كثيرا باطلالتك و بدعوتك و اعتز برأيك في ما اكتب .. اعدك بالمزيد ان شاء الله ..
    دمت في الخير

  6. #6
    عضو برونزي
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    1,058
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    روعة أخي فيصل

    وبيني وبينك موضوع جميل وطريف..

  7. #7

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجنرال مشاهدة المشاركة
    روعة أخي فيصل

    وبيني وبينك موضوع جميل وطريف..
    سرني رأيك و مرورك اخي الكريم
    دمت في الخير

  8. #8
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المشاركات
    19
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    ماشاء الله تبارك الله
    يالك من قاص بارع
    ما أجمل القصص ذات النهايات المفتوحة

    أديبنا الكريم
    فيصل الزوايدي
    طاب مدادك ودام
    تقديري
    التعديل الأخير تم بواسطة قطرالندى ; September 8th, 2009 الساعة 08:30
    بعثَ النَّجمُ لي يقول: محالٌ
    أن يعيق الظلامُ شعلةَ ذَاتِي

    أنتَ مثلي "مسافرٌ" ذو لهيبٍ
    فأنِرْ باللَّهيبِ ليل الحياةِ!
    الصّدِّيقي

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. " الرحيل.. " قصة لفيصل الزوايدي (تونس)
    بواسطة فيصل الزوايدي في المنتدى منتدى أدب وشـِـعر ورواية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: January 30th, 2009, 17:03

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

تنفيذ شركة تصميم مواقع الانترنت توب لاين
روابط مهمه روابط مهمه تواصل معنا
تواصل معنا