الرياض، البندري حبرم (واس) في زمن الإعلام الرقمي لم يعد الإعلام التقليدي وحده المصدر الرئيس للأخبار، بل اقتحمت المنصات الرقمية المشهد بصورة قوية، وأصبحت المصدر الأول للمعلومات والأخبار لعددٍ كبير من الشباب، بعد أن كان دورها مقتصرًا على التواصل، مما أثَّر على الوعي الفكري والثقافي لفئة الشباب. فهل تحول الإعلام الرقمي إلى بديل حقيقي للصحافة التقليدية؟


15 رمضان 1446 هـ الموافق 15 مارس 2025 م

لا جدال أن للمؤثرين دورًا كبيرًا في جذب الشباب العربي للمنصات المختلفة، وباتت صناعة المحتوى فنًا بحد ذاته في اختيار محتويات جاذبة، والتقديم بأسلوب مشوق، وبطرق مختلطة بين الجدّ والترفيه، وأضحى "التأثير" أو ما يعرف بـ"التأثير الرقمي" يطال الوعي الفكري والثقافي والاجتماعي لدى الشباب، مما يثير تساؤلًا عن الأخلاقيات التي يجب أن يتمتع بها صنّاع المحتوى، وتنعكس على هويتهم وسلوكهم وأفكارهم.

وفي الفضاء الرقمي يقدم المؤثرون محتويات متنوعة ما بين التقنية والألعاب الإلكترونية، والسفر والرحلات، والصحة، واللياقة، والتعليم، والمال وريادة الأعمال، والشؤون الاجتماعية، والمحتويات الثقافية والدينية والتاريخية، إضافة إلى الكوميديا والترفيه..إلخ.



في هذا التقرير تتناول وكالة الأنباء السعودية (واس) تأثير الإعلام الرقمي على ثقافة الشباب العربي وطريقة تفكيرهم، كما يتطرق إلى طريقة اختيارهم موضوعات المحتويات ومصادر معلوماتهم، وماهيّة المعايير الأخلاقية التي يجب عليهم التمتع بها، وأهمية تعزيز الوعي المجتمعي.

ويناقش عزوف بعض المتابعين عن مصادر المعلومات والأخبار من المنصات الرسمية أو التقليدية، واقتصار ذلك على ما يقوله المؤثر، أو على ما ينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، ويطرح التحقيق تساؤلًا عن كيف يمكن للمنصات الرسمية جذب الجمهور لها بصفتها مصدرًا معتمدًا للمعلومات، وما الأسلوب المناسب لجذبهم إليها؟ إلى جانب التفريق بين مفهومي المؤثر والمشهور.



وللفصل بين مفهومي المؤثر والمشهور، يوضح الأكاديمي المتخصص في مجال الإعلام التقليدي والإلكتروني د. محمد القحطاني، أن المشهور (Celebrity) هو شخصية تمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب ظهورها المعتاد على وسائل الإعلام التقليدية: التلفزيون، والإذاعة، والصحافة، نتيجة مهنتها التي تميزت بها مثل: الممثل، والمطرب، والرياضي، والمسؤول، والكاتب الصحفي..إلخ.

أما المؤثر (Influencer) فهو شخص متخصّص في مجال محدّد، وجد من شبكات التواصل الاجتماعي فرصة لإبراز ما يمتلكه من علم أو معرفة أو خبرة في مجال معين مثل: الإعلام، والآثار، والطقس، والتاريخ، وغيرها، وبالتالي امتلك جماهير شبكات التواصل الاجتماعي خاصة بعدما سيطرت على الظهور العام، وأصبحت من الوسائل المتابعة من قبل مختلف الفئات العمرية في المجتمعات كافة.



ولتوضيح التقاطعات بين المؤثر والمشهور بحسب د. القحطاني؛ فإن كلاهما يتقاطعان في حجم الجماهيرية التي يمتلكونها، والتأثير في الجمهور، وحجم الانتشار والشهرة، ويكمن الاختلاف في طبيعة المحتوى الذي يتداولانه.

وللمؤثر القدرة على التأثير في جمهوره وتغيير آرائهم من خلال المعلومات المتداولة معهم، بينما المشهور في الغالب شخص يقدم رأيه أو تعليقه على موضوعات ومناسبات عامة دون إظهار أي لمسة معرفية على حديثه، ويتابعه جمهوره من أجل مهنته؛ مطربًا أو رياضيًا.. إلخ، وليس لدوره في هذه المناسبة، وقد يحدث تأثيره على جمهوره لكن ليس بحجم التأثير من المؤثر المتخصص في مجالات معينة يعود نفعها على الجمهور، أو له الأثر الاجتماعي نفسه على مختلف الفئات العمرية من الجمهور، لأن جماهير المشهور في الأغلب من الفئة العمرية الصغيرة التي تتأثر به لشهرته الشخصية لا العلمية.



وبينما يعتمد المشهور على شهرته السابقة في مجاله، يجتهد المؤثر في بناء مكانته من خلال المحتوى الذي يقدمه، فنجاحه لا يعتمد على عدد المتابعين، بل على نوع وجودة المحتوى الذي يقدمه.

تقول الأستاذ المشارك في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود د. الجوهرة المطيري: "إن المؤثر يعتمد في اختيار المحتوى الخاص به على عدة عوامل منها: تحديد المجال الذي يتقنه، وتحديد الفئة العمرية والموقع الجغرافي، فهذه تساعده على بناء جمهوره، وتحقيق مصداقية أكبر وتأثير مباشر، وتحديد نوع المحتوى الذي سيقدم، ويتمكن من مواكبة أهم الموضوعات المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي".



ويجمع المؤثر الناجح بين المصادر الموثوقة المتعددة والتجربة الشخصية والتفاعل مع جمهوره؛ لضمان محتوى غني وذي قيمة؛ فالمؤثر بحسب د. المطيري ليس مجرد ناقل للمحتوى، بل صانع رأي، مما يجعله مسؤولًا عن صحة المعلومات التي ينشرها، كما أنه قد يكون مسهمًا في نشر الشائعات أو في مكافحتها، مما يعرضه للمساءلة القانونية من قبل قانون الجرائم المعلوماتية.

وترى د. المطيري أن سرعة التفاعل مع المتابعين والاطّلاع على المستجدات أولًا بأول يساعدان على زيادة الثقة بالمؤثر، ويجعلان منه مصدرًا أو مرجعًا، مؤكدة في الوقت ذاته أن لدى الشباب وعيًا بالحسابات الرسمية والموثقة التي تنقل الخبر بمصداقية وبشكل مباشر، والمؤثر الواعي يعلم خطورة تداول معلومات غير صحيحة أو أخبار مزيفة قد تعرضه للمساءلة القانونية، كما أصبح الجمهور على وعي بمحاسبة المؤثرين من خلال التفاعل النقدي والإبلاغ عن المحتوى المخالف، وهو أحد أشكال المواطنة الرقمية التي يتميز بها المستخدم السعودي في منصات التواصل الاجتماعي.



ومن العوامل الأساسية المؤثرة إيجابًا أو سلبًا في صناعة المحتوى بمنصات التواصل الاجتماعي الإعلانات، لهذا يتطلب ذكاء المؤثر في تحقيق التوازن بين تقديم محتوى ممتع وأصيل وبين الترويج التجاري بطريقة تحترم الجمهور.

ووفق إحصائيات من "مجلة فوربس" لعام 2019م، فإن 92% من المستهلكين يثقون بالمؤثرين أكثر من أي إعلان آخر، كما تشير آخر إحصائيات شركة "ملت وتر لعام 2025" إلى أن معدل اعتماد مستخدمي وسائل منصات التواصل الاجتماعي تبلغ 94.2% من جميع مستخدمي الإنترنت، وهذه الأرقام تدعم تأثير المؤثرين في التسويق الرقمي، كما تؤكد أحدث الإحصاءات تنامي النسبة حيث أنفق على إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2023م، نحو 270 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن يزيد حجم الإنفاق خلال الأعوام المقبلة، بحسب د. المطيري.



ولتعزير الوعي والتفكير النقدي والاستقلال الفكري لدى الشباب، ترى د. المطيري أن الارتقاء بتفكير الشباب العربي يتطلب تعليمهم مهارات التحليل، والتحقق من المعلومات وتحفيزهم على التفكير النقدي، وتشجيعهم على محاسبة المؤثرين من خلال الإبلاغ عن المحتوى المخالف، كل ذلك يسهم في تقنين المحتوى، وفق ضوابط تحترم المجتمع وهويته، فالحل ليس في إبعادهم عن المؤثرين، بل في تمكينهم من التمييز بين الحقيقة والتضليل بأنفسهم؛ ليصبحوا قادة فكر لا مجرد متلقين.

فيما يرى الإعلامي حمد المنيف أن الوعي مطلوب من المؤثر والجمهور، لتفادي استخدام الوسائل بشكل غير واعٍ، فنشر عادات سلبية في بعض المجتمعات قد يؤثر سلبًا على الشباب غير الواعي والمتسرع في التقليد الأعمى للثقافات الأخرى، لذا يأتي دور توعية هذا الجيل بأهمية الانتقاء والاستفادة مما ينشر في الإعلام الرقمي من إيجابيات المجتمعات الأخرى لا السلبيات، وقد يساعد الانفتاح على الثقافات الأخرى عبر وسائل الإعلام الرقمي في توسيع آفاق الشباب العربي بشأن ما يدور في ثقافات المجتمعات، وكيفية مواكبة التطورات الإيجابية لعكسها على ثقافة بلده.



وفي هذا السياق يشير د. القحطاني إلى أن المؤثر يحرص في الغالب على ظهوره بالشكل الذي يليق بعلمه وخبرته ومعرفته، لكن قد تقل موثوقية المؤثر إذا دخل مجال الإعلانات التجارية التي يدفع له فيها مقابل الحديث عن شيء معين، لذا من المهم ضبط المؤثرين والمشاهير خلال ظهورهم على شبكات التواصل الاجتماعي وعدم السماح للبعض في الدخول بمجال ليس له فيه باع طويل.

وتضطلع الهيئة العامة لتنظيم الإعلام في المملكة بمهمة ضبط مثل هذه السلوكيات؛ حرصًا على سلامة ما يتناوله المشهورون أو المؤثرون، لئلا ينعكس ذلك سلبًا على جمهورهم، فالالتزام بالمعايير الأخلاقية أمر ضروري لضمان تقديم محتوى مسؤول.



وسعيًا إلى تطوير بيئة تنظيمية تتسم بالشفافية والإنصاف، لتمكين قطاع الإعلام وتطويره وتعزيز الهوية الوطنية السعودية، خصصت "هيئة تنظيم الإعلام" ضمن لوائحها وأنظمتها، عدة محاور لضبط وسائل الإعلام، مثل: ضوابط المحتوى الإعلامي المتضمنة في نظام الإعلام.

واستحدثت "الهيئة" تراخيص وخدمات بهدف تطوير قطاع الإعلام، وضبط المشهد الإعلامي؛ للالتزام بضوابط المحتوى الإعلامي المرئي والمسموع ومنها: ترخيص تقديم الأفراد للمحتوى الإعلاني عبر منصات التواصل الاجتماعي (موثوق)، وخدمة تسجيل قنوات وبرامج التدوين الصوتي والمرئي (البودكاست).



وتسهم جميع التراخيص الإعلامية التي تقدمها "هيئة تنظيم الإعلام" في الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وتتحقق "الهيئة" من التزام المرخصين بجودة المحتوى الإعلامي، وتطبق ما ورد في نظام الإعلام المرئي والمسموع ولائحته التنفيذية على المخالفين، ونظام المطبوعات والنشر ولوائحه التنفيذية.

وأدت تلك الجهود إلى رفع الوعي بأخطار الأخبار المضللة ومدى تأثيرها السلبي على المجتمع، مما ألزم المؤثرين بمعايير أخلاقية رفعت الوعي لصنّاع المحتوى والجمهور العام.



وترصد "هيئة تنظيم الإعلام" المحتويات الإعلامية الصادرة من قبل الأفراد والجهات والمؤسسات، وتخضع لمعايير التقييم عند تقديم طلب الحصول على (موثوق)، كما ترصد وتتابع الأفراد الحاصلين على الترخيص للتحقق من مدى التزامهم بالضوابط.

وبرز في وقتنا الحاضر عدد من صناع المحتوى الإيجابي، منهم على سبيل المثال لا الحصر صانع المحتوى عبدالله السبع، الذي تمكن من بناء محتوى موثوق ومؤثر، يجمع بين نقل التجربة الشخصية وتحليل احتياجات الجمهور.



ويصف السبع تجربته في صناعة المحتوى بأنها رحلة ممتعة ومليئة بالتحديات، ففي البداية كان الدافع الأساس له هو نقل المعرفة ومشاركة تجاربه الشخصية في مجال التقنية؛ وتقديم محتوى مفيد يساعد الآخرين على الاستفادة من التطورات التكنولوجية، ومع مرور الوقت، لاحظ زيادة احتياج الجمهور لمحتوى يتجاوز مجرد التجارب التقنية، حيث برزت أهمية التوعية بالمخاطر المرتبطة بالتقنية، مثل: الأمن السيبراني، وحماية البيانات، وهذا التحول في التوجه لم يكن عشوائيًا، بل جاء نتيجة دراسة مستمرة لاحتياجات الجمهور، مما ساعده على تطوير المحتوى بما يتناسب مع متطلبات المتابعين، وبالتالي تحقيق استمرارية وانتشار أوسع.

أما فيما يخص ضمان جودة المحتوى، فيعتمد السبع على البحث المستمر والتجارب الفعلية قبل مشاركة أي معلومة مع الجمهور، حيث يبدأ أولًا بتجربة المنتجات والتقنيات بنفسه، ثم يتحقق من مدى فائدتها وموثوقيتها، قبل أن ينقلها للمشاهدين بطريقة مبسطة وواضحة.



ومن النماذج التي برزت في صناعة المحتوى في مجال تطوير جودة الحياة، الطبيب عبدالله العلاوي الحاصل على جائزة الأميرة صيتة للتوعية، ويصف تجربته بأنها تثري صانعها قبل أن يؤثر بها على الآخرين، إذ انطلق في هذا المجال بدافع التعلم، مؤمنًا بأن مشاركة المعرفة تعزز من اكتسابها وتطويرها، ويرى أن هذا المسار، رغم ما يحمله من تأثير، قد يكون مرهقًا بسبب الشهرة والتفاعل مع الجمهور، مما يتطلب طاقة نفسية وقدرة على التحمل، إلا أن وجود هدف معرفي واضح يسهم في تسهيل الرحلة.

ويؤكد أن بناء المعرفة وتطويرها هو الأساس لإنتاج محتوى ناضج، ويستلهم موضوعاته من الكتب، والمدونات، والنشرات البريدية، والمحتوى العالمي؛ بهدف تطويع التجارب الناجحة بما يتناسب مع الهوية العربية.



أما عن أسلوبه في العمل، فيحرص على استيعاب المعلومة وتجربتها بصدق قبل مشاركة الجمهور النتائج، سواءً في مجالات الصحة النفسية، أو الإنتاجية وتحسين جودة الحياة، مع مراعاة الخصوصية أثناء التصوير والتركيز على القيمة والفائدة.

وفي استطلاع لـ"واس"، اتفقت آراء الشباب على أن وسائل التواصل الاجتماعي هي المصدر الأساسي للمعلومات، مع تفريقهم بين المحتوى الترفيهي والمحتوى الجاد، وإدراكهم أهمية التحقق من مصادر الأخبار.



وفي هذا الصدد توضح منصورة الحمود (25 عامًا طالبة - ماجستير إعلام) أنها تعتمد على الحسابات الرسمية في منصة "إكس" للحصول على الأخبار، لكنها تستفيد من المؤثرين في مجالات مثل: التقنية، والمنتجات الاستهلاكية، مبينة أنها تعرضت لتجربة انتشار قصة إنسانية تبين لاحقًا أنها ملفقة، مما جعلها أكثر حذرًا في تصديق المعلومات قبل التفاعل معها.

فيما تعتمد لطيفة عبدالعزيز (22 عامًا - مصممة وسائط رقمية) على الحسابات الإخبارية الرسمية، وتتحقق من الأخبار عبر المصادر الحكومية، لكنها تلجأ للمؤثرين عند البحث عن توصيات استهلاكية، بشرط أن تكون حساباتهم موثقة ومرخصة من الهيئة العامة لتنظيم الإعلام، ويميل محمد الحاج شحادة (24 عامًا من لبنان) إلى متابعة "البودكاست" والمصادر الإعلامية الرسمية، ويرى أن بعض المؤثرين قادرون على تقديم محتوى موثوق، لكنه لا يثق بأي مؤثر يتحدث في مجالات حساسة مثل: الاقتصاد أو الصحة دون خلفية علمية واضحة.



ويستخدم مهند مروان (24 عامًا من اليمن) وسائل التواصل الاجتماعي في الحصول على المعلومات، مع حرصه على متابعة الحسابات المتخصصة والموثوقة، ويرى أن بعض المؤثرين يؤدون دورًا إيجابيًا في توعية المجتمع، بينما يركز آخرون على الربح فقط دون تقديم محتوى مفيد، فيما يتابع حسن قميلة (25 عامًا من فلسطين) الأخبار عبر قنوات تلفزيونية، تحديدًا الأخبار السياسية، كما يتابعها من المؤسسات الإخبارية الرسمية، ويرى أن بعض المؤثرين لديهم مصداقية وواقعية ودور إيجابي في التوعية، لافتًا النظر إلى أن البعض الآخر يسعى فقط وراء "التريند" دون التحقق من المعلومات.

فيما يعتمد أكرم عرافة (24 عامًا من الأردن) على "لينكد إن" و"ريديت" للبحث عن المعلومات، لكنه يرى أن بعض القنوات الإخبارية تقليدية في طرحها، خلاف المؤثرين الذين يبدون أكثر واقعية، ومع ذلك يؤكد أن الاعتماد على المصادر الموثوقة هو الأساس في تقييم أي خبر أو معلومة.

وتتابع لمياء عبدالعزيز (19 عامًا - طالبة جامعية) الأخبار العاجلة عبر منصة "إكس" من خلال الحسابات الإخبارية الموثوقة، والصحفيين، والمصادر الرسمية، بينما تعتمد على منصة "يوتيوب" للحصول على التحليلات، وتستخدم "تيك توك" و"إنستجرام" لمتابعة المحتوى الترفيهي والتعليمي، وللتحقق من صحة المعلومات تعتمد على مقارنة المصادر بالمصدر الأصلي، باستخدام مواقع التحقق، إضافةً إلى التأكد من تاريخ النشر، أما ما يخص توافق المحتوى الذي يظهر لها على وسائل التواصل الاجتماعي مع اهتماماتها، فتشير إلى أنه يعكسها إلى حد كبير، لكنها تحرص على التنوع لتجنب الوقوع في فقاعة معلوماتية.



وخلاصة آراء الشباب هي الاتفاق على أهمية تدقيق المعلومات، وأن تكون من مصادر رسمية في منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وليست من وسائل الإعلام التقليدية، ومنهم من يعتقد أن المؤثرين مصدر مفيد للمحتوى الاستهلاكي والترفيهي.

ووسط تسارع التقنيات الحديثة يواجه الإعلام الرسمي تحديات عديدة لجذب الشباب، بحسب ما يذكره عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام في جامعة الملك سعود د. مشعل الوعيل، وأرجع ذلك إلى غياب التواصل مع الشباب لفترات طويلة، مما دفعهم للاعتماد على منصات بديلة، كما أن عدم استخدام لغة مناسبة وأسلوب محتوى يتماشى مع اهتماماتهم، ومحدودية تنوع الشبكات والوسائط المتعددة، كلها أسهمت في هذا التوجه.

ويمكن للمنصات الرسمية تقديم المحتوى بأساليب مبتكرة تجذب الشباب، باستخدام لغة وأسلوب مناسب لهم، والتركيز على الموضوعات التي تهمهم، إضافة إلى توظيف أدوات الوسائط المتعددة بشكل أوسع، مع تنويع المحتوى عبر مختلف الشبكات، بحيث يكون لكل منصة طابعها الفريد والمميز.



ويبين د. الوعيل أن التركيز على تقديم محتوى يتناسب مع اهتمامات الشباب يعد من أفضل الأساليب لجذبهم إلى المنصات الإخبارية الرسمية، وذلك من خلال توظيف مختلف الوسائط لجعل المحتوى أكثر جاذبية وسهولة في التلقي، عبر استخدام (الصور، والفيديو، والصوت، والتصاميم) في القالب الإخباري الموجه إليهم.

ويرى أن التقنيات الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي، تسهم في جعل الأخبار أكثر جاذبية، حيث تؤدي دورًا محوريًا في هذا المجال، خصوصًا في توسيع استخدام الوسائط المتعددة، التي ستشكل النواة الأساسية في بناء المادة الإعلامية.

ويُعد التعاون بين الإعلام التقليدي والإعلام الرقمي وفق ما يذكره المنيف مهمًا لنشر الوعي المجتمعي، فالمجتمع يثق بوسائل الإعلام التقليدية، بينما تحتل وسائل الإعلام الرقمية جماهيرية أكبر، كما أن الوسائل الرقمية مواكبة للتطورات المتسارعة، لذا فإن التكامل بين الطرفين سيعمل على تعزيز الوعي المجتمعي بشكل أكبر.

وبحسب بعض الدراسات، فقد بلغ عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في الوطن العربي عام 2024م نحو 274 مليون مستخدم، وهو ما يشكل حوالي 66% من إجمالي سكان الوطن العربي، وتعد منصة "فيسبوك" الأكثر انتشارًا في المنطقة، حيث يبلغ عدد مستخدميها 188 مليون مستخدم، تليها "إنستجرام" بـ 44 مليون مستخدم، ثم منصة "إكس" بـ 42 مليون مستخدم.



وتتوزع هذه الأرقام على الدول العربية وفق التالي:
• مصر: 42 مليون مستخدم
• الجزائر: 28 مليون مستخدم
• العراق: 25 مليون مستخدم
• السعودية: 19 مليون مستخدم
• المغرب: 17 مليون مستخدم



وفي المتوسط يقضي مستخدم الإنترنت نحو ساعتين ونصف الساعة يوميًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يعادل أكثر من ثلث إجمالي وقتهم على الإنترنت، وتتمتع "تيك توك" بأعلى متوسط وقت لكل مستخدم، لكن منصة "يوتيوب" تمثل أكبر حصة إجمالية من إجمالي وقت وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع هذا التسارع التقني وتطور وسائل الإعلام الرقمي، والانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت المصدر الأساس للمعلومات بين الشباب، متفوقة على الإعلام التقليدي من حيث السرعة وسهولة الوصول والأسلوب، وتأثير المؤثرين، وفي ظل هذا الواقع وما يحيطه من تحديات حول المصداقية، يبقى التساؤل: إلى أي مدى يمكن للمؤثرين تحقيق التوازن بين تحقيق الشهرة والمسؤولية في تقديم محتوى موثوق؟ وكيف يمكن توظيف هذا التفاعل والانتشار الرقمي لتعزيز الوعي والمعرفة؟

إعداد: البندري حبرم