الرياض (الجزيرة) تزخر بلادنا بالعديد من المقومات والمكامن السياحية الخصبة للتعديل والاستثمار السياحي دون المساس بجوهرها التراثي، وأحد هذه الآثار التاريخية
مدينة قصيباء وما تحويه من كنوز برجالها الذين يأسروك بطيبهم وتراثها الشامخ الذي صمد لعوامل التعرية والزمن وآبار
عنترة وقصره وجزء من البيوت الطينية والحصون والقلاع التي زارها المؤسس الملك عبد العزيز -
طيب الله ثراه- وجعلها محطة الانطلاق إلى حائل -
كما ذكر المستشرق (عبد الله فلبي) وكل من المؤرخين الوشمي- العبودي، وزارها الملك سعود -
رحمه الله- وكانت قصيباء مورد العقيلات للاستظلال بنخيلها وارف الظل والورود بمائها العذب.
تفتح ذراعيها لمستقبل سياحي واعد 20 03 2008
لست بصدد الحديث عن تاريخ قصيباء العريق الذي لم يدع المؤرخون والمستشرقون العديد من الكتب والمؤلفات عن هذه المدينة الجميلة مجالاً تاريخياً بل من واجبنا كجهات إعلامية إبراز المقومات السياحية الحالية وجمالها التراثي وما تحتاجه من عناية وتطوير من الجهات المعنية، أولها الهيئة العليا للسياحة التي أولت مشروع تطوير القرى التراثية اهتماماً فائقا لنظيره من الاهتمامات السياحية الأخرى لأهميته التاريخية والجغرافية والجدوى الاقتصادية الناجحة كما في بعض الدول التي تعتمد اعتماداً كليا على السياحة التراثية في دخلها وتوطين الوظائف المناسبة لأهل المدينة والمنطقة.
الموقع والجغرافية: تقع قصيباء في الجهة الشمالية من منطقة القصيم على خط طول 53ق 43د وخط عرض 53ق 26د وتعتبر أحد بلدان الجواء وتبعد عن بريدة 65 كيلو مترا، وتنقسم إلى قسمين أحدهما قصيباء القديمة وتقع في مكان منخفض تحيط بها الجبال من جميع الجهات وتشكل دائرة بمحاذاة الجبال ويتوسطها قاع تتجمع فيه المياه شتاءً. وقد سكنت قصيباء قبل الإسلام في مكان يسمى البليدة على حافة الجبل الغربي ثم بدأ الاتساع شمالاً وجنوباً حتى اكتملت الجهة الغربية منها قبل مائتي سنة، بدأ الناس يزرعون في الجهة الشرقية إلى أن اكتملت دائرة قصيباء.. وتحتوي مدينة قصيباء على عدة كنوز تراثية عديدة وتقع تحت هضبة كبيرة تسمى (الجال) ويجتمع الماء قريباً منها ليسقى الناس النخيل والزرع.
وكانت تشتهر بوفرة المياه قبل عشرات السنين وتتكون من عدد من المنازل وكل منزلة محصنة بسور خارجي (بقيت آثاره حتى الآن) وكذلك مسجد كبير لأهل المنزلة ومرقب علوي أعلى الجال، وكذلك مرقب سفلي للحماية من العدو قبل توحيد المملكة وكانت المنازل بعدة تسميات (منزلة البليدة والفرشة وقليب العبيد وأم قصير وأم مكرية والخذم والفجور والهدفية والجنوبية والخناصة والشجرا والمريقب والبطين والعقيلة والعمودية والصوال وأبو نخلة والمطاوعة).
تلعة حتمل
أبرز معالم قصيباء:
(1)
القصور والقلاع القديمة:
(أ) قصر عنترة: لم يبق من هذا القصر إلا بقايا من السور على حافة الجبل الغربي الذي يرتفع ما لا يقل عن ثمانين متراً من الناحية الشرقية وبأرض مستوية من الناحية الغربية، وقد تم تسويره من الناحية الغربية فقط وتتوسطه بوابة وعلى جوانبها مقصورتان وعدد من الغرف وقد سقطت هذه الأبنية ماعدا جزء من السور، وقد بني من الطين والحجر وفي أسفل الجبل بئر ماء تسمى العنترية وقد كان يسمح لحجاج الشام بالتزود بالماء مقابل الجزية وإلى الجنوب من البئر قصور من الطين والحجر.
(ب) قصر الراضي (
المشقوق) 1230هـ
أبرز معالم قصيباء القصور القديمة والقلاع التي يرجع تاريخها قبل أكثر من قرنين من الزمان وأبرز هذه القصور وأشهرها قصر الراضي (المشقوق) 1230هـ وتم تأسيسه على يد الشيخ راضي بن علي السليمان البراهيم الحمد الحقيل من البسسات من الحبلان من عنزة.
تأسيس القصر وعين المشقوق
لما استقر رأيه على ذلك المكان بدأ حفر بئر في أسفل الجبل ولما خرج الماء حفر مجدولاً وسمي بالمشقوق وهو عبارة عن ممر مائي منحوت تحت الأرض بارتفاع مترين وعرض أقل من متر من المكان المرتفع إلى أن يسيح على وجه الأرض ليبدأ بزراعة النخيل، ولما كان ماؤها ضعيفاً قام بحفر عين المشقوق الحالية وهي على نمط العين الأولى إلا أنها أقوى وأكثر ماء حيث حفرت البئر الأم أسفل الجبل الشرقي، ثم حفرت آبار في كل أربعين أو خمسين متراً بعمق يتراوح بين اثني عشر مترا وثمانية أمتار وبقطر متر تقريبا تسمى الحساوة بشكل مستقيم من البئر الأم إلى المكان الأقل ارتفاعاً من البئر الأم وذلك ليسيح الماء على وجه الأرض، ثم بدأ النحت للجدول بين الأبيار (الحساوة) بعرض متر وارتفاع مترين تقريباَ.
تشييد القصر: لما نجحت عملية حفر البئر وكثر الماء وانتهت الحفريات وبدأ الغرس بني قصر محصن وكبير على جدول الماء (المشقوق) في مكان متوسط بين انخفاض الأرض وارتفاعها ويشمل القصر:
السور: يتراوح بارتفاع أكثر من 5 أمتار ويزيد عروق الحائط عن متر من عروق الطين وله بابان كبيران باب لقهوة الضيوف جنوبي وآخر شمالي للقصر ويطل عليه أبراج صغيرة للحماية ويحتوي القصر على المجالس والمسجد والقليب والمخازن والغرف (الصفاف) والنخيل والأحواش.
تجديد وترميم القصر:
في شهر جمادى الأول من تاريخ 1428هـ بدأ ترميم القصر على نفقة أ. علي بن سليمان الراضي وبإشراف أ. صالح سليمان الراضي، حيث استقدم من الحرفيين المختصين في أبنية الطين من اليمن لترميم القصر.
(2) العيون:
وهي من آثار قصيباء القديمة التي تبدو بعض آثارها شاهدة للعيان ومن أبرزها: عين
عبس وعين
الثومة وهي عيون طبيعية. ومن العيون المحفورة: عين الصوال للمهنا وعيون المشقوق للراضي وعين بنينة للراضي وعين الجار الله والعين الخضراء للرميح وعين الرميح وعين المطلق وعين الضبيبة للمهنا، وتقع هذه العيون في الجهة الشرقية لقصبياء.
صخرة شهدت حب عنترة وعبلة
الدوائر الحكومية في قصيباء: التقت «الجزيرة» رئيس المركز أ. فهد بن راضي الراضي الذي في البداية رحب بحضور «الجزيرة» وتغطيتها المواقع السياحية، وتحدث عن الخدمات لأهالي مركز قصيباء حيث ان المركز شبه متكامل من الخدمات الحكومية ويحتوي على مستشفى حكومي سعة 30 سريرا وكذلك مدارس لجميع المراحل للبنين والبنات ولجنة للتنمية المحلية ومركز إشراف تربوي للبنين وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحكمة شرعية ومركز للشرطة وآخر للمرور.
الكادر الطبي في مستشفى قصيباء العام
قصيباء سياحة وتراث: وتحدث ل«الجزيرة» أ. صالح سليمان الراضي مدير مركز الإشراف التربوي للبنين في قصيباء وقال: ان التجربة العمرانية الفريدة في مدينة قصيباء التي ترصد واحدة من أهم تاريخ الحياة الإنسانية التي تؤرخ حركة الزمن بتفاعلاته البيئية والاجتماعية التي تتميز بالبساطة والتلقائية وخضوعها للمؤثرات البيئية والاجتماعية في الحفاظ على هذا التراث لما يحمله من قيمة عمرانية وتاريخية مهمة بدءاً من العصر الجاهلي وقصر عنترة بن شداد ومروراً بمرحلة المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن -
طيب الله ثراه- والملك سعود من بعده، كما اقترح دعم وتشجيع وتمويل الأهالي للعناية والمحافظة على المدن والمباني التاريخية وإيجاد آلية لمساعدة السكان في ترميم منازلهم سواء بالقروض أو بمواد البناء والخبرة الفنية ووضع ضوابط وبرامج لعمليات الاستثمار داخل المدن التاريخية بما يضمن المحافظة عليها أو تكليف جهة رسمية معنية للقيام بذلك لتسهيل إقامة وحركة السواح داخلها لما تحويه قصيباء من قصور وآثار تاريخية لها جاذبيتها السياحية والتاريخية أبرزها قصر المشقوق، ويعد قصر المشقوق أحد أهم الفنون المعمارية وجار تطويره وترميمه حالياً عبر فنيين متخصصين بالبناء الطيني.
دعم المجال الاقتصادي: كما التقت «الجزيرة» أ. عبد العزيز سليمان الراضي وقال: إن تنشيط الأسواق المحلية والاهتمام بالصناعات التقليدية ودعم الحرفيين وإقامة النشاطات الفنية التراثية لجذب السواح وإطلاعهم على ثقافتها وتراثها وإعداد برامج تدريب وتأهيل القدرات البشرية وبناء كوادر فنية قادرة على تنفيذ أعمال الصيانة والترميم والتوثيق والاستفادة من الخبرات القديمة من بناءين وحرفيين وصناع في عمليات الصيانة والتدريب المحلي وتطبيق الصيانة الوقائية للمباني التاريخية لضمان المحافظة عليها وديموميتها.
الدور الإعلامي وتكثيفه: وقال أ. عبد الله عبد العزيز الحربي: ان الدور الإعلامي للجهات الإعلامية لم تأخذ قصيباء نصيبها منه ونشكر ل«الجزيرة» تسليطها الضوء على هذه المدينة التاريخية وندعو المثقفين والمهتمين بالآثار والسياحة زيارة قصيباء لما تحويه من كم هائل تاريخي من العصر الجاهلي وحتى وقتنا هذا وتسلسل الأحداث في قصيباء أهم مميزاتها واشتهرت قصيباء بنخيلها ومائها مما يجعلها مزاراً سياحياً ونؤكد أهمية الثقيف الإعلامي في مثل هذه المواقع التاريخية.
متطلبات المركز: وعن حاجيات المركز أوضح علي الراضي أن المجمع القروي والدفاع المدني ومندوبية للبنات وكذلك خدمة الdsl للهاتف الثابت وربطها بطريق (القصيم حايل) السريع ولوحات إرشادية من الطريق السريع أهم ما تحتاجه قصيباء بأسرع وقت.. وأن تكاتف أهل قصيباء مع بعضهم البعض ميزة جميلة يتحلى بها أبناء هذه البلدة.
مقومات سياحية: وقال عبد الرحمن الراضي: ان قصيباء تحمل في طياتها العديد من المقومات السياحية وهي دعوة للهيئة العليا للسياحة والجهات المعنية في تطوير قصيباء التاريخية.
التقرير:
• صالح الدواس
• حسن الدهيمان
تعقيب: موضوع نقلته عن صحيفة الجزيرة -العدد 12965- تاريخ (الجمعة 28 ربيع الأول 2008) الموافق 28 03 2008،
ولم يبقى في هذا التقرير إلا هذه الصورة،،، فاضفت إليه هذه الصور بعناية بصيرتي المتواضعة
سبب التسمية: كثرة نبات القصب البَردي المعروف الذي يتواجد في مستنقعات المياه الضحلة، فكلما سحبوا أهلها هذا النبات من الأرض، يخرج عليهم الماء،، فكأنه انابيب (قصبة ماء) فقد صُغِّرَت كلمة القصب لتصبح قصيباء.
ايضاً،،، بعنوان (قصيباء !!) في صحيفة عكاظ تقول د. عزيزة المانع: "حين يذكر القصيم غالبا ما ترد إلى ذاكرة الناس اسماء بلدات مثل عنيزة وبريدة والرس والبكيرية والمذنب، لكن القصيم ليست كلها تلك البلدات فحسب، هناك بلدات أخرى غيرها تستحق أن يعرفها الناس ولها تاريخ قديم وذكر في الشعر العربي ربما منذ أيام الجاهلية.
في زيارتي الأخيرة للقصيم سعدت برؤية أماكن فيها والتعرف على معالم تاريخية ما كان لي معرفتها من قبل، ومنها بلدة قصيباء احدى مراكز الجواء شمال القصيم، بلدة بنيت في واد منخفض تطوقه الجبال، وأرضها خصبة تنتشر فيها بساتين النخيل وعيون التي جف كثير منها، وأشهرها (عين عبس) نسبة إلى قبيلة عبس العربية المشهورة."
مواقع النشر