الرياض - سعود الجنيدل (واس) تنقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" خلال شهر رمضان المبارك 1442هـ، في رحلة عبر الزمان والمكان، تجوب فيها الأماكن التاريخية والأثرية، التي تزخر بها المملكة، في جميع مناطقها مترامية الأطراف، مسلطةً الضوء فيها على ماهيّة تلك الأماكن وقيمتها التاريخية، ورمزيتُها الخالدة؛ لتستلهم من تلكم المواقع عنوان رحلتها: "
المملكة مهد الحضارات".
تنوعت تلك الأماكن بين مساجد تاريخية تعود إلى حقبة النبوة وما بعدها، مما جعلها تفوح بذكرى وشذا خير البشر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مثل مسجد الحديبية، ومسجد الجمعة، ومسجد أم المؤمنين عائشة، ومسجد تبوك ومسجد عمر بن الخطاب صاحب أول مئذنة في الإسلام تصدح بصوت الحق، والمساجد التاريخية في منطقة الطائف القديمة، ومسجدي جواثا والقبة بالأحساء، وبين قرى تراثية ضاربة جذورها في عمق التاريخ، مما يدلل على البُعد الحضاري للمملكة، حيث كان بعضها عواصم لممالك قديمة، منها قرية ذي عين الأثرية بالمخواة، التي يعود عمرها التاريخي إلى 400 عام، وقرية الفاو في وادي الدواسر عاصمة مملكة كندة الأولى، وقرية "القصار" في فرسان، أهم القرى بجزيرة فرسان ومن أوائل المواقع التي سكنت بالجزيرة منذ مئات السنين، وقرية "اللجام" بنجران التي تضم مباني وقصوراً طينية يعود تاريخ بناء بعضها لأكثر من 350 عاماً.
وبما أن للأحياء القديمة قيمتها التاريخية التي خلدتها صفحات التاريخ، والمحتفظة برمزيتها في الوقت المعاصر، جالت "واس" في بعض هذه الأحياء، مثل حي المربع الشهير بالرياض، الذي مهّد من خارج السور القديم نهضة الرياض الحديثة، وحي المفتاحة واحة أبها الخضراء التي أثمرت ثقافةً وفنوناً، لتسير بنا بعد ذلك عبر درب زبيدة الشهير "
طريق الحج الكوفي" الممتد من مدينة الكوفة في العراق مروراً بشمال المملكة بمحاذاة محافظة رفحاء، لتسلك بعده درب "
الجمالة" الحجري الذي اختصر المسافة بين مكة المكرمة والطائف، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من ألف عام.
وفي رحلة عبر الزمن تحطّ بنا الرحال عند أبرز القصور التاريخية في المملكة منها: "
قصر المربع"، (ديوان الملك عبد العزيز)، و "
القصر الأحمر" الذي أمر ببنائه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن عام 1362هـ لابنه الملك سعود عندما كان ولياً للعهد، وقصر الإمارة بقرية البديع في نجران المشيد سنة 1353هـ، وقصر القشلة بحائل ذلك الرمز الأثري المبني بطراز المدرسة النجدية الذي كان فناؤه مقراً لتدريب واستعراض الجند، إضافة إلى "قصر المُشقّر" بالأحساء كما يعرف حديثاً، أو "
حصن هجر" مسماه قديماً، وهو المكان التاريخي الذي استمد عراقته ورمزيته منذ العصر الجاهلي، ودارت عند أسواره معركة الصفقة الشهيرة بين العرب والفرس، وقصر مارد الأثري بالأسياح الذي يعود تاريخ بنائه -
بحسب بعض المؤرخين- إلى العصر العباسي.
وتقف عند سور جدة الطيني القديم في منطقة جدة التاريخية الذي يروي خلفه حكايات حاراته القديمة، حارة الشام، وحارة اليمن، وحارة المظلوم، ليعود بالذاكرة إلى الزمن الجميل، وتتدلف إلى "
دكان البلد" بمحتوياته الأثرية وقطعه النادرة التي تميز البيت الحجازي، لتنتقل بعده إلى برج الشنانة بالرس،، متراس أهل الرس والصرح الأثري الذي يروي أمجادهم، ومنه إلى جبل شدا الأسفل بالباحة الذي يتميز بتشكيله الجيولوجي الفريد والكهوف والمغارات التي نقشت عليها رسوم وكتابات ثمودية يرجع تاريخها إلى 3000 سنة، لتحلق بعده إلى سفوح جبال الجماوات الثلاث بالمدينة المنورة المكان الثابت الذي يحكي قصة ارتبطت بسيرة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إلى قلعة "
عيرف" التاريخية المشيدة عام 1260هـ (1840م).
وتعود إلى القرن الماضي لتحكي قصة أهم معالم التراث الصناعي في المملكة، "
التابلاين" خط أنابيب النفط الذي أنشئ عام 1948م بأمر من الملك عبد العزيز –
رحمه الله- وانتهى العمل به 1950م، ولا تزال بقاياه شاهدة على بدايات الصناعة النفطية في المملكة، لتسير بنا بعد ذلك عبر ضفاف وادي العرين بظهران الجنوب الذي يعد نقطة التقاء للحضارات القديمة ومتحفاً لآثارها.
وتغوص في الزمن الموغل في القدم لتقف فوق أديم أرض، تعد أقدم مستوطنة بشرية في الجزيرة العربية وهي "الشويحطية" بالجوف التي تعود جذورها التاريخية إلى عصر الألدوان في العصور الحجرية القديمة، ومنها إلى "
بئر هداج" بتيماء أو كما يطلق عليها "
شيخ الجوية" التي تعد من أشهر الآبار التي عرفها العالم القديم وأكبر الآبار في الجزيرة العربية، ومضرب الأمثال بالكرم، وملهمة قريحة الشعراء، وفي نهاية الرحلة تحط بنا الرحال عند جزيرة تاروت الواقعة بالقطيف، بتاريخها العريق الذي قدّره بعض المؤرخين بأكثر من خمسة آلاف عام قبل الميلاد، مما يجعلها من أقدم بقاع شبه الجزيرة العربية.
تم تصويب (19) خطأ، منها ("طريق الحج الكوفي») والصواب ("طريق الحج الكوفي")
مواقع النشر