عدن - محمد غباري / محمد مخشف (رويترز) - قصفت طائرات وسفن حربية تابعة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية مواقع للحوثيين في الحديدة باليمن يوم الخميس سعيا للسيطرة على الميناء الرئيسي، في أكبر معركة في الحرب التي تسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وقال اثنان من السكان اتصلت بهما رويترز إن طائرات هليكوبتر هجومية من طراز أباتشي قصفت قطاعا من المنطقة الساحلية بالقرب من مطار المدينة. وقال محمد عبد الله وهو موظف في الإدارة الحوثية في المدينة ”القتال يقترب من منطقة منظر المجاورة لمطار المدينة والناس تهرب من المدينة خوفا من القتال“. وأضاف ”عائلتي هربت أمس إلى صنعاء، وبقيت لوحدي لحراسة البيت من اللصوص“.
وقال عبيد سالم الزعابي سفير الإمارات لدى الأمم المتحدة للصحفيين في جنيف إن قوات التحالف حاليا على بعد كيلومترين فقط من المطار. وقالت جماعة مسلحة في بيان إن القوات اليمنية المدعومة من التحالف سيطرت على منطقة الدريهمي في جنوب محافظة الحديدة.
وتواجه الأمم المتحدة صعوبات في محاولاتها تجنب تعطيل العمل بالميناء شريان الحياة الذي تصل عن طريقه المساعدات الغذائية لدولة يواجه 8.4 مليون من سكانها خطر المجاعة. وقال مصدر دبلوماسي في الأمم المتحدة إن خمس سفن تجارية تفرغ شحناتها في الميناء.
وقال سكان ومسؤولون في الجيش اليمني الذي يحارب الحوثيين إن التحالف العربي ضرب أيضا الطريق الرئيسي الذي يربط الحديدة بالعاصمة صنعاء لمنع وصول أي تعزيزات للحوثيين.
وقالت خديجة وهي معلمة في الحديدة ”الوضع مأساوي ولا نعرف كيف النهاية“. ويسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة وأغلب المناطق المأهولة باليمن. ويقاتل التحالف منذ عام 2015 للإطاحة بالحوثيين وإعادة الحكومة المدعومة من السعودية للسلطة ووقف ما يراه مدا للنفوذ الإيراني.
ووصل الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يعيش في السعودية إلى عدن يوم الخميس، وذلك للمرة الأولى منذ أكثر من عام. ومدينة عدن بالجنوب هي العاصمة المؤقتة لحكومته منذ عام 2015. وقال هادي ”إن انتصارنا الوشيك في الحديدة سيكون خاتمة للقضاء النهائي على الانقلاب، وبوابة استعادة عاصمتنا المختطفة، وبسط نفوذ الدولة على كل شبر في الوطن“.
* الولايات المتحدة ترفض طلبا من الإمارات بتقديم دعم
رغم العلاقات الوثيقة التي تربط الولايات المتحدة بأعضاء التحالف وبخاصة الإمارات والسعودية، تواجه حرب اليمن معارضة قوية في الكونجرس الأمريكي. وقال مسؤول إماراتي طلب عدم نشر اسمه إن الولايات المتحدة رفضت طلبا من الإمارات بتقديم معلومات والمساعدة في كسح الألغام وتوفير أنظمة استخبارات ومراقبة واستطلاع محمولة جوا لدعم عملية الحديدة، وأشار إلى معارضة الكونجرس.
لكن المسؤول قال إن فرنسا وافقت على تقديم دعم فيما يتعلق بكسح الألغام. وأضاف أن المخابرات الإماراتية أشارت إلى أن الحوثيين لغموا الميناء. وقالت متحدثة باسم وزارة الدفاع الفرنسية إنه لا يمكنها التعليق. وامتنعت أيضا وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) عن التعليق.
وإذا سيطر التحالف على الحديدة، الميناء الوحيد في يد الحوثيين، فسيمنحه ذلك اليد العليا في الحرب التي لم يحرز أي طرف تقدما كبيرا فيها منذ سنوات. وقال المسؤول الإماراتي إن الحوثيين يجنون ما بين 30 و40 مليون دولار شهريا من الميناء.
وتقدم الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى أسلحة ومعلومات مخابراتية للتحالف العربي، وتنتقدها جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان بسبب الضربات الجوية التي أودت بحياة مئات المدنيين. من ناحية أخرى تقول الأمم المتحدة إن 22 مليون يمني يحتاجون مساعدات إنسانية وإن عدد المهددين بالمجاعة يمكن أن يزيد عن مثليه ويتجاوز 18 مليونا بحلول نهاية العام ما لم يتحسن الوضع.
وقالت الأمم المتحدة إنها مستمرة في تقديم المساعدات. وقالت ليز جراندي منسقة المنظمة للشؤون الإنسانية في اليمن ”نحن هناك ونسلم مساعدات. لن نغادر الحديدة“. وتقول دول التحالف إنها يجب أن تسيطر على الحديدة لحرمان الحوثيين من مصدر دخلهم الأساسي ومنعهم من جلب صواريخ.
- تلون قبائليون موالون للحكومة اليمنية يقفون حول دبابة بالقرب من الحديدة - رويترز
وأطلقت عشرات الصواريخ على السعودية في الأشهر الأخيرة.
ويقول دبلوماسيون عرب إن هناك خططا للحيلولة دون تسبب المعركة في تفاقم الأزمة الإنسانية وإن بإمكان الدول العربية تحسين إمدادات الغذاء بسرعة عندما تسيطر على الميناء.
وقال علي الأحمد سفير الإمارات لدى ألمانيا لرويترز إن 60 ألف طن من المساعدات الإنسانية جاهزة على السفن والشاحنات للتحرك إلى المنطقة فور توقف القتال. وأضاف قائلا إن قوات التحالف تحتاج 72 ساعة لتطهير ميناء الحديدة ومطارها من الألغام فور سيطرتها عليهما. وأضاف أن من المهم للغاية لمصداقية التحالف ضمان أن يحصل المحتاجون على احتياجاتهم.
وقالت الجامعة العربية في بيان بعد اجتماع طارئ في القاهرة ”جدد مجلس الجامعة العربية التأكيد على استمرار دعم الشرعية الدستورية برئاسة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وفقا لقرارات مجلس جامعة الدول العربية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ودعم طلب الحكومة الشرعية لقوات التحالف العربي بهدف تطبيع الأوضاع وإنهاء الانقلاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى جميع المحافظات اليمنية وبشكل خاص في ميناء الحديدة“.
وأضاف البيان ”أعلن المجلس تأييد موقف الحكومة اليمنية وتمسكها بالمرجعيات الثلاثة وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن 2216 والقرارات الدولية ذات الصلة كأساس للوصول إلى تسوية سياسية شاملة في اليمن“.
وتخوض السعودية وإيران حروبا بالوكالة في عدة دول من بينها سوريا والعراق. وينفي الحوثيون أن طهران تحركهم، ويقولون إنهم استولوا على السلطة في ثورة شعبية ويدافعون عن اليمن من غزو جيرانه.
* اجتماع للأمم المتحدة
قال فاسيلي نيبنزيا السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، الذي ترأس بلاده المجلس لشهر يونيو حزيران، إن مجلس الأمن الدولي حث بعد اجتماع دام ساعتين ”كل الأطراف على احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي“. وأضاف للصحفيين ”تشاركوا في القلق العميق بشأن المخاطر بالنسبة للوضع الإنساني وكرروا دعوتهم للإبقاء على ميناءي الحديدة والصليف مفتوحين“.
وحمل الزعيم الحوثي محمد علي الحوثي الغرب مسؤولية الهجوم. وقال إن البريطانيين أبلغوهم قبل أسبوع بأن الإماراتيين والسعوديين أكدوا لهم أنهم لن يشنوا هجوما على الحديدة دون موافقتهم ومساعدتهم.
وحذر بيان للحوثيين السفن التجارية في البحر الأحمر، أحد أهم مسارات التجارة العالمية، وحثها على البقاء على مسافة 20 ميلا من سفن التحالف لتجنب تعرضها لأي هجوم.
وقال البيان ”إن العدو بفتحه معركة الحديدة يكون قد رفع من منسوب الخطر في البحر الأحمر وعليه أن يتحمل عواقب ما فعل، ونحن لن نظل مكتوفي الأيدي أمام أخطر هجوم أجنبي يتهدد الملايين من أبناء شعبنا اليمني المظلوم“.
وقال المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي إن عملية ”النصر الذهبي“ التي يشنها التحالف تهدف إلى السيطرة على المطار والميناء لكن قوات التحالف ستتجنب دخول المدينة.
وقال مسؤول عسكري يمني إن التحالف، المؤلف من قوة برية قوامها 21 ألف جندي تشمل قوات إمارتية وسودانية بالإضافة إلى يمنيين ينتمون لفصائل مختلفة، يعمل على إزالة الألغام من الشريط الساحلي جنوبي الحديدة وتمشيط المنطقة الريفية بحثا عن مقاتلي الحوثيين.
مواقع النشر