القاهرة - عمرو بدره : هل توحش الشعب المصري بعد الثورة؟! هل كانت الثورة سلبية على صعيد سلوك المواطن وإحساسه بأنه لا ملاحقة أمنية بالقدر الكافي لانشغال رجال الأمن بالحراك السياسي والاحتجاجات وخلافه دفع كثير من المواطنين لإخراج أسوأ ما فيهم؟! هل هذا شيء مؤقت أم أنه تأسيس لعهد جديد قد يدوم طويلا من الانفلات الأمني في مصر؟ من السبب عن هذا أو ذاك؟! المواطن بتوحشه؟ أم الأمن بعدم سيطرته حتى لو مضطرا لا مخيرا؟!
من المسئول عن زيادة واستفحال وتضاعف وتضخم معدلات الجريمة في مصر بعد ثورة 25 يناير؟!
فقد كشفت أحدث التقارير والإحصاءات الفنية الرسمية المتخصصة عن مدى البشاعة في زيادة نسب مخالفة القانون في جمهورية مصر العربية بشكل غير مسبوق خلال فترة الشهور القليلة الماضية! إلى الحد الذي وصفت فيه العديد من وكالات الأنباء العالمية الأمر بموجة العنف التي تجتاح المجتمع المصري للحد الذي أصبح فيه طبيعيا كل يوم تقريبا أن تقرأ عن أخبار القتل والاختطاف والسطو المسلح بل وعلى الأقل استخدام السلاح بشكل أصبح معتاد تماما وطبيعيا وغير مستغرب على الإطلاق.
فبناءا على أحدث تقرير مسرب من تقارير مصلحة الأمن العام المصرية والخاص بفترة العام الماضي 2012 حول معدلات الجريمة والعنف في جمهورية مصر العربية, وهو التقرير الذي كان متاحا للرأي العام بشكل طبيعي حتى فترة عام 1997 والتي شهدت قرار من وزير الداخلية المصري الأسبق اللواء / حبيب العادلي بمنع نشر هذا التقرير والاكتفاء بعرضه على وزير الداخلية وفقط, فقد أظهر تقرير عام 2012 الماضي وجها للأسف قبيحا للمجتمع المصري لم يكن يبدو أنه ملاحظ أو معروفا عنه من قبل.
فالتقرير الذي وصل فعليا إلى أعتى وأكبر الصحف الأمريكية والبريطانية والعالمية ونشرته جميعا بشكل شبه متطابق تقريبا, أكد أن هناك نوعيات من الجرائم تضاعفت في مصر خلال فترة عام 2012 الماضي إلى نسبة قياسية تقدر بنحو 410% كاملة! وذلك بالمقارنة على أساس سنوي مع معدلات فترة عام 2010 والذي سبق قيام ثورة 25 يناير من العام 2011 الأسبق. وهو الأمر الذي حدث مع معدلات سرقة السيارات والتي سجلت خلال فترة العام الأسبق 2010 ما يقدر بنحو 5 آلاف حالة فقط, لترتفع بشكل فاق نسبة 410% كاملة من قبل لبعد الثورة!
وقد تضاعف فعليا حجم جرائم السطو المسلح وحدها فقط في الدولة المصري خلال فترة العام الماضي 2012 وفقا لأحدث تقارير مصلحة الأمن العام بنسبة 350% كاملة عن معدلات فترة عام 2010 قبل ثورة 25 يناير, وذلك بعدما سجل 2010 نحو 733 حالة فقط على خلاف 2012 الذي سجل نحو 2611 حالة كاملة!وعلى نفس النهج تماما فقد تضاعفت حالات الخطف بدافع الحصول على فدية من عام 2010 بنحو 4 أضعاف خلال فترة عام 2012, وذلك من عدد 107 حالة فقط في 2010 إلى نحو 400 حالة في 2012!
أما عن جرائم سرقة المنازل في الدولة المصرية فقد زادت من 7 آلاف حالة خلال فترة عام 2010 الأسبق لتسجل ما يقدر بنحو جاوز ال11 ألف حالة فعليا خلال فترة العام الماضي 2012, وعن حالات القتل فقد زادت هي الأخرى بمعدل 130% مرتفعة من 774 حالة في 2010 إلى 1885 حالة في 2012!
أما عن حالات التشاجر نفسها, فقد أكد العديد من الأطباء في المستشفيات المصرية استقبالهم لحالات وحشية تؤكد مدى الانحدار الذي وصل إليه العديد من أبناء المجتمع, فلم يعد الأمر مجرد ضرب بالمطاوي, بل إطلاق نار وخرطوش, بل ورصاص حي أيضا, ووصل الأمر إلى التعدي على أطقم التمريض والأطباء أنفسهم داخل المستشفيات, وهو ملمح يوضح ما وصل إليه المجتمع من عنف, ولا يمر أسبوع واحد على الأقل دون أن يحدث حالة مثل هذه.
ويرى أطباء النفس أن غياب الشرطة أثر على زيادة تلك الجرائم, فلا يوجد مجرم بطبعه أو عنيف بطبعه, لكن ما حدث هو استغلال لغياب الشرطة التام حسب رأيهم, وهو ما ورث شعور بأن المجال مفتوح للتبجح والبلطجة والاعتماد على النفس في أخذ الحق سواء بحق أو بدون, ومما دفع غيرهم لشراء سلاح يدافعون به عن أنفسهم وخاصة في المناطق العشوائية والشعبية في شتى ربوع البلاد. والتحذير الأهم حاليا أن الأطفال ممن يتربى في مثل تلك البيئة هناك احتمالات شديدة ليعتاد على ذلك وهذا هو الخطر الأعظم من ظهور جيل عنيف من المصريين.
وينتظر بالطبع أن تؤثر تلك الأرقام على الاقتصاد المصري بالتبعية, وخاصة أنها أعلنت في عدد من أعرق المجلات والجرائد العالمية مثل بيزنس ويك الأمريكية وفاينانشيال تايمز البريطانية وهم أعرق مجلات وجرائد الاقتصاد العالمية, مما يوضح مدى اهتمام الاقتصاديين بالشأن الداخلي المصري من متابعة للأداء الإجرامي ونشاط الأمني الذي يوضح مدى جاهزية الدولة لاستقبال استثمار أجنبي خارجي.
فقد أعربت بيزنس ويك خاصة عن أن تدهور الوضع الأمني لمصر سيؤدي لنتيجة واحدة منطقية ألا وهي هروب المستثمرين الأجانب خاصة ووضع مزيد من المعاناة على كاهل الدولة التي تعاني اقتصاديا بالفعل.
مواقع النشر