كتب الأستاذ راكان الدوسري بعنوان : عزوف المستأجرين ووفرة المعروض يؤديان إلى حركة تصحيح في الإيجارات بالعاصمة - وعنوان جانبي : لوحات "للإيجار" تعود من جديد في إرهاصة تنبئ عن القادم، كانت أولى صوره المختارة عن لوحة إعان (شقق عزاب) بخلفية حمراء،،، وبحجم مروّع يلفت للنظر.



الرياض - راكان الدوسري : كلما امتدت الرياض على الصحراء المحيطة بها من كل حدب وصوب، كلما رفعت الرياض رأسها نحو السماء، لتعلو المباني الشاهقة محلقة بطوابقها المتعددة ، لتنبئ عن حجم الحراك الكبير الذي يعتري المشهد العقاري في العاصمة الكبيرة ، إلا أن هذا الحراك الذي خلق سوقاً يبلغ حجم الأموال المستثمرة فيه حتى العام 1431ه حوالي 150 مليار ريال، لم يخلق فرصاً سكنية للمواطنين تتواءم مع إمكانيتاهم المادية ، التي عجزت عن تحقيق حلم السكن.

وبالرغم من الفرص التي سنحت لمواطنين في السنوات الماضية لتدبر أنفسهم والاقتراض من البنوك والاستعانة بتحويشة العمر - إن وجدت- لشراء مساكن متواضعة ، فيما كانت السنوات الأخيرة قد حلقت بأسعار المساكن ، والأراضي ومعهما الإيجارات بشكل غير مسبوق ، إلا أن بداية العام الحالي قد شهدت استقراراً كبيراً في أسعار إيجارات الشقق السكنية تحت وطأة إحجام المستأجرين ، والزيادة في العرض في الأحياء الجديدة والتي أفرزتها حركة الاعمار المهولة التي بدأت منذ العام 2005م بشكل لافت.



وبالرغم من اللوحات التي تعلق على العمائر والمباني السكنية والتي تشير إلى أنها معروضة للإيجار قد اختفت قبل بضع سنوات جراء الزيادة المضطردة في الطلب، وشح المعروض، إلا أنها عادت بشكل لافت، فقلما تسير في طريق دونما أن ترى تلك اللوحات التي تنبئ عن وفرة جيدة في الأحياء غير المتشبعة، ترى ما مغزى انتشار تلك اللوحات في هذا التوقيت؟ أهناك وفرة في عرض الإيجارات في قطاع الشقق السكنية فعلاً؟ وما هي العوامل التي أدت إلى تلك الوفرة ، وهل هناك عملية تصحيحية ستعود بأسعار الإيجارات إلى معدلها الطبيعي ؟ أسئلة سقناها إلى رياض شعتور المستشار العقاري و مدير عام التسويق بشعتور للعقارات الذي قال إن العروض المتوفرة اليوم على مستوى الشقق وبعض الفيلات هي في الأحياء الجديدة التي شهدت حركة إعمار نشطة خلال الأعوام القليلة القادمة ، مما جعل هناك عرضاً جيداً ، على عكس الأحياء المتشبعة كالعليا والورود والازدهار وغيرها والتي يقل فيها العرض بشكل كبير مما أدى - حسب قوله - إلى ارتفاع الإجارات فيها بشكل ملحوظ.

وقال رياض شعتور إن ما يلاحظ من انتشار اللوحات التي تشير إلى وجود شقق للإيجار في تلك الأحياء هي نتيجة لبقاء تلك العقارات معروضة لفترة طويلة بعضها قد يتخطى العام دون أن يستأجر ، وذلك لسببين أثنين ، أولهما رغبة ملاك تلك العقارات بتأجير العمارة بالكامل ، وهو ما يؤخر عملية تأجيرها لفترة ربما تكون طويلة ، وثانيهما المبالغة في أسعار التأجير لتلك الشقق ووصولها لمستوى يفوق قدرة المستأجرين .



وقال إن بعض الملاك وبعدما تبقى العمارة لعام لم تؤجر بالكامل لشركة أو لمستثمر ، أو تلك التي لم يستأجر بها شقة واحدة نظراً لارتفاع إيجارها ، يبدأ المالك في التراجع قليلاً في مستوى الإيجارات المطلوبة ، ويبدأ التسويق لتلك الوحدات بهذا الشكل أملاً في الحصول على مستأجر جديد.

الأحياء المتشبعة

وأكد أن اللافتات التي تنتشر في الأحياء الجديدة لن يراها أحد بشكل لافت في الأحياء الأخرى التي في وسط المدينة أو القريبة من المراكز الحيوية ، وشدد على أن الإيجارات في حي كالعليا قد وصلت بعض الشقق إلى 60.000ريال ، مشيراً إلى أن العرض لا زال في تلك المنطقة محدوداً..وأكد أن هناك هجرة من الأحياء الحيوية والمرتفعة إيجاراتها ، والهروب لأحياء أقل في إيجاراتها في ظل ارتفاع الإيجارات .

وأشار إلى أن الأجانب هم الغالبية من المستأجرين في حي العليا بالرغم من ارتفاع إيجاراتها ، مشيراً إلى أنهم يفضلون استئجار شقق غالية في وسط المدينة على استئجار شقة رخيصة في أطراف المدينة.

وعزى رياض شعتور ظهور لافتات الإيجارات بهذا الشكل إلى سببين، وقال إنه إما أن تكون الشقة المعروضة للإيجار ليست مناسبة للسكن نظراً لعيوب معينة، أم أن الإيجار الذي طلب لتأجيرها مبالغ فيه مما جعلها تبقى لوقت طويل دون أن يستأجرها أحد.


رياض شعتور

وتوقع أن تشهد الإيجارات السكنية في الرياض حركة تصحيح كبيرة بعدما صعدت الإيجارات في الفترة الماضية إلى مستويات قياسية، وقال إن إيجارات المساكن تخضع لعدة اعتبارات منها عمر العقار وطبيعة البناء والحي الذي يقع به العقار والخدمات المتوفرة، لكن أكد أن حركة تصحيحية قادمة لا محالة.

ولفت إلى أنه أمام عزوف المستأجرين نتيجة لارتفاع الإجارات فإن الملاك سيضطرون إلى تخفيض أسعار تلك الوحدات، فمضي عام على عمارة لم تستأجر يكلف صاحبها الكثير.

وقال إن الإيجارات خلال الست سنوات الماضية زادت بنسب متفاوتة، تصل إلى 40% في بعض الأحياء، فيما هي في العليا مثلاُ قد زادت بنسبة تصل إلى 70%.



الفرصة سانحة

ولا تزال الفرص سانحة لتوفر المزيد من الوحدات السكنية في العاصمة ، في ظل الطفرة الحالية، وفي ظل توفر الأراضي بشكل كبير ، وبحكم الحاجة الماسة للمساكن في ظل عدم قدرة حوالي 75% من المواطنين على تملك مسكن.وكانت دراسة قامت بها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مؤخراً قد توصلت، إلى أن الأراضي البيضاء، تستحوذ على الجزء الأكبر من مساحة المدينة حتى حدود حماية التنمية، وذلك بنسبة 77 في المائة، حيث تمثل المخزون الاستراتيجي العمراني للمدينة.

وتبلغ مساحة استعمالات الأراضي المطورة في مدينة الرياض حسب هذه الدراسة حوالي 749 كيلومترا مربعا، تشكل 61 في المائة من إجمالي مساحة الأراضي المطورة، حيث لا تشمل هذه المساحة الطرق بأنواعها التي تمثل 39 في المائة.

وتشكل الأراضي البيضاء الجزء الأكبر من مساحة المدينة حتى حدود حماية التنمية وذلك بنسبة 77 في المائة، حيث تمثل المخزون الاستراتيجي العمراني للمدينة. وكشفت الدراسة، ارتفاع عدد الوحدات السكنية في مدينة الرياض خلال السنوات الخمس الماضية إلى 817 ألف وحدة سكنية بنسبة زيادة بلغت 16 في المائة، حيث احتلت الشقق المرتبة الأولى بنسبة 24 في المائة، تليها الفلل بنسبة 11 في المائة.

وأوضحت الدراسة أنه تم رصد نحو 7100 مبنى تحت الإنشاء معظمها مبانٍ سكنية، في الوقت الذي بلغ فيه صافي الكثافة العمرانية 38 وحدة سكنية للهكتار الواحد على مستوى المدينة.

كما يتوقع أن تؤثر وزارة الإسكان بما ستوفره من وحدات سكنية في المشهد العقاري بشكل سيخفض الإيجارات نظراً للآمل المعقودة عليها في توفير مساكن لنصف مليون مواطن في الفترة القريبة القادمة ، وكانت الهيئة العامة للإسكان قد كشفت قبل فترة عن تسع مشاريع إسكانية جديدة في مناطق مكة المكرمة والرياض وعسير ونجران، في الوقت الذي رفعت فيه عدد الوحدات السكنية التي تنفذها أو التي تحت الترسية إلى أكثر من 15.891 وحدة سكنية.