علي المقبلي - الإقتصادية : قدر اقتصاديون ومحللون ماليون حجم الفائدة التي سيجنيها الاقتصاد السعودي في حال تطبيق قرار تأنيث المحال النسائية نحو 144 مليار ريال سنويا ستتوافر داخل المملكة ويستفيد منها نحو 200 ألف أسرة متوسطة بمعدل اثنتين من كل أسرة ستعملان في هذه الأعمال، مشيرين إلى أن التطبيق له أثر كبير جدا في تخفيض نسب البطالة النسائية والتي تنعكس إيجابا على تخفيض نسب الفقر.



وتصر وزارة العمل على التطبيق الفعلي للقرار، بينما هناك تخوف من التعطيل مرة أخرى، خصوصا مع بقاء 35 يوما من الزمن لدخول قرار تأنيث محال المستلزمات النسائية حيز التنفيذ الفعلي ليفتح سوق العمل للفتيات السعوديات، إذ سيوفر القرار من 400 إلى 500 ألف وظيفة للمرأة وفق توقعات وزارة العمل في المرحلة الأولى والثانية.

واعتبر الدكتور عبد الله بن صادق دحلان عضو مجلس الشورى السابق والمتخصص في الشأن الاقتصادي السعودي، أن تعطيل ووقف تنفيذ قرار تأثيث مراكز ومعارض ومنافذ بيع المستلزمات النسائية خسارة اقتصادية على اقتصاد الوطن وعلى اقتصاد الأسرة السعودية، حيث تقدر بعض الإحصائيات غير الرسمية بأن هناك نحو 200 ألف معرض ودكان ومركز ومنفذ ووحدة بيع للاحتياجات الأساسية للملابس النسائية، مضيفا أنه وبمتوسط الحسابات البسيطة لو افترضنا احتياج كل محل بيع لعاملتين فإن العدد سيكون إجماليه 400 ألف وظيفة بالإمكان شغرها بعاملات سيدات سعوديات.

ويقول دحلان: إذا افترضنا أن صندوق تنمية الموارد البشرية سيدعم هذا التوجه بالمساهمة بدفع نصف الراتب إذا كان أساسي المرتب ثلاثة آلاف ريال لمدة عامين، هذا يعني أن صاحب العمل سيتحمل نصف الراتب ومقداره 1500 ريال فقط، وبالتالي لا حجة له بزيادة التكلفة عليه.

ويرى أن تطبيق القرار له أثر كبير جدا في تخفيض نسب البطالة النسائية والتي تنعكس إيجابا على تخفيض نسب الفقر. وحسب إحدى الدراسات الاقتصادية لعائد الاقتصاد السعودي من تشغيل 400 ألف امرأة سعودية خلال السنوات الخمس المقبلة في مناطق البيع للاحتياجات النسائية، فإن هناك نحو 144 مليار ريال سنويا ستتوافر داخل المملكة، وسيستفيد منها نحو 200 ألف أسرة متوسطة فقيرة بمعدل اثنتين من كل أسرة ستعملان في هذه الأعمال.

وتساءل عضو مجلس الشورى السابق لمصلحة من يُعطل قرار تأنيث محال بيع المستلزمات النسائية؟ من هو المستفيد، ولماذا لا يكون منظورنا للقضية من باب الحرص على كرامة وحياة المرأة في شراء مستلزماتها، ولمصلحة من تُحرم 400 ألف امرأة من العمل في المكان اللائق الذي يحفظ لها خصوصيتها. وتابع: أن عدم تطبيق قرار تأثيث مراكز ومعارض ومنافذ بيع المستلزمات النسائية يعتبر استمرارا لخدش حياء المرأة ودفعها لمزيد من التعرض للتحرش الجنسي من قبل الرجال الباعة من الأجانب، وهم الأغلبية، ومن السعوديين وهم الأقلية.

من جانبه قال الدكتور علي دقاق، الخبير الاقتصادي: عندما ظهرت مشكلة البطالة بشكل قاسٍ، ظهرت الحلول الأخرى كـ "حافز" ومع ذلك لدينا وظائف جاهزة تخفف الضغط على الحكومة، مضيفا أن سبب تعطيل القرار هو تقاعس القطاع الخاص والجهات المختصة الحكومية كوزارة العمل أو وزارة التجارة. وأضاف الآن بدأت تتكاتف الجهود لتطبيق هذا القرار لحل مشكلة اقتصادية تتلخص في أن الرقم 500 ألف وظيفة نسائية، والسؤال هو: هل 500 ألف سعودية جاهزات للعمل في هذه الأماكن أم لا؟.. وهنا يتضح الفرق، لأنه يوجد لدينا 500 ألف عاطلة عن العمل، وهل هن جاهزات للانخراط في العمل؟.. فالمسألة تحتاج إلى إعادة تقييم والنظر فيها من جميع الجوانب، فمن ترغب بالعمل تخضع لدورة تدريبية لفن البيع والتسويق، وهذه أحد أسباب التعطيل وهي أسباب فنية ولو لم يعلن عنها. وتابع الدقاق: لو استطعنا أن نحقق الأولويات في هذا الموضوع، وهو البحث عن الأعمال التي لا تحتاج إلى المهارة كلغة إنجليزية كبيع الملبوسات الداخلية النسائية وغيرها يفترض أن تخضع للتدريب على رأس العمل، وبالتالي يكون هناك إحلال للعامل الأجنبي ووضع النساء في مكانه التي تستطيع أن تفهم طلبات ورغبات الزبونة.

وقال الدكتور خالد البسام، أستاذ الاقتصاد المشارك في جامعة الملك عبد العزيز: أولا البطالة لدى العنصر النسائي كبيرة مقارنة بالبطالة لدى الرجال هذا الإجراء المتوقع البدء فيه سيؤدي إلي تخفيف معدل البطالة لدى السيدات ومعدل البطالة بشكل عام في المملكة، كما أن توظيف السيدات في المحال يخفض من مستوى التحويلات إلى الخارج من السيولة المتوافرة للاقتصاد السعودي والدخول التي ستحصل عليها السيدات سيستهلك جزء كبير منها يذهب للاستهلاك الشخصي وجزء للادخار مما سيولد ذلك قيمة مضافة مهمة للاقتصاد السعودي. وبيّن البسام أن تعطيل القرار لمدة ثمانية أعوام كبّد الاقتصاد السعودي خسائر كبيرة وإقراره والبدء فعليا في تطبيقه سيؤدي إلى قيمة مضافة للاقتصاد السعودي.

من جهته، قال الدكتور فاروق الخطيب، أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز: إن تأخير تطبيق قرار تأنيث مستلزمات النساء خلال الفترة الماضية أدى بدوره إلى انعكاسات كبيرة، أهمها أن جميع هذه المحال تشغل حاليا بعمالة وافدة هؤلاء يحولون مبالغ كبيرة جدا وضخمة إلى خارج الوطن والوطن لم يستفد منها، وأعتقد أن الحزم في التطبيق خلال المرحلة المقبلة له انعكاسات إيجابية، أهمها مشاركة المرأة في بناء الوطن والتخفيف على الضغط الحاصل على طابور "حافز"، وتخفف من الدعم الحكومي للبرنامج.

ورسميا، أكدت وزارة العمل الحزم في تنفيذ القرار وإيقاف تراخيص المحال المخالفة، معتبرة ذلك هو الحل الوحيد لهذه المعضلة المزمنة، وأوضح لـ"الاقتصادية" حطاب العنزي، مدير عام العلاقات العامة والإعلام المتحدث الرسمي لوزارة العمل، أن الوزارة حددت العاشر من صفر المقبل موعدا لتطبيق قرار تأنيث المحال المتخصصة في بيع الملابس الداخلية النسائية منذ صدوره في تموز (يوليو) الماضي، كما حددت مهلة ستة أشهر لتطبيق قرار تأنيث المحال المتخصصة في بيع أدوات التجميل، مشيرا إلى أن المحال التي لا تلتزم بالقرار ستوقف الوزارة جميع الخدمات عنها.

وكانت وزارة العمل قد ألزمت، رسميا، جميع محال بيع المستلزمات النسائية (الملابس الداخلية، وأدوات التجميل) بتشغيل النساء، وإحلالهن مكان العمالة الوافدة، حيث توعدت الوزارة غير الملتزمين بتطبيق القرار في مدة أقصاها ستة أشهر تنتهي في العاشر من الشهر المقبل بوقف خدماتها عن تلك المنشآت بشكل نهائي، على أن يشمل القرار توظيف السعوديات وبناتهن من آباء غير سعوديين.

يذكر أن قضية تأنيث محال المستلزمات النسائية ظلت عالقة منذ نحو ثماني سنوات؛ إذ صدر قرار مجلس الوزراء برقم 120 وتاريخ 12/4/1425هـ، الذي نص على تطبيق هذا القرار سريعا لكن تم تعطيله تحت حجج متعددة.