هالة مصطفى:
محاكمة مبارك لها معنى رمزي وسياسي
هي محاكمة لعهد بأكمله لنظام سياسي سقط


هالة مصطفى: أستاذة العلوم السياسية

هدى إبراهيم - بي بي سي العربية

[align=justify]بدأت في القاهرة محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك ، في ظل أجواء ساخنة ومطالبات بمحاكمة سريعة، بينما يعاني القضاء المصري من ميراث سنوات مبارك. هالة مصطفى، رئيسة مجلة الديمقراطية في القاهرة، تحدثت عن معنى ورمزية انطلاق هذه المحاكمة.

[imgr]http://www.bbc.co.uk/worldservice/assets/images/2009/10/02/091002131728_hala226.jpg[/imgr]تبدأ محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك في ظل أجواء قضائية لم يكن فيها القضاء مستقلاً في المرحلة الماضية. كيف يمكن للقضاء المصري أن يعمل في ظل الظروف الراهنة حالياً، وهل سيكون هناك محاكمة فعلية للرئيس مبارك ؟

بداية، أعتقد أن محاكمة الرئيس تتخذ معنىً رمزياً وسياسياً مهماً، باعتبار أنها محاكمة لعهدٍ بأكمله للنظام السياسي الذي سقط.

بالتالي، بغض النظر عن التفاصيل الأخرى الجنائية أو المسؤولية المباشرة لرئيس الجمهورية في الأحداث الأخيرة، ستظل أهمية هذه المحاكمة في رمزها ومعناها.

أما مسألة استقلال القضاء، إن هذه المرحلة تمتاز بدور قوي للقضاء، بعكس ما كان الحال عليه في عهد الرئيس السابق.

لكن السؤال هو إلى أي مدى هو مستقل، إن لم تكن أدلة الثبوت ضد الرئيس السابق مبارك كافية.

هل يستطيع القضاء في ظل هذه السخونة السياسية والمطالبة الجماهيرية بالحكم على الرئيس السابق أن يكون حكمه مخففاً أو أن يكون حكماً بالبراءة مثلاً ؟ إنه سؤال سياسي بامتياز.

من وجهة نظري، المحاكمة لها معنى رمزي. إلى أين يمكن أن تذهب ؟ قد تستغرق وقتاً طويلاً. في النهاية هل لنا سابقة أولى من نوعها ؟ هل يمكن أن يدان الرئيس، فيتم سجنه على سبيل المثال ؟ هل يحكم عليه بعقوبة أشد قسوة من السجن ؟

إنها مسألة من الصعب جداً التكهن بها. الحالة الوحيدة التي شهدناها وهي خاصية جداً، هي حالة الرئيس السابق والراحل صدام حسين في العراق. لكن لا أعتقد أن هذه المحاكمة تقترب من الحالة المصرية.

ربما القضاء المصري يجد نفسه تحت ضغط الشارع الذي يطالب بمحاكمة سريعة. بينما، كما أسلفت، المحاكمة تحتاج إلى وقت وجمع الأدلة. كيف سيعمل القضاء المصري في ظل هذه السخونة التي ذكرت، وفي ظل المطالب الملحة للشعب ؟

إجراءات المحاكمة قد تهدئ ربما من الشارع المصري، خاصة أنها سترسل إشارة أو رسالة إلى أن هذه المسألة تؤخذ بجدية كاملة من المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد الآن.

أما السرعة فلا أعتقد أنه حتى المجلس العسكري يستطيع أن يتحكم فيها، لأنها ليست بالقضية السهلة ولا بالقضية التي يمكن أن يُفصَل فيها من الناحية القانونية.

من الناحية السياسية، نحن نعلم أنّ هذه السرعة لكي تتم، هناك محاكمات وقوانين استثنائية. وقد تم استخدام ذلك في مصر في الماضي في أكثر من مرة بعد ثورة 1952. وحدث ذلك أيضاً في عهد الرئيس الراحل أنور السادات في الثمانينات.

فالمحاكمات السريعة هي محاكمات سياسية بالدرجة الأولى، وتتم وفق قواعد وقوانين استثنائية.

ما يتردد اليوم في مصر أنّ هناك قانوناً يسمى قانون الغدر. لم يكن معمولاً به إنما استخدم في هذه الفترة. وهو يعتبر قانون استثنائي، يتم فيه تجريم الشخص الذي يخون مبادئ الجمهورية.

وضع قانون الغدر بعد ثورة 1952. وقد يتم اللجوء إليه أو التعامل من خلاله في قضية الرئيس السابق محمد حسني مبارك.

لكن هذا القانون لم يُستخدَم طوال السنوات والعقود الماضية. ومن الممكن أن يشكّل مخرجاً للمحاكمة السياسية وليس المحاكمة الجنائية.

إن محاكمة الرئيس مبارك هي سياسية، لأنها محاكمة عهد بأكمله. كان عهداً ظالماً مستبداً. كثير من المصريين يشعرون بالظلم وبأشياء أخرى كثيرة جداً.

لكن عامل السن الآن يلعب دوراً عند شريحة من المصريين الذين يرون أن مبارك قد تجاوز الثمانين من العمر. وأنه من الناحية الإنسانية من الصعب خضوعه لمحاكمة، خاصة أن هناك مَن يقول أن حالته الصحية متدهورة. وقد يتم نقله إلى قاعة المحكمة على كرسي متحرك. هذا ما يسبب تعاطفاً لدى قطاع من المصريين.[/align]