ياهلا بالحبيب : الرائد7
السلام عليكم
عدنا ويبدو بأنني تأخرت كثيرا..

منذ وقت قديم والخلفاء وخصوصا المتأخرين من بني العباس كانوا قد استمرأوا بعض المنكرات وشاع بينهم المجون والفسق إلى حد قد تبالغ فيه بعض كتب السير, والبعض الآخر قد شوه حقيقة بعضهم, وأيا كان فالتاريخ يشهد بوجود فترة من المجون والترف في آواخر حياة بني العباس وما بعد ذلك من تاريخ الخلافة الإسلامية.

وإذا أردنا توسيع الدائرة قليلا, فإنه يندر أن يتولى أحد سلطة عبر التاريخ إلا ويكون له رصيد من ترف الولاة والخلفاء والسلاطين.. ويختلف كل واحد بحسبه وحسب تقواه.

وقراءة دقيقة في سجلات التاريخ الواسع, نجد أن كثيرا ممن كانوا أعوان أو وزراء أو مستشارين للولاة, كانوا يمارونهم على باطلهم وضلالهم لأغراض شتى..
فتارة حبا في المجون والترف والدعة, وتارة حبا لإثارة الفتنة وشق عصا المسلمين, وثالثة لأجل إسقاط الخلافة والولاية ليأخذها من أرادوا له ذلك.. ومواقف السير والتراجم تذكر من هذا وذاك أشياء لاتخفى.

إذا هي فتنة, وقد كان السلف الصالح رحمهم الله يجتنبون بلاط السلاطين والولاة خوفا من فتنتهم, وإيثارا للسلامة من شرهم, غير أن جملة من أؤلئك العلماء الأجلاء رأوا أن البعد التام فيه مفسدة للأمة أكثر من مفسدة ذواتهم, فكان لهم اليد الطولى في ردع كثير مما كان عليه الولاة في عصرهم, يأتي من أشهرهم وأبرزهم الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية والعز بن عبدالسلام والأوزاعي وغيرهم كثير..

وحينما قل العلم وكثر الجهل استبد بالولاة أهل باطل قد لايهمهم أمر الإصلاح والإفساد بقدر مايهمهم وجودهم في مكانهم, والحصول على حبوات الولاة وعطاياهم, دون النظر إلى أن من واجبهم الشرعي بحكم قربهم النصيحة.
وقد قال عليه الصلاة والسلام " الدين النصيحة ثلاثا.. قلنا لمن يارسول الله ؟ قال : لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم" .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذا هو الذي ينيرنا فيه أمثالك أخي أبو إبراهيم ، فنحن في الأخير وهم بشر نصيب ونخطئ لانغلو فيهم ولا نتهمهم بما لم يقترفوا ، وسنجد أن الحدث الواحد له أكثر من قراءة

وقد ابتلينا مؤخرا بأقوام ظنوا أو أرادوا ذلك لحاجة في نفوسهم, أن نصح الولاة إنما هو طعن فيهم وفي تمسكهم بدينهم, وأن من ينصحهم وكأنه يظن بهم السوء.. فصار كل ناصح ومحب يواجه بكيل من التهم وأنه يريد الإفساد وشق عصا الطاعة, وغير ذلك وحادثة توسعة المسعى الجديد خير شاهد.
والبعض يظن نفسه المتحدث الرسمي التطبيل والنفخ ، فمرة تراهم يغالون في المدح وألا يتكلم أحد وإلا فهو يطعن في ولاة الأمر وفي التاريخ المعصوم للأمة ، ومرة تراهم يغالون في ذم ولاة الأمر وينعتوهم بالسقوط ، وهناك أناس جاهزون لتكييف أنفسهم مع قرارات الدولة ، عندما تغي الدولة قرارها تجدهم يغيرون هم موقفهم دون حاء إلا ليتماشوا مع ذلك دون قناعة واستقلالية واحترام للذات والآخرين

فحينما اعترض - ولايزال - أغلب أعضاء هيئة كبار العلماء على هذه التوسعة خرجت أصوات تنادي بأن العلماء يريدون الإفساد والإفتيات على ولي الأمر, وخرجت دعاوى وأمور بل وكانت عبر الصحف والمنتديات تصفية حسابات.. لاتزال آثارها لليوم, ومع كل قضية وحادثة تتجدد لغة الصراع.
هناك ولاشك حرب شعواء بين الليبراليين والعلمانيين وقدماء غلاة التدين الذين انقلبوا إلى غلو مناقض من جهة وبين بعض المشائخ وبعض ينظر إلى الأمر باعتبار الميزان هو الكتاب والسنة

لذا أعتقد أنه يجب أن تتغير لدى البعض فكرة أن النصيحة لاتعني أبدا, شق عصا الطاعة و تقليلا من شأن أحد بل هي جزء من الدين وأس من أساسه.
ياليت بعض قومي يفهمون

وهنا يجب على العلماء أن تكون زياراتهم متواصلة مع الولاة وأن يقتربوا منهم أكثر رغم ماقد يصاحب ذلك من نوع من المداهنة على ما يرون, لكن لتحقيق مصلحة أعظم للأمة..

فالعلماء هم قادة السفينة وضياعهم أو سقوطهم سقوط للأمة قاطبة فلا أحد زكاه الله واتضاه على وجه الأرض بعد الأنبياء إلا العلماء الربانيون..
بالضبط فإما يتكلم العالم بالحق وإلا فالسكوت سيكون من ذهب ، والنصح المتوازن المؤدب هو مايجب أن يتحلى به العلماء الربانييون دون خوف إلا من الله وحده

أسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه, وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
اللهم آمين

أشكر لك ردك المتوازن والعاقل والذي ذهب للفكرة والمراد ، ويا لحظنا الطيب بوجود أمثالك في حاتنا أيها الرائد7