السلام عليكم


يا الله ..
هذا رمضان ، يمضي شطر الغياب ، بصوتٍ مخنوقٍ ..
شطران يتطهران من ذنوب أمةٍ مهزومة ، وعبيد مقصرون ، وشطر أخير يرسمُ ، أجمل لوحاتِ الرحمة ، والمغفرة والعتق من النار
وهنا وهناك صوتُ الآياتٍ يعلو من جميع الفجاج كي تشرق الأرض بنورك ، ويلوّح المغيبُ بنور كلماتِك – يا الله - تتلى آناء الرحيل
ولا يقرع سمعنا سوى صوتُ بلبلٍ خلقته ، وخلقتَ صوته من جنتك يرتل: ” رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ “
يبيكنا ماهر الصوت ، ماهر التلاوة “ماهر” !!
يشجينا ، وأنا أصرخُ بملءِ الصوت :
كل الأشياء تمكث ، وتمكث ، ثم ترحل ..
إلا أنتَ يا رمضان ..
تظل ترحل ترحل ترحل !!


يا الله ..
أدركني .. إني أفقد حبل رحمتك الممدود ..
رمضان ، ممحاةُ الذنوب .. طامسُ الخطايا .. مطفئ نيران الشيطان .. مزيل روائح التفريط في جنبك ..
أخافُ خسارة الذنب المغفور ، والخطيئة الممحوة ، والعتق الأبدي من النار


قبل قليلٍ ، كنتَ قريباً جداً مني ، ومن إخوتي
دنوت كما تفعل كل ليلةٍ لتسمع منا دعواتنا الهامسة الخجولة التي نستحي أن نرفع أصواتنا بها
بكينا حين أدركنا بأننا ندعو ، وأنتَ أقرب ما تكون منا : امنحنا الماء ، امنحنا المطر
ونحن نعلم أنك كريمٌ كريمٌ أوحيت لنا أنّ الطاعة تجلب المطر ، والخطيئة تمنعه !!
ألسنتنا مجدبة – يا الله –
ودهشة الرحيل المر تخرسها ، ويكأننا نريد أن نقول: سامحنا ..
فلأنتَ الرؤوف الرحيم !
العبادُ المفرطون وحدهم ، يعرفون طعم هذا الوداع
حين ذاقوه أول مرة بكوا ، فمنهم من أحرقته أدمعه كثيراً ، ومنهم من لم تفعل
ومنهم من استراح !


صامتة هي أجراس الرحيل ..
لا تأتي صارخة / صاخبة ، تجر خلفها إنذار النهاية !
هي ثعبانية المجيء ، خلسة تتسلل أمام أعيننا لتفجعنا ، وهي ثعبانية الرحيل ، حين ترحل تلدغ بالسم قلوباً غافلة !


يا الله ..
تذبل كلُ الورد ، لتتفتح أزهار أخرى من جديد ..
إلا أنتَ يا رمضان ، خلقت وردة ذابلة .. كلما رحلت مات أناس ، ومرض آخرون ..



بقلم أخي وصديقي العزيز / وليد الحارثي