شحذ الهمة في رمضان.. لمن أراد الجنة! (1)
علي مختار محفوظ

الحمد لله الذي فضّل بعض الأيام على بعض، وفضّل بعض الشهور على بعض، وفضّل بعض الليالي على بعض، ثم أرشدنا ودلّنا على هذه الفضائل لا لشيء، إلا لتمام الاستعداد، وكمال الترحاب؛ ولاغتنام هذه الأوقات لنيل العفو والغفران، فقد فضّل الله سبحانه وتعالى شهر رمضان على سائر الشهور؛ لنستثمر هذا الموسم العظيم للتقرب إلى الله تعالى فيه بأنواع الطاعات؛ لننال مغفرة الذنوب ورفع الدرجات ومضاعفة الحسنات.
وكان السلف الصالح يعتنون فيه بالطاعة، ويتفرغون في معظمه لقراءة القرآن والعبادة؛ لأنهم عرفوا خصائصه الكثيرة وفضائله العديدة، ولأنهم عظموا الرب سبحانه وتعالى، وعلموا أن الدنيا فانية والعمر قصير، فالعمل الصالح هو النافع، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
حسن التهيئة و قوة الاستعداد:
وشهر رمضان ضيف عزيز وشهر كريم، يأتي مرة واحدة في العام، فينبغي أن نحسن استقباله بمزيد من الجهد والترحاب والاهتمام، والاستعداد له بتهيئة الجوارح وتقويتها لتقبل المزيد من العمل، والتشمير عن ساعد الجد والاجتهاد، ويكون ذلك: بالاستعداد بفعل الطاعات، وتدريب النفس عليها والتسابق في الخيرات، ومجاهدة النفس، وإلزامها بالصبر على الطاعة.

ولكي تتحمس النفس لفعل الطاعات والبعد عن المعاصي والمنكرات؛ لا بد من تذكيرها بالثواب الجزيل المترتب على فعل هذه الأعمال، مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم:" من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" وأيضا:" من قامرمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". وأيضا:" من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".
و تتحمس النفس أيضا بجعلها تشتاق لجنة الرضوان، وتسير في طريق أهلها، فتتمسك بالاستقامة، وتخاف مقام الله، وتبتعد عن اتباع الهوى، مع تخويف النفس من لهيب النار، وإبعادها عن طريق الغواية والطغيان، وعدم نسيان الآخرة، وتفضيل الدنيا عليها حتى تبتعد عن طريق أهل النار.

ومما ورد في الأثر عن ذلك:
أن رجلاً مات شهيداً، ثم مات بعده رجل آخر بسنة، فسبقه إلى الجنة. فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: "لعله شهد رمضان". فهلا نستثمر هذه الفرصة؟ ونكثر من الاجتهاد فيه، بفعل الطاعات والمسارعة للخيرات، وترك المحذورات والبعد عن المنكرات، فقد قارب حلوله علينا ضيفاً مباركاً، ووافداً كريماً، فاستقبلوه بالغبطة والسرور، واشكروا الله إذا بلغكم إياه، واسألوه أن يعيننا على صيامه، ويوفقنا لقيامه، والإكثار من العمل الصالح فيه، ونسأله سبحانه وتعالى القبول.