السلام عليكم
سنخرج هنا من مناقشة جواز أو عدم جواز توسعة المسعى بين الصفا والمروة، لأن أموراً انبثقت من الخلاف عبر الإعلام قد أماطت لنا اللثام عما هو أخطر من قضية فقهية يتنازع فيها الناس ويختلف فيها العلماء، إذ إن ما رشح من ثنايا الحدث ينبئ بقادم غير مرغوب، ويؤذن بحالة من الاضطراب وفقدان البوصلة، وهو انفراج في غير محله، وانفتاح متوهم.
تناول الإعلام أزعجنا حقيقة، لا نقول ـ مكررين ـ في مسألة خلاف علمي وفقهي لا يبارح حيز الخلاف المعتبر، وإنما في قضية لا تدعو إلى الارتياح، حينما تطلق مثلاً صحيفة سعودية لنفسها العنان لتسأل جملة من مراجع وشيوخ الشيعة عن قضية المسعى وتقدم آراءهم على آراء علماء السنة، حتى أولئك الموافقين على مسألة التوسعة؛ فتعطي لهؤلاء حجماً يسعون إليه وجاءهم على مائدة فضة؛ ليتحدثوا عن قضية نعرف فيها رأيهم السياسي قبل الشرعي، ولا يراهم أهل هذا البلد ولا غيره من بلداننا الإسلامية العريضة في محل الإفتاء أو الاعتبار، وهم يعتمدون مبدأ التقية الذي يمكنهم من اللف والدوران، والإظهار والإبطان بشكل متعارض.
لدينا من اتساع الصدر ـ ومن المبادئ والقيم الإسلامية من قبل ـ ما يمكننا من الاستماع مقدرين لكل فتوى تأخذ باعتبارها الدليل، وتصدر عن عالم جليل، ولكن هذا الاتساع يضيق باتجاه من بأيديهم دماء إخواننا في العراق وأفغانستان ويمتطون كل دابة توصلهم لتحقيق أهدافهم السياسية الدنيئة.
وهل عقمت النساء أن تلد عالماً ربانياً يجل صحابة ويحترمهم ويحب أمهات المؤمنين، لنهرع إلى خامنئي وفضل الله والشيرازي وغيرهم نسألهم فيما يجوز وما لا يجوز في أمر شعائر ديننا؟!
وهل يدرك الذين خفوا للسؤال عن المسعى من هذا أو ذاك، وبعدت عليهم الشقة في تلك المسألة عن علماء الأمة في سائر بلدان العالم الإسلامي، ومجامعه الفقهية الثرية الغراء، أنهم ينقبون في جدار صلب لَكم رنا إلى هدمه أعداؤنا؟!
أتراهم حين خفوا إلى سؤال من يبغون تدويل منطقة المشاعر المقدسة ووضع قدم لهم في أرض الحجاز كانوا يدركون مغبة ما يقترفون؟! أتراهم فطنوا إلى هذا التمهيد الذي بيدهم بدؤوه لإسالة لعاب الطامعين والمغرضين، أم أنهم أرادوا الإيحاء بأن هؤلاء رواد الانفتاح المرغوب وأنهم حماة التطوير ودعاة التيسير بخلاف علمائنا "الرجعيين"؟!!
أهم قد نهضوا مخدوعين بسذاجة تريد أن تحشد كل رأي يؤيد ما ذهبوا إليه أم تخادعوا مطمئنين إلى غفلة منا وسكوت من القراء والبسطاء؟!
كم شاهدنا من خرائط يرسمونها للحجاز لهم فيها ضلع ومكان، وكم سمعنا إلى المخلصين من العلماء يحذرون، وكم لمسنا تسللاً حثيثاً لا يرجو لهذه الأمة إلى كل فرقة وانقسام؛ فلِمَ يستبيح البعض لنفسه أن يكون درجاً يصل به غيره إلى مطمعه، ولم الغفلة والتغافل، ولم الجهل والتجاهل؟!
إننا نطمح في أن يكون الخرق في وسائل إعلامنا بما يسمح يوماً برقعه، ونطمع في أن يحفظ هؤلاء لعلماء الأمة مقامهم سواء أكانوا من أصحاب الرأي هذا أو ذاك، ويحدونا أمل في أن نناقش مستجدات حوادثنا وفقهها بقلب مفتوح وعقل ناضج من دون ضجيج أو تجيير، ونصل إلى آراء موحدة عبر المجامع الكبرى المعتمدة في العالم الإسلامي، ولا ننضج لحمنا في قِدر غيرنا.


أترك لكم التعليق.. لندرك أن وراء الأكمة ما ورائها..
إنها الدعوة الواضحة والصريحة لهدم مابقي من تعظيم علمائنا ودعاتنا الأجلاء على أيدي المتطاولين واللابسين ثياب الزور ولاحول ولاقوة إلا بالله..