في الثمانينات الهجرية لم يكن متوفر لنا من وسائل الإعلام إلا الصحف والمجلات
كنا شبابا مراهقين ولكننا كنا نتمتع بوعي ثقافي رفيع يستحيل أن تجده لدى من يماثلوننا سنا في هذا الزمن حيث كان التعليم يركز إلى جانب القرآن الكريم والفقه على الإملاء ويشدد عليه فقد كنا نجيد الإملاء كطلبة من الصف الثالث ابتدائي

كان عددنا يتراوح مابين العشرين إلى خمسة وعشرون شابا نجتمع بعد صلاة العشاء أمام دكان أبو هاشم المقابل لأبو مخروق في شارع الستين في الملز أو في منزل زميلنا سليمان رحمه الله وكنا نناقش حديث الساعة الإجتماعي آنذاك

فقد كان حديث المجتمع المثقف ولسنا منهم ولكننا مجرد فضوليين متطفلين لنستفيد من المناظرات التاريخية واللغوية الأدبية بين شيخنا الجليل الراحل
حمد الجاسر


رحمه الله وخصمه الأدبي الراحل أيضا والله نسيت إسمه هل هو السباعي أو الأنصاري
ولكن إسمه ضاع من ذاكرتي في ظل تربع شيخنا الجاسر رحمه الله في الذاكرة لماله من طول باع وبراعة نادرة في علم الأنساب والتاريخ ما نسأل الله أن يثيبه عليه كل خير

كان محور المناظرة أو المساجلات الأدبية الراقية بين الأديبين يتمحور حول كلمة
(( جــده ))تاريخيا ولغويا فمن حيث التاريخ ضرب الإثنان رحمهما الله تعالى في أعماقه بعيدا بعيدا وخصوصا الجاسر

أما من الناحية اللغوية والمرتبطة بالتاريخ أيضا فكان الخلاف والمساجلة بين الإثنان بالغ السخونة حول جدة وهل هي تنطق وتشكل
جُــــــــــده

أو
جِـــــــــــــده


وقد استمرت هذه الماظرات الأسبوعية زمنا غير قصير عبر صحيفة المدينة التي لاقت رواجا وسعة في التوزيع بل وعجزت عن تغطية السوق من كثرة الطلب عليها في ظل احتدام الحوار بين الأديبين الكبيرين من جهة ومن جهة أخرى تواضع الإمكانات الفنية والآلية في ذاك الزمن فكنا نذهب إلى المكتبات لحجز نسخنا من الجريدة بنظام الإستحواذ حتى اضطررنا للإشتراك السنوي الذي لم نكن في حاجته

ليلة البارحة انفتحت الذاكرة على نفسها وأنا أتذكر شيخنا الجليل حمد الجاسر ولم تخلو الذاكرة من الشاعر والأديب الأريب الشيخ عبد بن خميس وفي جوانب كثيرة من الذاكرة بيت شعر لم يأكله صدى الزمن في جدار الذاكرة لعبد الله بن ادريس

إن الدنيا أذؤبا وأسودا – فإن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب
ولكني أراها في زمننا هذا وفي الشطر الثاني إن لم تكن
ذئبا أكلتك الكلاب

في ظل هذه الذكريات طاب لي أن أسمي عنوانها صور من حقيبة الذكريات وهي للأمانة ليست قصرا على ذكرياتي الشخصية وحسب بل آمل ومن كل قلبي أن تكون حقيبة الذكريات لجيع الإخوة والأخوات الأعضاء

افتحوا صدوركم وقلوبكم من خلال حقيبة الذكريات واكتبوا ذكرياتكم حتى باللغة العامية فلعلها تكون أبلغ تصويرا وأصدق تأثيرا
وبالمناسبة أود أن أعبر عن بالغ تقديري واحترامي
لمشرفتنا القديرة أم عمارة التي قربتنا إليها كثيرا من خلال إبداعها في طرح جانب من سيرة والدها رحمه الله حيث تعرفنا إلى الجوانب الإنسانية والأخلاقية في شخصية والدها وقيمه ومثله التي هي قيم ومثل مشرفتنا الفاضله