أم نجم كما كانت تكنى رحمها الله تعالى سيدة عادية جدا وربة بيت من الطراز الأول وطباخة ماهرة جدا خصوصا في المحاشي كانت تفضل أن تعجن عجينتها بيديها وتخبز خبزها بنفسها حيث تصنع منه العريكة معروكة بالسمن البري والعسل لتقدمه فطورا شهيا لزوجها وأطفالها امرأة عفوية شديدة الطيبة حد السذاجة ولكنها تتمتع بروح مرحة جدا
ومن المواقف الطريفة في حياتها أنها شاهدت ذات يوم عقربا فارتعبت منها ولكنها استجمعت شجاعتها فرمت فوقها طشتا وذهبت تجري إلى زوجها ليقتل العقرب فجاء راكضا ومعه فرقة الكوماندوس المكونة من نجم وتوأمه أم عبد الله وعبد الله رحمه الله فسألها زوجها وأبنائها أين العقرب ؟؟
فأشارت إلى الطشت فرفع زوجها الطشت ولم يجد تحته شيئا ويبدو أن العقرب سئمت الإنتظار فمضت في حال سبيلها بكل هدؤ
كانت خلافاتها مع زوجها ذات نكهة خاصة بالنسبة لأبنائهما الذين يستمتعون بأحداث هذه الخلافات كما لو كانت مسرحيات كومدية تبداء وتنتهي بالضحك كان أبو نجم نحيلا بينما أم نجم تمتاز عليه بجسم ممتليء بعض الشيء ولكنها تستطيع أحيانا ردع أبو نجم وفي إحدى معاركهما احتدم النقاش والتلاسن ثم تطورإلى تعارك واشتباك بالأيدي وحين حمي وطيس المعركة وشعر أبو نجم أنه مهزوم لامحالة بسبب نفاد لياقته البدنية وتقطع أنفاسه نتيجة شربه للدخان بشراهة إلى جانب فارق السن والوزن بينه وبين زوجته النمرة الشرسة
( الموت الموت ولا العار )
وهنا أ لهبت الذكريات والشجاعة مخيلة أبو نجم وهو يتذكر زمن الجنبية والبندقية فسارع إلى بندقيته وأطلق عيار ناريا في الهواء من فوق رأس أم نجم التي ولت هاربة إلى داخل البيت فيما وقف أبونجم مزهوا بنصره الذي ظن أنه وضع حدا لجرأة أم نجم التي لم تمهله للتمتع بنصره الزائف فخرجت من المطبخ منطلقة بأقصى سرعتها وهي تزبد وترعد كأنها عربة نصف مجنزرة وحين لمحها أبو نجم
وهي تلوح بالساطور في يدها اليسرى وكانت شولاء رمى بندقيته وأطلق ساقيه للريح هاربا يدور حول البيت
وهي من خلفه ولكنها باغتته بدوران معاكس فأمسكت به ولكنها ألقت بالساطور بعيدا وأخذت تضربه بقبضتها بين كتفيه وهي تبكي بينما تتعالى ضحكات أبنائهما وتنتهي المعركة بالعناق والضحك
كانت خلافاتهما وخصوماتهما تبداء بسرعة وتنتهي بنفس السرعة وفي منتصف اليوم نفسه ربما بسبب عزلة بيتهما عن الناس حيث كان أبو نجم يعمل حارسا على خزان المياه الضخم الذي يقع جنوب شرقي عتيقه
وجنوب غرب منفوحة القديمة وشمال غرب اليمامه ولم تكن هناك منازل أو سكان قريبين من الخزان
كما هو الحال الآن فقد كانت هناك مساحات شاسعة تحيط بالخزان من كل الجهات التي كانت مراع جيدة ترعى فيها أغنام الأسرة على يد نجم برفقة ثلاثة من الكلاب المدربة للرعي والحمايه
فإلى جانب رعي الأغنام كان نجم يستمتع بنصب الفخاخ لصيد بعض الطيور الصغيرة والمتوسطه بعد عودته من المدرسة مع حماره أو بدونه الذي يعطي نفسه إجازة حسب مزاجه الحمايري يتناول نجم غدائه على بعض مايصطاده من الطيور شيا على النار مع قيلولة قصيرة في مغارة تقع شرق الخزان وتطل على سهول
ومزارع اليمامة وأحيانا تحت ظل شجرة أو مبنى منور مراقبة من المباني الأثرية ويقضي بعض الوقت للمذاكرة وكان مولعا بالقراْة فكان يقتني ما يناسب سنه وإدراكه من الكتب ومنها على سبيل المثال ألف ليلة وليلة
وكليلة ودمنة للصغار وسلسلة اللص الظريف أرسين لوبين الخيالية للمؤلف الفرنسي موريس لبلان
يتبع
مواقع النشر