سلطان الطولاني - اليوم : وصف مهندسون معماريون الوحدات السكنية (
الدبلوكسات) بالمنطقة الشرقية بأنها صندوق مربع يخلو من أي تشكيلات جمالية هندسية ابداعية في المظهرين الخارجي والداخلي ولا يتناسب مع حاجة الأسر السعودية.
الدبلوكسات لم تعد تخدم حاجة المستهلك الحقيقية للمسكن (اليوم)
وقال رئيس الهيئة السعودية للمهندسين المهندس حمد الشقاوي إن المجتمع السعودي لا يملك ثقافة الحرص على الخدمة الهندسية والحصول عليها حتى وإن كان سعرها مرتفعًا. وأضاف الشقاوي التصيميم من الأمور الأساسية في البناء، فهناك فرق بين فيلا صممت بـ50 ألف ريال لتكون على مستوى راق يناسب حاجة الأسرة ويستمر لمدة طويلة، وأخرى صممت بـ10 آلاف ريال، ولكنها لا تملك أي مواصفات وإنما بنيت لغرض التجارة. وأكد «حاليًا لا يوجد تصاميم معمارية جيدة وإنما مجرد تصفيف غرف في جانب بعضها، ففي النهاية يخرج لدينا منتج هندسي ضعيف بعكس مشاريع شركتي أرامكو وسابك والهيئة الملكية بالجبيل التي لا تزال تقدم أحياء تصميمها حضري وبمواصفات عالية بسبب أنها تدفع كثيرًا مقابل التصاميم والتنفيذ».
وأشار الشقاوي إلى أن المخطط الهندسي يقوم بتوصيف وتحديد نوع كل ما يدخل في البناء حتى الأبواب ويكون له رسومات هندسية بكراسة الكميات والمواصفات، ولكنه لا يوجد لدينا سواء كان على مستوى مشاريع الدولة أو الأفراد.
مهنة من لا مهنة له
وبالنسبة لتكرار التصاميم في أحياء مختلفة بالمنطقة، أكد الشقاوي أن هذا أمر طبيعي لأن بعض العقاريين يبحثون عن الربح ويتبعون قاعدة (جود السوق ولا جود البضاعة) فهم يستغلون فرصة الطلب المرتفع على المساكن، والفوضى التي يعيشها سوق العقار بالمملكة بدليل أنه لا توجد اشتراطات عمل من قبل الجهات المختصة على العقاريين كالاشتراطات المقررة على المكاتب الهندسية وهي أن يكون أصحابها مهندسين والمقاولات أن تحصل على سجل تجاري وإثبات رأس المال، فالعقار وبناء الوحدات مهنة من لا مهنة له.
وأوضح أن سوق الوحدات السكنية لا يخضع لقوانين وأنظمة ولا يمثل قطاعًا صناعيًا أو تجاريًا ولا يتبع وزارة التجارة أو الشؤون البلدية والقروية حتى هذه اللحظة، فأي فرد أو تاجر يستطيع أن يبني فيلا ويبيعها بدون منع أو مراقبة تحتم على المالك الكشف عن التصميم والمكاتب الاستشارية التي تعامل معها والمواصفات التي اتبعها، فالبضائع التي تستورد من الخارج لا تدخل إلى أسواق المملكة إلا بعد فحصها من الجمارك وهيئة المواصفات والمقاييس والتأكد من شهادة المنشأ.
وأشار الشقاوي إلى أنه يجب تنظيم قطاع العقار بالمملكة وتحويله إلى صناعة إنشاء خاضعة لأنظمة تحفظ حقوق جميع الأطراف وتتابع تصاميم الوحدات والكشف عن نوعية الضمانات المقدمة.
بحث عن الربحية
وأوضح المهندس المعماري فواز الطالب أنه رغم وجود حلول هندسية شاملة ومطورة معماريًا إلا أن أغلب تجار العقار يبحثون إلى وقتنا الراهن عن الربحية فقط، متغاضيين عن الجودة وأن لهم تأثير ويد في التطوير والطابع العمراني بالمنطقة، ولهذا نلاحظ في سوق العقار القائم حاليًا تكرار بالمساقط الأفقية والواجهات المعمارية لتوفير قيمة المخططات والتنفيذ وهو تكرار أعمى يعكس الضعف المعماري والتخطيطي للمنطقة.
وقال الطالب» عند الرجوع لهذه المخططات نلاحظ هدرًا في المساحات القائمة ووجود كثير من الدوبلكسات التي تحتوي على المناور الميتة والمساحات الضيقة بالنسبة للخدمة التي رصدت لها، وعند التقصي من أحد العقاريين عن سبب التكرار لتلك الدوبلكسات بالرغم من وجود مشاكل عدة في التصميم يكون رده في الأغلب (صممت نفس الدوبلكسات فيما قبل وتم بيعها بسرعة قياسية) ولو تم دراسة الموضوع بشكل متطور وباستشارة هندسية من أصحاب الخبرة في هذا الباع، لتأكد المطور العقاري بأنه لو عدل وطور هذا الدوبلكس فسيعود عليه بالفائدة الكبيرة من جميع النواحي»، مضيفًا انه على المستخدم توفير جميع الخدمات الوظيفية بالشكل الأمثل لاستخدامها علمًا أن حجم المسكن وعدد عناصره ومساحته يجب أن ترتبط بالاحتياج الوظيفي الحقيقي لأفراد الأسرة وحسب طريقة استخدام الفراغات وأسلوب تأثيثها من واقع المقاييس المعمارية المعتمدة.
وأشار إلى أن الإهدار في الدوبلكسات ينقسم لأمرين رئيسيين الأول إهدار مادي يتراوح ما بين 20–35 بالمائة حسب القيمة المعروضة للوحدة وموقعها وقيمة الأرض بالنسبة للبناء، والآخر إهدار في الفراغات الداخلية تختلف حسب نوعها وهي كثيرة ومنوعة مثل الوحدات الملتصقة من جهة واحدة أو من جهتين، وحسب الواضح حاليًا تتراوح نسبة الإهدار بها ما بين 30-40 بالمائة وهي نسبة تعتبر قليلة في دراسات أخرى، ولكن بالنسبة للمساحة المحدودة مثل الدوبلكسات تعتبر هدر كبير وغير مستغل وظيفيًا، ولهذا يلاحظ بأن أكثر الملاك بعد امتلاكه لهذا النوع من الوحدات يتجه لتكسير بعض الفراغات لكي تلائم احتياجاته.
وأوضح الطالب أنه يجب الالتزام بخطط واضحة تعتمد على التخطيط العمراني وتوفير فروع للخدمات العامة أولًا من قبل البلديات لتخفف الضغط على المراكز الرئيسية لهذه الفروع، وربط التنفيذ بكود البناء والاستفادة من الخبرات الكبيرة التي تمتلكها بعض الشركات والهيئات الحكومية في توفير أحياء أثبتت أنها نموذجية وملائمة للمجتمع السعودي.
وقال الخبير العقاري الدكتور علي بو خمسين بخصوص تأثير المخرجات العقارية النمطية الشكل والموحدة بالمضمون التي نشاهدها في مختلف الاحياء والمناطق السكنية الجديدة، تجسد عمليًا تردي المستوى في مخرجات شركات الاستثمار العقاري في الغالب إلا ما خرج بالدليل،
وهو نادر جدًا وإن كان في الاغلب الاعم ما يقدمه المستثمرون العقاريون الأفراد هو أسوأ مما تقدمه شركات الاستثمار العقاري وهنا التقييم لا ينحصر فقط في موضوع الأثر السلبي الذي ينتجه انتشار نموذج صندوق مربع خالٍ من أي تشكيلات جمالية أو هندسية ابداعية في المظهر الخارجي للوحدة السكنية (
الدبلكس) وبجانب أن هذا الامر لا يقدم أي إضافة جمالية لأحيائنا السكنية الجديدة بل هو يشوهها واقعًا بانتشار عشرات الوحدات السكنية بنفس الطراز وحتى اللون فهذا الأمر لا يتماشى مع ارتفاع الاسعار الكبير ولا يتناسب مع متطلبات ملاك هذه الوحدات من الشباب الذين يتطلعون لامتلاك وحدة سكنية حديثة ومتميزة وهذا على مستوى الفرد.
وأضاف بو خمسين «على مستوى الضرر الاجتماعي فهناك اليوم حديث حول ما يسمى بالتيسير في عملية البناء وما يسمى بالبيوت الخضراء وصديقة البيئة وكلها تبتعد عما نراه في أحيائنا من وحدات سكنية ابتعاد المشرق عن المغرب فعلى من تقع المسئولية على المستثمر العقاري أو على المستهلك أم على البلدية التي تمنح تراخيص بناء وتوافق على هذه المساكن التي لا تخدم المواطن ولا تلبي تطلعاته وهي غير صديقة للبيئة وتهدر الموارد الطبيعية وتستهلك الطاقة ولا تقدم حتى أي اضافة جمالية فضلًا أنها حتما غير خضراء».
وقال «ردًا على من يعتقد بأن مثل هذه الأمور هي كماليات لا طائل منها وأنها سترفع التكلفة الاجمالية للوحدة السكنية فيجب ان يعلم أن الدول المتقدمة وبعض الدول القريبة أصبحت اليوم تلزم الجميع باتباع هذه الأسس الحديثة لأنها تخدم المواطن وتقدم له الأفضل من حيث مستوى الجودة بتكلفة معقولة وتخدم المجتمع بالحفاظ على مصادر الطاقة والبيئة وتعمر اطول وفي النهاية تعزز من مفهوم القيمة الحضارية للمدينة والحي».
تقليل التكاليف
وأوضح المطور العقاري حامد بن حمري أن المطور أو التاجر قد يبني 20 وحدة متشابهة في الشكل ولكنها تختلف في التصميم الداخلي من أجل تقليل التكاليف.
وعن التصاميم المتكررة في أحياء مختلفة، أوضح بن حمري أن ذلك يعتمد على شركات التطوير، فمن الصعب بناء وحدات سكنية مختلفة التصميم في مشروع واحد، وهناك مدن كاملة كلها متشابهة في التصميم ومواد البناء قامت ببنائها أجهزة هامة بالدولة مثل الهيئة الملكية بالجبيل.
وأكد أن الشكل الخارجي للفلل يقف على موافقة البلديات لأن التاجر أو المطور يقدم لها التصاميم قبل البناء للموافقة عليه.
مواقع النشر