عبد الله البصيلي الاقتصادية : انخفاض حجم التداولات في سوق الأسهم السعودية وافتقاد المعطيات الإيجابية التي تسمح باستقطاب سيولة جديدة يثيران المخاوف حول مستقبل السوق في الفترة المقبلة. أدى تراجع حجم التداولات في سوق الأسهم السعودية، وافتقادها المعطيات الإيجابية التي تسمح باستقطاب سيولة جديدة ومستثمرين يعملون على دعم أداء المؤشر وزيادة الثقة به، إلى إثارة المخاوف حول مستقبل السوق في الفترة المقبلة، في الوقت الذي أرجع فيه مستشار قانوني سبب ضعف التداولات إلى بعض التجاوزات القانونية التي قامت بها هيئة السوق المالية السعودية تجاه المستثمرين في سوق الأسهم وأدت إلى خروجهم من السوق.
601506_186651.jpg
عبر إلزام المخالفين بدفع الغرامات دون حكم قضائي أو المنع من التداول وحجز الأموال
حيث قال لـ "الاقتصادية" إبراهيم الناصري - المحامي والمستشار القانوني العام لهيئة السوق المالية السعودية السابق - إن تلك التجاوزات تمثلت في إلزام المضاربين المتهمين في مضاربات غير مشروعة، بالحضور للهيئة، ودفع الغرامات المالية بصورة فورية، دون الحصول على حكم قضائي، أوالتهديد بالمنع من السفر والتداول والحجز على أموالهم.
إبراهيم الناصري
وأضاف: "الهيئة أصبحت متشددة بشكل كبير أمام المضاربين، وهذا أدى إلى وجود حساسية كبيرة لديهم، حيث تمثل ذلك التشدد في اتصال الهيئة على المضاربين المتهمين بالمخالفات، وطلب حضورهم لمقر الهيئة، ومن ثم عرض المخالفات أمامهم، وإلزامهم على ضوء ذلك بدفع مبالغ كبيرة يزعم أنها أرباح حققوها من المخالفات".
وتابع: "يضطر المضارب أمام ذلك إلى دفع المبالغ المترتبة عليه جراء مخالفاته التي ذكرتها له الهيئة، وهذا إجراء غير قانوني، كما أنه خلق شعورا لدى المتداولين بأنهم غير محميين من قبل سلطة قضائية محايدة، تحد من تعسف هيئة السوق، وبالتالي هذه الإجراءات غير نظامية، ولا تتفق مع لوائح السوق المالية، والأعراف المستقرة، بالنظر إلى أنه لا يجوز مصادرة أي مبلغ من شخص إلا بناء على حكم قضائي".
وزاد: "هذا الأمر تسبب في هروب كثير من المضاربين من السوق على اعتبار أنه لا توجد ضمانات لأموالهم، وبالتالي يجب تعزيز الشعور لدى المتداولين والمستثمرين بأن حقوقهم محفوظة، وأنهم لن يطالبوا بأي مبالغ، أو عقوبات قد تطولهم إلا من خلال إجراءات قانونية سليمة تبدأ بالضبط والتحقيق، وتنتهي بمحاكمة عادلة".
وقال المحامي والمستشار القانوني العام لهيئة السوق المالية السعودية السابق: "بما أن الهيئة موكل لها تشكيل لجان في منازعات الأوراق المالية، وبما أن لديها الإمكانات المالية، فإنه يفترض أن تكون هناك لجان في جميع مناطق المملكة، بدلاً من لجنة واحدة فقط في الرياض، وأن ذلك سيضفي مزيدا من الثقة والطمأنينة لدى المستثمرين، وبالتالي يزيد من جاذبية السوق".
وفي سياق ذي صلة، طالب الناصري بضرورة تعديل سياسة الاكتتابات والإدراجات في سوق الأسهم السعودية، من حيث عدم إعاقة هيئة السوق المالية لها، وإتباع ما نصت عليه اللوائح التنظيمية والقانونية الخاصة بالسوق، وإتاحة "الإدراجات التلقائية من دون عوائق أو جدولة لأسباب غير قانونية".
وأشار إلى وجود نحو ألف شركة مساهمة مقفلة مستوفية الشروط، معظمها جاهز للدخول في السوق، لكن مع وجود تأخير من الهيئة في هذا الشأن، فإن مرحلة دخولها قد تتأخر طويلاً على حد قوله.
وأضاف: "الهيئة تتحكم في إدراج الشركات من حيث تحديد وقتها، وجدولتها، مع العلم أنه المفترض أن يكون اللاعبون الرئيسون في الإدراج: الشركة، المستشار المالي الذي يعد نشرة الإصدار، والسوق المالية (تداول)، وبالتالي تتم الإدراجات بصفة آلية ومنتظمة، وتحتفظ الهيئة بحق رفض الموافقة على نشرة الإصدار في حالات استثنائية، لكن يجب ألا يستخدم هذا الحق إلا في الحالات النادرة التي ترى فيها الهيئة أن الإدراج سيكون في غير مصلحة المستثمرين على نحو فادح، أو وجود خلل".
وتابع: "بناء على ذلك يجب تعديل فلسفة الاكتتاب والإدراج في سوق الأسهم السعودية، واتباع ما هو موجود في اللوائح والأنظمة، وإزالة أي عوائق، ويكون بالتالي المستشار المالي هو المسؤول أمام المستثمرين عن أي خلل أو نقص في نشرة الإصدار".
ورأى المستشار القانوني أن سياسة الإدراج وفقاً لأنظمة السوق، تقضي بألا تعلن هيئة السوق المالية عن الإدراجات، بحيث تكون مختفية تماماً إلا في الحالات الاستثنائية التي تستدعي ذلك.
واعتبر أن ظهورها من خلال الإعلانات وارتباط اسمها بالإدراجات الجديدة أعطى انطباعا بأن تلك الإدراجات تأخذ صفة رسمية، في حين أنها مجرد مسألة شراء وبيع طبيعية تماماً مثل أي نشاط تجاري آخر بحسب قوله.
وفي جانب قطاع الوساطة المالية في السعودية، أوضح الناصري أن هذا النشاط ضعيف جداً، ويحتكره عدد من الشركات معظمها أجنبية.
ولفت إلى أن الهيئة سبق أن أجرت دراسة قبل بدء عمل شركات الوساطة، واتضح أن هذا القطاع من المحتمل أن يوظف 300 ألف شخص، معظمهم من السعوديين، في حين أن الواقع الحالي يختلف عن ذلك تماماً.
وأضاف: "أرى أن من أسباب عدم تطابق الدراسة مع الواقع، عدم مراعاة الهيئة لظروف الشركات السعودية الناشئة، وقليلة الخبرة في هذا المجال، مما ترتب عليه تراجع كبير في جاذبية هذا القطاع".
وحول فتح السوق للأجانب، رأى الناصري أهمية البدء في الوقت الحالي باستقطاب السيولة الأجنبية في أسرع وقت، بالنظر إلى ضعف التداولات، والسوق ككل قياساً بالسابق، لكنه ومع ذلك طالب بأهمية أن يكون ذلك الاستقطاب تدريجياً وبنسب متدنية، وأن يسبقه تجهيز بنية أساسية تعتمد على جودة وكفاءة العمليات، والشفافية في التداولات والأنظمة.
مواقع النشر