اهــــ(الأحداث)ــــم

• طلب الكثير من الأعضاء إعادة تنشيط صندوق المحادثات • • تداول خسارة 27.67 نقطة عند 12,103.16 • • دونالد ترامب رئيساً • وعد انهاء ازمة أوكرانيا • وعد انهاء ازمة فلسطين • وعد نزع اسلحة احزاب ايران
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: كأننى أكلت

العرض المتطور

  1. #1

    شاعريات كأننى أكلت

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    رائحة البخور تعطِّر ذلك المسجد الصغير.. المتنفِّلون بين قانتٍ وراكعٍ وساجدٍ.. حلقةٌ صغيرةٌ في زاوية المسجد يجلس فيها شيخٌ حوله عدد من الأطفال.. تسمع أصواتهم العذبة وهم يرددون وراءه: {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} [الفاتحة: 6] بلغتهم العربية المتكسرة.. ثم وهم يختمون سورة الفاتحة: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7].

    ترى البسمة على وجوههم البيضاء المشربة بحمرة..

    ترى السعادة البريئة من أولاد يرتدي كل منهم قميصًا عربيًّا، وتزين رأسه قلنسوة بيضاء، قد تبدو غريبة هناك.. في تركيا!

    والبنات يرتدين حجابًا صغيرًا.. قد يبدو لأول وهلة متناقضًا مع ملابسهن القصيرة نوعًا ما.. ولكنك سرعان ما ترتسم البسمة على شفتيك متى تذكرت أنهن بين الرابعة والخامسة من العمر..

    تستنشق الهواء.. ما أجمله من جو.. وما أروعها من روحانيات..

    تُلقي بسمعك لهذه الزهور بعد أن أتم معهم شيخهم سورة الفاتحة.. يقول أحدهم بلهفة: "من سيأخذ القرش اليوم يا شيخ؟".

    تبسم الشيخ وقال: "أفضل من حفظ اليوم هو....".

    أرهف الأطفال أسماعهم مشتاقين لمعرفة الفائز بقرش اليوم.. اتسعت ابتسامة الشيخ ثم سألهم: "لو أخذ كل واحد منكم القرش، ماذا سيفعل به؟"

    - سأشتري لعبة..
    - وأنا سأشتري بالونة..
    - أما أنا فسأدخره للعيد..

    - "وأنتِ يا أمل؟"

    وجه سؤاله لأمل التي لم تشارك في الجواب.. فابتسمت في استحياء طفولي وقالت: "سأشتري به حلوى يا شيخ!".

    نظر إليهم الشيخ ثم قال لهم: "قبل أن تعلموا من الفائز بالقرش اليوم سأقص عليكم قصة.. أتدرون يا أحبابي ثواب بناء المساجد؟"

    سكت هنيهة، ثم استطرد قائلاً: "من بنى مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة، وكذلك من بنى مسجدًا فله ثواب كل من عبد الله فيه.. انظروا هذا الذي يصلي هناك.. من بنى هذا المسجد ينال مثل ثواب ذلك المصلي الآن.. أرأيتم هذا الشيخ الكبير الذي يقرأ في المصحف عند السارية هناك.. من بنى هذا المسجد فله مثل ثوابه..".

    قاطعه أحد الأولاد قائلاً: "ونحن أيضًا يا شيخ؟ هل ينال مثل ثواب مدارستنا للقرآن؟".

    أومأ الشيخ برأسه: "نعم يا بنيَّ.. كل حرف تقرؤه ينال مثل ثوابه.. وإذا قرأت سورة الفاتحة ـ التي أتممتَ حفظها اليوم ـ في الصلاة حتى تكبر ينال هو مثل ثوابك.. ثم تعلِّمها أنت لأبنائك فينال مثل ثوابهم".

    رفعت إحدى البنات حاجبيها الصغيرين باستغرا ، وقالت: "هذا كثير جدًّا".

    تبسم الشيخ وقال: "نعم.. ثواب لا يمكن أن نحصيه بحال.. ولكن أتدرون قصة الرجل الذي بنى مسجدنا هذا الذي نجلس فيه؟"

    نطقوا في صوت واحد: "لا يا شيخ.. ما هي قصته؟"

    اعتدل الشيخ في جلسته، وبدأ يقص عليهم:
    - منذ زمن كان يعيش هنا في منطقة الفاتح بتركيا رجل ورع اسمه خير الدين أفندي.. لم يكن من العلماء أو الدعاة.. وإنما كان رجلاً عاديًّا.. ولكن كان يحب الدين ويحب الخير.. وكان يأمل دائمًا أن يبني مسجدًا.. ولكنه لم يكن غنيًّا..

    لم ييأس أو يتكاسل.. كان يخرج إلى السوق فإذا نظر إلى فاكهة واشتهاها أخرج من جيبه مالاً، ووضعه في صندوق في يده، وقال: كأنني أكلت!

    وإذا مر بجازر ورأى اللحم واشتهاه أخرج من جيبه ووضع في الصندوق الذي في يده، وقال: كأنني أكلت!

    ظل هكذا يجمع في هذا الصندوق ويقول: كأنني أكلت..

    ما تضوَّر جوعًا ولا مات فقرًا..

    حتى جاء يوم فتْح الصندوق.. فتَح الصندوق ليجد أن تكلفة بناء المسجد قد اكتملت.. بنى مسجدًا صغيرًا في محلته.. ومات هذا الرجل الصالح حامدًا ربه على أن وفقه لهذه الطاعة..

    وكان أهل الحي على علم بقصة هذا الرجل الصالح.. كانوا يعرفون قصة السوق وقصة (كأنني أكلت) فسموا المسجد: (كأنني أكلت) أو (صانكي يدم) بالتركية.. وهو المسجد الذي نحن فيه الآن.. نتدارس فيه من كتاب الله فيناله من الأجر مثلنا.. ويصلي فيه الناس فيناله من الأجر مثلهم.. كل هذا لأنه ضحَّى بلذة لحظات وقال: كأنني أكلت..

    سكت الشيخ وهو يراقب أعين تلك الزهور البريئة وهي محدقة به، ثم قال: "انتهت القصة.. والآن القرش لأفضل من حفظ اليوم.. من تخمنون أن يكون هو؟"

    قال أحد الأولاد: "من يا شيخ؟"

    قال وهو يشير إلى أمل: "أمل.. قرش اليوم من نصيب أمل.."

    نظر الأطفال إلى أمل التي تناولت القرش في يدها الصغيرة.. وكل منهم يود أن لو كان صاحب القرش ليحقق به آماله الصغيرة..

    نظر الشيخ إلى أمل وقال لها: "ماذا ستفعلين بالقرش يا أمل؟"

    أطرقت أمل ثم قالت: "لا شيء يا شيخ!"

    بدت علامات الاستغراب على وجه الشيخ.. قال:" لماذا؟ ألن تشتري به حلوى كما كنت تقولين؟"

    قالت أمل: "لا يا شيخ.. سأدخره لأبني مسجدًا.."

    ثم ابتسمت أملُ ابتسامة أشعلت سراج الأمل في القلوب.. قالت: "كأنني أكلت يا شيخ.. كأنني أكلت!"

    ********************
    وبعد القصة:
    ما زال هذا المسجد شامخًا في منطقة الفاتح، وقد ذكر قصته أورخان محمد علي في كتابه (من روائع التاريخ العثماني)..

    لله درك أيها الفقير المعدم.. يا من ضحيت بلذة عاجلة.. لتشق في صحيفة أعمالك نهرًا من أنهار الأجر.. لا يتوقف بإذن الله.. لله درك

  2. #2
    عضو متألق الصورة الرمزية أم عمار
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    جدة
    المشاركات
    882
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    قصة تحث على الخير مشكورة غريبة بارك الله فيك

  3. #3

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عمار مشاهدة المشاركة
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    قصة تحث على الخير مشكورة غريبة بارك الله فيك
    وفيك بارك الله أختي

  4. #4

    بهجة الربيع

    بوركت
    قصة رائعة
    وقيمة
    دمت

  5. #5

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عمارة مشاهدة المشاركة
    بوركت
    قصة رائعة
    وقيمة
    دمت
    بوركت اختي وجزيت خيرا للمرور الكريم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

تنفيذ شركة تصميم مواقع الانترنت توب لاين
روابط مهمه روابط مهمه تواصل معنا
تواصل معنا