اهــــ(الأحداث)ــــم

• تداول ارتفاع 20.80 نقطة عند 11,811.98 • بيع 100 مليون سهم الاتصالات • • القمة العربية الإسلامية • وقف عدوان اسرائيل • انهاء ازمة فلسطين • •
صفحة 1 من 5 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 47

العرض المتطور

  1. #1
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي بنت مريم في الضوء الخافت

    بنت مريم في الضوءالخافت


    الحلقة الأولى


    تمهيد
    ------

    أشعر باضطراب شديد حتى أني أفكر في صرف النظر عن الفكرة تماما ، غير أني سأقاوم هذا الشعور وسأجرب عقلي ، ولدي مبرراتي .
    أخاف أن يكون ما توارثته يحجب عيني عن الحقيقة ، أخاف أن أكون جزءا من توليد مضطرد للنموذج (القيافي) .
    قد كان قيافا رئيسا للكهنة ، ورغم ذلك لم يتعرف على المسيح .
    ربما كان ما أتلف وعيه هو إحساسه بوجود مرجعية كاملة لديه ، وربما كان ما يفتقده هو نعمة الشعور بالجهل
    هذا بينما تعرف على المسيح وتحلًق حوله جماعة من البسطاء ، وأحب أن أكون مثلهم ، هذه هي القلوب التي عرفته .
    هل أقصد أننا نرفض محمدا ( ) * لأننا مرتهنون للمرجعية ، ولأننا لا نشعر بالجهل ؟ ولم نرفضه بناءا على استماع كاف ودراسة وافية ؟

    كثيرا ما رددت نفس التهم التي تلقى عليه ، من باب الشعور بالحميمية مع الرافضين الآخرين حولي ، ومن باب تثبيت الإيمان المتبادل ، ومن باب التعود .
    غير أن ثمة صوت هادئ كان ينبعث من أعماقي كل مرًة رغما عني يصيبني بتأنيب الضمير الديني قائلا ( ومع ذلك قد يكون نبيا حقا )

    لذا قررت أن أسير في عكس الإتجاه ، وأتحمل هذا الجهد النفسي الذي أتوقعه . وأعرف أن ما سأبدأ فيه عجيبا حقا ، وجدير بأن يسمى بـ( كيف تثبت إنك على خطأ ) ، لكن الحقيقة تستحق عناء السير في الإتجاه العكسي .


    بنت مريم

    -------------------------------------------------------------------------------------------------------

    * الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم هي مما يلتزم به المسلمون عند حديثهم عن الرسول ، وقد وردت كزيادة على النص ، وليس بالطبع مما يتوقع قوله من صاحبة المذكرات .

  2. #2
    إداري ومراقب
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    929
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    استاذ مصطفى السلام عليكم

    من عنوانك الذي اخترته بدأ الشوق يحدوني لمتابعة ماتبقى من هذه المذكرات

    فتابع لنُتابع على بركة الله .

  3. #3
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الحلقة الثانيه


    الله


    ( الله ) يعني في السريانية والعربية الرب ، الله هو اسم علم للإله في اللغة العربية مختص له وحده ولايجوز لغيره .

    اللغة العربية ذات جذر سامي ، والرب كان يدعي عند البابليين القدامي بـ ( إل ) ثم أصبح عند العبرانيين والكنعانيين ( إيل ) أو ( ألوهيم ) التي تبدو كصيغة جمع للتعظيم ، من الناحية اللغوية إذن فإسم العلم للإله مستقر في اللغة العربية وله تشابه مع اللغات الشقيقة ، وهو سابق لظهور النبي محمد

    ( الله ) ، يظن البعض أن المسلمين يعبدون ذاتا أخري مستمدة من ديانات شعوب سامية أخري من كنعانيين وبابليين ، او يحاولون إثبات ذلك ، فيما يؤمن غير المسلمين اذين يعيشون بين المسلمين وعلى دراية بمعتقداتهم بأن المسلمين لهم إيمان بالإله الخالق .

    والبعض يقول لأغراض التناظر أن الله الذي يعبده المسلمون هو ( إله القمر ) الوثني . أو أن المسلمين يعبدون الكعبة أو الحجر الأسود عندها ، فيما تعتبر زيارة الكعبة والطواف حولها وتقبيل الحجر كلها من شعائر الحج او العمرة ، ومع ذلك يعتقد كل المسلمين أنهما الكعبة او الحجر لا يضران او ينفعان ، بل حتى عند قبر محمد
    (صلى الله عليه وسلم ) فإن المسلم يمر ويلقي السلام فقط ولا يطلب من محمد ( ) في مرقده أن يسدي له أي نفع ، لأن هذا شرك في العقيدة الإسلامية ، وقد حذرهم محمد ( ) من اتخاذ قبره وثنا يعبد بعد وفاته ، ويمكن القول من موقف الإسلام المناوئ لصور التعظيم للبشر، ومن غياب صورة مرسومة لمحمد ( ) وتحريمهم لرسم صورة له أن في العقيدة الإسلامية حذر شديد من الوثنية ، ومن الشرك ، بل إن جوهر المحافظة علي الدين الصحيح ينصب حول نقطة توحيد الله توحيدا تاما مع غلق أي باب ولو صغير جدا يمكن ان يمر منه الشرك او الوثنية .

    باعتبار أن الإسلام يقر برسالة الأنبياء السابقين ويجعل الإيمان بهم وبرسالتهم وكتبهم شرطا للإيمان الإسلامي ، كذا عقيدة التوحيد الساطعة في القرآن وأحاديث النبي محمد ( ) والتي تؤكد علي عبادة الخالق وحده بدون شريك له لتؤكد علي أن هذا الربط بين الإسلام واصول وثنية وعبادة القمر هو محض لغو يمكن تفنيده بمطالعة عادية للقرآن . لكن كل ما يمكن قوله وانا لازلت اتحسس موضع قدمي في هذه الرحلة البحثية ولازال عندي وجل ، هو أن هناك ذات إلهية واحدة لدي اتباع اليهودية والمسيحية والإسلام ، نرى ان الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد يعلن عن اله واحد فقط لا شريك له. قويٌ قادرٌ على كل شيء، أزليٌ. أبديٌ، الخالق ، ملك الملوك، رب الأرباب، الألف والياء، البداية والنهاية، القدوس، الراعي الصالح، الكامل، الحنّان، المُحب، والكثير الرحمة، وهي نفسها العقيدة عن الله في الدين الإسلامي.

    وعلينا توقع وجود بعض التباين في التصورات عن نفس الذات الألهية بين تلك الأديان وهذا لايقدم دليلا علي المفارقة في كل حال ، فبعض الأنبياء كان يتكلم عن رب الجنود ، وبعضهم كان يتكلم عن رب السلام ، ومع ذلك لايمكن القول بأن يشوع المقاتل كان يعبد إله غير الذي يعبده عاموس الذين كان يؤمن بأن الله محبة ،ولم يحدث أن قلنا أن لدى كلا منهما تصورا عن الذات الإلهية يختلف عن الاخر وانعكس علي اسلوبه في الخدمة الدينية ، هذا شطط في التفكير

    وفي حالة وجود التباينات في وصف الذات الألهية في بعض النقاط نقول أن هناك تباينات في المعرفة الإنسانية لله ، ولكنها في حدود معينة لايمكن الإطمئنان للقول وبطريقة سادية أن هذا الآخر لايعبد إلهي ، يمكنني أن أقول ويمكنه أن يقول أيضا أنه يعبد الله ولكن لديه تشوهات في عقيدته ، ويمكنني أن استريح ويستريح عند هذا الحد ، اما إذا كان الأمر مستفزا للمناقشة ولطرح الحجج فلا بأس أيضا ، وبحوار عقلاني .
    فماذا عن الله في الإسلام ؟

    الله في الإسلام لاتدركه الأبصار كما هو وارد بالقرآن ، وفي التوراة طلب موسي أن يري وجه الرب فأخبره أنه – موسي – لايقدر أن يراه ، وفي إنجيل يوحنا نجد أن الله لم يره احد والله في القرآن يحذر من عبادة غيره معه ( الشرك ) ( ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ) (1) ،

    ونجد في سفر الخروج
    (20: 2 انا الرب الهك الذي اخرجك من ارض مصر من بيت العبودية
    20: 3 لا يكن لك الهة اخرى امامي
    20: 4 لا تصنع لك تمثالا منحوتا و لا صورة ما مما في السماء من فوق و ما في الارض من تحت و ما في الماء من تحت الارض
    20: 5 لا تسجد لهن و لا تعبدهن لاني انا الرب الهك اله غيور افتقد ذنوب الاباء في الابناء في الجيل الثالث و الرابع من مبغضي
    20: 6 و اصنع احسانا الى الوف من محبي و حافظي وصاياي ) (2)


    والله في الإسلام هو منشأ هذا العالم بسمواته وأرضه ( إن ربكم الله الذى خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى علي العرش ) (3) ، ونجد في سفر التكوين ( في البدء خلق الله السموات والأرض )(4)

    وفي القرآن نجد أن الله رقيب علي كل شئ وعليم بكل شئ ( وعنده مفاتيح الغيب لايعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) (5)، ونجد في إنجيل متي السيد المسيح يقول ( أمَا يُباع عصفوران دوريان بقرش؟ ومع ذلك لا يسقط واحد منهما على الارض بدون علم ابيكم. اما انتم فشعر رأسكم نفسه معدود كله. فلا تخافوا، انتم أثمن من عصافير دورية كثيرة ) (6)

    وفي الإسلام أن الله أحسن كل شئ خلقه لإن الله بديع ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) (7) ، ونجد في سفر التكوين “ورأى الله جميع ما صنعه فإذا هو حسن جداً” (8)
    وفي الإسلام خلق الله الإنسان لعبادته ، والإنسان لم ينطلق بعد أن خلقه الله بانفصال تام عن خالقه ، فكل شئ سيعود لله الخالق (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) (9) ، وفي سفر الأمثال نجد “الرب صنع كل شيء لغايته” (10) وفي الإسلام أن الخالق قدًر أن يسخر مخلوقاته للإنسان ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَءَاتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) (11) ، وفي المزامير ( تسلطه على اعمال يديك جعلت كل شيء تحت قدميه ) (12)


    والخالق في الإسلام جعل الإنسان يختار لنفسه بعقله الواعي طريقه وعمله {إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً} (13) ، وفي يشوع “هو صنع الإنسان في البدء وتركه يستشير نفسه” (14) .
    والله في القرآن هو الذي يجيب المضطر ويكشف السوء ( امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء )(15)
    مثلما ينجي البائس في وقت الشدة كما في سفر ايوب ( ينجي البائس في ذله و يفتح اذانهم في الضيق ) (16)

    والله في القرآن احتفظ لنفسه بتوقيت يوم القيامة ولم يطلع عليه احدا من خلقه ، ولايعرفه لامحمد ولا اي من الأنبياء ، ويقول المسيح في إنجيل مرقص
    ( أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب) (17).

    والله الذي لانستطيع أن نراه في حياتنا سيراه الأتقياء في الجنة ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) (18) ، ونجد في متي “طوبى لأطهار القلوب فإنهم يشاهدون الله” (19) .

    ونظرة الي هذه الآية ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ) (20) أقرأها فأقول : هذا الكلام البليغ عن الهي بلا شك ، أليس هذ هو الله كما نؤمن به في القلب ؟ .

    وبلا شك وبنظرة فاحصة للقرآن نجد هناك خط واحد وواحد فقط في وصف الذات الألهية ، الله في مجمل آيات القرآن منزه عن أي نقص ، وعن أي عارض من عوارض الجنس البشري ، فهو لايتعب ، ولايٌهزَم ولايستشير ولايندم ولاينام ولاينسي ولايجهل ولايظلم ولايلهو .

    ومع هذا فهذا السمو للذات الآلهية البادي في القرآن اعتبره البعض مزعجا ، لأنهم يريدون ربا أقل تساميا وتجريدا حتي يستطيعون أن يحبوه ويفهموه ! ، رغم أن أي عارض من عوارض النقص ستُعتَقده في الله الذي تشهد له آيات من التوراة والإنجيل والقرآن بالكمال والعظمة لن تجعلنا نفهمه ، بل ستجعل الإنسان ملتبسا بين فكرتين عن الله
    نعم الله مغاير للجنس البشري في القرآن ، ولكنه ليس بعيدا ، بل قريبا جدا فهو حسب النص القرآني أقرب من حبل الوريد ، وغير منشغل عن شكايات المظلومين ، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ، وهو الذي يدافع عن الذين آمنوا ، بل أن الله في القرآن يحث المؤمنين علي الإنفاق علي الفقراء والمحتاجين والذي سيجازيهم عليه جزاءا أكبر مما انفقوا بأن جعل هذا الإنفاق كأنه قرض لله سيرده اضعافا كثيرة ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ) (21) لكن المسلم سيستوعب هذه الصورة تماما وتدفعه الي اعلي درجة من التفاعل مع أمر اله عطوف علي المساكين ، دون ان يتسطح فهمه ، فهو يعرف أن الله غني .

    وأين النبي محمد ( ) هنا ؟
    يقول القرآن ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد ) (22) ، ايات القرآن واحاديث محمد ( ) جعلت محمد من جنس البشر بدون أي لبس في ذلك ، كذلك جعلت من كل رسل الله ، وجعلت الملائكة خلق كرام من خلق الله بدون أي لبس بيتهم وبين ذات الله ، وجعلت الكل عبيدا لله ، بين ملائكة لاتختار وبشر يختارون
    والمسيح ماذا قال عن التوحيد ؟
    " لماذا تدعوني صالحاً، ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله " (23)
    ________________________________________
    (1) النساء 48 (2) خروج 20 : 2-6
    (3) يونس 3 (4) تكوين 1: 1
    (5) الأنعام 59 (6) متى 10 : 29-31
    (7) السجدة 7 (8) تكوين 1 : 31
    (9) البقرة 156 (10) امثال 16: 4
    (11) ابراهيم 32 -34 (12) مزامير 8 : 6
    (13) الإنسان 3 (14) يشوع بن سيراخ 15: 14
    (15) النمل 62 (16) ايوب 36 :15
    (17) مرقس 13 : 32 ( 18) القيامة 22-23
    (19) متى 5 : 8 (20) البقرة 255
    (21) البقرة 245 (22) الكهف 110
    (23) متى 19 : 17

  4. #4
    الرائد7

    افتراضي

    السلام عليكم
    نحن نتابع أستاذي الكريم
    بانتظار باقي الحلقات

  5. #5
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الرائد7 مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم
    نحن نتابع أستاذي الكريم
    بانتظار باقي الحلقات
    وعليكم السلام أستاذنا الفاضل الرائد 7

    يسعدني متابعتك الكريمة

    كل عام وأنت بخير

  6. #6
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مزاااج مشاهدة المشاركة
    استاذ مصطفى السلام عليكم

    من عنوانك الذي اخترته بدأ الشوق يحدوني لمتابعة ماتبقى من هذه المذكرات

    فتابع لنُتابع على بركة الله .
    وعليكم السلام أخي الفاضل مزااج

    كن بالقرب دائما

    اخوك محمود توفيق

    كل عام وأ نت بخير

  7. #7
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الحلقة الثالثه



    الملائكة


    يؤمن المسلمون بالملائكة ، ككائنات نورانية لطيفة مطيعة لله ليس لديها شهوات ولا أهواء ، ولهم وظائف عديدة بجانب كونهم مجبولين علي القيام بأنواع من العبادات لله ، فهم لهم أعمال مرتبطة بالوجود البشري علي الأرض ، مثل تسجيل أعمال الناس ، وتوصيل الرسالات من الله للأنبياء ، وتبشير البعض ، وتثبيت قلوب المؤمنين في أوقات الشدة و إنزال عقوبات علي العصاة والقرى الظالمة الخ .

    وجبريل رئيس الملائكة مذكور في القرآن كما هو مذكور في الكتاب المقدس ، وفي الإيمان الإسلامي أخبار عن اتصاله بهاجر لما عطشت هي وولدها ، وكذلك اتصاله بزكريا ، واتصاله بمريم لتبشيرها بأنها ستحبل وتلد المسيح ، كما انه كان الواسطة في إبلاغ محمد( ) بالقرآن من لدن الله .

    وتتفق الأديان الثلاثة علي أن الملائكة يمكن ان تتجسد بأمر الله في شكل آدمي وذلك لتبليغ رسالة لنبي في أغلب الأحيان ، وقد أتي جبريل لمحمد ( ) أحيانا في شكل رجل مرئي يلحظه صحابة محمد في شكل رجل وضئ لا يعرفونه ولا يبدو عليه وعثاء سفر في نفس الوقت يكلم محمدا ( ) ثم يمضي ، وقد كان اتصاله بمريم عن طريق التشكل في شكل رجل أيضا ، ونجد في سفر يشوع ( وحدث لما كان يشوع عند أريحا أن رفع عينيه ونظر وإذا رجل واقف قبالته وسيفه مسلول فسار يشوع إليه وقال له : هل لنا أنت أو لأعدائنا ؟ فقال : كلا بل أنا رئيس جند الرب ) (1)

    وجبريل يطلق عليه أيضا في العهد القديم روح الرب ، فنجد في إشعياء ( ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب ) (2)
    ويسمي ايضا في العهد القديم بالروح القدس فنجد في المزامير (لا تطرحني من قدام وجهك و روحك القدوس لا تنزعه مني ) (3)

    يمكن الإطمئنان بأن جبريل أو ( رجل الرب ) كما تفسر القواميس أسمه هو ملاك الرب وهو روح الرب وهو الروح القدس حسب الفهم اليهودي ، وهو نفسه الفهم الإسلامي ، وطبيعة الروح القدس من ضمن الإختلافات العميقة بين اليهود والمسيحيين ، وبين المسلمين والمسيحيين .

    اليهود ينظرون للروح القدس كروح مخلوقة لله وليست روحه هو ذاته
    وقد لفت نظري أن إنجيل برنابا والذي هو حسب الإعتقاد المسيحي إنجيل مدسوس ، وبناءا عليه فمن لفقه حاول التشكيك في العقيدة المسيحية ، لفت نظري أن صاحب الإنجيل وضع علي لسان المسيح براءة ممن ادعو له الإلوهية ، ولكنه لم يشر من أي طرف لإلوهية الروح القدس ،

    رغم أن كل الرافضين للإيمان المسيحي ينددون بعقيدة التثليث مما يستلزم التعريض بإلوهية الروح القدس ، وهذا التعريض مما لا يمكن توقع إغفاله من أي رجل يفكر في مهاجمة المسيحية بصرف النظر عن مستوي إلمامه بالثقافة المسيحية ، فما بالنا بعمق ثقافة صاحب إنجيل برنابا ، هذا ما سيمر عليه الكل بشكل عميق أو عابر ،

    والدفع الوحيد في هذه الحالة لتأكيد ان الإنجيل مزور هو القول بان الرجل كان ذكيا وحصيفا وعلي دراية عميقة بتطور العقيدة والحياة الدينية في القرون الأولي لذا كان حذرا ولم يتورط في نفي إلوهية الروح القدس لأنه لم يثبت لديه أنه قد ادعي أحد ما إلوهية الروح القدس في القرن الميلادي الأول

    وبناءا عليه لم يندد بها علي لسانه هو أو علي لسان المسيح ، ومن المحرج أن نضطر للقول أن رجلا حصيفا عميق الدراسة ثبت عنده أنه لم يشاع في القرن الأول وفي حياة المسيح و لبضعة سنوات بعد صعوده أي مقولة عن إلوهية الروح القدس وبناء عليه عن التثليث .

    لقد تم إقرار إلوهية الروح القدس في مجمع القسطنطينية سنة 381 م ، وفي هذا المجمع وبناءا علي استدلال نظري وليس بناءا علي مخطوطات ظهرت تعضد الفكرة ، في هذا المجمع تم إعلان أن الروح القدس هو روح الله ، وهي حياته فهي من اللاهوت الإلهي ، ولُعن مكدونيوس وأشياعه وكل من يخالف هذا القرار من البطاركة . والبعض يظن ان ظهور قرار إيماني بإلوهية الروح القدس في هذا المجمع كان لتثبيت عقيدة موجودة ومستقرة ، وللعن بعض المخالفين الذين طفت فكرتهم فجأة ، وصاحب هذا الظن معذور كل العذر إذا لم يكن علي اطلاع علي ما حدث في مجمع نيقية الذي نص من ضمن ما نص عليه علي ترك الحرية للناس في الإختلاف علي الروح القدس .

    يذكر أن جبريل من أسمائه في القرآن ( الروح القدس ) مثل التوراة ( ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل واتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ) (4)
    وهذا نص عن الروح القدس (فلما سمعت اليصابات سلام مريم. ارتكض الجنين في بطنها وامتلأت من الروح القدس ) (5) ، هنا نحن أمام إمرأة عاقر وعجوز أي أن حملها إعجازي أيضا ، بل لا مجال لأقاويل خبيثة بشأنه ، وأمام جنين سيكون نبيا تقيا زاهدا هو يوحنا المعمدان سيتعمد المسيح منه ، وهنا أيضا الروح القدس ، المعطيات جيدة جدا !

    وقد كان يوحنا الذي سبق المسيح في الدعوة خارج المدرسة العلمية التقليدية اليهودية يل خرج للناس من البرية عابدا زاهدا منقطعا عن السلك البيروقراطي الديني ، حتى أنه يمكن التفكير في كون يوحنا النبي العظيم وسيلة لتنظيم الإنتباه والمشاعر تجاه المسيح حين يدعو ، فالناس معظمهم قد ينتظرون خروج نبي من داخل الهيكل ، وبذا قد لا يلتفتون للمسيح فجاءت دعوة يوحنا ليحدث الإنتباه ، كما أن ميلاد يوحنا الإعجازي ربما كان من المفترض أن ينظم المشاعر تجاه المسيح العدائية والٌمحِبًة علي حد سواء ، وهذا لا يزيد عن كوني أفكر بصوت عالٍ .

    وهنا نقول عن روح الحق في هذا النص أنه الروح القدس " وأما متى جاء ذاك روح الحق ، فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل بكل ما يسمع به ويخبركم بأمور آتية " (6)

    فهذا لا يجعل روح الحق والذي يعني لدينا روح القدس لا يتكلم من نفسه بل بكل ما يسمع به ، وفي هذه فعلا وعندما اقبل تماما الظن بأن المقصود بروح الحق هو روح القدس فأتعجب من كونه مبلًغ بما يسمع كأي مأمور
    واجد صعوبة ما في التوفيق بين هذا المعني الواضح والإعتقاد في أنه روح القدس بالفهم المسيحي
    ________________________________________
    (1) يشوع 5 :13-14 (2) اشعياء 11 : 2
    (3) مزامير 51 : 11 (4) البقرة 87
    (5) لوقا 1 : 41 (6) يوجنا 16 :13

  8. #8
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    (الحلقة الرابعه)


    الأنبياء


    المسلم عليه أن يؤمن بكل أنبياء الله السابقين أبضا بجانب إيمانه بنبوة محمد ، والإيمان بكل أنبياء الله ركن من أركان الإيمان ، ويكفر من رفض نبوة أي نبي سابق ، ويقول القرآن { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } (1) .

    وتختلف الثقافة الإسلامية عن سابقاتها في أنها لا تمنح الكهنة والعرافين والسحرة والمجاذيب ومدعي النبوة نفس الإصطلاح ( نبي ) ، وقد حررته ليكون حصريا للذين يتلقون وحيا من الله ، ولا مجال للإجتهاد الشخصي ولإجراء بعض الطقوس المساعدة ولا غيره ، ومما هو معروف أنه كانت هناك أرتال من مدعي النبوة في عهود معينة في حياة بني إسرائيل يرتزقون من التنبؤ ويعيشون بالقرب من الحكام ، وقد قال اشعياء ( الشيخ و المعتبر هو الرأس والنبي الذي يعلم بالكذب هو الذنب ) (2) .

    والمتتبع للأثر الروحي والأخلاقي للأنبياء سيجد لديه في آيات القرآن اضاءات علي شخصيات الأنبياء أصحاب ( العصمة ) الجديرين بالإقتداء
    ففيه تتلمس المعاناة مثلا التي عاناها نوح ( ) لسنوات طوال وهو يدعو قومه ويلح عليهم ألا يعبدوا إلا الله ويتركوا عبادة الأصنام ، ومع ذلك يتعرض للتهديد والسخرية ويتحمل الأذى في صبر عجيب ، ولم يكن نوح عنصريا في دعوته بل كان معظم المستجيبين له من البسطاء الفقراء وهذا ما عيره به السادة ، بل قالوا له اطردهم حتى نتبعك ،

    ومع ذلك رد بلطف عليهم أنه لا يحق له أن يفعل ذلك وليس له ان يطرد المؤمنين ، وشتموه و اتهموه بالضلال ، ونفي عن نفسه التهمة بأدب وأخبرهم بأنه مرسل من الله ، وفي فترة بنائه للسفينة تعرض للهزء والسخرية ، ومع وقوع الطوفان رفض أحد أبنائه الركوب وأخذ يصعد إلى جبل ، لكنه غرق ، وقد كان يعلن لأبيه الإيمان بينما هو كافر ، فدعا الله أن ينجي ابنه ، فأطلعه الله علي حقيقة ابنه ، فاستغفر نوح ، ونجا معه المؤمنين الفقراء وغرق السادة ومعهم أحد أبنائه ،

    إذن لم يكن نوح ( ) عنصريا أبدا .
    ومما يذكر أن السيناتور الأمريكي روبرت برد من ولاية فرجينيا في عام 1964 استخدم قصة نوح المذكورة في سفر التكوين كمبرر للإحتفاظ بسياسة التمييز العنصري في الولايات المتحدة ( لعنة حام ) ، وقد رفض السيناتور في عام 1991 ترشيح قاضيتين من أصل إفريقي للمحكمة العليا ، وفي عام 2004 رفض ترشيح كوندوليزا رايس لمنصب وزيرة الخارجية .

    ولا يجوز في الإسلام تفضيل نبي علي آخر { لا نُفرِّق بين أحد من رسله } (3) ، وكلهم جديرون بالإقتداء
    { وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين }(4) . حتى أن الله أمر النبي محمد في القرآن بالإقتداء بأولي العزم من الرسل السابقين ( نوح ، إبراهيم ، موسي ، عيسي )
    وقصص الأنبياء في القرآن لها قيمة وعظية ولها قيمة اقتدائية ، وليست مجرد وصف لما حدث في حياة رجال الله وعلاقاتهم بالبشر والشعوب والملوك . فنجد في القرآن هذه البروفايلات للأنبياء

    ابراهيم ( )
    أمام للناس ، المختصة ذريته بالنبوة ، مصطفي في الدنيا ، من صالحي الآخرة ، وهو وحده امة ، قانت لله ، حنيف ، شاكر لأنعم الله ، وهو الذي وفًى ، حليم ، أواه ، منيب ، مطيع لله
    وقد قال رجل لمحمد( ) : يا خير البرية
    فقال : ذاك ابراهيم

    يوسف ( )
    هو من أوتي حكما وعلما ، الصديق ، من المحسنين ، الذي مكًن له الله في الأرض ، الذي علمه الله تأويل الرؤى
    العفيف ، المخلص حافظ الجميل ، من العباد المخلصين ، متقي ، صابر ، متسامح ينسي الإساءة
    وقد قال عنه النبي محمد( ) ( الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم )

    موسى ( )
    هو مخلص ، نما برعاية الله ، أوتي حكما وعلما ، محسن مستغفر ، ووجيه عند الله ، واصطفاه الله لنفسه ، وهو كليم الله ، الذي كان يأمر قومه بالإستعانة بالله وبالصبر ، الواثق من نصر الله ، مستجاب الدعوة ، مصطفي علي الناس ، يغضب في الله
    وقد وصفه النبي محمد( ) بانه كان حييا ، وبانه كان له اصطبار علي أذي الناس

    داود ( )
    هو من اتاه الله الملك والحكمة والعلم ، صاحب الصوت العذب الذي اثر في الكائنات ، وهو أواب ، وأوتي فصل الخطاب ، وعلي هدى من الله ، وقد أٌمر محمد بان يقتدي بهداه في آية من آيات القرآن باعتباره من الأنبياء السابقين ، وله قربي يوم القيامة
    وقد وصف النبي محمد صيامه بأنه أفضل صيام ، وأنه كان له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شئ ، وبصرف بصوته الهموم

    سليمان ( )
    شاكر لله ، أواب ، له قربي يوم القيامة ، وأوتي الحكمة والعلم ، وأُمر محمد بأن يقتدي بهداه


    يحي ( )
    تقي ، من الصالحين ، سيد ، عٌلٍم الحكمة في صباه ، بارا بوالديه ، وعليه سلام من الله يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا
    وقد خرج محمد ( ) علي أصحابه وهم يتذاكرون فضل الأنبياء فتكلموا عن موسى وعيسى وإبراهيم فقال لهم : أين الشهيد ؟ أين الشهيد ؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب

    عيسى ( )
    وجيه في الدنيا والآخرة ، ومن المقربين ، ومن الصالحين ، أوتي العلم والحكمة ، زكي ، آية للناس ، رحمة من الله ، من أوتي البينات ، مبارك أين ما كان ، بار بوالدته ، مؤيد بالروح القدس ( جبريل ) ، وانه عليه سلام من الله يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا
    وقال عنه النبي محمد ( ) ( ما من مولود إلا والشيطان يطعن في خاصرته حين يولد ، ويستهل صارخا إلا مريم وابنها ) ، وقال عنه أيضا (والـذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم عيسى بن مريم حكمـاً مقسـطاً )
    ________________________________________
    (1) البقرة 136 (2) اشعياء 9 : 15
    (3) البقرة 285 (4) الأنبياء 73

  9. #9
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    أعتذر لكل المتابعين عن عدم ظهور الصلاة على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلّم
    فهي من ذات الشكل المضغوط الذي يعتبر صورة يجب أدراجها
    وهذا مما لا علم لي به ، لذا لم تظهر عند النسخ هنا

    أعتذر إليكم جميعا

    كل عام وأنتم بخير

  10. #10
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الحلقة الخامسه


    لقطات من حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم )

    ينتمي النبي محمد ( ) لقبيلة قريش العريقة في منطقة الحجاز بالجزيرة العربية والتي تعيش في مكة ، والتي لها أسماء أخري منها أم القرى و بكة ، القبيلة كانت لها الزعامة الدينية بين القبائل العربية باعتبارها تنتمي الي نسل إسماعيل ابن إبراهيم خليل الرحمن ، واللذان بنيا البيت العتيق أو الكعبة هناك كأول بيت عبادة وضع للناس في الأرض ، كانت قريش قبيلة تجارية تنظم لنفسها رحلتان تجاريتين أساسيتين في العام ، واحدة للشام وواحدة لليمن ، كان مكة البلدة وقريش القبيلة تمثلان نوعا من المركزية الدينية في الجزيرة ، كان العرب في معظمهم عبدة للأصنام ، لم يكن الإله الخالق غائبا عن وعيهم تماما ، ولكنهم كانوا يشركونها معه في العبودية ، أي أن الله الذي نادى به موسى والأنبياء غيره كان هو رب الأرباب ،

    المكان كان يعيش فيه نسل لإبراهيم يحملون في قلوبهم إجلالا للبيت الذي بناه وابنه ، وإجلالا لهما كجدين . كان العرب قد مالوا لعبادة الأصنام بعد قرون من عصر إسماعيل ، واغلب الترجيحات تشير إلى أن الفكرة كانت منقولة عن الشام الذي كان ينظر له كمهد للديانات ، لم تكن مكة مدينة روحية بالمعني الحرفي للكلمة ، إنها بلدة ثرية بها كل شيء ، أصنام ومجالس شعر وصفقات تجارية وأماكن لهو وعدد كبير من السراة الذين اغتنوا بسبب الموقع التجاري الوسيط للبلدة ، والقليل من الباحثين عن الحقيقة الذين يشعرون بالنفور من عبادة الأصنام المقتنعون تماما بأن الجدين الكريمين لم يكونا الا موحدين ،

    بلدة حية ولكن بدون عواصف ، فالمكانة بين العرب متميزة ، وعلي غير حال البلاد التي تجاور الدول العظمي لم يكن سكان مكة يشعرون بالخوف من الزمن ومن جيوش غازية ، وكانوا في أمان من طيش القبائل البدوية العنيفة نظرا للمكانة الخاصة .

    لم يدم استمرار المكيين في العيش في هذه البراءة ، إذ قرر قائد حبشي يحتل اليمن بجنوب الجزيرة ، أن يغزو مكة الوقورة الآمنة ليهدم الكعبة ، صدمة قوية وخوف من عار الهزيمة المؤكدة ، فقد قدم القائد ( أبرهة ) بجيش قوامه 60000 جندي ومعهم قطيع صغير من الفيلة ، هاهي مكة المتحصنة بالصحراء والبعيدة عن أطماع ونزق الحكام في وجه عاصفة هادرة تقترب منهم لتقتلع بيتا بناه إبراهيم منذ 2500 عام ، التاريخ والدين والشرف علي وشك الزوال ،

    لكن وبينما أبرهة وجيشه علي مشارف مكة إذا بالجيش يتعرض لموت مباغت ومفاجئ ، لم يتبق إلا القليل من الرجال الذين قروا إلى صنعاء باليمن ومنهم أبرهة ، وماتوا هناك بعد أن حكوا عن مأساتهم ، القصة معروفة تاريخيا وأيما كان تفسيرها بجدري أو تشوهات جلدية ظهرت فجأة أو طيور ظهرت من جهة البحر رمتهم بحجارة ألهبت أجسادهم ، فإن ما حدث كان غريبا ومعجزا ، ورسًخ وضعية البلدة بين العرب ولدى الجوار أيضا .

    ولد النبي محمد ( ) سنة 571م من هذه القبيلة العريقة ، وٌلد يتيما ، اذ مات أبوه قبل ميلاده ، وذهبت أمه به لجده لأبيه كي تبشره بالمولود ، فسماه اسما فريدا لا يعرفه العرب قبل ذلك ( محمد ) أي المحمود جدا ، ولما بلغ السادسة أخذته أمه لزيارة قبر أبيه ( عبد الله ) علي بعد 500 كم ، ويشاء الله أن يشعر الطفل بيتم كامل ، إذ ماتت والدته في طريق العودة ، وكفُله جده لأبيه ( عبد المطلب ) ، وتوفى الجد بينما محمد في الثامنة .

    وكفله بعدها عمه ( أبو طالب ) ، وكان الطفل اليتيم ابيض شديد الوسامة ، مما ذكره احد الرجال الذين ذهبوا لزيارة مكة في تلك السنوات ، وكانت البلدة تعيش في قحط بسبب عدم نزول الأمطار ، وكان العم ( أبو طالب ) هو سيد وقور من سادات البلدة ، في هذه الحالات كانت العرب تستسقي ، أي تطلب من الله أن ينزل الغيث ، ويُفضل أن يكون ذلك عند الكعبة

    وطلب الناس من أبي طالب أن يستسقي لهم ، ويقول الرجل الزائر أن أبا طالب خرج ومعه طفل كالشمس ( محمد ) الصق ظهره للكعبة بيد بينما الطفل متعلق بأصابع اليد الأخرى للعم ، وعلي الفور تجمعت السحب وأمطرت أهل البلدة ، وفي هذا هناك شعر معروف عن العم منه بيت شعر يقول فيه العم ( وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ) .
    في سن الثانية عشر خرج في تجارة مع عمه إلى الشام ، وفي الطريق نادى على القافلة العربية راهب اسمه جرجيس ولقبه ( بحيرى ) واستضافهم وأعد لهم وليمة ، ولفت انتباهه هذا الغلام ، وتفرس فيه علامات النبوة ، وأطلعهم على ذلك .

    في سن الخامسة والعشرين خرج محمد في تجارة في أموال لسيدة أعمال شريفة وقورة من نساء القبيلة اسمها ( خديجة ) كانت تكبره بخمسة عشر عام ، وعاد محمد من رحلته التجارية بمكاسب جيدة جدا ، تبين لها منها انه أمين ، كما أن مساعدها ( ميسرة ) الذي رافقه في الرحلة عاد منبهرا بشخصيته ، بحكم أن المعايشة في السفر والعمل كفيلة بالتعرف العميق على الناس ، واخذ ميسرة يعدد لها مزاياه ، وشخصيته الوقورة الصادقة ، لم يمارس محمد أثناء تأدية عمله التجاري أي عملية غش بسيطة ، كان واضحا وملتزما ويٌطلع المشتري علي مستوى جودة البضاعة ، وفوق هذا لم يخسر ، كما أنه لم يهمٍش لنفسه أي مكاسب من ورائها ، كانت المرأة الأرملة يتقدم لها أكابر القبيلة ، ولكنها فكُرت في محمد رغم فقره ، وتزوجها محمد ، وعاش معها مخلصا لها كل الإخلاص وأنجبت له ستة أبناء ، ذكران ماتا في طفولتهما ، وأربع بنات .

    استقامة محمد وصدقه في كل أحواله وبعده عن المهاترات ، وترفعه عن الصغائر ، وعن الكلام فيما لا طائل منه ، كل هذه الصفات جعلته شخصا محل ثقة للجميع ، وكان له احترامه بين السادة بسبب هذه الرزانة والحلم والأمانة وهو لازال في سن الشباب ويبدو انه أنضج من الكل ، وفي تلك الفترة كان محمد عازفا بالكلية عن التعبد للأصنام ، ولا ينظر لها إلا بكل تقزز واحتقار ، كما لم يشرب الخمر ولم يلعب القمار ، ولم يعرف اي امرأة قبل زوجته خديجة ، ولم يكن انصرافه عن عبادة الأصنام ليسبب له مشاكل ، المهم الا يتعرض لها بشكل علني بسوء .

    وعاش حياة أسرية جيدة ، لم يكن محمد يفكر في الجدال مع أي شخص بسبب موضوع عبادة الأصنام ، ولم يكون أي خلية من الشباب الذين يجد فيهم رفضا لهذه العبادة ، كان محمد ميالا للعزلة ، ولم يكن يمتلك أي خطة من أي نوع ، لكن فطرته النقية تأبى عليه أن يسجد لصنم ، أو يرتكب أي حماقة ، وهذا كل ما في الأمر

    ومنذ وصل لسن السابعة والثلاثين بدأ يعتكف لمدة شهر في العام ، تحديدا في رمضان ، في غار يطل علي البلدة ، بعيدا عن ضجيج البلدة وصراعاتها وأمنياتها وملذاتها وحماقاتها ، ينظر للكون الفسيح وللسماء ، ويشعر براحة نفسية لهذا الإنفراد ، ولما وصل للأربعين كان يحدث معه أمر عجيب ، إذ كلما رأى رؤية جاءت بحذافيرها ، تكرر معه ذلك كثيرا ، وبعد ستة أشهر من الرؤى التي تتحقق حدث حادث تاريخي فارق ، اذ بدأ اتصال جبريل بمحمد في عام 610 م .

    واضطرب محمد لرؤية جبريل ولكلامه معه ، ونزل إلى زوجته يرجف ، وطمأنت زوجها ( كلا ، ابشر فوا لله لا يخزيك الله أبدا ، انك لتصل الرحم ، وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق) ورأت هي أن يستشيرا ابن عمها المئوي الكفيف الذي اعتنق النصرانية ، الذي أكد بدوره بأن ما نزل علي محمد مثل ما نزل علي موسى ، وأن محمدا ( ) هو هذا النبي لهذه الأمة

    وبدأ محمد ( ) يمارس دوره الدعوي بلا كلل في العاصمة الدينية للعرب ، بلا كلل ولكن بدرجة عالية من السرية ، آمنت به الزوجة المحبة الوفية وابن عمه الصبي علي بن أبي طالب ، وصديقه المقرب أبو بكر ، وبدأت الدائرة تتسع شيئا فشيئا وبحذر ، استمر الحال علي هذا المنوال ومحمد ( ) يعلم ويدعو ويتلو عليهم القرآن الذي ينزل عليه ، ثم بدا محمد ( ) يظهر الدعوة ، بدأ يعلن وحدانية الله ويدعو للأخلاق الحميدة ويحط من شأن الأصنام وعبادتها ويحذر الناس من الآخرة ، ارتجت قريش القبيلة ومكة البلدة بسبب دعوة محمد الجريئة والصادمة التي تهدد عبادة الأصنام وبالتالي مركز مكة وقريش بين العرب ، ومما أزعجهم أنها جاءت من رجل لا مجال للطعن فيه ، ولكن الإختلاف كاف لتوليد العداوة مهما كان الرصيد ومهما كان الإنطباع المستقر عند الناس ، ولم يغفر لمحمد ( ) أنه كان الرجل المحبوب الموقر الذي سموه ( الأمين ) ،

    ومن الناحية العملية كانت أحوال الغالبية من تجار البلد علي خير ما يرام ، بحيث أن كل ما كانوا يتمنونه هو أن يستمر الحال علي ماهو عليه ، فطالما انه يسير فيجب التصدي بقوة لكل من يهز القارب .

    بدأوا في التحدث إلى عمه أبي طالب ليمنع محمدا من الإسترسال في هذه الدعوة ، ولم يكن محمد ( ) يرد علي عمه الا بأدب ، ولكن هيهات ، وبدأت سلسلة من المضايقات اتخذت في البدء طابع الإعلام المضاد من استهزاء وتشويه وإثارة شبهات ، ثم بدأت اضطهادات أكثر نال منها محمد ( ) تطليق ابنتيه من ابني عم أبيهما ، ونال بعض السباب ورمي القاذورات في طريقه أو عليه ، أما الضعفاء من المسلمين فقد ذاقوا الويل ومورست ضدهم فنون التعذيب ، ولم تستثن امرأة من هذا الويل ، وكانت أول شهداء الدعوة عامة هي امرأة اسمها سمية ، فقيرة وعجوز عذبوها وضغطوا عليها لتعود إلى عبادة الأصنام وهي ترفض حتى أن تنطق بالكفر لتتخلص من العذاب ولما يأسوا منها طعنوها بخسة ونذالة في منطقة حساسة من جسدها فماتت .

    في السنة الخامسة من دعوة محمد ( ) وكان المسلمون قد أُرهقوا إرهاقا شديدا هاجر مجموعة منهم إلى الحبشة بإيعاز من محمد فارين بدينهم ، وقد أحسن حاكم الحبشة استقبالهم ،وأرسلت القبيلة وفدا إليه لاسترداد الفارين ولكنه رفض تسليمهم.
    محمد( ) لازال هناك في مكة وسادة القبيلة في حالة غليان ولازالوا يضغطون علي العم ليضغط علي ابن أخيه ولكن لا جدوى ، ولعل من المواقف الصعبة التي تعرض لها محمد ( ) شخصيا هي موقف ( عتيبة ) ابن عمه الشاب ومطلٍق ابنته ( أم كلثوم ) بسبب دعوة محمد ،

    جاء لمحمد( ) فاقدا لأعصابه وتحدث إليه بطريقة غليظة جدا رغم القرابة اللصيقة وسابق المصاهرة وفارق السن حيث كان محمد في منتصف الأربعينات ، واستخف بآيات القرآن وشق قميص محمد ( ) بل وتفل في وجهه إلا أن البزاق لم يأت علي وجه محمد ، كل هذا ومحمد ( ) كان من قبل هذه الدعوة رجلا محترما رزينا مهيبا ، وكان من قبلها حما هذا الشاب يعامله الشاب بأدب ، فقال محمد له ( سلط الله عليك كلبا من كلابه ) ، وكل ما حدث بعدها أن الشاب سافر مع مجموعة للتجارة في الشام ونزلوا وخيموا في (الزرقاء ) ، وحام حولهم أسد ، وقد كانت بعض الأسود تسرح في براري الشام والعراق في تلك الآونة ، فزع الرجال من منظر الأسد الذي بدا كمهاجم يبحث عن ثغرة وغفلة ، وشعر عتيبة أن الأسد قادم له هو تحديدا وقال لهم ( يا ويلي هو والله آكلي كما دعا محمد عليً ) وبالأخير وبهدوء انقض وتناول عتيبة من رقبته ، وترك باقي المجموعة .

    وبعد إيذاء محمد ( ) عدة مرات ، بدأوا في مساومته بعرض المال والملك عليه ولكنه رفض تماما

    وكانت كل المؤشرات تشير إلى أن محمدا ( ) قد يغتال في أي مساء ، لذا تعاقد العم الذي يوفر الحماية لمحمد مع أفراد العائلة التي تمثل بيتا من بيوت القبيلة ليحموا ابنهم ، كان الإتفاق يشمل التيارين داخل العائلة من المسلمين والوثنيين ، وأساسه حماية القريب بصرف النظر عما يؤمن به ويدعو إليه ، ولم تسكت القبيلة التي عرفت بتعاهد عائلة محمد ( ) علي حمايته ، بل سجل رجالها وثيقة مقاطعة تامة ضد العائلة استمرت لمدة ثلاث سنوات جوعوا فيها هذا الفرع جوعا شديدا ، كان محمد هناك ، وكانت هناك خديجة الثرية أيضا مع زوجها

    وبعد ثلاث سنوات شعر البعض بالشفقة علي حال هذا الفرع من القبيلة الذي يكاد يموت جوعا ، وبعد شد وجذب تم نقض الوثيقة .
    وفي السنة العاشرة من دعوته مات عمه أبو طالب وبعده بقليل ماتت زوجته خديجة فيما سمى هذا العام بعام الحزن حيث فقد فيه من يبثها همومه ومن يوفر له الحماية .

صفحة 1 من 5 123 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. أيهما أرحم .. جنة الغربه أم جحيم الوطن ؟!
    بواسطة هلالي القرن في المنتدى منتدى الموارد البشـرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: October 22nd, 2009, 00:22
  2. موسوعة طبية
    بواسطة بحـــــر في المنتدى منتدى عـِـلَل صحية
    مشاركات: 42
    آخر مشاركة: October 20th, 2009, 12:48
  3. الجهاز الطبي يمنح الضوء الاخضر لمشاركة خماسي الهلال
    بواسطة المنتقد في المنتدى منتدى مباريات كُــرَة القــدم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: April 7th, 2009, 13:15
  4. انظر ماذا قدم للدين... فماذا قدمنا لديننا؟؟
    بواسطة ( * غريب الدار * ) في المنتدى حِوارات
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: May 11th, 2008, 14:02

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

تنفيذ شركة تصميم مواقع الانترنت توب لاين
روابط مهمه روابط مهمه تواصل معنا
تواصل معنا