محمد السيد (الأناضول) : كشفت دراسة دولية، أن تحسين معدلات الرضاعة الطبيعية، يمكن أن ينقذ حياة حوالي 820 ألف طفل سنويًا في جميع أنحاء العالم، وهذا الرقم يمثل ما يقارب 13% من مجموع وفيات الأطفال دون سن الخامسة سنويًا.
وأوضحت الدراسة، التى قادها الدكتور، سيزار فيكتوريا، أستاذ علم الأوبئة، بجامعة بيلوتاس، في البرازيل، ونشرت نتائجها فى العدد الأخير من مجلة، لانسيت، الطبية، أن "الرضاعة الطبيعية يمكن أن توفر على قطاعات الصحة في العالم، حوالي 300 مليار دولار سنويًا".
وأجرى الباحثون مراجعات منهجية، واستعراض لأكثر من 1300 دراسة علمية حول العالم، ترصد الفوائد الصحية والاقتصادية التى يمكن أن تعود على الدول، إذا تم تحسين مستويات الرضاعة الطبيعية، وما يتبع ذلك من تراجع الأمراض التى تصيب المواليد.
وتبيّن، أن "تحسين مستويات الرضاعة الطبيعية، يرتبط بإحراز الأطفال نقاط أعلى في اختبارات الذكاء، وهذا يتم ترجمته فيما بعد إلى تحسين الأداء الأكاديمي للأبناء، وتحسين الإنتاجية".
وكشفت النتائج أيضا، أن "الرضاعة الطبيعية ترفع حظ الرضيع في أن يعيش حياة أطول، كما تقلل لديه احتمال الإصابة بداء السكري ومرض السمنة".
وقال الدكتور نايجل رولنز، من إدارة صحة الأم والمولود، بمنظمة الصحة العالمية، وأحد المشاركين فى الدراسة "يوضح هذا البحث الجديد أن الرضاعة الطبيعية لا تحسن نمو الطفل فحسب، بل لها مكاسب اقتصادية كبيرة تعود على الأفراد والأسر وكذلك على المستوى الوطني".
وأضاف، أن "تشجيع الرضاعة الطبيعية من شأنه أن ينقذ حياة 820 ألف طفل رضيع سنويًا حول العالم، 87% منهم دون ستة أشهر من العمر".
وأشار، أن "ما يقرب من نصف حالات الإصابة بالإسهال وثلث حالات العدوى التنفسية، التى تقع حول العالم، يمكن تجنبها بالرضاعة الطبيعية".
وعن فوائد الرضاعة الطبيعية بالنسبة للأم، كشفت الدراسة، أن "الرضاعة تقلل خطر إصابة الأمهات بسرطان الثدي بنسبة 6%، كما أنها تخفض خطر إصابتها بسرطان المبيض".
وبلغة الأرقام، يمكن تجنب وفيات 20 ألف سيدة بسرطان الثدي سنويًا على مستوى العالم، عن طريق انتظامهن فى إرضاع أطفالهن طبيعيًا.
وبحسب الدراسة، فإن "معدلات الرضاعة الطبيعية تراجعت إلى مستويات متدنية عالميًا، لاسيما بالبلدان المتقدمة، حيث يتلقى رضيع واحد من أصل كل 5 في الدول المتقدمة، لبن الأم إلى أن يكمل عامه الأول، فيما لا تتجاوز المدة 6 أشهر في الدول ذات الدخل المتوسط والضعيف".
ففي بريطانيا مثلاً، لا تتجاوز نسبة الأمهات اللاتي أرضعن أبناءهن طبيعيًا حتى إكمال العام الأول، واحدًا بالمائة، فيما يصل المعدل إلى 2 بالمائة في إيرلندا، و3 بالمائة في الدنمارك.
وأشار البحث إلى "زيادة معدلات الرضاعة الطبيعية لـ 90% في الولايات المتحدة، والصين، والبرازيل، وإلى 45% في بريطانيا، ويمكن أن يخفض تكاليف العلاج من أمراض الطفولة الشائعة، وتوفير ما لا يقل عن 2.45 مليار دولار في أمريكا سنويًا، و29.5 مليون دولار فى بريطانيا، وأكثر من 223 مليون دولار فى الصين، و 6 ملايين دولار فى البرازيل.
وحذر فريق البحث، من "سريان اعتقاد خاطئ يرى أن حليب الأم الطبيعي يمكن تعويضه بباقي المنتجات الصناعية، دون حصول أضرار".
ونوهت الدراسة إلى أن "الحملات التسويقية، التى تشنها شركات ألبان الأطفال حول العالم، تقوض جهود نشر ثقافة الرضاعة الطبيعية، ويتم تسويقها فى العادة على أنها بديل للبن الأم، ومن المتوقع أن يصل ما يتم إنفاقه على الألبان الصناعية إلى 70.6 مليار دولار عالميًا، بحلول 2019".
ونصحت الدراسة، الأمهات بإرضاع أطفالهن طبيعيًا، بشكل حصري فى 6 أشهر الأولى، لتجنب إصابة الأطفال بالأمراض، مضيفة، أن "المعدلات المسجلة حول العالم، للرضاعة في تلك الفترة بلغت 35% فقط، وتهدف جهود الأنظمة الصحيّة لرفع هذه النسبة إلى 50% على الأقل بحلول 2025".
وتعليقًا على نتائج الدراسة، قال الدكتور فيرنر سكولتنك، خبير التغذية في منظمة اليونيسيف، إن "الرضاعة الطبيعية هي حجر الزاوية، في تنمية وتغذية الأطفال، وأطالب الحكومات بالاستثمار فى هذا المجال، لتشجيع ذلك ودعم نشر تلك الثقافة لوقاية الأطفال من الأمراض".
وكانت دراسات سابقة، أثبتت أن الرضاعة الطبيعية تقي الأمهات من هرمون سلبيٍّ، يسبب نوعًا شرسًا من سرطان الثدي، كما أنها تقلل من الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة أيضاً.
وتنصح منظمة الصحة العالمية بأن يظل حليب الأم، هو مصدر الغذاء الرئيسي للطفل حتى سن 6 أشهر، وتوصي بالاستمرار لاحقًا فى الرضاعة الطبيعية(إضافة إلى الغذاء الصلب) حتى وصول عمر الطفل إلى سن عام.
مواقع النشر