لذة الخلوة مع الله
المؤمن الذي خلى بربه كما قال الحسن البصري حينما سئل : ما بال أهل الليل على وجوههم نور ؟ قال : لأنهم خلوا بربهم فألبسهم من نوره - سبحانه وتعالى – .
المؤمن الذي في عز المحنة وشدتها وهولها ، يبقى ساكناً ، مطمئناً بوعد الله - عز وجل - وبنصر الله - سبحانه وتعالى - كما كان من الرسل والأنبياء
( ما ظنك باثنين الله ثالثهما) .. ** (قال كلا إن معي ربي سيهدين } .. ( قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم }،
ما أعظم هذه الطمأنينة المنسكبة في القلب ، والتي تجعل الإنسان مستقراً مطمئناً .
فليتك تحلو والحياة مريرة **** وليتك ترضى والأنام غضابُ
فإذا صح منك الود فالكل هيناً **** وكل الذي فوق التراب ترابُ
هكذا عندما تتعلق بالله - عز وجل - تكون أشواقك وأفراحك ، وكل ما يمر بك إنما ينزل هذا المنزل العظيم فما الذي يفرحك في هذه الدنيا ؟ إنه الفرح بفضل الله .. بطاعة الله - سبحانه وتعالى
(0 قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون }،
عندما يفرح الناس بالعلاوات وزيادة الأموال .. عندما يفرحون بالدور والقصور ، يفرح المؤمن بسجدةٍ خاشعة ، في ليلة ساكنة ، في وقت سحر يناجي فيها ربه ، ويسكب دمعه ، ويتذلل بين يدي خالقه - سبحانه وتعالى
( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون }
ما هذا الشوق الذي يستولي على القلب عندما يتغلغل فيه الإيمان ؟ فهذا بلال - رضي الله عنه - عندما تحين وفاته ، تصيح زوجته وتقول: يا حزناه فيقول : بل وافرحتاه ، غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه.
الشوق إلى لقاء الله - سبحانه وتعالى - دعا أنس بن النضر أن يلغي ذلك التفكير المادي المنطقي في يوم أحد ،وإذا به يقول : "واهاً لريح الجنة ، والله إني لأجد ريحها دون أحد " ثم ينطلق مشتاقاً راغباً محباً متولعاً عاشقاً للقاء الله - سبحانه وتعالى - راغباً في طاعة الله - سبحانه وتعالى - ويلقي بنفسه يعانق الموت قبل أن يأتيه ، وإذا به يمضي شهيداً إلى الله - سبحانه وتعالى
وذاك عمير بن الحمام في موقعة وغزوة بدر يأكل تمرات ، فحينما يسمع نداء النبي – صلى الله عليه وسلم - يقول :
( لا يقاتلهم اليوم رجل مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة )
فيرمي بالتمرات قائلاً : ما أطولها من حياة حتى أبلغ هذه الأمنية العظيمة
مواقع النشر