سول / بيونغ يانغ (أ. ف. ب) : "سنرى" بهذه الكلمة رد الرئيس الأمريكي الأحد عما إذا كان يعتزم الرد عسكريا على بيونغ يانغ بعد التجربة النووية الجديدة التي أجرتها، والتي كانت الأقوى على الإطلاق. فماهي الخيارات المتاحة أمام دونالد ترامب للرد على كوريا الشمالية؟
تجد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسها أمام خيارات محدودة جدا للتعامل مع بيونغ يانغ بعد التجربة النووية السادسة - والأقوى على الإطلاق - التي أجرتها الأحد، وقد يكون أفضل هذه الخيارات تشديد العقوبات الدولية على النظام الستاليني، على الرغم من أنها هددت مرارا "برد عسكري شامل" على أي تهديد من كوريا الشمالية.
توجيه ضربة عسكرية؟ غير مرجح
لا يبدو أن التجربة النووية الجديدة التي أجرتها كوريا الشمالية غيّرت المعادلة بالنسبة للولايات المتحدة، إذ أن التغيير الوحيد الظاهر حتى الآن يقتصر على تشديد النبرة إزاء نظام كيم جونغ-أون مع تأكيد وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس أن "أي تهديد يطال الولايات المتحدة أو أيا من أراضيها بما في ذلك غوام، أو أيا من حلفائها، سيلقى ردا عسكريا شاملا".
وأتى تصريح الوزير الأمريكي بعد مشاركته في اجتماع لفريق الأمن القومي حيث استعرض أمام ترامب "الخيارات العسكرية العديدة الموجودة لدينا" والتي "يريد الرئيس أن يطّلع على كل منها".
وكان ترامب قال في تغريدة في أول رد فعل له على التجربة النووية "كوريا الشمالية أجرت اختبارا نوويا كبيرا. تصريحاتهم وأفعالهم لا تزال عدائية وخطرة جدا للولايات المتحدة". ولاحقا قال ردا على سؤال عما إذا كان يعتزم الردّ عسكريا على بيونغ يانغ "سنرى".
ولكن مارك فيتزباتريك المدير التنفيذي للفرع الأمريكي للمعهد الدولي للدراسات الإسترتيجية قال لوكالة الأنباء الفرنسية إنه "لا توجد خيارات عسكرية واقعية من حيث ضرب كوريا الشمالية لأن من شأن هذا الأمر أن يشعل حربا واسعة النطاق على الأرجح".
وحشد نظام كيم جونغ-أون وحدات مدفعية على طول الحدود مع كوريا الجنوبية، التي تبعد 55 كلم فقط من سيول، وبالتالي فان الخطر الأساسي لأي ضربة عسكرية أمريكية للشمال سيكون اشتعال الجبهة بين الكوريتين.
بدوره قال جون وولفستال المحلل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أنه "قبل أن يستسلم الجميع للذعر، صحيح أن إجراء كوريا الشمالية تجربة نووية تطور مقلق ولكنه لا يغير طبيعة التحدي الذي نواجهه". وأضاف في تغريدة على تويتر أن "هكذا تجربة لا تستدعي ردا عسكريا، وهو أمر جيد لأننا لا نمتلك خيارات قابلة للتطبيق".
خيارات الضغط العسكري
ولكن إذا لم يوجه الأمريكيون ضربة عسكرية فبإمكانهم زيادة الضغوط العسكرية على بيونغ يانغ. وبالفعل فإنه مباشرة قبل التجربة النووية الجديدة اتفق ترامب مع نظيره الكوري الجنوبي مون جاي-آن على تعزيز القدرات العسكرية لسيول في مجال الدفاع الصاروخي وهو أمر من شأنه أن يعزز قدراتها على ردع جارتها الشمالية.
وبالفعل فقد أطلقت كوريا الجنوبية مساء الأحد مناورات عسكرية بالصواريخ الباليستية ردا على التجربة النووية للشمال، كما أفادت وكالة الأنباء الكورية الجوبية "يونهاب".
وقالت يونهاب نقلا عن رئيس الأركان المشتركة إن الجيش الكوري الجنوبي أجرى مناورات بالذخيرة الحية تحاكي هجوما على موقع للتجارب النووية في كوريا الشمالية، موجها ضربات لأهداف في بحر الشرق (اليابان).
وبالنسبة إلى مارك فيتزباتريك فإن "الخيارات العسكرية القابلة للتطبيق تتضمن مبادرات من مثل نشر وسائل جديدة في المنطقة. يجب أن ننتبه إلى أن كوريا الجنوبية تريد الآن التفكير في إعادة نشر أسلحة نووية تكتيكية "على أراضيها"، معتبرا أن "هذا الأمر سيكون شديد التعقيد ولكنه يمكن أن يكون جزءا من الخيارات المطروحة". وكانت الولايات المتحدة سحبت قبل 25 عاما كل أسلحتها النووية من كوريا الجنوبية.
وفي مجال الضغوط أيضا حاول ترامب استخدام نبرة حربية في خطابه مع كوريا الشمالية بتهديده إياها، في جملة أصبحت شهيرة، "بالغضب والنار".
ورأى الرئيس الأمريكي في 23 آب/أغسطس أن تصريحه هذا أتى ثماره إذ أن كيم جونغ-أون "بدأ يحترمنا"، لكن ما لبث الزعيم الكوري الشمالي أن أطلق بعيد أيام فقط من تهديد ترامب صاروخا باليستيا حلق فوق اليابان، أتبعه الأحد بالتجربة النووية السادسة لبلاده والأولى لها على قنبلة هيدروجينية يمكن استخدامها رأسا حربية للصاروخ الباليستي، بحسب بيونغ يانغ.
العقوبات الاقتصادية، دائما وأبدا
تشديد العقوبات الاقتصادية هو السلاح الذي أكدت عليه واشنطن الأحد لمزيد من العزلة لبيونغ يانغ. وقال ترامب على تويتر إن "الولايات المتحدة تبحث، إلى جانب خيارات أخرى، إمكانية إنهاء كل المبادلات التجارية مع أي بلد تربطه أعمال مع كوريا الشمالية".
وكان وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين قال في وقت سابق الأحد أنه يحضّر سلسلة عقوبات لعرضها على الرئيس ترامب، مشيرا إلى أنه يعتزم العمل في هذا الصدد مع حلفاء الولايات المتحدة ومع الصين التي تستورد 90% من الصادرات الكورية الشمالية.
وبدأت الولايات المتحدة بفرض عقوبات أحادية الجانب على شركات صينية أو روسية لديها أعمال في كوريا الشمالية. وفي 22 آب/أغسطس أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على 10 شركات و6 أفراد بسبب تعاملاتهم مع بيونغ يانغ.
كما أن الولايات المتحدة تقف خلف حزمة العقوبات الجديدة التي فرضها مجلس الأمن الدولي بالإجماع على بيونغ يانغ في 6 آب/اغسطس. وهذه الحزمة السابعة من العقوبات على كوريا الشمالية استهدفت تحديدا حرمان هذا البلد من مليار دولار من العائدات التجارية المتأتية من قطاعات الصيد والفحم والحجري والحديد.
والخطوة الإضافية في مجلس الأمن الدولي قد تكون فرض حظر نفطي، كامل أو جزئي، على كوريا الشمالية. وهناك خيار آخر طرحته بريطانيا في مجلس الأمن وهو فرض عقوبات تضطر بموجبها روسيا والصين إلى ترحيل العمال الكوريين الشماليين إلى بلدهم، وهو إجراء سيحرم بيونغ يانغ من مصدر أساسي للعملات الأجنبية.
مواقع النشر