السلام عليكم ورحمة الله ..
لقد دار الدهر دورته ..، ومضت الأيام تلو الأيام ..، وإذا بشهرنا تغيض أنواره .. وتبلى أستاره .. ويأفل نجمه بعد أن سطع ..، ويُظلم ليله بعد أن لمع .. ، ويُخيم السكون على الكون .. بعدما كان الوجود كل والوجود يستعد ، ويتأهب للقاء هذا الضيف الكريم ..
أنا لا أدري وأنا أرقم هذه الجمل .. أأهنيكم بحلول عيد الفطر المبارك ..، أم أعزيكم بفراق شهر العتق والغفران ..
إن القلبَ ليحزن ، وإن العينَ لتدمع .. وإنّا على فراقك يا رمضان لمحزونون ...
انقضى رمضان .. ويا وَلْهِي عليه .. انقضت أيامه ولياليه .. ذهب .. ليعود على من بقى .. ، وليودع من كان أجله قد حان .. نعم .. ذهبت يا رمضان .. فجرت المدامع ..
يا راحلاً وجميل الصبر يتبعهُ *** هل من سبيل إلى لقياك يتفقُ
ما أنصفتك دموعي وهي داميةٌ *** ولا وفى لك قلبي وهو يحترقُ
انقضى رمضان ..، وقد اعتاد كثيرٌ من أبنائه الصلاة مع جماعة المسلمين ..
فيا من أَلِف الحق .. تمسك به هُديت ..، واستمر عليه .. نعم اجعل رمضان كقاعدة تنطلق منها للمحافظة على الصلاة في باقي الشهور .. نعم اجعل رمضان منطلقاً لترك الذنوب والمعاصي .. عَلَّ الله جل وعز أن يغفر لك بما قدمت ..، وإياك ثم إياك أن تكون من عُباد رمضان ..
*
إن من علامات قبول العمل المواصلة فيه ، والاستمرار عليه .. فاحكم أنت على صيامك .. هل هو مقبولٌ أم مردود .. نعم احكم أنت ..
إن لحظات الوداع لحظاتٌ لا تُنسى ..، ولوعتها لوعةٌ لا تبلى .. حرقة الوداع تُلهب الأحشاء ..، ودموعه تحرق الوجنات بحرارة العبرات ..
لم يُبكني إلا حديث فراقكم *** لما أسرّ به إليَّ مودعِّي
هو ذلك الدر الذي أودعتمُ *** في مسمعي أجريته من مدمعي
*
فيا من صام لسانه في رمضان عن الغيبة والنميمة والكذب واصل مسيرتك ..، وجُدَّ في الطلب .. ويا من صامت عينهُ في رمضان عن النظر المحرم .. غُض طرفك ما بقيت .. يورث الله قلبك حلاوة الإيمان ما حييت ..
*
ويا من صامت أذنه في رمضان عن سماع ما يحرم من القول ، وما يُستقذر .. من سماع غيبة ..، أو نميمة ..، أو غناء ..، أو لهو .ز اتق الله ..، و لا تعد ..، اتق الله ، ولا تعد ..
*
ويا من صام بطنه في رمضان عن الطعام ..، وعن أكل الحرام .. اتق الله في صيامك .، ولا تذهب أجرك بذنبك ..، وإياك ثم إياك من أكل الربا .. فإن آكله محارب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم .. فهل تطيق ذلك ؟!
*
ويا من صام بطنه .. تذكر إخواناً لك في رمضان ، وغيره يبيتون على الجوع والعُري .. ولا يجد أحدهم ما يسدُّ به جوعته ، ولا فاقة عياله .. تذكر أنهم ينتظرون منك .. نعم .. منك أنت ومن أمثالك من يُمدُّ لهم يد العون ، والمساعدة ..
حان الوداع
إن العيد على الأبواب ..، وإن رمضان آذن بوادع ..، وكم هي شاقة هذه الكلمة ( وداع ) ..، ولكنني أسأل الله الكريم رب العرش العظيم .. أن يعيده علينا وعلى سائر المسلمين أياماً عديدة .. وأزمنة مديدة .. وقد تحقق للأمة الإسلامية ما تصبوا إليه من عز وتمكين ، وسؤدد في العالمين .. إن الله وليُّ ذلك ، والقادر عليه ..
يا لائمي في البكا زدني به كلفاً *** واسمع غريب أحاديث وأشعار
ما كان أحسننا والشمل مجتمع *** منا المصلي ومنا القانت القاري
وفي التراويح للراحات جامعة *** فيها المصابيح تزهو مثل أزهار
شهرٌ به يُعتق الله العصاة وقد *** أشفوا على جُرف من حصة النار
فابكوا على ما مضى في الشهر واغتنموا *** ما قد بقي ، فهو حقٌ عنكم جاري
وداعاً ياشهر الرحمة فلا ندري هل يُكتب لنا العُمر لنراك مرة أخرى أو يحينُ الأجل ..
مواقع النشر