القدس (رويترز) - دان وليامز : بوسع اسرائيل أن تتغلب على صواريخ اس-300 المتقدمة المضادة للطائرات إذا ما تم نشرها في سوريا لكن شن هجمات على هذه المنظومة سيكون صعبا ويجازف باغضاب روسيا التي باعت الصواريخ لدمشق.
وتعهدت اسرائيل باتخاذ اجراءات وقائية واعتبرت امتلاك سوريا لنظام اس-300 تهديدا "يغير قواعد اللعبة" لمجالها الجوي ولقدرتها على انتهاك المجال الجوي لجارها الشمالي لبنان.
ويستبعد الخبراء بشدة ان تلجأ اسرائيل إلى التخريب أو استخدام القوة الصريحة لعرقلة تسليم الصواريخ الروسية وهي وجهة نظر يعززها فيما يبدو اعلان الرئيس السوري بشار الأسد يوم الخميس أن أول شحنة من نظام صواريخ إس-300 وصلت بالفعل.
ويدفع هذا اسرائيل الى الضغط على موسكو كي تبطيء تسليم الشحنة على أمل الغائها في حال سقوط الأسد في الصراع الدائر منذ ما يزيد عن عامين والاعداد في الوقت نفسه لاجراءات مضادة لشل قدرة سوريا على استخدام الصواريخ.
ونقلت صحيفة هاارتس الاسرائيلية عن مستشار الأمن القومي ياكوف أميدرور تحذيره للدبلوماسيين الأوروبيين من أن اسرائيل "ستمنع تشغيل الصواريخ اس-300" وقد يحدث هذا من خلال ضمان عدم حصول الأسد على النظام بالكامل أو عن طريق تعطيلها عسكريا إذا ما حصل عليها.
وقال الكولونيل زفيكا حايموفيتش الضابط الكبير في سلاح الجو الاسرائيلي في مقابلة مع رويترز "ستكون اس-300 ذروة امدادات الأسلحة الروسية لسوريا... وبالرغم من أنها يمكن ان تؤثر على عملياتنا فبمقدورنا التغلب عليها."
وأضاف أن "الخط الأحمر" بالنسبة لاسرائيل بخصوص صواريخ اس-300 هو "بين سوريا والآخرين". وكان هذا بمثابة اشارة إلى أن اسرائيل قد تحجم عن قصف البطاريات طالما بدا انها لا تهدف لاسقاط طائرات داخل المجال الجوي الاسرائيلي ولا تنقل إلى حزب الله اللبناني أو لايران -وكلاهما حليف وثيق للأسد يعادي اسرائيل- أو طالما لا يستولي عليها مقاتلون اسلاميون.
والاسرائيليون متفوقون الكترونيا. وفي عام 1982 قامت اسرائيل "بالتشويش" على الوحدات السورية المضادة للطائرات في لبنان وكانت أيضا روسية الصنع ثم دمرت 19 منها دون أن تتكبد أي خسائر.
وساعدت تقنيات مماثلة المقاتلات الاسرائيلية في تدمير مفاعل نووي مشتبه به في سوريا عام 2007 كما قصفت في نفس العام أهدافا سورية في ثلاث مناسبات على الأقل لمنع ما قالت مصادر استخباراتية إنه محاولات لنقل أسلحة متقدمة لحزب الله.
صواريخ اس-300 روسية الصنع في صورة من ارشيف رويترز
واتفق مصدر قريب من وزارة الدفاع الروسية على الرأي القائل بأن الاسرائيليين "على الارجح لديهم مليون وسيلة لمقاومة نظام اس-300 الكترونيا". لكنه تساءل عن جدوى هذه السبل لأنها لم تختبر ميدانيا في الحرب.
واستطرد قائلا "لذا لا يمكن الجزم بما إذا كان اس-300 سيفشل أم لا."
وتوقع روبرت هيوسون محلل القوة الجوية في (اي.اتش.اس جين) أن تسود البراعة الاسرائيلية في سوريا في حين حذر من أن نظام اس-300 سيكون أعقد أنظمة الدفاع الجوي التي تواجهها اسرائيل. وأضاف "واجهت اسرائيل مفاجآت سيئة من هذا القبيل من قبل." مشيرا إلى خسائرها الفادحة أمام الصواريخ الروسية المضادة للطائرات التي استخدمتها مصر وسوريا في حرب 1973.
ويرى هيوسون أن اسرئيل ستفضل أن تدمر صواريخ اس-300 في سوريا لكنها قد تختار بدلا من ذلك أن تكتفي بشل قدرتها على العمل خاصة إذا ما كان هناك احتمال لقتل أو اصابة روس يساعدون في نصب النظام بدون قصد.
وتقدر المصادر الأمنية عدد الطواقم العسكرية الروسية في سوريا بعدة مئات.
ويضيف هيوسون "سيكون رد فعل الروس سيئا اذا فقدوا أبناءهم وتعرف اسرائيل هذا جيدا."
وقال وزير الدفاع الاسرائيلي الأسبق موشيه أرينز إنه على موسكو أن تضع في اعتبارها حجم الضرر الذي ستتكبده صادراتها للنظام لدول أخرى اذا لحقت الهزيمة بنظام اس-300 في سوريا.
وتشمل قائمة العملاء السابقين قبرص التي ربما منحت صواريخ اس-300 التي نشرتها في جزيرة كريت اليونانية الطيران الحربي الاسرائيلي فرصة لاختبار تشغيل هذه الصواريخ خلال مناورات فوق البحر المتوسط.
وقال أرينز لراديو اسرائيل "سأشعر بدهشة بالغة إذا ما سلم الروس هذا النظام (لسوريا)... سيبدو حينها أن قواتنا الجوية قادرة على التفوق على هذا النظام وهذا لن يكون دعاية طيبة."
وقال أرينز مهونا من حجم التحدي الاستراتيجي الذي ستمثله صواريخ اس-300 في سوريا على اسرائيل "لسنا خائفين. ببساطة سيغير هذا الوضع ولا نريد ان يتغير الوضع لغير صالحنا."
ولم يتضح بعد الجدول الزمني لنشر سوريا المتوقع للنظام الصاروخي. ويقول هيوسون انه قد يتم "تركيبه وتشغيله في غضون مدة لا تقل عن بضعة أسابيع" بمجرد وصول كل المكونات شريطة وجود الطواقم السورية المؤهلة لتشغيله.
لكن المصدر في وزارة الدفاع الروسية قال إنه لا يعرف بوجود سوريين دربتهم موسكو بالفعل وقدر الفترة المطلوبة لاستكمال تسليم الصواريخ بين "ستة أشهر إلى اثني عشر شهرا من الآن."
وعلى افتراض بقاء الأسد في منصبه فقد يمد هذا التأخير اسرائيل بالمزيد من الفرص للتحرك.
ويقول هيوسون إن صواريخ اس-300 التي تجرها الشاحنات لا يمكن اخفاؤها. كما ان راداراتها في حال تفعيلها تبعث اشارات يمكن لاسرائيل أن ترصدها بسهولة.
ومع ذلك لم تستنفد البدائل الدبلوماسية بعد.
وعقد وزير الشؤون الاستراتيجية والمخابرات الإسرائيلي يوفال شتاينتز أمس الخميس ما وصفته مصادر سياسية بانها مناقشة لصفقة الصواريخ السورية مع السفير الروسي سيرجي ياكوفليف.
وفي عام 2010 وبعد مناشدات اسرائيلية ألغت موسكو صفقة لبيع صواريخ اس-300 لايران. وفيما بدا كنوع من التعويض وافق الاسرائيليون في نفس العام على أن يبيعوا لروسيا طائرات مراقبة بدون طيار لتضييق الفجوة العسكرية التكنولوجية بينها وبين منافستها جورجيا.
ولروسيا الآن مصالح استراتيجية أخرى. من بينها على سبيل المثال الاستثمار في حقول الغاز الاسرائيلية في البحر المتوسط. وقال سيلفان شالوم نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي لرويترز إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذكر حقول الغاز بينما كان يستضيف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في سوتشي يوم 14 مايو أيار لاجراء محادثات تركزت على سوريا.
لكن تسفي ماجين السفير الاسرائيلي السابق لدى موسكو يتشكك في أن بوسع اسرائيل أن تقدم أي شيء يدفع بوتين إلى سحب تأييده للأسد وقال "هناك أمور كثيرة للغاية على المحك هنا بالنسبة للروس."
وكان يشير إلى الأبعاد الاستراتيجية الجغرافية الأوسع للأزمة مرجحا ان تفضل روسيا أن تبقي سوريا تحت سيطرة الأسد للمحافظة على اخر موطيء قدم مهم لموسكو في الشرق الأوسط على الرغبة الغربية والخليجية في سقوط الأسد لدحر النفوذ الايراني في المنطقة.
مواقع النشر