((الرجال مخابر ما هم مناظر))
دائما ما يتبادر إلى أذهان الرجال منا هذا المثل في قياس نظرائهم من الرجال
فهل هذا المثل يعتبر حكمة مسلم بها ؟؟؟
دعونا باديء ذي بدء نوسع هذه القاعدة لتشمل النساء أيضا وصولا إلى كافة شرائح المجتمع الراشد من حيث السن والعقل فيكون المسمى لهذا المثل كالتالي
(الناس مخابر ما هم مناظر)
وبالمقابل هناك مثل آخر يصب في هذ ا الإتجاه ولكنه على النقيض منه تماما وهو
(المظهر ينبأك عن المخبر)
دعونا نأخذ هذين المثلين بتفصيل أكثر عمقا وفهما
ففي المثل الأول أعتقد أن القاعده غير صحيحة على مطلقها وليست قياسا حقيقيا للإنسان فليس هناك إنسان كامل فالكمال لله
أو معصوما فالعصمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فلذلك أرى أن هذه المقولة وإن كانت منطقية في ظاهرها إلا أنها في جوهرها ذات صبغة عاطفية غير واقعيه في زمننا هذا خاصة
فكم من صداقات وعلاقات كانت قائمة على هذه المقولة النظريه المشوبة بالحماس العاطفي مالبثت أن انهارت فكانت خبرا بعد عين وهدرا من السنين والسبب في ذلك هو ذلك المخبر الذي ندعي علمنا به وهو في الحقيقة مخبر نائم في جوانحنا لانحيط به إلا عندما يمثل أمامنا قسرا عند خطب من الخطوب
فحينها يتأكد لنا بطلان هذه المقولةالنظريه في كثير من جوانبها
ويقول الشاعر
ما أكثر الأصدقاء حين تعدهم ===ولكنهم في النائبات قليل
فإذا سمعنا أحدنا يقول أنني أعرف فلان حق المعرفه برزت لنا من الذاكرة
تساؤلات حفظناها عن ظهر قلب منذ الصغر وهي
هل آكلته ؟؟؟
هل ساكنته ؟؟؟
هل سافرت معه ؟؟؟
أتحفظ على هذه المقوله الرجال مخابر ماهم مناظر في بعض من جوانبها لأنها و من وجهة نظر شخصيه أرى أنها ليست حكمة بالغه وصالحة في كل زمان في حين أنها كانت ناموس وعرف اجتماعي استمده أسلافنا من طباعهم الدينيه والقبليه في بيئة وظروف تختلف عما نعيشه في عصرنا الحاضر ولذلك كانت صالحة لذلك الزمان كحكمة قابلة للطبيق
فمؤهلات آبائنا في الفراسة العقلانيه والقياس الواقعي هي المحك في هذه الحكمة
التي ذبل بريقها فصارت مقولة في أيامنا هذه ولذلك لايمكن بأي حال من الأحوال مقارنة فراسة أسلافنا بفراستنا العاطفيه وقياسنا غير الدقيق لعدة أسباب
منها على سبيل المثال نمط الحياة الخشن وتقلب الظروف المعيشيه الصعبه وبالغة الصعوبة غالبا وتقارب الأعراف والعادات الإجتماعيه والقبليه في كل الأحوال في السلم والحرب والشدة والرخاء
ومن هنا كان لتساؤلات الناس قديما هل آكلته وهل ساكنته وهل سافرت معه
كان لها مكانة ومعاني كبيره
فحين يؤاكل الناس بعضهم بعضا فقد كانوا يشاركون في كل شيء حتى في الإحتطاب وإعداد الطعام والقهوة والشاي رجالا مع رجال ونساء مع ونساء وعلى سجيتهم
على غير ما نفعله الآن مما يغلب عليه طابع النفاق الإجتماعي والتكلف في كل مناسباتنا في البيت والمطعم وقصور الأفراح
( لامقارنه بين أصل وتقليد مزيف )
أصل بسيط وواضح لايعرف النفاق والخداع من وازع ديني وأخلاقي
وتقليد معاصريعتمد الحذلقة والتلون كلغةعصريه تختزل الكثير من الأمور بما في ذلك شطر من ثوابت الموروثات الإجتماعيه مع ثبات الوازع الديني والأخلاقي المصبوغ أحيانا بزيغ العولمه وهيمنة الماده
هل ساكنته ؟؟
كان الضيف وعابر السبيل يجالس أهل البيت والعشيره مدد متفاوته ومن خلال هذه المدد يعرف بعضهم البعض ولعل التصاقهم ببعضهم طيلة النهار يعطيهم خاصية اختزال الوقت للتعرف على القدرات العقليه والقيم الأخلاقيه لبعضهم من خلال الشعر الذي يكاد أن يكون لغة الحوار وسبرأغوار الشخصيه إضافة للمنطق والتصرفات والحركه
هل سافرت معه ؟؟؟
كان السفر عند أسلافنا هو المحك الحقيقي لمعادن الرجال والنساء أيضا
حيث كان للسفر معاناة ومشاق بالغة في الصحة والبدن مع شح الطعام وندرة الماء فكان المسافر لايأمن على ماله ونفسه من شياطين الإنس والسباع والهوام لأيام وليال طوال قد تطوي الأهلة أحيانا وهذه والله كافية لإظهار كل معدن على حقيقته
فمما تقدم نجد أحقية واستحقاق أسلافنا بخواص الفراسة والقياس وبعد النظر في مثل هذه الأمور وعن جدارة
مقارنة بسفر أحدنا أو بعضنا في وقتنا الراهن لمسافة 500كم لايستغرق سوى 5 ساعالت أو نحوها و في سيارة مرفهة ومكيفه مع كل وسائل الراحة والأمان
فهل هذه المعطيات كافية لنا أو تؤهلنا لنتمثل ونفعـٍّل ما كان حكمة هل آكلته وهل ساكنته وهل سافرت معه ؟؟
قطعا لا
ولا يمكن مقارنة زمننا بسابقه من كل النواحي فنحن نسيج من مجتمعات ناعمة في عيشها وطباعها ومفاهيمها
فسهام الفراسة لدينا شديدة الليونة وقوسها قرب الأذن و باري القوس أعشى العينين سقيم التفكير
فإن رمى نبى سهمه وإن قراء ما أحرز علما
عذرا لاأريد هنا أن أصور الشخص منا متشائما كل التشاؤم ولا متفائلا كل التفاؤل ولكن من منظور واقعي فإنه لاوجود للإنسان المثالي في كل شيء وأيضا لاوجود لإنسان سيء في كل شيء
ولكننا أناس مفرطي المثاليات وسيئي الظنون في آن واحد
سيئي الفراسة في مقولة المظهر ينبأك عن المخبر
وساذجي مفهوم الناس مخابر ماهم مناظر
لأننا نلبس هذه الحكمة أوتلك المقوله ثيابا موشاة بكل زركشات وألوان الطيف العاطفي عندما نختار أو نرشح أو نحب شخص ما في الوقت الذي نجد أنفسنا وقد خلعنا هذا الثوب عن نفس الشخص وألبسناه ثو با آخر ولكن بالمقلوب وهذا يعني أننا نعاني من قصور شديد في تعريفنا وفهمنا للمثلين آنفي الذكر فماهو السبب ياترى
السبب فيما أعتقد وبكل بساطه هو رفضنا المطلق لأي عيب أو خلل في شخصية الشخص الذي نعنيه هنا
قد يصيب سهمك ويصدق ضنك في من تحب ولكن بالمقابل غالبا ما يخطيء تفكيرك وتخونك حكمتك في فهم وتقييم نفسك أنت
كيف ؟؟؟
من الحكمة والمنطق أن تقيس الأمور على نفسك كما تقيسها على صديقك
فله مثل الذي لك عليه وفيك عيوب مثل مافيه وله حسنات وسيئات مثل مالك منهما عدى ما يجرح الدين والعرض
ومن الوفاء أن من رأى عيبا في صديقه وجب عليه أن يدله عليه بالحسنى دون جرح كرامة أو كبرياء فكمال صفة حميدة في صديقك هي إضافة واكتساب لصفاتك والعكس صحيح كذلك واكتشاف الصفات السيئه ونبذها أو علاجها من أحدكما أو كليكما استثمار لهذه الصداقة وتوطيد وترسيخ لعراها
مواقع النشر