كل يوم تشهد الشبكة الإلكترونية تطورا جديدا، حتى ولد مشروع طموح لتغيير النطاقات لتصبح أكثر تخصصا وأضيق مساحة. المشروع سيسرّع وصول مستخدم الإنترنت إلى المعلومة، لكن السعودية اعترضت على تسمية بعض النطاقات لأسباب غير واضحة.
بسرعة التطورات يشهد عالم السايبر (المعلوماتية والوصلات الالكترونية وعلوم الكومبيوتر) تغيرات كبرى، فقد أطلقت مؤسسة ICANN الأمريكية المتخصصة بتسمية وترقيم المواقع الإلكترونية والمسؤولة عن توزيع تسميات وتسجيل المواقع عبر العالم حملة لتغيير النطاقات الالكترونية (Domains)، بدأت مطلع هذا العام ويؤمّل أن تنتهي في 13 حزيران/ يونيه 2013.
وتعتبر هذه الحملة انعطافاً تاريخياً مهماً في مسيرة تطور شبكة المعلومات وعلوم الحاسوب التطبيقية. الحديث يدور هنا عن الوصلة التي تأتي بعد النقطة، بمعنى .com أو .orgأو .de أو .uk وما إلى ذلك. شركات ومنظمات كثيرة تقدمت بطلبات الحصول على نطاقات جديدة، رغم أن كل طلب ستكون كلفته 185 ألف دولار، ما سبب تذمراً واسعاً في صفوف أصحاب المواقع خصوصاً الثقافية والإعلامية منها.
لماذا التغيير وهل يهم المستخدم؟
كيف سيجري هذا التغيير وما أسبابه وهل ينبغي أن يدفع المستخدم مبلغاً إضافياً؟ ولماذا يعترض البعض؟ عن هذا الأسئلة تحدث من مدينة ميونخ إلى DW مهندس علوم الحاسوب كريم البيضاني، وهو صاحب موقع إلكتروني واسع الانتشار. ويشير البيضاني إلى أن الشركة التي تحدد ما يعرف بـ (IP address)، هي شركة أمريكية مقرها في كاليفورنيا، و"دون هذا العنوان لا يمكن أن يعمل أي موقع الكتروني، فالأمر يشبه رقم الهاتف، حيث لا يرن الهاتف ما لم تطلب رقمه، هذا المفتاح هو لغة التخاطب بين الكومبيوتر وبين شبكة الإنترنيت من خلال Server موجود على مستوى العالم".
ICANN الشركة التي تسيطر على النطقات في العالم
بالنسبة للمستخدم ومتصفح الإنترنت يضيف التغيير سرعة في إيصال المعلومات، فحين يطلب صفحة عن بلد ما، يمكن أن يضع اسم النطاق .mapمثلاً، فتظهر عنده المواقع المختصة بالجغرافية والخرائط فقط، وبهذا يتخلص مما يعرف بالـSpam، كما يتحاشى ويقلل من ورود المواقع غير المختصة بالموضوع ضمن نطاق البحث.
استخدام أسهل بلا أجور إضافية
المهندس البيضاني تحدث عن أسباب هذا التغيير، مشيراً إلى أن كثرة المواقع المقامة على النطاقات المعروفة أدى إلى إتخام هذه النطاقات بكم هائل من المعلومات، يجعل من المتعذر على المستخدم الوصول إلى المعلومة التي يروم بسهولة، "فالنطاق الذي نتحدث عنه هو الذي يؤدي إلى ما يعرف بالفهرسة Index، وهو تبويب المعلومات للوصول إلى المعلومة المطلوبة. وكلما كثرت أبواب الفهرسة، تأخر الوصول إلى المعلومة. من هنا سيكون من الأكثر فاعلية توزيع الفهرسة على عدة فهارس بدلاً من الاكتفاء بالفهارس المعروفة "، والتي أصبحت متخمة بالمعلومات.
وهكذا فإن الشركات المتخصصة ستضع تخصصها كدليل للفهرسة وهو سيكون اسم لنطاقها الذي تعرف به، "فالشركة التي تعمل في مجالات التلفزة مثلاً ستضيف نطاقاً بعنوان .tv والشركات المتخصصة بالسيارات ستكتب .auto والمواقع المتخصصة بالألعاب مثلاً ستسمي نطاقها .game وهكذا".
هذا التطور، الذي سيكلف مبالغ كبيرة، قد يثير مخاوف المستهلكين من أن يتحملوا جزءا من التكاليف في شكل أجور يدفعونها لتأمين وصلات الإنترنت المنزلية مثلاً. الخبير البيضاني نفى أن يقود هذا التطور إلى رفع أجور وصلات الإنترنت، مؤكداً أن العكس قد يكون صحيحاً، فخدمة الإنترنت دخلت اليوم إلى الهواتف النقالة، وأجور الحصول على هذه الخدمة تتناقص يوما بعد آخر، كما هو الحال مع خدمات الهاتف الأرضي التي انخفضت إلى مستويات كبيرة بعد ظهور الهاتف المحمول.
السعودية: لا للمثليين والكاثوليك والجنس
لكن من حيث لا يتوقع المرء، اعترضت المملكة العربية السعودية على تبديل نطاقات المواقع، من قبيل، المثليينGay، الكاثوليك، بيبي Baby، الفن وما إلى ذلك، لكن الاعتراض لم يأت بشكل رسمي، وعلى المرء ألا ينسى أن أي اعتراض على خطة الشركة يكلف مبلغا قدره 2200 دولار غير قابلة للاسترجاع.
النطاقات الجديدة ستحدّ من جرائم الانترنت.
هذه الاعتراضات أثارت استغراب المختصين، حيث أن التغيير يجري في مجال السايبر وداخل آليات عمله ولا يتعلق بأي مفهوم أخلاقي قد ينتشر من خلال المواقع المتخصصة. وكان لكريم البيضاني في هذا الموضوع رأي آخر، فهو يرى "أن للسعودية أموالاً تعمل في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، واعتراضها على تسميات بعض المواقع قد يكون من الجانب الأخلاقي، وهم في النهاية شركاء مساهمون في هذه الشركات ولابد لهم من إبداء رأي معين، قد يرضي بعض مشايخهم في الداخل. وأما بالنسبة لاعتراضهم على نطاق كاثوليك، فهم كما أسلفت شركاء للكاثوليك بأموالهم، لكن لابد من كلمة تقال لتطييب خاطر المشايخ المتشددين في داخل بلدهم".
واعتبر البيضاني أنّ من غير المجدي قيام بعض الدول بحجب بعض المواقع لأن هناك برنامج بروكسي الذي يفلتر أي رقابة ويكسر الحواجز، وسكان الخليج يستخدمون هذا البرنامج بكثرة لامتلاكهم القدرة المالية على شرائه.
النطاقات الجديدة: شفافية وأمان
المدير التنفيذي لشركة ICM ستيوارت لاولي كشف عن نقطة جوهرية تثير مزيدا من الاستغراب حيال الاعتراض السعوديين. فقد نقلت عنه صحيفة زود دويتشه ديجيتال القول: "للمرة الأولى في تاريخ السايبر ستكون هناك عناوين واضحة معروفة لصفحات التسلية للبالغين، ولن يكون بوسع القاصرين الاطلاع عليها، كما أنها ستخلو في الغالب من الفايروسات وبرامج الاحتيال والنصب على زوار المواقع".
حيال كل ذلك، هل يمكن أن يأتي يوم تعترض فيه الإدارة الأمريكية مثلا على تسمية نطاق معين باسم Laden مثلا؟ الخبير كريم البيضاني نفى مثل هذه الإمكانية مؤكدا أن خدمات الانترنيت عبر العالم مرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية، وتسجيل أي موقع الكتروني في أي مكان في العالم يتطلب موافقة الشركة المختصة في أمريكا، وبالتالي فإن خدمة الانترنت عبر العالم تقع تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية،. وهكذا فإن من يريد أن يسمي نطاقه باسم تحريضي لن يحصل على رخصة تسجيله وبالتالي لن يستطيع الحصول على هذا النطاق.
صحيفة دي دبليو - ملهم الملائكة