أبها (واس) رغم التطور الكبير في أدوات ومعدات الزراعة الحديثة، ما تزال منطقة عسير تحتفظ بجزء أصيل من تراثها الزراعي العريق، حيث يواصل المزارعون استخدام الأبقار في حرث مزارعهم، مستعينين بالأدوات التقليدية التي تصنع من مكونات الطبيعة التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، في مشهد يجمع بين عبق الماضي وأصالة الحاضر.
https://pbs.twimg.com/media/Go5khMYW...jpg&name=small
19 شوال 1446هـ 17 أبريل 2025م
ويحرص مزارعو عسير في مواسم محددة من فصول السنة للمسارعة في تهوية مزارعهم وتقليبها سواء بالآلات الحديثة أو الأدوات التقليدية باستخدام المحراث الخشبي وذلك للمحافظة على جودة تربتها وتهيئتها للموسم الزراعي المقبل، خاصة المدرجات الزراعية التي لا يمكن للآلات الحديثة وصولها، أو لوعورة الطرق المؤدية أو عدم توفر الطرق المناسبة لها.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...i62QvWTgVS.jpg
والتقت "واس" خلال جولتها بعدد من المتخصصين والمزارعين في المنطقة، الذين أفادوا بأن حرث المزارع يتم في أوقات محددة من السنة، ويعتمد المزارعون على أنواء الحرث المتعارف عليها بينهم.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...MSkTuJ0Qkp.jpg
وأوضح الباحث في علوم التراث والآثار والمهتم بالتقويم الزراعي في منطقة عسير د. عبد الله بن علي آل موسى أن التقسيمات الموسمية مستمدة من حركة النجوم وتغير الطقس، التي يستخدمها المزارعون لتحديد مواعيد الزراعة والحرث، ومنها "نوء الذراعين" المعروف ببداية موسم الزراعة الربيعية، و نوء "الثريا" الذي يُعد موسمًا جيدًا لزراعة الذرة والدخن، ونوء "الهنعة" الذي يعتبر من المواسم المهمة لحرث الأراضي قبل دخول الخريف.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...EN4nK0uKNz.jpg
ويقول المزارع مسفر القحطاني الذي أفنى عمره في حرث مزارعه والعناية بها وما يزال يحرث بعضها باستخدام الأبقار وأدوات الأجداد: "نحن نتابع الأنْواء ونسمع من كبار السن، ونعرف متى نحرث الأرض، ومتى نتركها لترتاح، فالفلك والزراعة في عسير مرتبطان من مئات السنين"، واصفًا آلية استخدام الحرث التقليدي والعناية بالمزارع بأنها تعتمد على الأبقار بشكل كبير وآلة المحراث القديمة، ويضيف: "الزراعة القديمة ليست مجرد طريقة عمل، بل هي أسلوب حياة، نحترم فيه الأرض ونفهم متى تعطينا ومتى ترتاح".
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...3sLrMbwdvU.jpg
ويشرح المزارع عبد الكريم الشهري طريقة الحرث بالأبقار، موضحًا أنها تبدأ بالتجهيز من خلال ربط ثورين عبر أداة خشبية تُسمى "النِّير" وهي التي توضع على رقبتي البقر لتثبيتهما معًا، ثم تُشدّ إلى أداة الحرث المعروفة باسم "السِّكّة" وهي عبارة عن قطعة حديدية ذات نصل حاد، تُثبت في مؤخرة محراث خشبي، وتستخدم لشقّ التربة وقلبها.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...mGFfAD5EDu.jpg
ويضيف الشهري أن من الأدوات المستخدمة في الزراعة قديمًا "المحراث" المصنوع غالبًا من خشب السدر أو العرعر، الذي يُثبت فيه نصل الحديد، وكذلك "المدرّة" وهي عبارة عن قطعة خشبية تُمسك باليد لتوجيه السكة أثناء الحرث، أما "الرباع" أو "الضماد" فهي أداة تثبيت البقر بالمحراث وتُستخدم لضبط المسافة بينهما، حيث يربط رأس المحراث بحبل مصنوع في الغالب من الجلد أو من ألياف النخيل، الذي يتصل بالضماد وهي عبارة عن أداة مصنوعة من الخشب توضع فوق رقاب الثيران المستخدمة في سحب المحراث، ولها زنود يبلغ طولها 70 سم يتم إسقاطها من خلال أربعة ثقوب لتُربط من تحت رقبة البقر بواسطة حبل لتثبيتها.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...oKBeHlCj3L.jpg
من جانبه يوضّح المزارع عبد الله عبد الرحمن الأسمري طريقة التعاون بين المزارعين في عملية الحراثة خلال موسم الحرث، مبينًا أنه في العادة يعمل على الزراعة التقليدية فلاحان يعمل الأول منهما على ضغط وموازنة "السنّة " أو ما يسمى بالمحراث في الأرض، والثاني يقوم بنثر البذور بشكل منتظم ويسمى "الذاري"، وبعد الانتهاء من عملية الحراثة يأتي دور "المكم" أو "المدسم" وهو عبارة عن خشبة عريضة يبلغ طولها مترين تجرها الثيران أو الجمال فوق الأرض المحروثة لمساواتها وتغطية البذور لحمايتها من الطيور والعوامل المناخية القاسية كالرياح والحرارة، مختتمًا حديثه بالقول "التطور مطلوب، ولكن المحافظة على تاريخ الزراعة في عسير مهم، ويجب علينا تعريف الأجيال كيف كانت الزراعة في الزمن الماضي، لأنها لم تكن عملًا فقط، بل كانت حياة أجيال".
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...8jj1FajXlR.jpg
وتمر عملية الحراثة التقليدية بأربع مراحل بهدف الحصول على محاصيل ذات كميات وفيرة وقيمة غذائية جيدة، فالحرث الأول لتهيئة التربة وقلبها ثم يليه الثاني لزيادة التهيئة وشق التربة بشكل أكبر لدخول الهواء والماء، ثم يأتي الحرث الثالث الذي يسمى بالتوجيه وهو توجيه المزرعة لبذر الحبوب، ثم المرحلة الأخيرة وهي توزيع الحبوب في التربية بشكل مناسب ومتناسق وتغطيتها بـ "المدسم".
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...8Z9ciLbwPj.jpg
ورغم توفر المعدات الحديثة، يرى الكثير من المزارعين في عسير أن الحرث التقليدي بالأبقار يترك أثرًا طيبًا على التربة، ويمنحهم قدرة على التحكم في الأرض بطريقة أقرب للطبيعة، كما أن هذه الطريقة تساعد في الحفاظ على خصوبة التربة وتقليل الاعتماد على المحروقات.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...dZr4YYRLp5.jpg
وتظل الحراثة التقليدية في عسير أكثر من مجرد وسيلة لإعداد الأرض، بل هي ارتباط بالهوية، ووفاء لتاريخ الأجداد، واستمرار لمسيرة العطاء بين الإنسان وأرضه.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...S6v0kSQodx.jpg
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...bIZ1Cpt8eO.jpg
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...702wVct1fu.jpg
https://pbs.twimg.com/media/Go5khMYW...jpg&name=small
19 شوال 1446هـ 17 أبريل 2025م
ويحرص مزارعو عسير في مواسم محددة من فصول السنة للمسارعة في تهوية مزارعهم وتقليبها سواء بالآلات الحديثة أو الأدوات التقليدية باستخدام المحراث الخشبي وذلك للمحافظة على جودة تربتها وتهيئتها للموسم الزراعي المقبل، خاصة المدرجات الزراعية التي لا يمكن للآلات الحديثة وصولها، أو لوعورة الطرق المؤدية أو عدم توفر الطرق المناسبة لها.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...i62QvWTgVS.jpg
والتقت "واس" خلال جولتها بعدد من المتخصصين والمزارعين في المنطقة، الذين أفادوا بأن حرث المزارع يتم في أوقات محددة من السنة، ويعتمد المزارعون على أنواء الحرث المتعارف عليها بينهم.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...MSkTuJ0Qkp.jpg
وأوضح الباحث في علوم التراث والآثار والمهتم بالتقويم الزراعي في منطقة عسير د. عبد الله بن علي آل موسى أن التقسيمات الموسمية مستمدة من حركة النجوم وتغير الطقس، التي يستخدمها المزارعون لتحديد مواعيد الزراعة والحرث، ومنها "نوء الذراعين" المعروف ببداية موسم الزراعة الربيعية، و نوء "الثريا" الذي يُعد موسمًا جيدًا لزراعة الذرة والدخن، ونوء "الهنعة" الذي يعتبر من المواسم المهمة لحرث الأراضي قبل دخول الخريف.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...EN4nK0uKNz.jpg
ويقول المزارع مسفر القحطاني الذي أفنى عمره في حرث مزارعه والعناية بها وما يزال يحرث بعضها باستخدام الأبقار وأدوات الأجداد: "نحن نتابع الأنْواء ونسمع من كبار السن، ونعرف متى نحرث الأرض، ومتى نتركها لترتاح، فالفلك والزراعة في عسير مرتبطان من مئات السنين"، واصفًا آلية استخدام الحرث التقليدي والعناية بالمزارع بأنها تعتمد على الأبقار بشكل كبير وآلة المحراث القديمة، ويضيف: "الزراعة القديمة ليست مجرد طريقة عمل، بل هي أسلوب حياة، نحترم فيه الأرض ونفهم متى تعطينا ومتى ترتاح".
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...3sLrMbwdvU.jpg
ويشرح المزارع عبد الكريم الشهري طريقة الحرث بالأبقار، موضحًا أنها تبدأ بالتجهيز من خلال ربط ثورين عبر أداة خشبية تُسمى "النِّير" وهي التي توضع على رقبتي البقر لتثبيتهما معًا، ثم تُشدّ إلى أداة الحرث المعروفة باسم "السِّكّة" وهي عبارة عن قطعة حديدية ذات نصل حاد، تُثبت في مؤخرة محراث خشبي، وتستخدم لشقّ التربة وقلبها.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...mGFfAD5EDu.jpg
ويضيف الشهري أن من الأدوات المستخدمة في الزراعة قديمًا "المحراث" المصنوع غالبًا من خشب السدر أو العرعر، الذي يُثبت فيه نصل الحديد، وكذلك "المدرّة" وهي عبارة عن قطعة خشبية تُمسك باليد لتوجيه السكة أثناء الحرث، أما "الرباع" أو "الضماد" فهي أداة تثبيت البقر بالمحراث وتُستخدم لضبط المسافة بينهما، حيث يربط رأس المحراث بحبل مصنوع في الغالب من الجلد أو من ألياف النخيل، الذي يتصل بالضماد وهي عبارة عن أداة مصنوعة من الخشب توضع فوق رقاب الثيران المستخدمة في سحب المحراث، ولها زنود يبلغ طولها 70 سم يتم إسقاطها من خلال أربعة ثقوب لتُربط من تحت رقبة البقر بواسطة حبل لتثبيتها.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...oKBeHlCj3L.jpg
من جانبه يوضّح المزارع عبد الله عبد الرحمن الأسمري طريقة التعاون بين المزارعين في عملية الحراثة خلال موسم الحرث، مبينًا أنه في العادة يعمل على الزراعة التقليدية فلاحان يعمل الأول منهما على ضغط وموازنة "السنّة " أو ما يسمى بالمحراث في الأرض، والثاني يقوم بنثر البذور بشكل منتظم ويسمى "الذاري"، وبعد الانتهاء من عملية الحراثة يأتي دور "المكم" أو "المدسم" وهو عبارة عن خشبة عريضة يبلغ طولها مترين تجرها الثيران أو الجمال فوق الأرض المحروثة لمساواتها وتغطية البذور لحمايتها من الطيور والعوامل المناخية القاسية كالرياح والحرارة، مختتمًا حديثه بالقول "التطور مطلوب، ولكن المحافظة على تاريخ الزراعة في عسير مهم، ويجب علينا تعريف الأجيال كيف كانت الزراعة في الزمن الماضي، لأنها لم تكن عملًا فقط، بل كانت حياة أجيال".
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...8jj1FajXlR.jpg
وتمر عملية الحراثة التقليدية بأربع مراحل بهدف الحصول على محاصيل ذات كميات وفيرة وقيمة غذائية جيدة، فالحرث الأول لتهيئة التربة وقلبها ثم يليه الثاني لزيادة التهيئة وشق التربة بشكل أكبر لدخول الهواء والماء، ثم يأتي الحرث الثالث الذي يسمى بالتوجيه وهو توجيه المزرعة لبذر الحبوب، ثم المرحلة الأخيرة وهي توزيع الحبوب في التربية بشكل مناسب ومتناسق وتغطيتها بـ "المدسم".
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...8Z9ciLbwPj.jpg
ورغم توفر المعدات الحديثة، يرى الكثير من المزارعين في عسير أن الحرث التقليدي بالأبقار يترك أثرًا طيبًا على التربة، ويمنحهم قدرة على التحكم في الأرض بطريقة أقرب للطبيعة، كما أن هذه الطريقة تساعد في الحفاظ على خصوبة التربة وتقليل الاعتماد على المحروقات.
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...dZr4YYRLp5.jpg
وتظل الحراثة التقليدية في عسير أكثر من مجرد وسيلة لإعداد الأرض، بل هي ارتباط بالهوية، ووفاء لتاريخ الأجداد، واستمرار لمسيرة العطاء بين الإنسان وأرضه.
تم تصويب (6) اخطاء، منها:
(عبدالله) و(يسمى "بالذاري") إلى
(عبد الله) و(يسمى بـ"الذاري")
(عبدالله) و(يسمى "بالذاري") إلى
(عبد الله) و(يسمى بـ"الذاري")
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...S6v0kSQodx.jpg
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...bIZ1Cpt8eO.jpg
https://portalcdn.spa.gov.sa/backend...702wVct1fu.jpg