خلق الإنسان لعمارة الأرض، واستخلف فيها لبناء الحياة، وجبل على العبودية، فالتدين جبلة فيه، وهو ضروري لحياته، مع كونه واجبا عليه.
والتدين صلة العبد بربه ، والخالق هو العليم بحاجة المخلوق ، الخبير بما يصلحه وما يؤذيه . فالدين قانون ينظم هذه العلاقة ، ويقيم الحياة الدنيا ، لتكون السعادة في الأخرى ، وليعم العدل في الأرض .
وتأمل قول الحق تبارك وتعالى (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس) كما جعل المال كذلك في قوله ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما ) .
فالدين إصلاح للدنيا ، قبل أن يكون إصلاحا للآخرة ، ولا يمكن للإنسان أن يعيش إلا متدينا ، ولا يمكنه أن يفصل بين دينه وحياته ، ولا أن يستقل بتدابير نفسه ، ولا تسير حياته ما لم يكن له حبل منه السماء ، وقد أثبتت التجارب أن الأنظمة الوضعية التي يختارها البشر تؤول في النهاية إلى السقوط والانهيار ، إذ لا تحقق العدل ولا تقيم الوزن بالقسط . ذلك أن الإنسان مهما تقدمت به الخبرة يظل قاصراعن الاستقلال بأموره.
وقد وصل الطبيب الفرنسي ألكسس كاريل في كتابه ( الإنسان ذلك المجهول ) إلى هذه النتيجة ، وهي : أن الإنسان لا يمكنه الاستقلال برسم حياته وتنظيمها بعيدا عن الإله ، فالإنسان جاهل بنفسه فكيف يستقل بحياته ، والله تعالى يقول ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ).
فالتدين ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها في الحياة ، ومن أجل هذا جاء الإسلام نظاما شموليا ، لم يدع شاردة ولا واردة إلا وحدد موقفه منها ، ووضع أثره وبصمتها عليها ، وحدد اتجاهها الصحيح ، فهو قانون كامل ، ليس مقصورا على طقوس وعبادات تؤدى بين المخلوق وخالقه ، وإذا أطللت قليلا في أي كتاب من كتب الفقه ستجد أن تلك الطقوس تشكل 25% من مجموع الإسلام ولهذا يسميها العلماء ( ربع العبادات ) وحتى هذه العبادات هي بمثابة التهيئة والتوطئة النفسية للقيام بالثلاثة الأرباع الأخرى ، ولهذا كان ترتيبها في كتب الفقه مقدما ، لتتم التربية الروحية حتى يقدم الإنسان على ممارسة دوره في إصلاح الحياة بروح حية مستقيمة تخاف الله وتعرف أهمية أن يكون الإنسان أمينا في أداء واجباته ، وهذه التهيئة النفسية هي أعظم أثرا من كل قوانين الردع التي يضعها البشر ،فكل قانون بإمكان الإنسان التملص والتحايل عليه ، لكن الإيمان والخوف من الله إذا تمكن من قلب العبد فإنه أكبر رادع عن كل ما لا ينبغي له أن يفعله ، وإن غاب عن كل أجهزة الرقابة في العالم ، فإنه يعلم أنه لا يمكن أن يغيب عن عين الله التي لا تنام.
لقد وضعت أمريكا في أوائل القرن الميلادي المنصرم قوانين صارمة راح زهاءها مئات الآلاف من البشر، وأنفقت فيها ملايين الدولارات ، من أجل قوانين سنتها لمنع تعاطي الخمر ، وفي النهاية أخفقت تلك السياسة ، بسبب تحايل الإنسان تارة ، ومقاومته تارة أخرى.
لكنك لو نظرت في مجتمع عربي حديث العهد بالتخلف والهمجية ، ورأيت كيف استطاع النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يستأصل هذه العادة التي كان العرب يعدونها من أعظم مآثرهم ، لرأيت كيف أن الإيمان هو أعظم مؤثر وطريق لإصلاح الحياة ، وأعظم رادع للناس عن الخطأ ، لقد نزل تحريم الخمر وهو حبيب إلى نفوس الصحابة ، لكنهم ما إن سمعوا به إلا وأراقوه وكسروا الدنان التي كان فيها ، حصل هذا دون أن ينفق صلى الله عليه وسلم درهما واحدا ، ودون أن يعلو صوت ، ودون أن يخدش أحد ولو بشوكة.
فأقول بعد هذا إن أي محاولة لفصل الدين عن حياة الناس ستبوء بفشل ذريع . ولو سعى المنتسبون إلى الإسلام الذين يطلبون الحرية والعدالة في تجديد ما خلق من تعاليم الإسلام ، التي ينشدونها ، ويدندنون حولها لكان أنجع في علاج ما خرب من أحوال مجتمعاتهم ، فالحرية والعدالة ، والشفافية ، وأمور أخرى هي من صميم دين الإسلام ، وسوق الناس بالدين إلى ما يحقق المراد أيسر، وأوقع ، فأما إذ لم يريدوا ذلك ، وإنما هي شعارات براقة لكي تبهر العين فلا تبصر ما يراد من رفعها فذاك شأن آخر، والله المستعان.
والتدين صلة العبد بربه ، والخالق هو العليم بحاجة المخلوق ، الخبير بما يصلحه وما يؤذيه . فالدين قانون ينظم هذه العلاقة ، ويقيم الحياة الدنيا ، لتكون السعادة في الأخرى ، وليعم العدل في الأرض .
وتأمل قول الحق تبارك وتعالى (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس) كما جعل المال كذلك في قوله ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما ) .
فالدين إصلاح للدنيا ، قبل أن يكون إصلاحا للآخرة ، ولا يمكن للإنسان أن يعيش إلا متدينا ، ولا يمكنه أن يفصل بين دينه وحياته ، ولا أن يستقل بتدابير نفسه ، ولا تسير حياته ما لم يكن له حبل منه السماء ، وقد أثبتت التجارب أن الأنظمة الوضعية التي يختارها البشر تؤول في النهاية إلى السقوط والانهيار ، إذ لا تحقق العدل ولا تقيم الوزن بالقسط . ذلك أن الإنسان مهما تقدمت به الخبرة يظل قاصراعن الاستقلال بأموره.
وقد وصل الطبيب الفرنسي ألكسس كاريل في كتابه ( الإنسان ذلك المجهول ) إلى هذه النتيجة ، وهي : أن الإنسان لا يمكنه الاستقلال برسم حياته وتنظيمها بعيدا عن الإله ، فالإنسان جاهل بنفسه فكيف يستقل بحياته ، والله تعالى يقول ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ).
فالتدين ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها في الحياة ، ومن أجل هذا جاء الإسلام نظاما شموليا ، لم يدع شاردة ولا واردة إلا وحدد موقفه منها ، ووضع أثره وبصمتها عليها ، وحدد اتجاهها الصحيح ، فهو قانون كامل ، ليس مقصورا على طقوس وعبادات تؤدى بين المخلوق وخالقه ، وإذا أطللت قليلا في أي كتاب من كتب الفقه ستجد أن تلك الطقوس تشكل 25% من مجموع الإسلام ولهذا يسميها العلماء ( ربع العبادات ) وحتى هذه العبادات هي بمثابة التهيئة والتوطئة النفسية للقيام بالثلاثة الأرباع الأخرى ، ولهذا كان ترتيبها في كتب الفقه مقدما ، لتتم التربية الروحية حتى يقدم الإنسان على ممارسة دوره في إصلاح الحياة بروح حية مستقيمة تخاف الله وتعرف أهمية أن يكون الإنسان أمينا في أداء واجباته ، وهذه التهيئة النفسية هي أعظم أثرا من كل قوانين الردع التي يضعها البشر ،فكل قانون بإمكان الإنسان التملص والتحايل عليه ، لكن الإيمان والخوف من الله إذا تمكن من قلب العبد فإنه أكبر رادع عن كل ما لا ينبغي له أن يفعله ، وإن غاب عن كل أجهزة الرقابة في العالم ، فإنه يعلم أنه لا يمكن أن يغيب عن عين الله التي لا تنام.
لقد وضعت أمريكا في أوائل القرن الميلادي المنصرم قوانين صارمة راح زهاءها مئات الآلاف من البشر، وأنفقت فيها ملايين الدولارات ، من أجل قوانين سنتها لمنع تعاطي الخمر ، وفي النهاية أخفقت تلك السياسة ، بسبب تحايل الإنسان تارة ، ومقاومته تارة أخرى.
لكنك لو نظرت في مجتمع عربي حديث العهد بالتخلف والهمجية ، ورأيت كيف استطاع النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يستأصل هذه العادة التي كان العرب يعدونها من أعظم مآثرهم ، لرأيت كيف أن الإيمان هو أعظم مؤثر وطريق لإصلاح الحياة ، وأعظم رادع للناس عن الخطأ ، لقد نزل تحريم الخمر وهو حبيب إلى نفوس الصحابة ، لكنهم ما إن سمعوا به إلا وأراقوه وكسروا الدنان التي كان فيها ، حصل هذا دون أن ينفق صلى الله عليه وسلم درهما واحدا ، ودون أن يعلو صوت ، ودون أن يخدش أحد ولو بشوكة.
فأقول بعد هذا إن أي محاولة لفصل الدين عن حياة الناس ستبوء بفشل ذريع . ولو سعى المنتسبون إلى الإسلام الذين يطلبون الحرية والعدالة في تجديد ما خلق من تعاليم الإسلام ، التي ينشدونها ، ويدندنون حولها لكان أنجع في علاج ما خرب من أحوال مجتمعاتهم ، فالحرية والعدالة ، والشفافية ، وأمور أخرى هي من صميم دين الإسلام ، وسوق الناس بالدين إلى ما يحقق المراد أيسر، وأوقع ، فأما إذ لم يريدوا ذلك ، وإنما هي شعارات براقة لكي تبهر العين فلا تبصر ما يراد من رفعها فذاك شأن آخر، والله المستعان.
بقلم : الشيخ عادل الكلباني - المصدر : جريدة الرياض