الجديدة - عزيز الحاج : بعد أيام سيحل موعد اليوم العالمي للمرأة. وهذا مقال أول يكتب بالمناسبة. وهذه ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن الموضوع فهو يحتاج لتكرار وتذكير مستمر. ولعلني سأورد هنا بعض المعلومات التي سبق لي عرضها في مقالات سابقة، وذلك لخطورتها ولاستمرار نفس الممارسات.
إننا نعرف أنه منذ أكثر من عام ونحن نسمع عن بشائر الديمقراطية الربيعية مع الانتفاضات القائمة. وكما أعلم، فإن معيارا أساسيا للديمقراطية والدولة المدنية- التي تلتزم بحقوق الإنسان- هو الموقف من المرأة.
إذا نظرنا لما يحصل في دول هذا ” الربيع”، فإننا نجد تراجعا مقلقا فيما يخص حقوق المرأة، تراجعا عن أوضاع لم تكن إيجابية كلها إلا في بعض الدول منها. ففي ليبيا بشرونا بنظام أحكام الشريعة ورفع الحظر عن تعدد الزوجات، وهو الحظر الذي صدر زمن القذافي. وفي تونس، التي كانت الرائدة في حقوق المرأة والحداثة، تعرضت الجامعات إلى حملات الإسلاميين ولابسات النقاب. وفي مصر، التي صدرت فيها زمن مبارك عدة تشريعات تقدمية لصالح المرأة، تحتج “أخوات ” المسلمين على تأسيس مجلس المرأة بحجة أنه تثبيت لما كان قائما زمن مبارك وسوزان. و”الأخوات” اللواتي رشحن للانتخابات نشرن صور أزواجهن في الحملة الانتخابية بدل صورهن مادمن يؤمنّ بأن الرجل قوام على المرأة، كما تعتقد أيضا وزيرة شؤون المرأة في العراق!
إنه يمكن القول إن قضية المرأة هي البؤرة التي نستشف منها كل أمراض التخلف والاستبداد والفساد في المجتمعات العربية.
عندما نتحدث عن مشاكل المرأة العربية، سابقا واليوم أيضا مع هذا “الربيع”الوهمي، فليس ذلك للقول بأن المرأة وحدها لها مشاكل كبرى ، وإنما للتأكيد على أن مشاكلها والنظرة إليها في العالم العربي[ وعلى عموم البلدان الإسلامية] مؤشر خطير ومقلق لمدى تخلف هذه المجتمعات، ولمدى بعدها عن مستلزمات العصر وعن مبادئ العدالة والمساواة، برغم كل ما هو رائج فيها من استخدام التكنولوجيا الحديثة المستوردة من الغرب.
المرأة في كل مكان لها مشاكل تختلف من بلد ونظام لغيرهما، ومن تقاليد وحضارة لأخرى. فالعنف الزوجي، والعنف بوجه عام من اغتصاب مثلا، ظاهرة حتى في الدول الديمقراطية. والفارق أن في هذه الدول ثقافة ورأيا عاما وقضاء وقوانين ومجتمعات مدنية تراقب وترفض وتعاقب. أما في معظم المجتمعات الإسلامية، فإن الوضع معكوس. فالمرأة ليست فقط تتعرض لأبشع أنواع العنف باسم الشرف أو باسم الطاعة أو لرفض الزواج المدبر، وإنما ينظر إليها كرجس ومصدر خطيئة وجسد للتمتع به متى شاء الرجل.
في المجتمعات الإسلامية يلوي الفقهاء وأئمة المساجد عنق الدين ليخرجوا علينا بمئات الفتاوى الغريبة الفنطازية عن المرأة والجنس والنقاب وخطبة الرضيعة وزواج الطفلة القاصرة، وعن تشابه وجه المرأة وعضوها الجنسي، ناهيكم عما يعرف بولاية الأمر، حتى أنه في حالات كثيرة تحرم المرأة من دخول المستشفى أو الخروج منه أو التوقيع على إجراء أية عملية إلا بموافقة ولي الأمر. وكتب صحفي خليجي مرة: ” يحز في النفس أن تنتظر أم في الخمسين في أحد أقسام المستشفى ساعات طويلة تنتظر ابنها في المتوسطة للحضور والتوقيع على إذن الخروج لها، وكأنها بهيمة الأنعام التي يلزمها الإنسان لدلالتها الطريق.” مرة أخرى هذا ما يظهر تؤمن به السيدة المبجلة وزيرتنا لشؤون المرأة العراقية!
منذ أقدم الأزمان كان للمرأة في المنطقة العربية مكانتها، وذلك خلافا لما يجري تدريسه في العديد من دولنا. في المنطقة ظهرت بلقيس وكليوبترة. وفي الحضارات القديمة كانت المرأة آلهة تعبد. وفي الجاهلية- التي تسوّد كتب التاريخ صفحاتها- كان للمرأة حقوق وحريات برغم أن بعض القبائل كانت تئد الأولاد بسبب الفقر[ خشية إملاق]. وتذكرنا الكاتبة السعودية وجيهة الجويدر بأن مشاهير انتسبوا لأمهاتهم، من أمثال الصحابي [ الزبير بن صفية] والشاعر [ عمرو بن كلثوم] والشاعر [ زهير بن أبي سلمى]. وكانت قبائل تنسب لنساء مثل قبيلة بني [ عذرة] التي اشتهرت بالغزل. ونسبت إلى النساء أيضا تضاريس جغرافية مثل [ وادي فاطمة] و[ جبل سلمى] التي يقطن فيه بنو شمّر.
من المؤلم أن أوضاع المرأة تراجعت اليوم على النطاقين العربي والإسلامي. طالبان تدمر مدارس البنات، وقتل المرأة في باكستان طقس دائم، والنقاب مفروض فرضا في معظم دول الخليج، وهو راح يروج حتى في الغرب. وملاحقة المرأة العربية والمسلمة باسم غسل العار أو عدم الطاعة ظاهرة نجدها حتى في الدول الغربية بين الجاليات المسلمة، كما حدث مرارا في ألمانيا وفي السويد- ناهيكم عن فرض الزواج على القاصرات. وحدث في ضاحية باريسية أن أقدم شاب مسلم على قتل شابة حرقا لكونها رفضت صداقته. أحرقها على قارعة الطريق دون أن يتدخل المارة والمشاهدون وهم من أبناء الهجرة المغاربية! ومع أن المرأة المسلمة في كردستان العراق كانت تمتع بحقوق لا بأس بها، ولا تزال، فإن الإقليم تحول منذ سنوات ]ب كما كتبنا في مرة سابقة] لمحرقة للمرأة على أيدي أحد أولياء الأمر أو إجبارها على الانتحار حرقا- وهذا برغم كل ما حققه الإقليم من تقدم عمراني وخدماتي ومعيشي وسياسي.
إن المرأة هي الحد الحقيقي بين القديم المتخلف والمظلم وبين التحديث الإنساني المطلوب. وإذا كانت الحرية والمساواة لب الديمقراطية، فإن لب هذا اللب هو إلغاء جميع أشكال التمييز نحو المرأة، وفي كافة الميادين، وعلى كل الأصعدة.
إن حقوق الرجل وحرياته، وإن حقوق المرأة وحرياتها كل لا يتجزأ، ولذا فإن من واجب الرجل المؤمن حقا بحقوقه وبالحرية والديمقراطية أن يناهض جميع أشكال ودرجات الظلم الذي تعاني منها المرأة المسلمة، وأن يكافح، فكريا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا، النظرة الذكورية الدونية نحو المرأة، وهي النظرة التي تحملها أيضا أنماط معينة من النساء المؤدلجات كأخوات مصر، وكوزيرتنا لشؤون المرأة والعديد من نائبات الإسلام السياسي الذي يحكم العراق.
إننا نعرف أنه منذ أكثر من عام ونحن نسمع عن بشائر الديمقراطية الربيعية مع الانتفاضات القائمة. وكما أعلم، فإن معيارا أساسيا للديمقراطية والدولة المدنية- التي تلتزم بحقوق الإنسان- هو الموقف من المرأة.
إذا نظرنا لما يحصل في دول هذا ” الربيع”، فإننا نجد تراجعا مقلقا فيما يخص حقوق المرأة، تراجعا عن أوضاع لم تكن إيجابية كلها إلا في بعض الدول منها. ففي ليبيا بشرونا بنظام أحكام الشريعة ورفع الحظر عن تعدد الزوجات، وهو الحظر الذي صدر زمن القذافي. وفي تونس، التي كانت الرائدة في حقوق المرأة والحداثة، تعرضت الجامعات إلى حملات الإسلاميين ولابسات النقاب. وفي مصر، التي صدرت فيها زمن مبارك عدة تشريعات تقدمية لصالح المرأة، تحتج “أخوات ” المسلمين على تأسيس مجلس المرأة بحجة أنه تثبيت لما كان قائما زمن مبارك وسوزان. و”الأخوات” اللواتي رشحن للانتخابات نشرن صور أزواجهن في الحملة الانتخابية بدل صورهن مادمن يؤمنّ بأن الرجل قوام على المرأة، كما تعتقد أيضا وزيرة شؤون المرأة في العراق!
إنه يمكن القول إن قضية المرأة هي البؤرة التي نستشف منها كل أمراض التخلف والاستبداد والفساد في المجتمعات العربية.
عندما نتحدث عن مشاكل المرأة العربية، سابقا واليوم أيضا مع هذا “الربيع”الوهمي، فليس ذلك للقول بأن المرأة وحدها لها مشاكل كبرى ، وإنما للتأكيد على أن مشاكلها والنظرة إليها في العالم العربي[ وعلى عموم البلدان الإسلامية] مؤشر خطير ومقلق لمدى تخلف هذه المجتمعات، ولمدى بعدها عن مستلزمات العصر وعن مبادئ العدالة والمساواة، برغم كل ما هو رائج فيها من استخدام التكنولوجيا الحديثة المستوردة من الغرب.
المرأة في كل مكان لها مشاكل تختلف من بلد ونظام لغيرهما، ومن تقاليد وحضارة لأخرى. فالعنف الزوجي، والعنف بوجه عام من اغتصاب مثلا، ظاهرة حتى في الدول الديمقراطية. والفارق أن في هذه الدول ثقافة ورأيا عاما وقضاء وقوانين ومجتمعات مدنية تراقب وترفض وتعاقب. أما في معظم المجتمعات الإسلامية، فإن الوضع معكوس. فالمرأة ليست فقط تتعرض لأبشع أنواع العنف باسم الشرف أو باسم الطاعة أو لرفض الزواج المدبر، وإنما ينظر إليها كرجس ومصدر خطيئة وجسد للتمتع به متى شاء الرجل.
في المجتمعات الإسلامية يلوي الفقهاء وأئمة المساجد عنق الدين ليخرجوا علينا بمئات الفتاوى الغريبة الفنطازية عن المرأة والجنس والنقاب وخطبة الرضيعة وزواج الطفلة القاصرة، وعن تشابه وجه المرأة وعضوها الجنسي، ناهيكم عما يعرف بولاية الأمر، حتى أنه في حالات كثيرة تحرم المرأة من دخول المستشفى أو الخروج منه أو التوقيع على إجراء أية عملية إلا بموافقة ولي الأمر. وكتب صحفي خليجي مرة: ” يحز في النفس أن تنتظر أم في الخمسين في أحد أقسام المستشفى ساعات طويلة تنتظر ابنها في المتوسطة للحضور والتوقيع على إذن الخروج لها، وكأنها بهيمة الأنعام التي يلزمها الإنسان لدلالتها الطريق.” مرة أخرى هذا ما يظهر تؤمن به السيدة المبجلة وزيرتنا لشؤون المرأة العراقية!
منذ أقدم الأزمان كان للمرأة في المنطقة العربية مكانتها، وذلك خلافا لما يجري تدريسه في العديد من دولنا. في المنطقة ظهرت بلقيس وكليوبترة. وفي الحضارات القديمة كانت المرأة آلهة تعبد. وفي الجاهلية- التي تسوّد كتب التاريخ صفحاتها- كان للمرأة حقوق وحريات برغم أن بعض القبائل كانت تئد الأولاد بسبب الفقر[ خشية إملاق]. وتذكرنا الكاتبة السعودية وجيهة الجويدر بأن مشاهير انتسبوا لأمهاتهم، من أمثال الصحابي [ الزبير بن صفية] والشاعر [ عمرو بن كلثوم] والشاعر [ زهير بن أبي سلمى]. وكانت قبائل تنسب لنساء مثل قبيلة بني [ عذرة] التي اشتهرت بالغزل. ونسبت إلى النساء أيضا تضاريس جغرافية مثل [ وادي فاطمة] و[ جبل سلمى] التي يقطن فيه بنو شمّر.
من المؤلم أن أوضاع المرأة تراجعت اليوم على النطاقين العربي والإسلامي. طالبان تدمر مدارس البنات، وقتل المرأة في باكستان طقس دائم، والنقاب مفروض فرضا في معظم دول الخليج، وهو راح يروج حتى في الغرب. وملاحقة المرأة العربية والمسلمة باسم غسل العار أو عدم الطاعة ظاهرة نجدها حتى في الدول الغربية بين الجاليات المسلمة، كما حدث مرارا في ألمانيا وفي السويد- ناهيكم عن فرض الزواج على القاصرات. وحدث في ضاحية باريسية أن أقدم شاب مسلم على قتل شابة حرقا لكونها رفضت صداقته. أحرقها على قارعة الطريق دون أن يتدخل المارة والمشاهدون وهم من أبناء الهجرة المغاربية! ومع أن المرأة المسلمة في كردستان العراق كانت تمتع بحقوق لا بأس بها، ولا تزال، فإن الإقليم تحول منذ سنوات ]ب كما كتبنا في مرة سابقة] لمحرقة للمرأة على أيدي أحد أولياء الأمر أو إجبارها على الانتحار حرقا- وهذا برغم كل ما حققه الإقليم من تقدم عمراني وخدماتي ومعيشي وسياسي.
إن المرأة هي الحد الحقيقي بين القديم المتخلف والمظلم وبين التحديث الإنساني المطلوب. وإذا كانت الحرية والمساواة لب الديمقراطية، فإن لب هذا اللب هو إلغاء جميع أشكال التمييز نحو المرأة، وفي كافة الميادين، وعلى كل الأصعدة.
إن حقوق الرجل وحرياته، وإن حقوق المرأة وحرياتها كل لا يتجزأ، ولذا فإن من واجب الرجل المؤمن حقا بحقوقه وبالحرية والديمقراطية أن يناهض جميع أشكال ودرجات الظلم الذي تعاني منها المرأة المسلمة، وأن يكافح، فكريا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا، النظرة الذكورية الدونية نحو المرأة، وهي النظرة التي تحملها أيضا أنماط معينة من النساء المؤدلجات كأخوات مصر، وكوزيرتنا لشؤون المرأة والعديد من نائبات الإسلام السياسي الذي يحكم العراق.