الرياض - أحمد الغنام : يقدم التشكيلي ناصر التركي معرضه الشخصي وذلك يوم الاثنين المقبل في تمام الساعة الثامنة مساء بغاليري العالمية بجدة.. ويستمر لمدة عشرة أيام.. ويأتي هذا المعرض في تجربة جديدة للتشكيلي التركي حيث يقدم فيه مجموعة من أعماله أطلق عليها اسم "عرش الضوء" وتتكون من 30 عملاً فنياً.. امتداد لطريق "النور" التي يعبر الفنان التركي من خلالها الإنسان للوصول إلى نقطة البداية.
يقول عن تجربته الفنية الناقد والتشكيلي السيد الجزايرلي:"من المهم جداً أن يعرف التشكيلي ماذا يريد، ليس على المستوى الفني المرتبط بامتلاك الأدوات وتراكم الخبرات فقط، بل أيضاً على المستوى الفكري والفلسفي الذي يوثق علاقته كفنان مع ما يدور حوله اجتماعياً وإنسانياً، كما يجعله مدركاً لمتغيرات الدور الذي يقوم به في هذا السياق الجمالي، والفنان السعودي ناصر التركي من هؤلاء الفنانين الذين يؤمنون بقيمة الفعل التشكيلي عندما يحمل فكرة أو قضية أو رؤية فلسفية، فإذا رجعنا إلى بداياته حينما كانت الأحياء القديمة بكل بما تحمل من تراث عمراني هي عالم لوحاته، سنجد أنه كان يقدم طرحاً مغايراً يستند إلى معالجة عميقة للأشياء، وكانت أعماله تحقق قدراً معقولاً من الاختلاف عن أقرانه من جيل التشكيليين الشباب في هذا الاتجاه، ولعل هذا المسعى نحو الاختلاف هو الذي قاده بالتدرج والتمرس والتجريب إلى النقلة النوعية التي حدثت في مسار تجربته التشكيلية.. هذه النقلة التي تشكلت وتبلورت مع معرضيه الشخصيين: (رسائل في اتجاهين)، و(السفر إلى النور)، فقد استطاع التركي بعد هذين المعرضين بالتحديد أن يكرِّس اسمه كفنان يقدم تجربة مبنية على ركائز جمالية ناضجة، وهذا ما أشرت إليه في البداية بأنه من الفنانين الذين يدركون قيمة الفعل التشكيلي عندما يحمل فكرة أو قضية أو رؤية فلسفية لعلاقة الإنسان بالمجتمع أو بالكون".
ويضيف:"بعد مرحلة التشكل التي مرت بها تجربة ناصر التركي على مستويات متعددة من التجريب والقلق والمغامرة والتوتر أحياناً تحققت له خصائص فنية تميز أعماله، وتلفت بصيرة المتلقين إلى فضائه التشكيلي الذي يشبهه من حيث الإدراك والتفكير، فالحالة الفنية لدى التركي تنطلق من مخزون روحاني يتسم بالشاعرية في انسيابية الألوان ونقائها وتوزيعها بتكنيك خاص على مساحة اللوحة، كما أنها تنطلق في ذات الوقت من بعد رمزي مشدود باتجاه التعبيرية سواء من خلال التعامل مع الفكرة أو من خلال معالجة الموضوع، والأهم من ذلك رغبته الدائمة في الجنوح إلى الوحدة العضوية التي تتمثل عنده في (فكرة المعرض)، لتكون خيطاً فلسفياً يضع أعمال المعرض الواحد ضمن سياق جمالي ينحاز إلى وجهة محددة سلفاً، وبالتالي يلفت نظر المتلقي إلى التعامل مع معرضه على أساس أنه حالة متكاملة، صحيح هي حالة متعددة الرؤى والعناصر والأفكار والأبعاد، لكنها عندما تنتظم في سياق معرض واحد تتحول إلى حالة متماسكة، أي إنها تضع المعرض على مسار محور جمالي يطرحه الفنان من خلال مجموعة من اللوحات التي تختلف في مضمونها لكنها تنسجم مع الفكرة الأساسية، وهو ما يتجلى في أعمال هذا المعرض الذي اختار له عنوان (عرش الضوء)، وبرغم التوظيف الذي استثمر فيه ناصر التركي أبعاد اللونين: الأبيض والأسود بكل ما يحملانه من مخزون دلالي في الذاكرة الاجتماعية، لم يبعد التركي عن سياقه العام الذي تلعب الألوان فيه دوراً بصرياً بالغ الأهمية، فهو في هذه التجربة استطاع أن يؤسس لجزئية مهمة تعطي المتلقي انطباعاً إيجابياً حول خبرته الفنية في توظيف النور مقابل الظلام، وهي الثنائية الجدلية التي اشتغل عليها بكثافة في معرضه (السفر إلى النور)، لكنه في هذه التجربة الجديدة يسعى إلى توصيل الفكرة من دون إسراف في الألوان، ومن دون أن يغيِّب التأثير الرمزي أو السريالي، وكذلك من دون إسهاب في التفاصيل المتعلقة بالتشخيص، فالشخوص عنده تتمثل في تكوينات لونية تتماس مع جدلية الأبيض والأسود، مع حركة النور والعتمة، مع مساقط الضوء والظل، ومع الإيقاعات المتراقصة التي تفرضها ضربات الفرشاة على المساحات اللونية المتداخلة في تناغم حركي مدهش وممتع من الناحية البصرية والحسية".
إن الفنان ناصر التركي بهذه التجربة اللونية، التي اشتغل فيها على ثنائية ال (Black and White) والتي استثمر فيها الأكريلك كخامة لونية أساسية على مساحات متباينة من الكانفس، يفتح أفقاً جديداً على مرحلة مغايرة في مسيرته التشكيلية، سيلاحظ المتلقي في هذه التجربة تطوراً في ضربات الفرشاة الواثقة الممتدة على خريطة اللوحة، وسيلاحظ أن الحركة الانفعالية للفرشاة هي ترجمة فنية لانفعالات إنسانية وكونية صادقة، وهي ترجمة تعبيرية من التأمل الروحاني لحالة اليقين بجدوى الخروج من الظلمات إلى النور، فالفنان يرصد العلاقة الجدلية بين البياض المتمثل عادةً في النور والخير والمعرفة واليقين، والسواد المتمثل عادةً في الظلام والشر والجهل وعدم اليقين.. إنها حالة من الجدل الفلسفي بين لونين لكل منهما دلالته المضادة للآخر، ومع ذلك حاول ناصر التركي بناء علاقة إيجابية بين هذين اللونين المتجادلين، ويتضح ذلك من خلال خروجه باللون إلى المنطقة الرمادية التي يقدم فيها حلولاً منطقية للتوازن والمواءمة بين النقيضين: الأبيض المشع والأسود القاتم، وهو بذلك يضعنا أمام الفرضية اللونية المعروفة، وهي إظهار اللون من خلال نقيضه، أي إننا ندرك قيمة البياض من خلال مساحة السواد والعكس، بالإضافة إلى تخيل إمكانية العلاقة الإيجابية بين اللونين في المساحات الرمادية.. إنها تجربة مبنية على منطق التأمل.. تجربة تكشف عن مخزون هائل لدى فنان ينتصر للفكرة ويتمسك بقيمة المضمون.
يقول عن تجربته الفنية الناقد والتشكيلي السيد الجزايرلي:"من المهم جداً أن يعرف التشكيلي ماذا يريد، ليس على المستوى الفني المرتبط بامتلاك الأدوات وتراكم الخبرات فقط، بل أيضاً على المستوى الفكري والفلسفي الذي يوثق علاقته كفنان مع ما يدور حوله اجتماعياً وإنسانياً، كما يجعله مدركاً لمتغيرات الدور الذي يقوم به في هذا السياق الجمالي، والفنان السعودي ناصر التركي من هؤلاء الفنانين الذين يؤمنون بقيمة الفعل التشكيلي عندما يحمل فكرة أو قضية أو رؤية فلسفية، فإذا رجعنا إلى بداياته حينما كانت الأحياء القديمة بكل بما تحمل من تراث عمراني هي عالم لوحاته، سنجد أنه كان يقدم طرحاً مغايراً يستند إلى معالجة عميقة للأشياء، وكانت أعماله تحقق قدراً معقولاً من الاختلاف عن أقرانه من جيل التشكيليين الشباب في هذا الاتجاه، ولعل هذا المسعى نحو الاختلاف هو الذي قاده بالتدرج والتمرس والتجريب إلى النقلة النوعية التي حدثت في مسار تجربته التشكيلية.. هذه النقلة التي تشكلت وتبلورت مع معرضيه الشخصيين: (رسائل في اتجاهين)، و(السفر إلى النور)، فقد استطاع التركي بعد هذين المعرضين بالتحديد أن يكرِّس اسمه كفنان يقدم تجربة مبنية على ركائز جمالية ناضجة، وهذا ما أشرت إليه في البداية بأنه من الفنانين الذين يدركون قيمة الفعل التشكيلي عندما يحمل فكرة أو قضية أو رؤية فلسفية لعلاقة الإنسان بالمجتمع أو بالكون".
ويضيف:"بعد مرحلة التشكل التي مرت بها تجربة ناصر التركي على مستويات متعددة من التجريب والقلق والمغامرة والتوتر أحياناً تحققت له خصائص فنية تميز أعماله، وتلفت بصيرة المتلقين إلى فضائه التشكيلي الذي يشبهه من حيث الإدراك والتفكير، فالحالة الفنية لدى التركي تنطلق من مخزون روحاني يتسم بالشاعرية في انسيابية الألوان ونقائها وتوزيعها بتكنيك خاص على مساحة اللوحة، كما أنها تنطلق في ذات الوقت من بعد رمزي مشدود باتجاه التعبيرية سواء من خلال التعامل مع الفكرة أو من خلال معالجة الموضوع، والأهم من ذلك رغبته الدائمة في الجنوح إلى الوحدة العضوية التي تتمثل عنده في (فكرة المعرض)، لتكون خيطاً فلسفياً يضع أعمال المعرض الواحد ضمن سياق جمالي ينحاز إلى وجهة محددة سلفاً، وبالتالي يلفت نظر المتلقي إلى التعامل مع معرضه على أساس أنه حالة متكاملة، صحيح هي حالة متعددة الرؤى والعناصر والأفكار والأبعاد، لكنها عندما تنتظم في سياق معرض واحد تتحول إلى حالة متماسكة، أي إنها تضع المعرض على مسار محور جمالي يطرحه الفنان من خلال مجموعة من اللوحات التي تختلف في مضمونها لكنها تنسجم مع الفكرة الأساسية، وهو ما يتجلى في أعمال هذا المعرض الذي اختار له عنوان (عرش الضوء)، وبرغم التوظيف الذي استثمر فيه ناصر التركي أبعاد اللونين: الأبيض والأسود بكل ما يحملانه من مخزون دلالي في الذاكرة الاجتماعية، لم يبعد التركي عن سياقه العام الذي تلعب الألوان فيه دوراً بصرياً بالغ الأهمية، فهو في هذه التجربة استطاع أن يؤسس لجزئية مهمة تعطي المتلقي انطباعاً إيجابياً حول خبرته الفنية في توظيف النور مقابل الظلام، وهي الثنائية الجدلية التي اشتغل عليها بكثافة في معرضه (السفر إلى النور)، لكنه في هذه التجربة الجديدة يسعى إلى توصيل الفكرة من دون إسراف في الألوان، ومن دون أن يغيِّب التأثير الرمزي أو السريالي، وكذلك من دون إسهاب في التفاصيل المتعلقة بالتشخيص، فالشخوص عنده تتمثل في تكوينات لونية تتماس مع جدلية الأبيض والأسود، مع حركة النور والعتمة، مع مساقط الضوء والظل، ومع الإيقاعات المتراقصة التي تفرضها ضربات الفرشاة على المساحات اللونية المتداخلة في تناغم حركي مدهش وممتع من الناحية البصرية والحسية".
إن الفنان ناصر التركي بهذه التجربة اللونية، التي اشتغل فيها على ثنائية ال (Black and White) والتي استثمر فيها الأكريلك كخامة لونية أساسية على مساحات متباينة من الكانفس، يفتح أفقاً جديداً على مرحلة مغايرة في مسيرته التشكيلية، سيلاحظ المتلقي في هذه التجربة تطوراً في ضربات الفرشاة الواثقة الممتدة على خريطة اللوحة، وسيلاحظ أن الحركة الانفعالية للفرشاة هي ترجمة فنية لانفعالات إنسانية وكونية صادقة، وهي ترجمة تعبيرية من التأمل الروحاني لحالة اليقين بجدوى الخروج من الظلمات إلى النور، فالفنان يرصد العلاقة الجدلية بين البياض المتمثل عادةً في النور والخير والمعرفة واليقين، والسواد المتمثل عادةً في الظلام والشر والجهل وعدم اليقين.. إنها حالة من الجدل الفلسفي بين لونين لكل منهما دلالته المضادة للآخر، ومع ذلك حاول ناصر التركي بناء علاقة إيجابية بين هذين اللونين المتجادلين، ويتضح ذلك من خلال خروجه باللون إلى المنطقة الرمادية التي يقدم فيها حلولاً منطقية للتوازن والمواءمة بين النقيضين: الأبيض المشع والأسود القاتم، وهو بذلك يضعنا أمام الفرضية اللونية المعروفة، وهي إظهار اللون من خلال نقيضه، أي إننا ندرك قيمة البياض من خلال مساحة السواد والعكس، بالإضافة إلى تخيل إمكانية العلاقة الإيجابية بين اللونين في المساحات الرمادية.. إنها تجربة مبنية على منطق التأمل.. تجربة تكشف عن مخزون هائل لدى فنان ينتصر للفكرة ويتمسك بقيمة المضمون.