• ◘ التاريخية

    وَأَذِّنْ معارض وحضور
  • قصص الأنبياء: نبي الله داوود عليه السلام (20)

    الرياض - محمد بن سعد (درة) نبي الله داوود عليه السلام - نبي وملِك، عاش 100 سنة: (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً) النساء 163 (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً) الإسراء 55 (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ) الأنبياء 79 (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) سبأ 10



    نبي وملِك آتاه الله العلم والحكمة وسخر له الجبال والطير يسبحن معه وألان له الحديد، كان عبدا خالصا لله شكورا، كان عليه السلام يصوم يوما ويفطر يوما وكان يقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه وأنزل الله عليه الزبور وقد أوتي ملكا عظيما. ((أمره الله أن يحكم بالعدل)) أوضاع بنو إسرائيل قبل داود عليه السلام حيث انفصل الحكم عن الدين وآخر نبي ملك كان يوشع بن نون.

    بعد يوشع عليه السلام،، كانت الملوك تسوس بني إسرائيل وكانت الأنبياء تهديهم، ولكن زاد طغيان بني إسرائيل، فكانوا يقتلون الأنبياء - نبيا تلو الآخر - سلط الله عليهم ملوكا ظلمة جبارين منهم و تتالت هزائم بني إسرائيل حتى انهم أضاعوا التابوت، و كان في التابوت بقية مما ترك آل موسى وهارون، قيل أن فيها بقية من الألواح التي أنزلها الله على موسى و عصاه و أمورا آخرى.

    بنو إسرائيل : كانوا يأخذون التابوت معهم في معاركهم وكانوا يحملونه كي تحل عليهم السكينة ويحققوا النصر، فتشردوا وساءت حالهم - ظروف صعبة - كانت هنالك امرأة حامل تدعو الله كثيرا أن يرزقها ولدا ذكرا، فولدت غلاما فسمته أشموئيل، ومعناه بالعبرانية إسماعيل، أي سمع الله دعائي، فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته لرجل صالح ليتعلم منه الخير والعبادة، بلغ (أشموئيل) أشده،، وبينما هو ذات ليلة نائم إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد، فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه فهرع أشموئيل إلى يسأله: أدعوتني..؟ فكره الشيخ أن يفزعه فقال: نعم.. نم.. فنام - ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة - وانتبه إلى جبريل عليه السلام يدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك.

    اختيار طالوت ملكا: ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما، سألوه: ألسنا مظلومين؟ قال: بلى، قالوا: ألسنا مشردين؟ قال: بلى، قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا، قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟ قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟ قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.

    قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك، يقصدون (أبناء يهوذا)،، يقولون: كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟ قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه، قالوا: ما هي آية ملكه؟ قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تحمله الملائكة.

    وقعت هذه المعجزة، وعادت إليهم التوراة يوما، ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش،، قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبق معي في الجيش، وصلوا النهر - ولكن شرب معظم الجنود وخرجوا من الجيش - وكان طالوت قد أعد هذا، لامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ممن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش،، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة، لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.

    كان عدد أفراد جيش طالوت أقل بكثير من جيش العدو - فشعر بعض هؤلاء الصفوة أنهم أضعف من جالوت وجيشه - قالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍! قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصر من عند الله. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ)، فثبّتوهم

    وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه، وخاف منه جنود طالوت جميعا، وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود عليه السلام، كان داود مؤمنا بالله، كان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.



    كان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي، لكن داود لم يكن يهتم لهذا الإغراء، كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم لا يؤمن بالله
    وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت، تقدم داود بعصاه ومعه خمسة أحجار ومقلاعه - (وهو نبلة يستخدمها الرعاة) قدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع، وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر، فأصاب جالوت فقتله، وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت. جمع الله الملك والنبوة لداود: بعد فترة أصبح داود ملكا لبني إسرائيل، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى

    بعض الروايات تقول : أن طالوت بعد أن اشتهر نجم داوود أكلت الغيرة قلبه وحاول قتله،، روايات لا داعي للخوض فيها،، المهم هو انتقال الملك بعد فترة من الزمن إلى داود.

    أكرم الله نبيه الكريم بعدة معجزات - أنزل عليه الزبور (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) وآتاه جمال الصوت وكان عندما يسبّح، تسبح الجبال والطيور معه بمرأى من الناس - ألان الله في يديه الحديد

    قيل أنه كان يتعامل مع الحديد كما كان الناس يتعاملون مع الطين والشمع، قد تكون هذه دلالة أنه أول من عرف صهر الحديد بالحرارة، صنع دروع حديدية أخف مما كان يصنع - مما جعل المحارب أسرع فيحركاته يقاتل كما يريد، صنع داوود دروع جديدة محلقة تسمح بحرية الحركة، وتحمي جسد المحارب من ضربات أسلحة الأعداء.

    رفع الله منزلة ملك داود، وجعله منصورا على أعدائه، وجعل ملكه قويا يخيف الأعداء حتى بغير حرب، زاد الله من نعمه على داود فأعطاه الحكمة وفصل الخطاب، حكمة وقدرة على تمييز الحق من الباطل ومعرفة الحق ومساندته -- أصبح نبيا ملكا قاضيا.

    يروي القرآن الكريم قضايا وردت على داود: جلس داود كعادته يحكم بين الناس في مشكلاتهم، وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر، وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي،، إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل،، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه،، وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض. قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟ قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي، قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته، قال سليمان (وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده): عندي حكم آخر يا أبي، قال داود: قله يا سليمان، قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم،، ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد العنب وعاد الحقل سليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه. قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان،، الحمد لله الذي وهبك الحكمة.

    ورد في الصحيح قصة أخرى: حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى شَبَابَةُ حَدَّثَنِى وَرْقَاءُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ (بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا. فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ. وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ بِابْنِكِ . فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا . فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ،، يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى). قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ.

    فتنة داود: وكان داود رغم قربه من الله وحب الله له، يتعلم دائما من الله، وقد علمه الله يوما ألا يحكم أبدا إلا إذا استمع لأقوال الطرفين المتخاصمين، فيذكر لنا القرآن الكريم قضية أخرى عرضت على داود عليه السلام. جلس داود يوما في محرابه الذي يصلي لله ويتعبد فيه، وكان إذا دخل حجرته أمر حراسه ألا يسمحوا لأحد بالدخول عليه أو إزعاجه وهو يصلي. ثم فوجئ يوما في محرابه بأنه أمام اثنين من الرجال. وخاف منهما داود لأنهما دخلا رغم أنه أمر ألا يدخل عليه أحد. سألهما داود: من أنتما؟

    قال أحد الرجلين: لا تخف يا سيدي. بيني وبين هذا الرجل خصومة وقد جئناك لتحكم بيننا بالحق. سأل داود: ما هي القضية؟ قال الرجل الأول: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ). وقد أخذها مني. قال أعطها لي وأخذها مني.. وقال داود بغير أن يسمع رأي الطرف الآخر وحجته: (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ) وإن كثيرا من الشركاء يظلم بعضهم بعضا إلا الذين آمنوا

    وفوجئ داود باختفاء الرجلين من أمامه، اختفى الرجلان كما لو كانا سحابة تبخرت في الجو، وأدرك داود أن الرجلين ملكان أرسلهما الله إليه ليعلماه درسا، فلا يحكم بين المتخاصمين من الناس إلا إذا سمع أقوالهم جميعا، فربما كان صاحب التسع والتسعين نعجة معه الحق، وخر داود راكعا، وسجد لله، واستغفر ربه

    أساطير اليهود تنسج قصصا مريبة حول فتنة داود عليه السلام، قيل أنه اشتهى امرأة أحد قواد جيشه - فأرسله في معركة يعرف من البداية نهايتها، واستولى على امرأته، وليس أبعد عن تصرفات داود من هذه القصة المختلقة، إن إنسانا يتصل قلبه بالله، ويتصل تسبيحه بتسبيح الكائنات والجمادات، يستحيل عليه أن يرى أو يلاحظ جمالا بشريا محصورا في وجه امرأة أو جسدها

    وفاته عليه السلام: عاد داود يعبد الله ويسبحه حتى مات، كان داود يصوم يوما ويفطر يوما



    قال رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عن داود: "أفضل الصيام صيام داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما، وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا، وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شيء ويشفي بصوته المهموم والمحموم".

    في الحديث الصحيح : جاء أن داود عليه السلام كان شديد الغيرة على نساءه، كانت نساءه في قصر حوله أسواراً كي لا يقترب أحد من نساءه، وفي أحد الأيام رأى النسوة رجلا في صحن القصر، فقالوا: من هذا والله لإن رآه داود ليبطشنّ به، فبلغ الخبر داود عليه السلام، فقال للرجل: من أنت؟ وكيف دخلت؟ قال: أنا من لا يقف أمامه حاجز، قال: أنت ملك الموت. فأذن له فأخذ ملك الموت روحه.

    مات داود عليه السلام وعمره مئة سنة، وشيع جنازته عشرات الآلاف، كان محبوبا جدا بين الناس، حتى قيل في بني إسرائيل بعد موسى وهارون، لم يمت أحد كان بنو إسرائيل أشد جزعا عليه منهم على داود، وآذت الشمس الناس فدعا سليمان الطير، قال: أظلي على داود فأظلته حتى أظلمت عليه الأرض وسكنت الريح

    وقال سليمان للطير: أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي من ناحية الريح وأطاعته الطير، فكان ذلك أول ما رآه الناس من ملك سليمان

    هذه المقالة نشرت أصلا في موضوع المنتدى : نبي الله داوود عليه السلام كتبت بواسطة محمد بن سعد مشاهدة المشاركة الأصلية
  • مواقف وعبر ،،،

  • هيئة المتاحف

  • جائزة ومنح تاريخ الجزيرة العربية

  • عناقيد ثقافية

  • التخطيط والسياسة اللغوية

  • مجلة الآثار


تنفيذ شركة تصميم مواقع الانترنت توب لاين
روابط مهمه روابط مهمه تواصل معنا
تواصل معنا