تونس ـ ابتسام جمال (الشروق) : لم تعد مسالة التحولات الاجتماعية وتغير ملامح الاسرة والمجتمع التونسي مجرد تغييرات شكلية، فالحديث عن «الدفء» العائلي والإحاطة والدعم من أفراد الاسرة الموسعة له ابعاد تتجاوز البعد العاطفي لتصل الى تأمين عقول اليافعين وحمايتهم من استقطاب سلبي سواء نحو الانحراف او نحو الارهاب.
«الشروق» بحثت مع مجموعة من الباحثين مسألة علاقة الارهاب بالتحولات التي تعيشها الأسرة التونسية.
لم يغفل الفيلسوف والباحث الكبير ادغار موران عن الحديث عن علاقة العنف والإرهاب الذي برز في أحلك فترات العالم بربرية وتوحشا كما وصفها بالتفكك الأسري والعلاقات الاجتماعية. واعتبر أن الفرد الذي يشعر بالاغتراب وغياب الحوار يسهل استقطابه. وأكد على ضرورة «بث الأمل» في المجتمع من خلال القيم الإنسانية القائمة على الحرية والعدالة، مؤكدا، أن: فقدان الأمل وتراجعه يغذي تنظيم «داعش».
استقطاب
خلال حديث مع الدكتور حبيب تريعة الدكتور في علمي النفس والاجتماع قال إن الاسرة كانت متضامنة وكان الأب والأم والعائلة الموسعة يعيشون في شكل قبلي. كما كان التضامن الاسري كبيرا وكان هناك خوف على جميع الافراد واهتمام بين كل عنصر بالآخر، كان ذلك خلال فترة ما قبل وبعد عهد الاستقلال. وتطورت بعدها المعيشة وارتفع مستوى العيش وطغت الماديات. وغاب ما يربط الفرد من تضامن بين أفراد الأسرة التي تفككت. وأصبح كل فرد يبحث عن الاستقلالية، بتعلة أن الإمكانيات لا تسمح ومن الضروري الاستقلال الاقتصادي لتغطية حاجات الاسرة الصغيرة.
وأشار إلى العلاقات القديمة التي يحكمها التعاون والتزاور والخروج.معا كان الناس يخرجون والمشاكل قليلة. ولكن وبحكم الإشهار وتطور المجتمع الى مجتمع استهلاكي وخروج المرأة للعمل، تعددت الطلبات وكثرت الاشكاليات. وهو ما خلق الاسرة النواة وتعددها. ولم يعد هناك علاقة بين الخال او العم او الجد والكبير في السن في تربية الطفل والشاب أو تاطيره والبقاء معه ولم يعدهناك الاحترام للأكبر سنا. كما أصبحت هناك عزلة وفراغ كانت تملؤه الأسرة الموسعة وتحول اليافع إلى المقاهي والفضاءات العامة حيث يمكن إيجاد من يقوم بالاستقطاب واستغلال الفراغ العاطفي وملئه بأفكار جديدة.
يقع الاستقطاب في المساجد، ولكن أيضاً في المساحات العامة والملاعب والمقاهي، حيث يبحث الشاب عن المفقود أي الدفء العائلي والأسرة. كما تتحول أفكاره إلى الاعتقاد أن الحياة قصيرة والجنة خالدة. لذا يسارع بالتوجه للاخرة التي فيها ما يفتقده ولو بالعنف. وتبقى نسبة الاستقطاب عبر الانترنات اقل من الاستقطاب في المساجد والمقاهي والأماكن العامة حسب محدثنا.
واعتبر الدكتور تريعة أن الاستقطاب في المقاهي اخطر، ويتم الاستقطاب للانحراف أو الارهاب. فالعزلة تجعل الشاب يبحث عن التواصل مع الاخ. ويسهل استقطابهم والسند الاسري مفقود ومع غياب للتضامن الاسري وغياب الفضاء الذي كان فيه نقاش للأفكار الدخيلة حيث كان يمكن التوجه للعم والخال والأسرة الموسعة للنقاش ويمكن للكبير انتزاع الأفكار السلبية من الناشئ المغرر به.
من جهة أخرى اشار إلى أن عددا كبيرا من الارهابيين يعيشون في انفصال او أبناء الطلاق أو هناك مشاكل في العائلة وعزلة وغياب الحوار. وقال عندما تكون الاسرة مستقرة وفيها حوار يصعب الانحراف وجر الفرد نحو الإرهاب، فالاستقرار الاسري يعطي التوازن.
وعند التناحر يقع الابن في حيرة ويبحث عن القدوة سواء الاستاذ او الأصدقاء في الأماكن الأكثر هدوءا. أما في المقهى فيسهل الاستقطاب وتوجيه الحوار مع شاب محبط من الحياة العائلية في الدنيا فيبحث عن الحياة المثالية الموجودة في الجنة.
دور المؤسسات
اعتبر الدكتور عبد الستار السحباني الدكتور في علم الاجتماع ورئيس الجمعية التونسية لعلم الاجتماع أن هناك شيء هام جداً يجب التفطن إليه وهو أنه يتم توجيه كل المآسي والإشكاليات التي نعيشها وإرجاعها الى الاسرة فهي المسؤولة عن العنف والتفكك والارهاب. وقال إنه حان الوقت للمراجعة وان نقول لم تعد الاسرة قادرة على القيام بالأدوار التقليدية. وأن نقوم بدراسات لشرح الأسباب.
واعتبر أن هناك تراجعا في منظومات عديدة منها تراجع في المنظومة التربوية والتعليمية وتراجع المؤسسات عن العمل التطوعي والمصايف والجولات وتراجع دور الثقافة وعمل الشباب وحضوره. في المقابل هناك تزايد في دور التقنيات الحديثة التي تلعب دور تنشئة اجتماعية. وأصبحت الاسرة غير قادرة على مراقبة الابن. ففي أوقات الفراغ لا نعرف أين هو الابن ولا وجود لمن يؤطر في ساعات الفراغ في المدرسة والمعهد وعند غياب المربي. مع غياب المختصين في الإحاطة النفسية والاجتماعية في المؤسسات التربوية.
وقال: «كيف نفسر 100 الف انقطاع تلقائي من المدارس أين يذهبون، هناك أيضا مجلة حقوق الطفل غير المفعلة فالأطفال في الشوارع ويتاجرون وينحرفون.. والشباب غير محصن»
وخلص إلى أن هناك عوامل متعددة وكلها عوامل مجتمعة تساهم في تردي الشباب والطفولة، وأنه على المؤسسات القيام بدورها و مسايرة التغييرات الجذرية التي يعيشها المجتمع.
وأكد أنه لا يجب تحميل الاسرة وحدها أسباب تداعيات الفرد وانحرافه أو استقطابه فهناك جانب اجتماعي جديد وهو العلاقات الافتراضية والأصدقاء الافتراضيون والذين يستهدفون الشباب وخاصة الإناث ضمن شبكات مجهولة.
عندما يشعر الفرد بالعزلة ويعيش تفككا أسريا.. وعندما يستقيل أفراد العائلة الموسعة من الدور الذي لعبوه قديما في مراقبة وتوجيه ونصح الأجيال الصاعدة، يتسلل «فيروس» الارهاب ليستقطب عقول الشباب.
لم يغفل الفيلسوف والباحث الكبير ادغار موران عن الحديث عن علاقة العنف والإرهاب الذي برز في أحلك فترات العالم بربرية وتوحشا كما وصفها بالتفكك الأسري والعلاقات الاجتماعية. واعتبر أن الفرد الذي يشعر بالاغتراب وغياب الحوار يسهل استقطابه. وأكد على ضرورة «بث الأمل» في المجتمع من خلال القيم الإنسانية القائمة على الحرية والعدالة، مؤكدا، أن: فقدان الأمل وتراجعه يغذي تنظيم «داعش».
استقطاب
خلال حديث مع الدكتور حبيب تريعة الدكتور في علمي النفس والاجتماع قال إن الاسرة كانت متضامنة وكان الأب والأم والعائلة الموسعة يعيشون في شكل قبلي. كما كان التضامن الاسري كبيرا وكان هناك خوف على جميع الافراد واهتمام بين كل عنصر بالآخر، كان ذلك خلال فترة ما قبل وبعد عهد الاستقلال. وتطورت بعدها المعيشة وارتفع مستوى العيش وطغت الماديات. وغاب ما يربط الفرد من تضامن بين أفراد الأسرة التي تفككت. وأصبح كل فرد يبحث عن الاستقلالية، بتعلة أن الإمكانيات لا تسمح ومن الضروري الاستقلال الاقتصادي لتغطية حاجات الاسرة الصغيرة.
وأشار إلى العلاقات القديمة التي يحكمها التعاون والتزاور والخروج.معا كان الناس يخرجون والمشاكل قليلة. ولكن وبحكم الإشهار وتطور المجتمع الى مجتمع استهلاكي وخروج المرأة للعمل، تعددت الطلبات وكثرت الاشكاليات. وهو ما خلق الاسرة النواة وتعددها. ولم يعد هناك علاقة بين الخال او العم او الجد والكبير في السن في تربية الطفل والشاب أو تاطيره والبقاء معه ولم يعدهناك الاحترام للأكبر سنا. كما أصبحت هناك عزلة وفراغ كانت تملؤه الأسرة الموسعة وتحول اليافع إلى المقاهي والفضاءات العامة حيث يمكن إيجاد من يقوم بالاستقطاب واستغلال الفراغ العاطفي وملئه بأفكار جديدة.
يقع الاستقطاب في المساجد، ولكن أيضاً في المساحات العامة والملاعب والمقاهي، حيث يبحث الشاب عن المفقود أي الدفء العائلي والأسرة. كما تتحول أفكاره إلى الاعتقاد أن الحياة قصيرة والجنة خالدة. لذا يسارع بالتوجه للاخرة التي فيها ما يفتقده ولو بالعنف. وتبقى نسبة الاستقطاب عبر الانترنات اقل من الاستقطاب في المساجد والمقاهي والأماكن العامة حسب محدثنا.
واعتبر الدكتور تريعة أن الاستقطاب في المقاهي اخطر، ويتم الاستقطاب للانحراف أو الارهاب. فالعزلة تجعل الشاب يبحث عن التواصل مع الاخ. ويسهل استقطابهم والسند الاسري مفقود ومع غياب للتضامن الاسري وغياب الفضاء الذي كان فيه نقاش للأفكار الدخيلة حيث كان يمكن التوجه للعم والخال والأسرة الموسعة للنقاش ويمكن للكبير انتزاع الأفكار السلبية من الناشئ المغرر به.
من جهة أخرى اشار إلى أن عددا كبيرا من الارهابيين يعيشون في انفصال او أبناء الطلاق أو هناك مشاكل في العائلة وعزلة وغياب الحوار. وقال عندما تكون الاسرة مستقرة وفيها حوار يصعب الانحراف وجر الفرد نحو الإرهاب، فالاستقرار الاسري يعطي التوازن.
وعند التناحر يقع الابن في حيرة ويبحث عن القدوة سواء الاستاذ او الأصدقاء في الأماكن الأكثر هدوءا. أما في المقهى فيسهل الاستقطاب وتوجيه الحوار مع شاب محبط من الحياة العائلية في الدنيا فيبحث عن الحياة المثالية الموجودة في الجنة.
دور المؤسسات
اعتبر الدكتور عبد الستار السحباني الدكتور في علم الاجتماع ورئيس الجمعية التونسية لعلم الاجتماع أن هناك شيء هام جداً يجب التفطن إليه وهو أنه يتم توجيه كل المآسي والإشكاليات التي نعيشها وإرجاعها الى الاسرة فهي المسؤولة عن العنف والتفكك والارهاب. وقال إنه حان الوقت للمراجعة وان نقول لم تعد الاسرة قادرة على القيام بالأدوار التقليدية. وأن نقوم بدراسات لشرح الأسباب.
واعتبر أن هناك تراجعا في منظومات عديدة منها تراجع في المنظومة التربوية والتعليمية وتراجع المؤسسات عن العمل التطوعي والمصايف والجولات وتراجع دور الثقافة وعمل الشباب وحضوره. في المقابل هناك تزايد في دور التقنيات الحديثة التي تلعب دور تنشئة اجتماعية. وأصبحت الاسرة غير قادرة على مراقبة الابن. ففي أوقات الفراغ لا نعرف أين هو الابن ولا وجود لمن يؤطر في ساعات الفراغ في المدرسة والمعهد وعند غياب المربي. مع غياب المختصين في الإحاطة النفسية والاجتماعية في المؤسسات التربوية.
وقال: «كيف نفسر 100 الف انقطاع تلقائي من المدارس أين يذهبون، هناك أيضا مجلة حقوق الطفل غير المفعلة فالأطفال في الشوارع ويتاجرون وينحرفون.. والشباب غير محصن»
وخلص إلى أن هناك عوامل متعددة وكلها عوامل مجتمعة تساهم في تردي الشباب والطفولة، وأنه على المؤسسات القيام بدورها و مسايرة التغييرات الجذرية التي يعيشها المجتمع.
وأكد أنه لا يجب تحميل الاسرة وحدها أسباب تداعيات الفرد وانحرافه أو استقطابه فهناك جانب اجتماعي جديد وهو العلاقات الافتراضية والأصدقاء الافتراضيون والذين يستهدفون الشباب وخاصة الإناث ضمن شبكات مجهولة.