ش.ع (DW) : فيما قررت الحكومة الألمانية إدراج تونس والجزائر والمغرب على قائمة "الدول الآمنة"، هاهي المنظمات الحقوقية تقرع أجراس الخطر مستندة إلى وضع حقوق الإنسان. فهل أصابت برلين باعتبار الدول المغاربية "آمنة"؟
فيما يجوب وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير الدول المغاربية من أجل إقناع حكوماتها بالتسريع في إعادة استقبال مواطنيها الذين رفضت طلباتهم في اللجوء في ألمانيا، بعد أن قررت برلين إدراج هذه الدول على قائمة الدول الآمنة لتسريع عملية الترحيل، هاهي منظمات حقوقية تقرع أجراس الخطر حول أوضاع حقوق الإنسان في هذه الدول. وفي سياق متصل، قالت سلمين جاليشكان، الأمينة العامة لفرع ألمانيا من منظمة العفو الدولية، في بيان نشرته المنظمة على موقعها الالكتروني: "في المغرب وتونس والجزائر هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان على غرار استخدام أجهزة الأمن للتعذيب والقيود الفروضة على حريات التعبير والتجمع بالإضافة إلى التضييق الذي يتعرض له المدافعون عن حقوق الإنسان." وأضافت جاليشكان قائلة: "إذا ما قامت الحكومة الألمانية فعلا بوضع هذه الدول على قائمة الدول الآمنة، فإنها بذلك تتعارض ليس فقط مع الحق الأساسي لكل إنسان في البحث عن مكان يلجأ إليه، وإنما أيضا ضد مبادئها الدستورية بشأن تصنيف الدول الآمنة. آمنستي تطالب حكومة ميركل بالتخلي عن هذا الأمر."
كما أكدت منظمة "برو أزول" الألمانية المعنية بالدفاع عن حقوق اللاجئين رفضها خطط الحكومة الألمانية إدراج الدول المغاربية الثلاث على قائمة الدول الآمنة. وبررت المنظمة رفضها من جهة بانتهاكات حقوق الإنسان المسجلة في الدول الثلاث، ومن جهة أخرى بأن هذه الخطط ستحول دون النظر في طلبات اللجوء بشكل فردي وتقلص من إمكانية الطعن القضائي فيها.
ولعل السؤال الذي يطرح هنا: هل أن الدول المغاربية "دول آمنة" بالفعل؟ لمحة عن وضع حقوق الإنسان في الدول المغاربية وثقتها منظمات حقوقية قد تجيب عن هذا السؤال.
الجزائر: تقدم بسيط ومشاكل كثيرة عالقة
منذ بداية حكم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قبل 17 عاما وحقوق التعبير والتجمع تشهد تضييق، وفق منظمات حقوقية. متظاهرون سلميون وصحفيون بالإضافة إلى نشطاء تعرضوا للاعتقال وصدرت بحقهم أحكام بالسجن، وفق التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية.
من جهتها، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية في تقريرها السنوي لعام 2015 أن السلطات الجزائرية عمدت على حظر المظاهرات السلمية في البلاد من خلال اعتقال منظمي المظاهرات قبل انطلاقها وإغلاق الشوارع التي من المقرر أن يمر منها المتظاهرون.
كما ذكرت آمنستي بأن المخابرات العسكرية الجزائرية لا تزال تعتقل أشخاصا متهمين بالإرهاب في أماكن سرية دون أن يكون لهم أي اتصال خارجي. ووفقا للمنظمة ذاتها، فإن هؤلاء المعتقلين مسجونون في معتقلات غير رسمية، مثلا في ثكنات عسكرية ولا تخضع لسلطة وزارة العدل.
وحول سياسة الوئام الوطني المعتمدة منذ 2006 لطي صفحة الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي، قالت منظمة العفو الدولية إنها لا تزال تطالب بـ"العدالة والحقيقة" بشأن حالات اختفاء تنسب المسؤولية عنها لقوات الأمن. ويمنح "ميثاق السلم والوئام الوطني" الذي تم تبنيه باستفتاء في 2005 للمسلحين الإسلاميين "العفو" في مقابل تسليم أسلحتهم والعودة إلى الحياة المدنية. وتقدر السلطات عدد المفقودين أثناء الحرب الأهلية بنحو 7200 شخص.
وعلى الرغم من أن الجزائر اعتمدت قانونا يقضي بتجريم العنف الأسري ضد المرأة والتحرش الجنسي، إلا أن الرجل الذي اغتصب بنتا قاصرة يمكنه التهرب من العقاب إذا ما تزوج منها، وفق منظمة العفو الدولية. أما منظمة "برو أزول" الألمانية فأشارت إلى أن المرأة الجزائرية ما تزال تعاني من التمييز في قانون الأسرة في كل ما يتعلق بالزواج والطلاق وحضانة الأطفال والإرث.
وعلى الرغم من أن البرلمان الجزائري صادق مطلع فبراير/ شباط الجاري على حزمة من التعديلات على الدستور تقضي بتحديد الرئاسة في البلاد لفترتين لا أكثر وتعترف بحرية الصحافة والتعبير وكذلك باللغة البربرية تمازيغت، إلا أن مراقبين يتحدثون هنا عن تغييرات تجميلية لا تطال النفوذ الكبير الذي تحوزه النخبة في الجيش والسياسية.
المغرب: الملك "مقدس" والصحراء الغربية "خط أحمر"
على صعيد حقوق الإنسان، فإن المملكة المغربية ووفقا لمنظمة "برو أزول" الحقوقية الألمانية، ليست أفضل حالا من جارتها الجزائر. وحسب المنظمة ذاتها، فإن النظام الحاكم في المغرب "ليس ديمقراطيا، وإنما هو عبارة عن ملكية دستورية يحوز فيها الملك على صلاحيات واسعة"، حيث بإمكانه حل البرلمان وإقالة الوزراء والدعوة إلى انتخابات جديدة. ولا يمنح الدستور للشعب حق تغيير نظامهم الحاكم. كما أكدت المنظمة استنادا إلى تقارير وزارة الخارجية الأمريكية – بأن الفساد منتشر في جميع أجهزة الدولة.
صورة من الأرشيف - قوات الأمن المغربية تفض خيام محتجين صحراويين بالقوة عام 2010...
وفي المغرب أيضا تواجه حرية الرأي والتعبير والتجمع عدة قيود، إذ أن كل تصريح علني ينتقد الملك أو الملكية أو الإسلام أو مطالب المغرب بشأن الصحراء الغربية يعرض صاحبه للملاحقة القضائية. ولعل قضية الصحفي المغربي علي أنوزلا أشهر مثال على ذلك، إذ يلاحق الأخير بتهمة "المس بالوحدة الترابية" للمغرب بسبب ما تم نشره في لقاء مع صحيفة "بيلد" الألمانية منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث كان حينها يزور ألمانيا لتسلم جائزة رائف بدوي للصحافيين الشجعان.
ونقلت الصحيفة الألمانية عن أنوزلا حينها وصفه للصحراء الغربية بـ"المحتلة"، وهو ما نفاه أنوزلا في تصريح سابق لفرانس برس أوضح فيه أن الأمر يتعلق بـ"خطأ في الترجمة" من العربية إلى الألمانية. ويواجه أنوزلا بسبب هذه التهمة عقوبة بالسجن لمدة قد تصل إلى 5 سنوات وغرامة مالية بموجب الفصل 41 من قانون الصحافة المغربي الذي يجرم نشر أي شيء يمس "بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي أو بالوحدة الترابية".
كما تحدث نشطاء سياسيون عن تعرضهم لحملات إعلامية منظمة من قبل الدولة ضدهم، فيما تشكو حركة 20 فبراير "القمع"، كما اشتكى معتقلون وسجناء سابقون من التعذيب أو سوء المعاملة.
مظاهرات سلمية في المملكة تم فضها بالقوة، وفق التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية. كما تعرض صحفيون للاعتقال بتهمة "نشر معلومات كاذبة". وانتقدت المنظمة القمع المسلط على النشطاء الصحراويين الذين يتعرضون في أحيان كثيرة للاعتقال والتعذيب. وتمنع السلطات جميع المظاهرات التي لها علاقة بالمطالبة باستقلال الصحراء الغربية وتفرق كل تجمّع من هذا القبيل في أحيان كثيرة من خلال استخدام العنف المفرط، وفق العفو الدولية.
النساء في المغرب يتمتعن بالحماية الكافية ضد العنف الجنسي. وبالنسبة للمثليين الجنسيين فيمكن أن يتعرضوا للسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات فقط لأنهم مثليون.
تونس: قدوة في مجالات وحصيلة "كارثية" في مجالات أخرى
بالنسبة لتونس، التي تعد مهد الثورات العربية ونموذجا يحتذى به في المنطقة في بعض المجالات على غرار الانتقال الديمقراطي السلمي، حيث توجت الجهود التونسية في هذا المجال بجائزة نوبل للسلام. إلا أن الفوارق الجهوية والاجتماعية في البلاد بالإضافة إلى نسب البطالة العالية والفقر ما تزال تثير احتجاجات شعبية كبيرة.
لا تزال المنظمات الحقوقية توجه الاتهامات لأجهزة الأمن التونسية باستخدام التعذيب و"القمع الوحشي" في إطار مكافحة الإرهاب...
كما أن الرقابة لا تزال مفروضة على وسائل الإعلام، وفق منظمة العفو الدولية. وحسب التقرير السنوي للمنظمة الحقوقية، فقد استخدمت قوات الأمن في عام 2015 "العنف المبالغ فيه" لفض عدة مظاهرات. هذا بالإضافة إلى الانتقادات الواسعة لقانون مكافحة الإرهاب الجديد والذي يرى فيه حقوقيون أنه يضاعف من خطر التعرض للتعذيب وسوء المعاملة على يد قوات الأمن. ففي سياق متصل، نقلت آمنستي عن متهمين بأنهم تعرضوا خلال الاعتقال للتعذيب من خلال استخدام "الإيهام بالإغراق" خلال التحقيق معهم.
ونشرت المنظمة تقريرا نهاية العام الماضي نددت فيه بـ"القمع الوحشي" في السجون التونسية في إطار مكافحة الإرهاب. وقالت المنظمة إنه وخلال مهمة جرت في كانون الأول/ ديسمبر الماضي أحصى فريقها "على الأقل عشر وفيات في الاعتقال منذ 2011 في ظروف لم يتم التحقيق فيها بجدية أو لم تفض إلى ملاحقات جزائية". وأضافت أنها جمعت شهادات حول "أعمال تعذيب وسوء معاملة" حديثة في إطار مكافحة الإرهاب.
وفي إطار حال الطوارىء التي فرضت بنهاية تشرين الثاني/ نوفمبر بعد اعتداء انتحاري، أوقع 12 قتيلا بين الحرس الرئاسي في تونس، قالت المنظمة إنه تم تنفيذ "آلاف المداهمات والتوقيفات" في حين وضع "مئات آخرون" قيد الإقامة الجبرية.
وإن نوهت منظمة العفو الدولية بالإصلاح القضائي الأخير والذي يحق بموجبه للمتهم المحبوس على ذمة التحقيق أن يكون له محاميا، إلا أنها انتقدت بأن المرأة التونسية – حتى وإن كانت أكثر العربيات حقوقا – لا تحظى بحماية مطلقة من العنف الجنسي. ففي سياق متصل، أشارت المنظمة الحقوقية إلى أنه – ومثلما هو الأمر في الجزائر – بإمكان الرجل الذي اغتصب فتاة قاصرة التهرب من العقوبة إذا ما تزوجها. كما لا يزال الحقوقيون يشكون من تعرض المثليين الجنسيين والمتحولين جنسيا للتمييز العنصري. وتسلط عقوبة السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات على من ثبتت عليهم إقامة علاقات مثلية جنسيا. ووفقا للعفو الدولية فلم تنفذ عقوبة الإعدام في تونس في عام 2015.
وعموما انتقدت المنظمات الحقوقية عدم إلغاء الدول المغاربية الثلاث إلى يومنا هذا عقوبة الإعدام، حتى وإن لم يتم تنفيذها – على الأقل في عام 2015– الأمر الذي يتنافى مع وصفها بأنها "دول آمنة".
فيما يجوب وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير الدول المغاربية من أجل إقناع حكوماتها بالتسريع في إعادة استقبال مواطنيها الذين رفضت طلباتهم في اللجوء في ألمانيا، بعد أن قررت برلين إدراج هذه الدول على قائمة الدول الآمنة لتسريع عملية الترحيل، هاهي منظمات حقوقية تقرع أجراس الخطر حول أوضاع حقوق الإنسان في هذه الدول. وفي سياق متصل، قالت سلمين جاليشكان، الأمينة العامة لفرع ألمانيا من منظمة العفو الدولية، في بيان نشرته المنظمة على موقعها الالكتروني: "في المغرب وتونس والجزائر هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان على غرار استخدام أجهزة الأمن للتعذيب والقيود الفروضة على حريات التعبير والتجمع بالإضافة إلى التضييق الذي يتعرض له المدافعون عن حقوق الإنسان." وأضافت جاليشكان قائلة: "إذا ما قامت الحكومة الألمانية فعلا بوضع هذه الدول على قائمة الدول الآمنة، فإنها بذلك تتعارض ليس فقط مع الحق الأساسي لكل إنسان في البحث عن مكان يلجأ إليه، وإنما أيضا ضد مبادئها الدستورية بشأن تصنيف الدول الآمنة. آمنستي تطالب حكومة ميركل بالتخلي عن هذا الأمر."
كما أكدت منظمة "برو أزول" الألمانية المعنية بالدفاع عن حقوق اللاجئين رفضها خطط الحكومة الألمانية إدراج الدول المغاربية الثلاث على قائمة الدول الآمنة. وبررت المنظمة رفضها من جهة بانتهاكات حقوق الإنسان المسجلة في الدول الثلاث، ومن جهة أخرى بأن هذه الخطط ستحول دون النظر في طلبات اللجوء بشكل فردي وتقلص من إمكانية الطعن القضائي فيها.
ولعل السؤال الذي يطرح هنا: هل أن الدول المغاربية "دول آمنة" بالفعل؟ لمحة عن وضع حقوق الإنسان في الدول المغاربية وثقتها منظمات حقوقية قد تجيب عن هذا السؤال.
الجزائر: تقدم بسيط ومشاكل كثيرة عالقة
منذ بداية حكم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قبل 17 عاما وحقوق التعبير والتجمع تشهد تضييق، وفق منظمات حقوقية. متظاهرون سلميون وصحفيون بالإضافة إلى نشطاء تعرضوا للاعتقال وصدرت بحقهم أحكام بالسجن، وفق التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية.
من جهتها، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية في تقريرها السنوي لعام 2015 أن السلطات الجزائرية عمدت على حظر المظاهرات السلمية في البلاد من خلال اعتقال منظمي المظاهرات قبل انطلاقها وإغلاق الشوارع التي من المقرر أن يمر منها المتظاهرون.
كما ذكرت آمنستي بأن المخابرات العسكرية الجزائرية لا تزال تعتقل أشخاصا متهمين بالإرهاب في أماكن سرية دون أن يكون لهم أي اتصال خارجي. ووفقا للمنظمة ذاتها، فإن هؤلاء المعتقلين مسجونون في معتقلات غير رسمية، مثلا في ثكنات عسكرية ولا تخضع لسلطة وزارة العدل.
وحول سياسة الوئام الوطني المعتمدة منذ 2006 لطي صفحة الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي، قالت منظمة العفو الدولية إنها لا تزال تطالب بـ"العدالة والحقيقة" بشأن حالات اختفاء تنسب المسؤولية عنها لقوات الأمن. ويمنح "ميثاق السلم والوئام الوطني" الذي تم تبنيه باستفتاء في 2005 للمسلحين الإسلاميين "العفو" في مقابل تسليم أسلحتهم والعودة إلى الحياة المدنية. وتقدر السلطات عدد المفقودين أثناء الحرب الأهلية بنحو 7200 شخص.
وعلى الرغم من أن الجزائر اعتمدت قانونا يقضي بتجريم العنف الأسري ضد المرأة والتحرش الجنسي، إلا أن الرجل الذي اغتصب بنتا قاصرة يمكنه التهرب من العقاب إذا ما تزوج منها، وفق منظمة العفو الدولية. أما منظمة "برو أزول" الألمانية فأشارت إلى أن المرأة الجزائرية ما تزال تعاني من التمييز في قانون الأسرة في كل ما يتعلق بالزواج والطلاق وحضانة الأطفال والإرث.
وعلى الرغم من أن البرلمان الجزائري صادق مطلع فبراير/ شباط الجاري على حزمة من التعديلات على الدستور تقضي بتحديد الرئاسة في البلاد لفترتين لا أكثر وتعترف بحرية الصحافة والتعبير وكذلك باللغة البربرية تمازيغت، إلا أن مراقبين يتحدثون هنا عن تغييرات تجميلية لا تطال النفوذ الكبير الذي تحوزه النخبة في الجيش والسياسية.
المغرب: الملك "مقدس" والصحراء الغربية "خط أحمر"
على صعيد حقوق الإنسان، فإن المملكة المغربية ووفقا لمنظمة "برو أزول" الحقوقية الألمانية، ليست أفضل حالا من جارتها الجزائر. وحسب المنظمة ذاتها، فإن النظام الحاكم في المغرب "ليس ديمقراطيا، وإنما هو عبارة عن ملكية دستورية يحوز فيها الملك على صلاحيات واسعة"، حيث بإمكانه حل البرلمان وإقالة الوزراء والدعوة إلى انتخابات جديدة. ولا يمنح الدستور للشعب حق تغيير نظامهم الحاكم. كما أكدت المنظمة استنادا إلى تقارير وزارة الخارجية الأمريكية – بأن الفساد منتشر في جميع أجهزة الدولة.
صورة من الأرشيف - قوات الأمن المغربية تفض خيام محتجين صحراويين بالقوة عام 2010...
وفي المغرب أيضا تواجه حرية الرأي والتعبير والتجمع عدة قيود، إذ أن كل تصريح علني ينتقد الملك أو الملكية أو الإسلام أو مطالب المغرب بشأن الصحراء الغربية يعرض صاحبه للملاحقة القضائية. ولعل قضية الصحفي المغربي علي أنوزلا أشهر مثال على ذلك، إذ يلاحق الأخير بتهمة "المس بالوحدة الترابية" للمغرب بسبب ما تم نشره في لقاء مع صحيفة "بيلد" الألمانية منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث كان حينها يزور ألمانيا لتسلم جائزة رائف بدوي للصحافيين الشجعان.
ونقلت الصحيفة الألمانية عن أنوزلا حينها وصفه للصحراء الغربية بـ"المحتلة"، وهو ما نفاه أنوزلا في تصريح سابق لفرانس برس أوضح فيه أن الأمر يتعلق بـ"خطأ في الترجمة" من العربية إلى الألمانية. ويواجه أنوزلا بسبب هذه التهمة عقوبة بالسجن لمدة قد تصل إلى 5 سنوات وغرامة مالية بموجب الفصل 41 من قانون الصحافة المغربي الذي يجرم نشر أي شيء يمس "بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي أو بالوحدة الترابية".
كما تحدث نشطاء سياسيون عن تعرضهم لحملات إعلامية منظمة من قبل الدولة ضدهم، فيما تشكو حركة 20 فبراير "القمع"، كما اشتكى معتقلون وسجناء سابقون من التعذيب أو سوء المعاملة.
مظاهرات سلمية في المملكة تم فضها بالقوة، وفق التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية. كما تعرض صحفيون للاعتقال بتهمة "نشر معلومات كاذبة". وانتقدت المنظمة القمع المسلط على النشطاء الصحراويين الذين يتعرضون في أحيان كثيرة للاعتقال والتعذيب. وتمنع السلطات جميع المظاهرات التي لها علاقة بالمطالبة باستقلال الصحراء الغربية وتفرق كل تجمّع من هذا القبيل في أحيان كثيرة من خلال استخدام العنف المفرط، وفق العفو الدولية.
النساء في المغرب يتمتعن بالحماية الكافية ضد العنف الجنسي. وبالنسبة للمثليين الجنسيين فيمكن أن يتعرضوا للسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات فقط لأنهم مثليون.
تونس: قدوة في مجالات وحصيلة "كارثية" في مجالات أخرى
بالنسبة لتونس، التي تعد مهد الثورات العربية ونموذجا يحتذى به في المنطقة في بعض المجالات على غرار الانتقال الديمقراطي السلمي، حيث توجت الجهود التونسية في هذا المجال بجائزة نوبل للسلام. إلا أن الفوارق الجهوية والاجتماعية في البلاد بالإضافة إلى نسب البطالة العالية والفقر ما تزال تثير احتجاجات شعبية كبيرة.
لا تزال المنظمات الحقوقية توجه الاتهامات لأجهزة الأمن التونسية باستخدام التعذيب و"القمع الوحشي" في إطار مكافحة الإرهاب...
كما أن الرقابة لا تزال مفروضة على وسائل الإعلام، وفق منظمة العفو الدولية. وحسب التقرير السنوي للمنظمة الحقوقية، فقد استخدمت قوات الأمن في عام 2015 "العنف المبالغ فيه" لفض عدة مظاهرات. هذا بالإضافة إلى الانتقادات الواسعة لقانون مكافحة الإرهاب الجديد والذي يرى فيه حقوقيون أنه يضاعف من خطر التعرض للتعذيب وسوء المعاملة على يد قوات الأمن. ففي سياق متصل، نقلت آمنستي عن متهمين بأنهم تعرضوا خلال الاعتقال للتعذيب من خلال استخدام "الإيهام بالإغراق" خلال التحقيق معهم.
ونشرت المنظمة تقريرا نهاية العام الماضي نددت فيه بـ"القمع الوحشي" في السجون التونسية في إطار مكافحة الإرهاب. وقالت المنظمة إنه وخلال مهمة جرت في كانون الأول/ ديسمبر الماضي أحصى فريقها "على الأقل عشر وفيات في الاعتقال منذ 2011 في ظروف لم يتم التحقيق فيها بجدية أو لم تفض إلى ملاحقات جزائية". وأضافت أنها جمعت شهادات حول "أعمال تعذيب وسوء معاملة" حديثة في إطار مكافحة الإرهاب.
وفي إطار حال الطوارىء التي فرضت بنهاية تشرين الثاني/ نوفمبر بعد اعتداء انتحاري، أوقع 12 قتيلا بين الحرس الرئاسي في تونس، قالت المنظمة إنه تم تنفيذ "آلاف المداهمات والتوقيفات" في حين وضع "مئات آخرون" قيد الإقامة الجبرية.
وإن نوهت منظمة العفو الدولية بالإصلاح القضائي الأخير والذي يحق بموجبه للمتهم المحبوس على ذمة التحقيق أن يكون له محاميا، إلا أنها انتقدت بأن المرأة التونسية – حتى وإن كانت أكثر العربيات حقوقا – لا تحظى بحماية مطلقة من العنف الجنسي. ففي سياق متصل، أشارت المنظمة الحقوقية إلى أنه – ومثلما هو الأمر في الجزائر – بإمكان الرجل الذي اغتصب فتاة قاصرة التهرب من العقوبة إذا ما تزوجها. كما لا يزال الحقوقيون يشكون من تعرض المثليين الجنسيين والمتحولين جنسيا للتمييز العنصري. وتسلط عقوبة السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات على من ثبتت عليهم إقامة علاقات مثلية جنسيا. ووفقا للعفو الدولية فلم تنفذ عقوبة الإعدام في تونس في عام 2015.
وعموما انتقدت المنظمات الحقوقية عدم إلغاء الدول المغاربية الثلاث إلى يومنا هذا عقوبة الإعدام، حتى وإن لم يتم تنفيذها – على الأقل في عام 2015– الأمر الذي يتنافى مع وصفها بأنها "دول آمنة".