• ◘ التاريخية

    وَأَذِّنْ معارض وحضور
  • حلي من الفنون المغاربية في باريس

    باريس – أوراس زيباوي (الحياو) : منذ أقدم الحضارات شكّلت الحليّ جانباً إبداعياً مهماً وعكست قيماً ثقافية وجمالية واجتماعية، لذا لا يستغرب أن لها حضوراً مهماً في المتاحف العالمية، كما تُخصَّص لها المعارض والكتب الجميلة. في هذا الإطار، افتُتح في متحف «معهد العالم العربي» في باريس أخيراً، معرض عن الحلي التراثية في دول المغرب العربي، عنوانه «كنوز للزينة، حلي من المغرب العربي»، ويضم 250 قطعة من «مجموعة بوفييه» الخاصة المكونة من حلي من دول المغرب وتونس والجزائر أنجزت خلال المرحلة الممتدة بين نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين.



    تختصر هذه المعروضات فناً عريقاً موغلاً في القدم. فن يجمع المهارة الحرفية من جهة، ومن جهة مقابلة القدرة على ابتكار أشكال جديدة تعكس الكثير من الطقوس الدينية والمعتقدات للحماية من الشر والحسد، فتشكل نتاجاً أساسياً من نتاجات الفن المغاربي عبر الأجيال المتعاقبة. وكان مارك بوفييه الذي يبلغ اليوم الرابعة والثمانين، قد تمكن من جمع هذه التحف أثناء تردده مع زوجته على دول المغرب العربي خلال مرحلة تجاوزت ثلاثين عاماً. وأثناء لقائنا معه في المعرض، أخبرنا انه من مواليد الإسكندرية حيث كان والده يقيم ويعمل، وأنّ جده، من ناحية والدته، لبناني من عائلة أرقش. من هنا جاء انفتاحه على الشرق وتعلقه بفنونه.



    كل الحلي المعروضة اليوم صاغتها أيدي حرفيين كبار، وهي معدّة للنساء اللواتي كنّ يتزيّنّ بها في الحياة اليومية وفي بعض المناسبات كالأعياد والأفراح... ويؤكد مارك بوفييه أنّ النساء المغاربيات كنّ يعتبرن هذه الحلي ثروتهنّ الخاصة ووسائط ضرورية لتجسيد بعض العلاقات الاجتماعية والعائلية، ومنها الزواج. وعندما كانت المرأة تعاني ضائقة مالية كانت تبيع ما تملكه من حلي.

    للحلي المغاربية خصائص تقنية وجمالية مميزة، تعكس التنوع الثقافي والاثني والجغرافي للمغرب العربي حيث تطالعنا الجبال كجبال الأطلس في المغرب والصحارى والسهول والوديان والسواحل... كما أن هناك خصائص للحلي في المناطق القبلية تميزها عن الحلي في المدن التاريخية مثل فاس ومراكش. وفي المناطق الجبلية، ولكونها أقلّ انفتاحاً على العالم الخارجي من المناطق الساحلية والسهول، حافظت التقاليد الفنية على خصائصها التراثية وديمومتها. أما في المناطق الساحلية والمدن الكبرى حيث سهولة التنقل والتبادل التجاري والثقافي، فامتزجت التقاليد الفنية المحلية مع المؤثرات الخارجية ما سمح للحرفيين بإدخال مواد وتقنيات جديدة عبر العصور. ولا من التذكير بأن دول المغرب العربي خضعت تاريخياً لمؤثرات الحضارات التي تعاقبت في حوض المتوسط ومنها الرومانية والبيزنطية والإسلامية، وكانت أيضاً وريثة الحضارة الأندلسية وفنونها العريقة التي تتجلى بقوة في المدن التاريخية كفاس ومكناس ومراكش.



    غالبية الحلي المعروضة مصنوعة من النحاس والفضة، وأحياناً من الذهب المطعّم بمواد أخرى، وكانت تستعملها النساء لتزيين مواضع في الجــسد وكذلك الملابس. وبعض الحلي مطلي بألوان عديدة متوهّجة ومنها الأزرق والأخضر والأصفر والأحمر، كما في الحلي الأمازيغية في الجزائر.

    معرض «كنوز للزينة، حلي من دول المغرب العربي» شهادة مهمة على فنّ عريق كان له دائماً، عبر العصور، مكانته الخاصة في الإبداع المغاربي.

    ولا بد من الإشارة أخيراً الى حضور كل من عازفة البيانو شارلوت رينارت والممثلة إيلودي مينينغان اللتين شاركتا في حفلة الافتتاح، واختارتا عدداً من الحلي المعروضة في الواجهات، وتزيّنتا بها أمام الجمهور. وقد جاء حضورهما، وفق تعبيرهما، للتعبير عن تضامنهما مع النساء العربيات في هذه المرحلة الصعبة التي تمرّ بها المنطقة.





    هذه المقالة نشرت أصلا في موضوع المنتدى : حلي من الفنون المغاربية في باريس كتبت بواسطة اصداااء مشاهدة المشاركة الأصلية
  • مواقف وعبر ،،،

  • هيئة المتاحف

  • جائزة ومنح تاريخ الجزيرة العربية

  • عناقيد ثقافية

  • التخطيط والسياسة اللغوية

  • مجلة الآثار


تنفيذ شركة تصميم مواقع الانترنت توب لاين
روابط مهمه روابط مهمه تواصل معنا
تواصل معنا