ابراهيم محمد (دويتشه ﭭيله) : تحولت طهران مع بدء رفع العقوبات إلى قبلة عالمية لصناع القرار بهدف إبرام صفقات بمئات المليارات، غير أن صفقات كهذه تبدو بعيدة المنال عن الشركات العربية، أما الأسباب فلا تقتصر على التأزم الخطير في العلاقات السياسية.
الجميع يتوافد على طهران لعقد الصفقات التجارية والاستثمارية بعد رفع العقوبات الغربية عنها، فمع إلغاء العقوبات تذهب بعض التوقعات إلى أنه سيتم الإفراج عن 100 إلى 140 مليار دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك العالمية. يأتي ذلك في وقت خططت فيه إيران لتحديث بنيتها التحتية والصناعية في إطار مشاريع كلفتها مئات المليارات على مدى السنوات العشر القادمة. ويبرز من بينها شراء أكثر من 100 طائرة ركاب من شركة إيرباص الأوروبية وبناء 6 مناطق صناعية حرة على الساحل الشرقي للخليج و12 مطارا جديدا. وعلى ضوء ذلك يتوقع شركاء تقليديون لإيران، مثل ألمانيا، مضاعفة التبادل التجاري إلى أربعة أمثاله بحلول عام 2020 بحيث يرتفع من 2.4 إلى 10 مليارات يورو. السؤال الذي يطرح نفسه هنا، أين العرب من فرص التجارة والاستثمار المسيلة للعاب؟
منافسة عاتية لقطر والإمارات
جاء رفع العقوبات الدولية عن إيران في وقت تأزمت فيه علاقاتها السياسية مع جيرانها العرب الخليجيين بشكل خطير بعد إعدام رجل الدين السعودي المعارض نمر النمر والاعتداء على السفارة السعودية في طهران. وسيؤثر تأزم العلاقات بين الطرفين على علاقاتهما الاقتصادية بشكل سلبي، لاسيما وأن إيران تتجه نحو منافسة أقوى في سوق النفط مع السعودية والعراق. غير أن المنافسة ستكون على أشدها مع قطر والإمارات على حد تعبير مصطفى اللباد خبير الشؤون الإيرانية التركية ورئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإٍستراتيجية في لقاء مع DWعربية.
تحديث قطاع الغاز الإيراني يتطلب عشرات المليارات من الدولارات
بالنسبة إلى قطر، والكلام للخبير اللباد، تمتلك البلاد تكنولوجيا عالية تعطيها ميزة تنافسية في مجال تسييل الغاز وتصديره. غير أن هذه الميزة ستضعف مع جذب الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع الغاز الإيراني بهدف تحديثه وزيارة الصادرات منه إلى مختلف أنحاء العالم، لاسيما وأن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم بحجم 33 تريليون متر مكعب بعد روسيا التي تمتلك أكثر من 49 تريليون متر مكعب. في هذا الإطار هناك مشروع تم التخطيط له بالفعل من أجل بناء خط لنقل الغاز الإيراني عبر قاع الخليج إلى سلطنة عُمان كي يتم تسييله هناك ومن ثم تصديره. وفيما يتعلق بالإمارات هناك خطط إيرانية لبناء مناطق صناعية وتجارية حرة ومطارات عدة على الساحل الشرقي للخليج. ومن شأن تنفيذ هذه الخطط منافسة مناطق الإمارات ومطاراتها على السياحة والتجارة والسفر.
حصة قوية متوقعة للشركات الألمانية في عقود تحديث البتروكيماويات الإيرانية
الجدير ذكره هنا أن الإمارات تحولت خلال فترة العقوبات إلى أهم منطقة للتبادل التجاري مع إيران. في هذا الإطار تشحن معظم الشركات الأجنبية البضائع الموجهة إلى الأسواق الإيرانية عبر إمارة دبي، ومن هناك تتم إعادة تصديرها إلى إيران بسبب منع تجارة الكثير من السلع الأجنبية معها بشكل مباشر. وتقدر نشرة مؤسسة التجارة والاستثمارات الألمانية/ Germany Trade& Invest، أن أكثر من 50 بالمائة من الواردات الإيرانية، التي بلغت قيمتها 65 مليار دولار عام 2014، تمت عن طريق الإمارات. الخبير اللباد يرى بأن قسماً كبيراً من آلاف الشركات الإيرانية وفروعها في دبي والإمارات الأخرى سيعود للعمل انطلاقا من إيران، ما يعني تراجع التبادل التجاري بين الطرفين والتأثير بشكل سلبي على حركة التجارة عبر الموانئ والمطارات الإماراتية.
حضور اقتصادي أقوى في سوريا والعراق
أما علاقات إيران الاقتصادية مع الدول العربية الأخرى، فما تزال ضعيفة بالمجمل، ليس بسبب الخلافات السياسية مع غالبيتها وحسب، بل أيضا بسبب تشابه المنتجات المخصصة للصادرات كموارد الطاقة والتمور والخضروات والفواكه. غير أن الوضع يختلف بالنسبة إلى سوريا والعراق، لأن لكليهما علاقات سياسية قوية مع إيران التي تتمتع أيضا بنفوذ قوي فيهما على أكثر من صعيد. وكمثال على ذلك يلاحظ الزائر لكل من البلدين الحضور الواسع للسيارات الإيرانية وقيام الشركات الإيرانية بتنفيذ عشرات المشاريع في تحديث قطاع الكهرباء والبنى التحتية الأخرى. ومع رفع العقوبات وتحديث صناعة السيارات والصناعات التحويلية الإيرانية الأخرى يتوقع حصول الشركات الإيرانية على حصة أكبر في أسواق البلدين وبلدان عربية أخرى ليست علاقاتها السياسية متأزمة مع طهران مثل لبنان وسلطنة عُمان والجزائر.
نهضة جديدة متوقعة لصناعة السيارات الإيرانية بعد رفع العقوبات
فرص للاستثمار العربي رغم الخلافات؟
رغم الخلافات السياسية مع معظم الدول العربية لا يخلو الأمر من فرص لرؤوس الأموال العربية الباحثة عن استثمارات خارجية في السوق الإيرانية، التي تعد أحد أكبر أسواق الشرق الأوسط بعدد مستهلكين يصل إلى 80 مليون نسمة. وتذهب غالبية التقديرات إلى أن إيران بحاجة إلى استثمارات تزيد قيمتها عن 250 مليار دولار خلال السنوات العشر القادمة من أجل تحديث اقتصادها، الذي عانى من العقوبات على مدى ثلاثة عقود ونصف العقد. الخبير اللباد يرى في لقائه مع DWعربيىة أن "توجه استثمارات عربية خليجية وغير خليجية إلى المشاريع الإيرانية في قطاع الطاقة وغيرها يساعد على فسح فرص جديدة للتفاهم والتعاون وتجاوز الخلافات السياسية بما يخدم شعوب المنطقة". غير أن المناخ السياسي الحالي لا يسمح بذلك، على الأقل في الوقت الحاضر. يضاف إلى ذلك أنه ليس من الواضح بعد ما إذا كانت إيران ستنجح في جذب الاستثمارات الخارجية بالشكل الطموح الذي يتم الحديث عنها حاليا، لأن هناك قوى محافظة ومجموعة متحالفة معها من رجال الأعمال تستفيد من الوضع الحالي وتعارض الانفتاح الاقتصادي لطهران على العالم. كما أنها تعارض الإصلاحات الاقتصادية والسياسية اللازمة لجعل إيران بلداً جاذباً للاستثمارات الخارجية التي تحتاجها في قطاعي النفط والغاز والقطاعات الأخرى.
الجميع يتوافد على طهران لعقد الصفقات التجارية والاستثمارية بعد رفع العقوبات الغربية عنها، فمع إلغاء العقوبات تذهب بعض التوقعات إلى أنه سيتم الإفراج عن 100 إلى 140 مليار دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك العالمية. يأتي ذلك في وقت خططت فيه إيران لتحديث بنيتها التحتية والصناعية في إطار مشاريع كلفتها مئات المليارات على مدى السنوات العشر القادمة. ويبرز من بينها شراء أكثر من 100 طائرة ركاب من شركة إيرباص الأوروبية وبناء 6 مناطق صناعية حرة على الساحل الشرقي للخليج و12 مطارا جديدا. وعلى ضوء ذلك يتوقع شركاء تقليديون لإيران، مثل ألمانيا، مضاعفة التبادل التجاري إلى أربعة أمثاله بحلول عام 2020 بحيث يرتفع من 2.4 إلى 10 مليارات يورو. السؤال الذي يطرح نفسه هنا، أين العرب من فرص التجارة والاستثمار المسيلة للعاب؟
منافسة عاتية لقطر والإمارات
جاء رفع العقوبات الدولية عن إيران في وقت تأزمت فيه علاقاتها السياسية مع جيرانها العرب الخليجيين بشكل خطير بعد إعدام رجل الدين السعودي المعارض نمر النمر والاعتداء على السفارة السعودية في طهران. وسيؤثر تأزم العلاقات بين الطرفين على علاقاتهما الاقتصادية بشكل سلبي، لاسيما وأن إيران تتجه نحو منافسة أقوى في سوق النفط مع السعودية والعراق. غير أن المنافسة ستكون على أشدها مع قطر والإمارات على حد تعبير مصطفى اللباد خبير الشؤون الإيرانية التركية ورئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإٍستراتيجية في لقاء مع DWعربية.
تحديث قطاع الغاز الإيراني يتطلب عشرات المليارات من الدولارات
بالنسبة إلى قطر، والكلام للخبير اللباد، تمتلك البلاد تكنولوجيا عالية تعطيها ميزة تنافسية في مجال تسييل الغاز وتصديره. غير أن هذه الميزة ستضعف مع جذب الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع الغاز الإيراني بهدف تحديثه وزيارة الصادرات منه إلى مختلف أنحاء العالم، لاسيما وأن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم بحجم 33 تريليون متر مكعب بعد روسيا التي تمتلك أكثر من 49 تريليون متر مكعب. في هذا الإطار هناك مشروع تم التخطيط له بالفعل من أجل بناء خط لنقل الغاز الإيراني عبر قاع الخليج إلى سلطنة عُمان كي يتم تسييله هناك ومن ثم تصديره. وفيما يتعلق بالإمارات هناك خطط إيرانية لبناء مناطق صناعية وتجارية حرة ومطارات عدة على الساحل الشرقي للخليج. ومن شأن تنفيذ هذه الخطط منافسة مناطق الإمارات ومطاراتها على السياحة والتجارة والسفر.
حصة قوية متوقعة للشركات الألمانية في عقود تحديث البتروكيماويات الإيرانية
الجدير ذكره هنا أن الإمارات تحولت خلال فترة العقوبات إلى أهم منطقة للتبادل التجاري مع إيران. في هذا الإطار تشحن معظم الشركات الأجنبية البضائع الموجهة إلى الأسواق الإيرانية عبر إمارة دبي، ومن هناك تتم إعادة تصديرها إلى إيران بسبب منع تجارة الكثير من السلع الأجنبية معها بشكل مباشر. وتقدر نشرة مؤسسة التجارة والاستثمارات الألمانية/ Germany Trade& Invest، أن أكثر من 50 بالمائة من الواردات الإيرانية، التي بلغت قيمتها 65 مليار دولار عام 2014، تمت عن طريق الإمارات. الخبير اللباد يرى بأن قسماً كبيراً من آلاف الشركات الإيرانية وفروعها في دبي والإمارات الأخرى سيعود للعمل انطلاقا من إيران، ما يعني تراجع التبادل التجاري بين الطرفين والتأثير بشكل سلبي على حركة التجارة عبر الموانئ والمطارات الإماراتية.
حضور اقتصادي أقوى في سوريا والعراق
أما علاقات إيران الاقتصادية مع الدول العربية الأخرى، فما تزال ضعيفة بالمجمل، ليس بسبب الخلافات السياسية مع غالبيتها وحسب، بل أيضا بسبب تشابه المنتجات المخصصة للصادرات كموارد الطاقة والتمور والخضروات والفواكه. غير أن الوضع يختلف بالنسبة إلى سوريا والعراق، لأن لكليهما علاقات سياسية قوية مع إيران التي تتمتع أيضا بنفوذ قوي فيهما على أكثر من صعيد. وكمثال على ذلك يلاحظ الزائر لكل من البلدين الحضور الواسع للسيارات الإيرانية وقيام الشركات الإيرانية بتنفيذ عشرات المشاريع في تحديث قطاع الكهرباء والبنى التحتية الأخرى. ومع رفع العقوبات وتحديث صناعة السيارات والصناعات التحويلية الإيرانية الأخرى يتوقع حصول الشركات الإيرانية على حصة أكبر في أسواق البلدين وبلدان عربية أخرى ليست علاقاتها السياسية متأزمة مع طهران مثل لبنان وسلطنة عُمان والجزائر.
نهضة جديدة متوقعة لصناعة السيارات الإيرانية بعد رفع العقوبات
فرص للاستثمار العربي رغم الخلافات؟
رغم الخلافات السياسية مع معظم الدول العربية لا يخلو الأمر من فرص لرؤوس الأموال العربية الباحثة عن استثمارات خارجية في السوق الإيرانية، التي تعد أحد أكبر أسواق الشرق الأوسط بعدد مستهلكين يصل إلى 80 مليون نسمة. وتذهب غالبية التقديرات إلى أن إيران بحاجة إلى استثمارات تزيد قيمتها عن 250 مليار دولار خلال السنوات العشر القادمة من أجل تحديث اقتصادها، الذي عانى من العقوبات على مدى ثلاثة عقود ونصف العقد. الخبير اللباد يرى في لقائه مع DWعربيىة أن "توجه استثمارات عربية خليجية وغير خليجية إلى المشاريع الإيرانية في قطاع الطاقة وغيرها يساعد على فسح فرص جديدة للتفاهم والتعاون وتجاوز الخلافات السياسية بما يخدم شعوب المنطقة". غير أن المناخ السياسي الحالي لا يسمح بذلك، على الأقل في الوقت الحاضر. يضاف إلى ذلك أنه ليس من الواضح بعد ما إذا كانت إيران ستنجح في جذب الاستثمارات الخارجية بالشكل الطموح الذي يتم الحديث عنها حاليا، لأن هناك قوى محافظة ومجموعة متحالفة معها من رجال الأعمال تستفيد من الوضع الحالي وتعارض الانفتاح الاقتصادي لطهران على العالم. كما أنها تعارض الإصلاحات الاقتصادية والسياسية اللازمة لجعل إيران بلداً جاذباً للاستثمارات الخارجية التي تحتاجها في قطاعي النفط والغاز والقطاعات الأخرى.