كيرستن كنيب/ عبدالحي العلمي (DW) : وصول مليون لاجئ الى ألمانيا، أغلبهم من المسلمين سيترك بصماته الدينية أيضاعلى البلاد. ويصعب على الكثير من الألمان تقبل ذلك. ولكن في نفس الوقت يزداد عدد البرامج والخطط الذكية الهادفة الى إدماج اللاجئين بشكل جيد.
"سومتي" بولاية ساكسونيا السفلى هي بلدة صغيرة هادئة. هناك بعض المنازل والحدائق والمزارع الصغيرة، ويسكن البلدة حوالي 100 مواطن. بين عشية وضحاها أصبحت هذه البلدة حديث الساعة في الاعلام، بعد انتشار خبر التحضير لإسكان لاجئين في إحدى البنايات الفارغة قرب البلدة. الحديث كان عن حوالي 1000 لاجئ، أي عشرة أضعاف سكان البلدة.
مثل هذا التطور لايجد قبولا لدى كل الناس. ولذلك يريد السكان معرفة مسار الأشياء، حيث لا تستطيع المرافق تحمل تبعات هذا التطور، مثلا عملية التخلص من النفايات أو من مياه الصرف أو إقامة نظام للحماية من الحرائق. وعبر البعض عن قلقه خلال في اجتماع للسكان بهذا الشأن، حيث قالت إحدى السيدات "إنهم جميعا مسلمون، وهم يكرهوننا".
"إنهم يكرهوننا"
هناك لدى كل الفئات الاجتماعية شعور بعدم الثقة تجاه اللاجئين وخاصة المسلمين منهم، حتى وإن اختلفت مستويات ذلك الشعور. فما هي خلفية هذا التحفظ. مثل هذه المخاوف ليست واقعية، تقول الكاتبة المسلمة خولة مريم هوبش في إحدى مقالاتها على موقع "قنطرة". وهي ترى أن ذلك "ينطلق من الخطابات السياسية، فهي نتيجة جهل وخيال". وتضيف الكاتبة أن النظر باتجاه المسلمين بالخصوص يعبر عن مشاكل أخرى لم يتم حلها. "حيث يظهر التاريخ أن هناك علاقة بين المشاكل الاجتماعية والحديث عن التهديدات الآتية من أقليات دينية".
تدفق مئات آلاف اللاجئين إلى ألمانيا
هناك حقا مشاكل كثيرة في ألمانيا لم يتم حلها. وهناك أيضا عدد من المسلمين الذين يساهمون في الضغط على المجتمع بسبب مطالبهم. فقبل تأليفه لكتابين حول الاندماج كان هاينز بوشكوفسكي عمدة لمنطقة نويكولن في برلين. عام 2014 كان عدد سكان المنطقة 320 ألف نسمة، 135 ألف منهم ذوو أصول مهاجرة. وهناك مشاكل في مثل تلك المناطق، كما يلاحظ بوشكوفسكي، حيث يطلب الآباء المسلمون من المعلمين والمربيات عدم لمس لحم الخنزير في طعامهم حتى لا يتم تلويث أطفالهم عند لمسهم. ويضيف: "كل عامين يصلنا طلب للسماح للمؤذن بالمناداة للصلاة في الفضاء العام". إن مثل ذلك يحدث منذ فصل الربيع الماضي في غلادبيك بمنطقة ويستفاليا، حيث ينادي المؤذن مرة كل يوم، يوما بعد يوم يدوي بين سطوح المدينة " الله أكبر" ، عدا أيام الأعياد المسيحية.
التحفظ الديني
يلاحظ وجود تحفظ في التطورات الخاصة بالدين في ألمانيا. وليس هناك ما يرغم الناس على التعامل مع هذا الموضوع بشكل ما. الكاثوليك والبروتستانت يتحدثون مع بعضهم البعض وليس هناك من أحد يعمل على إرغام شخص آخر على الإيمان بمعتقداته. وفي المدن هناك أصدقاء أو زملاء في العمل، وقد لا يعرف أحدهم شيئا عن عقيدة الآخر وليس لديهم مشكلة في ذلك، حيث لم يعد الدين يلعب دورا مهما في حياتهم. ويوجد في ألمانيا 27 مليون مواطن، أي اكثر من الثلث من عدد سكان البلد، لا يدين لهم أي نتمون لأي دين. وهناك صعوبة في التعامل مع هذا الموضوع بالنسبة لهم، كما أظهر استطلاع للرأي قام به معهد آلنسباخ الذي سأل: هل يشكل الاسلام جزءا من ألمانيا؟ أجاب 63 بالمائة، أي حوالي الثلثين، من الذين استطلعت آراؤهم بـ "لا" وقال 22 بالمائة "نعم" في حين تحفظ 15 بالمائة منهم في اتخاذ موقف معين.
مسجد الإمام علي في مدينة هامبورغ
الاسلام والتعددية
حسب الدراسات العلمية بشأن الأديان ليس هناك من سببب يدعو الى الخوف من الإسلام. ويؤكد الباحث في الدراسات الإسلامية أوليفر روي وهو أحد الباحثين المشهورين في المواضيع الخاصة "بالإسلام في أوروبا" أن الإسلام لا يسعى إلى السيطرة على الأديان الأخرى، وأكثر من ذلك، فإنه من خلال التأكيد على وضعه المعترف به، فإنه يقترب من أنظمة المجتمعات الغربية التعددية و"من يريد من بين الأقليات أن يتم الاعتراف بقيمه، فإنه يقر بوجود تعددية القيم والعقائد". ويوصي الباحث روي بضرورة التعامل مع الإجراءات الخاصة بالعميلة الاندماجية، حيث ليست هناك حاجة للاستعانة بالقوى الروحية المعتدلة في الشرق الاوسط لاسترضاء المسلمين في الغرب أو لتقديم مساعدات بهدف التحضير لإسلام "مدني" أو "ليبرالي". وعوض ذلك فإنه من الأفضل إعطاء الإسلام مجالا خاصا به، دون تغيير القوانين والأسس القائمة. "فالتعددية الحقيقية هي أحسن طريق لتجنب الصراعات مع المواطنين المسلمين، والذين قد يلجأون الى الانعزال والشعور بوجود ضغط عليهم" يقول روي، والذي يضيف أنه إذا أمكن تجنب الانعزال فلن تكون هناك حاجة للشعور بقلق كبير من احتمال سيطرة الوجود الإسلامي، حسب تعبيره.
التحديات وضرورة التسامح
مثل هذا المسار يحمل بين طياته تحديات كبيرة أيضا، حتى بالنسبة للأغلبية غير المسلمة في المجتمع، والتي عليها التعود على الوجود الإسلامي في الفضاء العام. وهذا شيء طبيعي في مجتمع يتسم بالتعددية. المهم كما يقول الباحث في الدراسات الاسلامية رؤوف جيلان هو "وجود تسامح لدى كل الأطراف حتى يمكن تقبل مختلف الثقافات وخصوصياتها الدينية".
"سومتي" بولاية ساكسونيا السفلى هي بلدة صغيرة هادئة. هناك بعض المنازل والحدائق والمزارع الصغيرة، ويسكن البلدة حوالي 100 مواطن. بين عشية وضحاها أصبحت هذه البلدة حديث الساعة في الاعلام، بعد انتشار خبر التحضير لإسكان لاجئين في إحدى البنايات الفارغة قرب البلدة. الحديث كان عن حوالي 1000 لاجئ، أي عشرة أضعاف سكان البلدة.
مثل هذا التطور لايجد قبولا لدى كل الناس. ولذلك يريد السكان معرفة مسار الأشياء، حيث لا تستطيع المرافق تحمل تبعات هذا التطور، مثلا عملية التخلص من النفايات أو من مياه الصرف أو إقامة نظام للحماية من الحرائق. وعبر البعض عن قلقه خلال في اجتماع للسكان بهذا الشأن، حيث قالت إحدى السيدات "إنهم جميعا مسلمون، وهم يكرهوننا".
"إنهم يكرهوننا"
هناك لدى كل الفئات الاجتماعية شعور بعدم الثقة تجاه اللاجئين وخاصة المسلمين منهم، حتى وإن اختلفت مستويات ذلك الشعور. فما هي خلفية هذا التحفظ. مثل هذه المخاوف ليست واقعية، تقول الكاتبة المسلمة خولة مريم هوبش في إحدى مقالاتها على موقع "قنطرة". وهي ترى أن ذلك "ينطلق من الخطابات السياسية، فهي نتيجة جهل وخيال". وتضيف الكاتبة أن النظر باتجاه المسلمين بالخصوص يعبر عن مشاكل أخرى لم يتم حلها. "حيث يظهر التاريخ أن هناك علاقة بين المشاكل الاجتماعية والحديث عن التهديدات الآتية من أقليات دينية".
تدفق مئات آلاف اللاجئين إلى ألمانيا
هناك حقا مشاكل كثيرة في ألمانيا لم يتم حلها. وهناك أيضا عدد من المسلمين الذين يساهمون في الضغط على المجتمع بسبب مطالبهم. فقبل تأليفه لكتابين حول الاندماج كان هاينز بوشكوفسكي عمدة لمنطقة نويكولن في برلين. عام 2014 كان عدد سكان المنطقة 320 ألف نسمة، 135 ألف منهم ذوو أصول مهاجرة. وهناك مشاكل في مثل تلك المناطق، كما يلاحظ بوشكوفسكي، حيث يطلب الآباء المسلمون من المعلمين والمربيات عدم لمس لحم الخنزير في طعامهم حتى لا يتم تلويث أطفالهم عند لمسهم. ويضيف: "كل عامين يصلنا طلب للسماح للمؤذن بالمناداة للصلاة في الفضاء العام". إن مثل ذلك يحدث منذ فصل الربيع الماضي في غلادبيك بمنطقة ويستفاليا، حيث ينادي المؤذن مرة كل يوم، يوما بعد يوم يدوي بين سطوح المدينة " الله أكبر" ، عدا أيام الأعياد المسيحية.
التحفظ الديني
يلاحظ وجود تحفظ في التطورات الخاصة بالدين في ألمانيا. وليس هناك ما يرغم الناس على التعامل مع هذا الموضوع بشكل ما. الكاثوليك والبروتستانت يتحدثون مع بعضهم البعض وليس هناك من أحد يعمل على إرغام شخص آخر على الإيمان بمعتقداته. وفي المدن هناك أصدقاء أو زملاء في العمل، وقد لا يعرف أحدهم شيئا عن عقيدة الآخر وليس لديهم مشكلة في ذلك، حيث لم يعد الدين يلعب دورا مهما في حياتهم. ويوجد في ألمانيا 27 مليون مواطن، أي اكثر من الثلث من عدد سكان البلد، لا يدين لهم أي نتمون لأي دين. وهناك صعوبة في التعامل مع هذا الموضوع بالنسبة لهم، كما أظهر استطلاع للرأي قام به معهد آلنسباخ الذي سأل: هل يشكل الاسلام جزءا من ألمانيا؟ أجاب 63 بالمائة، أي حوالي الثلثين، من الذين استطلعت آراؤهم بـ "لا" وقال 22 بالمائة "نعم" في حين تحفظ 15 بالمائة منهم في اتخاذ موقف معين.
مسجد الإمام علي في مدينة هامبورغ
الاسلام والتعددية
حسب الدراسات العلمية بشأن الأديان ليس هناك من سببب يدعو الى الخوف من الإسلام. ويؤكد الباحث في الدراسات الإسلامية أوليفر روي وهو أحد الباحثين المشهورين في المواضيع الخاصة "بالإسلام في أوروبا" أن الإسلام لا يسعى إلى السيطرة على الأديان الأخرى، وأكثر من ذلك، فإنه من خلال التأكيد على وضعه المعترف به، فإنه يقترب من أنظمة المجتمعات الغربية التعددية و"من يريد من بين الأقليات أن يتم الاعتراف بقيمه، فإنه يقر بوجود تعددية القيم والعقائد". ويوصي الباحث روي بضرورة التعامل مع الإجراءات الخاصة بالعميلة الاندماجية، حيث ليست هناك حاجة للاستعانة بالقوى الروحية المعتدلة في الشرق الاوسط لاسترضاء المسلمين في الغرب أو لتقديم مساعدات بهدف التحضير لإسلام "مدني" أو "ليبرالي". وعوض ذلك فإنه من الأفضل إعطاء الإسلام مجالا خاصا به، دون تغيير القوانين والأسس القائمة. "فالتعددية الحقيقية هي أحسن طريق لتجنب الصراعات مع المواطنين المسلمين، والذين قد يلجأون الى الانعزال والشعور بوجود ضغط عليهم" يقول روي، والذي يضيف أنه إذا أمكن تجنب الانعزال فلن تكون هناك حاجة للشعور بقلق كبير من احتمال سيطرة الوجود الإسلامي، حسب تعبيره.
التحديات وضرورة التسامح
مثل هذا المسار يحمل بين طياته تحديات كبيرة أيضا، حتى بالنسبة للأغلبية غير المسلمة في المجتمع، والتي عليها التعود على الوجود الإسلامي في الفضاء العام. وهذا شيء طبيعي في مجتمع يتسم بالتعددية. المهم كما يقول الباحث في الدراسات الاسلامية رؤوف جيلان هو "وجود تسامح لدى كل الأطراف حتى يمكن تقبل مختلف الثقافات وخصوصياتها الدينية".