الإسكندرية (ومضة) -- في وقتٍ تتقدّم فيه شركات حلول معالجة النفايات أو الغاز الحيوي، ولو ببطء، في الشرق الأوسط، انفردَت "طاقة سولوشنز" Taqa Solutions بإعداد برنامجٍ تلفزيونيٍّ واقعيٍّ لتطلق عملها.
تينا بولس. (الصورة من تينا بولس)
فازَت تينا بولس في البرنامج التلفزيوني المصري "المشروع" El Mashrou3، وهو برنامجٌ يمزج ما بين البرنامج الأميركي "ذا أبرنتس"The Apprentice والبرنامج البريطاني "دراجنز دن" Dragon’s Den.
وباستخدام الجائزة النقدية التي بلغ قدرها حوالي 45 ألف دولار، تحاول بولس وشريكها في العمل، جورج أرمانيوس، إنشاء سوقٍ للغاز الحيويّ وقطف الثمار الأسهل لهما عبر جمع مخلّفات مربّي الدواجن ومنتِجي الأغذية المصنَّعة والفنادق في البلاد، قبل أن تفعل ذلك الشركات الناشئة المنافسة لهما مثل "بايوجاس بيبول" Biogas People التي يملكها هاني خضري.
تقول بولس لـ"ومضة": "أنا أبيع فكرةً؛ أبحث عن عملاء وأجعلهم يدركون أنّهم بحاجةٍ إلى هذا الأمر. أنا أعمل على توليد الحاجة لديهم أوّلاً."
هذا المفهوم الذي يقوم الشريكان ببيعه، هو نظامٌ لإنتاج الغاز الحيويّ الصناعي، حيث يتمّ فرز النفايات من رَوث الدجاج وبقايا الطعام من الفنادق ومعالجتها (ربما) وإدخالها في جهاز هاضم digester. وعلى مدار يومٍ كامل، تقوم البكتيريا الموجودة أصلاً في هذه النفايات بتحليلها إلى سمادٍ فعّال وغاز ميثان، ثمّ تتمّ تصفيتهما لإزالة بخار الماء والكبريت الخطير، وأخيراً حرق المنتَج النهائي من أجل إنتاج الكهرباء.
تقول بولس إنّ هذا الحلّ لا يتطلّب الكثير من الصيانة وهو سهل الاستخدام للغاية، حتّى أنّ بعض مربّي الدواجن سمّوه "الآلة السحرية"؛ وبعد أن يتمّ دفع التكاليف الأوّلية، يصبح تشغيله رخيصاً جدّاً. فالجهاز الهاضم الذي يتّسع لـ2.5 كج من النفايات قادرٌ على صنع 90 كيلوواط بالساعة (kWh) من الكهرباء في اليوم، على أنّ النظام يستخدِم 30 كيلوواط ساعة منها ليعمَل، كما أنّه من الأسهل والأرخص بكثير تخزين الغاز بدلاً من الطاقة الشمسية.
أمّا هدف "طاقة سوليوشنز" فيكمن في توفير أنظمةٍ قادرةٍ على معالجة كمّياتٍ تتراوح بين 10 كج و50 طناً، علماً أنّه سيتمّ استقدام كلّ المعدّات من الخارج.
الدجاج بدلاً من الأرزّ
يعود الفضل في تركيز "طاقة سولوشنز" على مزارع الدجاج إلى قرارٍ اتّخذَته بولس، قبل بدء البرنامج التلفزيوني، ببيع الأجهزة المعالجة لنفايات الدجاج بدلاً من قشور الأرزّ.
قبل أن تتخرج من الجامعة في حزيران/يونيو 2013، كانت بولس تفكّر في إنشاء شركةٍ لبيع أنظمة إنتاج الغاز الحيوي. وعندما ذكرَت الفكرة أمام أرمانيوس، سرعان ما نصحها بالابتعاد عن قشور الأرزّ والاتجاه نحو الدواجن. فهذا القطاع يعرفه تمام المعرفة جرّاء عمله في شركة والده التي تُعنى بتزويد مزارع الدواجن بالمعدّات اللازمة لها.
ويقول أرمانيوس إنّ أحد شركاء أبيه في العمل كان قد خاض لتوّه تجربةً مريرةً بعد إنشائه مصنع الغاز الحيوي الأوّل في الشرق الأوسط الذي يعتمد على مخلّفات قشور الأرزّ. فقد "فشل هذا العمل فشلاً ذريعاً،" بسبب المشاكل التي واجهها من حيث الآلات والإنتاج وحتّى المبيع.
ومن جهةٍ أخرى، تعتمد "طاقة سولوشنز" حالياً على التمويل الذاتي، في وقتٍ تفضّل فيه بولس تقديم طلباتٍ للحصول على الهبات بدلاً من إيجاد مستثمِرٍ تأسيسيّ لدفع ثمن جهاز الهضم الذي ستعرضه على المزارع والفنادق. وتقول: "أنا لا أحتاج إلى مستثمِرين، إنّما إلى أشخاصٍ يبتاعون فكرتي. أنا أحتاج إلى عملاء."
التحدّيات
والآن، بعد عشرة أشهر على إطلاق الشركة، لم يوقّع الشريكان بعد أيّ عقدٍ لبيع نظامهما. وتشير بولس إلى أنّ ذلك يعود لعدم امتلاكهما نموذجاً تجريبياً ليعرضا على العملاء المحتمَلين كيفية عمله، فمن دون هذا النموذج يصعب إقناع الناس بأنّ النظام ليس مجرّد "آلةً سحرية".
تكلّف الآلة ذات الحجم الأصغر حوالي 15 ألف دولار، وهو مبلغٌ يفوق طاقة الشركة الناشئة المالية، لكنّ أرمانيوس ينوي قريباً تركيب آلةٍ في مزرعة دواجن جديدة يقوم بإنشائها.
أساسيات هاضم الغاز الحيوي. (الصورة من رايتشل وليامسون)
الدعم الحكومي للكهرباء يُعدّ مشكلةً أيضاً، كما يقول أرمانيوس. فكلفة اقتناء نظامٍ لإنتاج الغاز الحيوي لا تبرُز قيمته حالياً في ظلّ الدعم الذي توفّره الحكومة للكهرباء. ولكن، في حال وفَت حكومة مصر بوعودها الإصلاحية، ابتداءً من تموز/يوليو، سترتفع قيمة الاستثمار في الغاز الحيوي الصناعي.
بالإضافة إلى ذلك، يعتمد الثنائي في أمله بالنجاح على انقطاعات الكهرباء الكثيرة في مصر. فالبلاد مقبلةٌ على عامٍ آخر من انقطاع التيار الكهربائي المتكرّر بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعي ومحطّات توليد الطاقة، على الرغم من محاولات الحكومة لمعالجة الوضع.
وبالتالي، قد يخسر مُربّو الدواجن عشرات آلاف الدولارات في اليوم لدى انقطاع الكهرباء لساعاتٍ في الصيف، ما يؤدّي إلى انطفاء أنظمة التبريد الآلي داخل حظائر الدجاج، وفقاً لأرمانيوس.
التوقعات المستقبلية
بحلول نهاية العام، يتوقع المؤسِّسان أن يكونا قد وقّعا عقداً واحداً على الأقلّ، وذلك على الرغم من نضالهما الحالي الذي بدا صعباً بعد ما رأياه في الصين والهند.
ففي رحلةٍ كان قد قام أرمانيوس إلى الهند قبل ثلاثة أعوام، رأى أنّه من الممكن جعل قطاع تربية الدواجن يستخدم أنظمة إنتاج الغاز الحيويّ. وفي هذه الأثناء، تضع بولس نصب عينيها السوق الصينية، حيث يُفرَض على منشآت تربية الدواجن الجديدة أن تتضمّن نظاماً لإنتاج الغاز الحيوي.
وتقول "لمَ توفّر الحكومةُ الغازَ في وقتٍ يمكنك صنعه بنفسك،" مضيفةً أنّ الأمر يتطلّب عميليَن اثنَين أو ثلاثة فقط ومن ثمّ يصبح الغاز الحيوي معتمداً كمصدرٍ للطاقة.
رايتشل ويليامسون تعمل كمحرّرةٍ وكاتبة في "ومضة". تغطّي مواضيع تتعلق بالريادة في الشرق الأوسط والطاقة ومسائل خاصة بالتنمية. تابعوها على تويتر على @rwilliamson_.
تينا بولس. (الصورة من تينا بولس)
فازَت تينا بولس في البرنامج التلفزيوني المصري "المشروع" El Mashrou3، وهو برنامجٌ يمزج ما بين البرنامج الأميركي "ذا أبرنتس"The Apprentice والبرنامج البريطاني "دراجنز دن" Dragon’s Den.
وباستخدام الجائزة النقدية التي بلغ قدرها حوالي 45 ألف دولار، تحاول بولس وشريكها في العمل، جورج أرمانيوس، إنشاء سوقٍ للغاز الحيويّ وقطف الثمار الأسهل لهما عبر جمع مخلّفات مربّي الدواجن ومنتِجي الأغذية المصنَّعة والفنادق في البلاد، قبل أن تفعل ذلك الشركات الناشئة المنافسة لهما مثل "بايوجاس بيبول" Biogas People التي يملكها هاني خضري.
تقول بولس لـ"ومضة": "أنا أبيع فكرةً؛ أبحث عن عملاء وأجعلهم يدركون أنّهم بحاجةٍ إلى هذا الأمر. أنا أعمل على توليد الحاجة لديهم أوّلاً."
هذا المفهوم الذي يقوم الشريكان ببيعه، هو نظامٌ لإنتاج الغاز الحيويّ الصناعي، حيث يتمّ فرز النفايات من رَوث الدجاج وبقايا الطعام من الفنادق ومعالجتها (ربما) وإدخالها في جهاز هاضم digester. وعلى مدار يومٍ كامل، تقوم البكتيريا الموجودة أصلاً في هذه النفايات بتحليلها إلى سمادٍ فعّال وغاز ميثان، ثمّ تتمّ تصفيتهما لإزالة بخار الماء والكبريت الخطير، وأخيراً حرق المنتَج النهائي من أجل إنتاج الكهرباء.
تقول بولس إنّ هذا الحلّ لا يتطلّب الكثير من الصيانة وهو سهل الاستخدام للغاية، حتّى أنّ بعض مربّي الدواجن سمّوه "الآلة السحرية"؛ وبعد أن يتمّ دفع التكاليف الأوّلية، يصبح تشغيله رخيصاً جدّاً. فالجهاز الهاضم الذي يتّسع لـ2.5 كج من النفايات قادرٌ على صنع 90 كيلوواط بالساعة (kWh) من الكهرباء في اليوم، على أنّ النظام يستخدِم 30 كيلوواط ساعة منها ليعمَل، كما أنّه من الأسهل والأرخص بكثير تخزين الغاز بدلاً من الطاقة الشمسية.
أمّا هدف "طاقة سوليوشنز" فيكمن في توفير أنظمةٍ قادرةٍ على معالجة كمّياتٍ تتراوح بين 10 كج و50 طناً، علماً أنّه سيتمّ استقدام كلّ المعدّات من الخارج.
الدجاج بدلاً من الأرزّ
يعود الفضل في تركيز "طاقة سولوشنز" على مزارع الدجاج إلى قرارٍ اتّخذَته بولس، قبل بدء البرنامج التلفزيوني، ببيع الأجهزة المعالجة لنفايات الدجاج بدلاً من قشور الأرزّ.
قبل أن تتخرج من الجامعة في حزيران/يونيو 2013، كانت بولس تفكّر في إنشاء شركةٍ لبيع أنظمة إنتاج الغاز الحيوي. وعندما ذكرَت الفكرة أمام أرمانيوس، سرعان ما نصحها بالابتعاد عن قشور الأرزّ والاتجاه نحو الدواجن. فهذا القطاع يعرفه تمام المعرفة جرّاء عمله في شركة والده التي تُعنى بتزويد مزارع الدواجن بالمعدّات اللازمة لها.
ويقول أرمانيوس إنّ أحد شركاء أبيه في العمل كان قد خاض لتوّه تجربةً مريرةً بعد إنشائه مصنع الغاز الحيوي الأوّل في الشرق الأوسط الذي يعتمد على مخلّفات قشور الأرزّ. فقد "فشل هذا العمل فشلاً ذريعاً،" بسبب المشاكل التي واجهها من حيث الآلات والإنتاج وحتّى المبيع.
ومن جهةٍ أخرى، تعتمد "طاقة سولوشنز" حالياً على التمويل الذاتي، في وقتٍ تفضّل فيه بولس تقديم طلباتٍ للحصول على الهبات بدلاً من إيجاد مستثمِرٍ تأسيسيّ لدفع ثمن جهاز الهضم الذي ستعرضه على المزارع والفنادق. وتقول: "أنا لا أحتاج إلى مستثمِرين، إنّما إلى أشخاصٍ يبتاعون فكرتي. أنا أحتاج إلى عملاء."
التحدّيات
والآن، بعد عشرة أشهر على إطلاق الشركة، لم يوقّع الشريكان بعد أيّ عقدٍ لبيع نظامهما. وتشير بولس إلى أنّ ذلك يعود لعدم امتلاكهما نموذجاً تجريبياً ليعرضا على العملاء المحتمَلين كيفية عمله، فمن دون هذا النموذج يصعب إقناع الناس بأنّ النظام ليس مجرّد "آلةً سحرية".
تكلّف الآلة ذات الحجم الأصغر حوالي 15 ألف دولار، وهو مبلغٌ يفوق طاقة الشركة الناشئة المالية، لكنّ أرمانيوس ينوي قريباً تركيب آلةٍ في مزرعة دواجن جديدة يقوم بإنشائها.
أساسيات هاضم الغاز الحيوي. (الصورة من رايتشل وليامسون)
الدعم الحكومي للكهرباء يُعدّ مشكلةً أيضاً، كما يقول أرمانيوس. فكلفة اقتناء نظامٍ لإنتاج الغاز الحيوي لا تبرُز قيمته حالياً في ظلّ الدعم الذي توفّره الحكومة للكهرباء. ولكن، في حال وفَت حكومة مصر بوعودها الإصلاحية، ابتداءً من تموز/يوليو، سترتفع قيمة الاستثمار في الغاز الحيوي الصناعي.
بالإضافة إلى ذلك، يعتمد الثنائي في أمله بالنجاح على انقطاعات الكهرباء الكثيرة في مصر. فالبلاد مقبلةٌ على عامٍ آخر من انقطاع التيار الكهربائي المتكرّر بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعي ومحطّات توليد الطاقة، على الرغم من محاولات الحكومة لمعالجة الوضع.
وبالتالي، قد يخسر مُربّو الدواجن عشرات آلاف الدولارات في اليوم لدى انقطاع الكهرباء لساعاتٍ في الصيف، ما يؤدّي إلى انطفاء أنظمة التبريد الآلي داخل حظائر الدجاج، وفقاً لأرمانيوس.
التوقعات المستقبلية
بحلول نهاية العام، يتوقع المؤسِّسان أن يكونا قد وقّعا عقداً واحداً على الأقلّ، وذلك على الرغم من نضالهما الحالي الذي بدا صعباً بعد ما رأياه في الصين والهند.
ففي رحلةٍ كان قد قام أرمانيوس إلى الهند قبل ثلاثة أعوام، رأى أنّه من الممكن جعل قطاع تربية الدواجن يستخدم أنظمة إنتاج الغاز الحيويّ. وفي هذه الأثناء، تضع بولس نصب عينيها السوق الصينية، حيث يُفرَض على منشآت تربية الدواجن الجديدة أن تتضمّن نظاماً لإنتاج الغاز الحيوي.
وتقول "لمَ توفّر الحكومةُ الغازَ في وقتٍ يمكنك صنعه بنفسك،" مضيفةً أنّ الأمر يتطلّب عميليَن اثنَين أو ثلاثة فقط ومن ثمّ يصبح الغاز الحيوي معتمداً كمصدرٍ للطاقة.
رايتشل ويليامسون تعمل كمحرّرةٍ وكاتبة في "ومضة". تغطّي مواضيع تتعلق بالريادة في الشرق الأوسط والطاقة ومسائل خاصة بالتنمية. تابعوها على تويتر على @rwilliamson_.