القاهرة - محمد الرميحي (الأهرام) - في نهاية تعليق نُسب للأمير بندر بن سلطان، وقد كان لفترة طويلة سفيرا للمملكة العربية السعودية في واشنطن، ويعرف عن قرب ميكانيكية العمل السياسي ودهاليزه هناك، معلقا علي الاتفاق الايراني مع الدول الخمس الكبرى في الملف النووي، الذي وقع في الرابع عشر من يوليو الحالي، قال لابد ان يحذر اعداء امريكا منها، اما اصدقاؤها فعليهم الحذر اكثر. الاسبوع الذي لحق الاتفاق النووي الايراني المُوقع في فيينا شهد الكثير من التداعيات، كما سوف يشهد تغير الكثير من التفاعلات، البعض من المعلقين، في الجانبين الايراني والغربي (والعربي) ايضا، مع الاتفاق، واخرون ضد الاتفاق، مفسرين آلياته وبنوده، كلا فسره حسب قراءته للنص وتوقعاته للمستقبل، كمثل صياح الديكة عند الفجر، دون معرفة لماذا انشق النور! .
الا ان الاكثر حيرة هي الدول والمجتمعات الخليجية التي اصابها شيء من القلق، ليس بسبب الاتفاق، ولكن بسبب الموقف الامريكي، أو قل موقف الادارة الأمريكية الحالية، التي ترسل رسائل مختلفة، وأغلبها متناقض للمنطقة، فلا يستطيع مخطط سياسي أن يقيم عليها تصورا مستقبليا يمكن الركون عليه.
فالسيد باراك أوباما يبدو متحمسا لتمرير الاتفاق، حيث يعرضه كالتالي: انه نصر لتقليل اندفاع ايران الي التسلح النووي، وانك تعقد الاتفاقات عادة مع اعدائك لا الاصدقاء، مع الاعتراف الكامل بأن ايران (ترعي الارهاب) و تتدخل سلبيا في عدد من بلدان الجوار. فالاتفاق في نظر الادارة الامريكية الحالية هو لا يعدو ان يكون (إجازة من الخوف) وهي اجازة في عمر الشعوب قصيرة جدا مدتها عشر سنوات، لتحقيق (نصر مؤقت) والذي لم يحاول فتح ملفات اكثر خطورة من الملف النووي. الامر الذي وضع الحليف الازلي في منطقة الشرق الاوسط (اسرائيل) في مكان مناقض وعلني للسياسة الامريكية تجاه ملف ايران، كما وضع دول الخليج المجاورة في مكان الحذر والترقب.
في لقاء كامب ديفيد التاريخي الذي عقد في شهر مايو من هذا العام بين القيادة الامريكية وبين قادة مجلس التعاون او ممثليهم، جري الاتفاق علي (شراكة استراتيجية) ملخصها ردع ومواجهة أي تهديد خارجي للدول الملتقية في ذلك الاجتماع (دول مجلس التعاون) الي درجة استخدام القوة العسكرية أن لزم الامر !، كما جري الاتفاق علي تحويل الوثيقة التي تم التوصل اليها في اجتماع القمة ذاك (البيان المشترك) الي برنامج عمل. طالب الوفد الخليجي بان تقوم الولايات المتحدة اثناء المحادثات مع ايران (وكانت جارية) بفتح ملفات ساخنة معها من وجهة نظر دول الخليج، وهي تتلخص في شهية ايران للتدخل في الخاصرة العربية (العراق \ سوريا\ لبنان\ اليمن\ البحرين\ فلسطين) وجاءت التطمينات ان تلك الملفات سوف تفتح بمجرد تقدم المفاوضات مع ايران في الملف الاهم (النووي) وترجيح كفة المعتدلين في طهران علي المتشددين!. لقد أصبح معروفا الآن ان أيا من الملفات، خارج الموضوع النووي، لم يفتح مع ايران، عددا ملف واحد جانبي وهو (ضمان السلم الدائم) في جنوب لبنان\ شمال اسرائيل، حيث تعهد الجانب الايراني (شفهيا) ألا يُحرك هذا الملف من خلال ربيبه (حزب الله)، ويلجم أي مغامرة من الحزب التابع له في تلك الجبهة، عدا الحديث اللفظي من اجل اشغال الجمهور لا غير!.
علي الرغم من ذلك الاتفاق (14 يوليو) فان الادارة الامريكية و طهران سرعان ما اشعلوا الحرب الكلامية بينهما، فواشنطن تعلن ان ايران تناصر (الارهاب في المنطقة) وكأنها اكتشفت ذلك مؤخرا!، كما يعلن اية الله علي خامنئي الرجل صاحب القرار الاوحد والنهائي من جهة اخري أن بلاده سوف (تحارب الغطرسة الامريكية، ولن تتخلي عن اصدقائها في سوريا والعراق ولبنان والبحرين واليمن وفلسطين!) وكلها بلاد عربية. لما سؤل السيد جون كيري وزير الخارجية الامريكي، من صحيفة عربية كُبري، حول ذلك التصريح قال ما معناه (التصريحات العلنية غير الالتزامات الفعلية!)
الحيرة كاملة من مواقف الادارة الامريكية، فهي تعرف مدي تورط ايران في إثارة كل هذه الفوضي في المنطقة من العراق الي سوريا الي اليمن الي غيرها من الأماكن، وكل تقارير الخارجية الامريكية حول الارهاب الدولي تضع ايران علي رأس قائمة الدول الداعمة للإرهاب وربما الفضيحة الاخيرة في اعلان قتل المنتمي الي القاعدة والقائد فيها وحارس السيد اسامة بن لادن لفترة، والذي عاش في الكويت وهو حسين الفضلي، الذي لجأ الي ايران ردحا من الزمن، الا غيض من فيض في تورط الدولة الايرانية ومؤسساتها في الارهاب، بل ان ايران استخدمت عملاء لها ضد المصالح الامريكية، كما في تفجيرات الكويت (25 مايو 1985) وكانت في رمضان واستهدفت اغتيال امير الكويت وقتها المرحوم جابر الاحمد، وتفجيرات مدينة (الخبر 25 يونيو 1996) في المملكة العربية السعودية، او محاولة اغتيال السفير السعودي (عادل الجبير، اكتوبر 2011) في واشنطن وغيرها من الافعال الموثقة امريكيا. كما ان دوافع جزء من الارهاب في المنطقة هي افعال ايران، فعند ما يدخل حزب الله الشيعي جهارا الي سوريا و تمول ايران اعمال قتل اكثر من مائتي الف من السوريين (جلهم سنة)، وعندما تحارب ايران مع ميليشيات طائفية السنة في العراق، ويعاني مئات الالاف من العرب معاناة انسانية فظيعة ويهربون علي وجوههم في اصقاع الارض وتدمر انسانيتهم، فمن الطبيعي ان يُثار الجسم السني بأكمله ضد تلك الممارسات. الحقيقة الواقعية ان الحروب التي نشهدها امامنا، والتي تغذي الصراع المحتدم هي بسبب التدخل الايراني هي حروب (سياسية) بامتياز، اُلبست اللباس الطائفي، من اجل حشد السذج من خلال اثارة الغيرة الطائفية وتوظيفها لأهداف سياسية.
لم يستطع وزير الدفاع الامريكي الذي زار المنطقة، او وزير خارجية الولايات المتحدة ان يقنع حلفاءه بنجاعة سياسة السيد باراك اوباما . لقد تعودنا علي ان تفعل امريكا ما لا تقول وتقول ما تفعل ،ولدي هنا حادثتان، واحده وثقتها السيدة هيلاري كلينتون في كتابها (خيارات صعبة) بالقول انهم تفاوضوا مع حركة طالبان من خلف ظهر حليفهم حميد كرازي (وكان رئيس جمهورية افغانستان). وتمت مفاوضات بين ظهرانينا في الخليج (في مسقط) بين الولايات المتحدة وإيران، دون ان يعلم الخليجيون (الحلفاء) بما كان يدور فيها! ولا أحد يعلم الان ما هي الاتفاقات التي تمت في الهمس بين طريف وكيري في مدن اوروبا المختلفة!
تجربة العرب في العقود الاخيرة مع الولايات المتحدة، ان ادارتها لا ترغب ولا تريد وربما لا تقدر علي التفكير (في اليوم التالي) فهي تخضع لمجموعة من الضغوط السياسية ورغبات السياسيين الانية لرسم سياستها، وفي الغالب هي ذات نفس قصير. ان المؤشرات القائمة تدل علي ان القوة العظمي في مرحلة بداية الشيخوخة، وعلي العرب فهم تلك البداية والإسراع الي رص صفوفهم، فلم يعد هناك امل في سياسة امريكية متوسطة المدي يمكن الركون عليها، ولم يعد للعرب وقت لتضيعه في نيات حسنة مع امريكا او غيرها من القوي، لن يحترمنا العالم ما لم نقف مع نفسنا!.
الا ان الاكثر حيرة هي الدول والمجتمعات الخليجية التي اصابها شيء من القلق، ليس بسبب الاتفاق، ولكن بسبب الموقف الامريكي، أو قل موقف الادارة الأمريكية الحالية، التي ترسل رسائل مختلفة، وأغلبها متناقض للمنطقة، فلا يستطيع مخطط سياسي أن يقيم عليها تصورا مستقبليا يمكن الركون عليه.
فالسيد باراك أوباما يبدو متحمسا لتمرير الاتفاق، حيث يعرضه كالتالي: انه نصر لتقليل اندفاع ايران الي التسلح النووي، وانك تعقد الاتفاقات عادة مع اعدائك لا الاصدقاء، مع الاعتراف الكامل بأن ايران (ترعي الارهاب) و تتدخل سلبيا في عدد من بلدان الجوار. فالاتفاق في نظر الادارة الامريكية الحالية هو لا يعدو ان يكون (إجازة من الخوف) وهي اجازة في عمر الشعوب قصيرة جدا مدتها عشر سنوات، لتحقيق (نصر مؤقت) والذي لم يحاول فتح ملفات اكثر خطورة من الملف النووي. الامر الذي وضع الحليف الازلي في منطقة الشرق الاوسط (اسرائيل) في مكان مناقض وعلني للسياسة الامريكية تجاه ملف ايران، كما وضع دول الخليج المجاورة في مكان الحذر والترقب.
في لقاء كامب ديفيد التاريخي الذي عقد في شهر مايو من هذا العام بين القيادة الامريكية وبين قادة مجلس التعاون او ممثليهم، جري الاتفاق علي (شراكة استراتيجية) ملخصها ردع ومواجهة أي تهديد خارجي للدول الملتقية في ذلك الاجتماع (دول مجلس التعاون) الي درجة استخدام القوة العسكرية أن لزم الامر !، كما جري الاتفاق علي تحويل الوثيقة التي تم التوصل اليها في اجتماع القمة ذاك (البيان المشترك) الي برنامج عمل. طالب الوفد الخليجي بان تقوم الولايات المتحدة اثناء المحادثات مع ايران (وكانت جارية) بفتح ملفات ساخنة معها من وجهة نظر دول الخليج، وهي تتلخص في شهية ايران للتدخل في الخاصرة العربية (العراق \ سوريا\ لبنان\ اليمن\ البحرين\ فلسطين) وجاءت التطمينات ان تلك الملفات سوف تفتح بمجرد تقدم المفاوضات مع ايران في الملف الاهم (النووي) وترجيح كفة المعتدلين في طهران علي المتشددين!. لقد أصبح معروفا الآن ان أيا من الملفات، خارج الموضوع النووي، لم يفتح مع ايران، عددا ملف واحد جانبي وهو (ضمان السلم الدائم) في جنوب لبنان\ شمال اسرائيل، حيث تعهد الجانب الايراني (شفهيا) ألا يُحرك هذا الملف من خلال ربيبه (حزب الله)، ويلجم أي مغامرة من الحزب التابع له في تلك الجبهة، عدا الحديث اللفظي من اجل اشغال الجمهور لا غير!.
علي الرغم من ذلك الاتفاق (14 يوليو) فان الادارة الامريكية و طهران سرعان ما اشعلوا الحرب الكلامية بينهما، فواشنطن تعلن ان ايران تناصر (الارهاب في المنطقة) وكأنها اكتشفت ذلك مؤخرا!، كما يعلن اية الله علي خامنئي الرجل صاحب القرار الاوحد والنهائي من جهة اخري أن بلاده سوف (تحارب الغطرسة الامريكية، ولن تتخلي عن اصدقائها في سوريا والعراق ولبنان والبحرين واليمن وفلسطين!) وكلها بلاد عربية. لما سؤل السيد جون كيري وزير الخارجية الامريكي، من صحيفة عربية كُبري، حول ذلك التصريح قال ما معناه (التصريحات العلنية غير الالتزامات الفعلية!)
الحيرة كاملة من مواقف الادارة الامريكية، فهي تعرف مدي تورط ايران في إثارة كل هذه الفوضي في المنطقة من العراق الي سوريا الي اليمن الي غيرها من الأماكن، وكل تقارير الخارجية الامريكية حول الارهاب الدولي تضع ايران علي رأس قائمة الدول الداعمة للإرهاب وربما الفضيحة الاخيرة في اعلان قتل المنتمي الي القاعدة والقائد فيها وحارس السيد اسامة بن لادن لفترة، والذي عاش في الكويت وهو حسين الفضلي، الذي لجأ الي ايران ردحا من الزمن، الا غيض من فيض في تورط الدولة الايرانية ومؤسساتها في الارهاب، بل ان ايران استخدمت عملاء لها ضد المصالح الامريكية، كما في تفجيرات الكويت (25 مايو 1985) وكانت في رمضان واستهدفت اغتيال امير الكويت وقتها المرحوم جابر الاحمد، وتفجيرات مدينة (الخبر 25 يونيو 1996) في المملكة العربية السعودية، او محاولة اغتيال السفير السعودي (عادل الجبير، اكتوبر 2011) في واشنطن وغيرها من الافعال الموثقة امريكيا. كما ان دوافع جزء من الارهاب في المنطقة هي افعال ايران، فعند ما يدخل حزب الله الشيعي جهارا الي سوريا و تمول ايران اعمال قتل اكثر من مائتي الف من السوريين (جلهم سنة)، وعندما تحارب ايران مع ميليشيات طائفية السنة في العراق، ويعاني مئات الالاف من العرب معاناة انسانية فظيعة ويهربون علي وجوههم في اصقاع الارض وتدمر انسانيتهم، فمن الطبيعي ان يُثار الجسم السني بأكمله ضد تلك الممارسات. الحقيقة الواقعية ان الحروب التي نشهدها امامنا، والتي تغذي الصراع المحتدم هي بسبب التدخل الايراني هي حروب (سياسية) بامتياز، اُلبست اللباس الطائفي، من اجل حشد السذج من خلال اثارة الغيرة الطائفية وتوظيفها لأهداف سياسية.
لم يستطع وزير الدفاع الامريكي الذي زار المنطقة، او وزير خارجية الولايات المتحدة ان يقنع حلفاءه بنجاعة سياسة السيد باراك اوباما . لقد تعودنا علي ان تفعل امريكا ما لا تقول وتقول ما تفعل ،ولدي هنا حادثتان، واحده وثقتها السيدة هيلاري كلينتون في كتابها (خيارات صعبة) بالقول انهم تفاوضوا مع حركة طالبان من خلف ظهر حليفهم حميد كرازي (وكان رئيس جمهورية افغانستان). وتمت مفاوضات بين ظهرانينا في الخليج (في مسقط) بين الولايات المتحدة وإيران، دون ان يعلم الخليجيون (الحلفاء) بما كان يدور فيها! ولا أحد يعلم الان ما هي الاتفاقات التي تمت في الهمس بين طريف وكيري في مدن اوروبا المختلفة!
تجربة العرب في العقود الاخيرة مع الولايات المتحدة، ان ادارتها لا ترغب ولا تريد وربما لا تقدر علي التفكير (في اليوم التالي) فهي تخضع لمجموعة من الضغوط السياسية ورغبات السياسيين الانية لرسم سياستها، وفي الغالب هي ذات نفس قصير. ان المؤشرات القائمة تدل علي ان القوة العظمي في مرحلة بداية الشيخوخة، وعلي العرب فهم تلك البداية والإسراع الي رص صفوفهم، فلم يعد هناك امل في سياسة امريكية متوسطة المدي يمكن الركون عليها، ولم يعد للعرب وقت لتضيعه في نيات حسنة مع امريكا او غيرها من القوي، لن يحترمنا العالم ما لم نقف مع نفسنا!.
يقلم : محمد الرميحي