القاهرة - أسامة عبد الفتاح (الأهرام) - يقولون إن عمر الشريف بدأ ينسى كل شيء. لكن المؤكد أن أحدا لا ينساه... المدهش أنه، منذ إعلان إصابة النجم الكبير بالزهايمر، اهتم العالم كله، وحزن العالم كله، إلا بلده مصر، ولم يتعد الأمر فيها خبرا عابرا فى موقع أو صحيفة.وكان نجله طارق كشف لصحيفة «إل موندو» الإسبانية أنه مريض منذ 3 سنوات، وأن حالته لا تتحسن بل تسوء. وقال إن والده (83 عاما) يعى أنه ممثل، لكنه لا يتذكر أسماء الأفلام التى شارك فيها أو تواريخها أو الأبطال الذين شاركوه بطولتها.. كما لا يعرف لماذا يحييه المعجبون، ويتخيل أنهم أصدقاء قدامى نسى أسماءهم، فى حين أنهم مجرد معجبين لا تربطهم به أى علاقة، مشيرا إلى أنه ينسى التفاصيل الصغيرة، وعلى سبيل المثال، هو يعى أنه قام بدور «الدكتور زيفاجو»، لكنه أحيانا يقول إن ذلك كان فى فيلم «لورانس العرب».
المؤلم أنه يسأل دائما عن أحوال المرأة الوحيدة التى أحبها وتزوجها، الكبيرة الراحلة فاتن حمامة، رغم أنه علم بوفاتها وقت حدوثها فى يناير الماضي، وأنه لا يدرك حقيقة مرضه ولا يريد القيام بالتمارين المطلوبة من أجل تحسين حالته، ولذلك من الطبيعى أن يبتعد حاليا عن التمثيل.
بعد ست سنوات فقط من تجسيده شخصية رجل مصاب بالزهايمر عام 2009، فى الفيلم الفرنسى «نسيت أن أخبرك»، من إخراج لوران فيناس ريمون، أصبح يؤدى الدور فى الحقيقة، لكن دون أن يدرك ذلك.
عمر الشريف يقيم حاليا فى مصر، ويتنقل بين أحد الفنادق بالقاهرة ومطعم يمتلكه فى منتجع الجونة بالغردقة، ويقضى وقته فى التأمل والاستماع للموسيقى.. أى أنه بيننا، لكن لا أحد يهتم به أو يسأل عنه، ولا تحاول الدولة تكريمه أو رعايته أو علاجه على نفقتها مقابل ما قدمه لمصر من رفع لاسمها دوليا، فضلا عن الاستعانة به ممثلا لبلده فى العديد من المحافل الرسمية مثل تقديم الملف المصرى لتنظيم كأس العالم ومهرجان القاهرة السينمائى الدولي.
علاقتنا بعمر الشريف هى الأغرب بين نجم عالمى وجمهور بلده فى الدنيا كلها، فأى دولة تفخر بأى ممثل يعبر الحدود وتتحقق نجوميته فى هوليوود أو غيرها، ولا تتهمه بالتفرنج أو بعدم الانتماء، بل تمنحه أرفع الأوسمة («سير» فى بريطانيا مثلا).. أما نحن، فقد تفننا فى رجم الرجل بالشائعات والاتهامات التى وصلت إلى حد التشكيك فى وطنيته، رغم أنه لم يحمل فى حياته جنسية غير المصرية.
عاملناه أولا – منذ أن غادر مصر للعمل فى هوليوود عام 1962 – بمنطق «البعيد عن العين»، وبعد أن عاد وعمل فى الأفلام المصرية مجددا، أحاطته الشائعات: «يهودي»، «سكير»، «مدمن قمار»، «شاذ جنسيا».. إلى آخره.
ويبدو أن أحدا فى مصر لا يتذكر، أو لا يعرف أصلا، أن ميشيل ديمترى شلهوب، المولود مسيحيا فى الإسكندرية يوم 10 أبريل 1932 لأبوين من أصل لبنانى من طائفة الروم الكاثوليك، والذى اعتنق الإسلام عام 1955 ليتزوج فاتن حمامة، هو الممثل المصرى والعربى الوحيد الذى نال جوائز دولية «حقيقية» يحلم من يصدعوننا ليل نهار بنجوميتهم بمجرد الترشح لها.
فقد ترشح لأوسكار أفضل ممثل فى دور مساعد عام 1963 عن فيلم «لورانس العرب»، وفاز بثلاث من جوائز «الكرة الذهبية» الأمريكية: الأولى عن نفس الفيلم، والثانية كأحسن نجم صاعد عام 1963، والثالثة كأفضل ممثل فى فيلم درامى عام 1966 عن فيلم «الدكتور زيفاجو».. كما فاز بالأوسكار الفرنسى (سيزار) عام 2004 كأفضل ممثل عن فيلم «السيد إبراهيم وزهور القرآن»، وحصل على أسد فينيسيا الذهبى عن مجمل أعماله عام 2003.
أما أكبر تكريم دولى للشريف، فكان حصوله - فى نوفمبر 2005 - على ميدالية «سيرجى آيزنشتاين» من منظمة اليونسكو تقديرا لإسهاماته البارزة فى إثراء صناعة الأفلام والتنوع الثقافى حول العالم.. وهى تحمل اسم المخرج الروسى الكبير آيزنشتاين، وتم الاتفاق بين اليونسكو وستوديو «موسفيلم» الروسى الشهير على أن تُمنح فى أضيق نطاق، ولم تحصل عليها سوى 25 شخصية دولية فقط.
صحيح أن أصدقاءه، من أمثال النجم العالمى بيتر أوتول ويوسف شاهين وأحمد رمزى وصالح سليم، رحلوا عن الحياة، وصحيح أنه قد لا يكون قادرا على التعرف شخصيا على أصدقاء جدد، لكنه من المفترض أنه يعيش وسط 90 مليون صديق طالما أمتعهم ورفّه عنهم.
هذا الفنان الكبير، الذى تربع على عرش النجومية 60 عاما متصلة، منذ أن قدم أول أفلامه «صراع فى الوادي» عام 1954 وحتى شهور قليلة مضت، والذى ما زال يحتفظ بسحر عينيه الواسعتين ونظراته الآسرة، موجود بيننا الآن، وينتظر التكريم، ليس رسميا من قبل الدولة فقط، ولكن شعبيا أيضا من خلال المنظمات والجمعيات الأهلية.. وقبل التكريم، يستحق أن نقول له جميعا: شكرا.
المؤلم أنه يسأل دائما عن أحوال المرأة الوحيدة التى أحبها وتزوجها، الكبيرة الراحلة فاتن حمامة، رغم أنه علم بوفاتها وقت حدوثها فى يناير الماضي، وأنه لا يدرك حقيقة مرضه ولا يريد القيام بالتمارين المطلوبة من أجل تحسين حالته، ولذلك من الطبيعى أن يبتعد حاليا عن التمثيل.
بعد ست سنوات فقط من تجسيده شخصية رجل مصاب بالزهايمر عام 2009، فى الفيلم الفرنسى «نسيت أن أخبرك»، من إخراج لوران فيناس ريمون، أصبح يؤدى الدور فى الحقيقة، لكن دون أن يدرك ذلك.
عمر الشريف يقيم حاليا فى مصر، ويتنقل بين أحد الفنادق بالقاهرة ومطعم يمتلكه فى منتجع الجونة بالغردقة، ويقضى وقته فى التأمل والاستماع للموسيقى.. أى أنه بيننا، لكن لا أحد يهتم به أو يسأل عنه، ولا تحاول الدولة تكريمه أو رعايته أو علاجه على نفقتها مقابل ما قدمه لمصر من رفع لاسمها دوليا، فضلا عن الاستعانة به ممثلا لبلده فى العديد من المحافل الرسمية مثل تقديم الملف المصرى لتنظيم كأس العالم ومهرجان القاهرة السينمائى الدولي.
علاقتنا بعمر الشريف هى الأغرب بين نجم عالمى وجمهور بلده فى الدنيا كلها، فأى دولة تفخر بأى ممثل يعبر الحدود وتتحقق نجوميته فى هوليوود أو غيرها، ولا تتهمه بالتفرنج أو بعدم الانتماء، بل تمنحه أرفع الأوسمة («سير» فى بريطانيا مثلا).. أما نحن، فقد تفننا فى رجم الرجل بالشائعات والاتهامات التى وصلت إلى حد التشكيك فى وطنيته، رغم أنه لم يحمل فى حياته جنسية غير المصرية.
عاملناه أولا – منذ أن غادر مصر للعمل فى هوليوود عام 1962 – بمنطق «البعيد عن العين»، وبعد أن عاد وعمل فى الأفلام المصرية مجددا، أحاطته الشائعات: «يهودي»، «سكير»، «مدمن قمار»، «شاذ جنسيا».. إلى آخره.
ويبدو أن أحدا فى مصر لا يتذكر، أو لا يعرف أصلا، أن ميشيل ديمترى شلهوب، المولود مسيحيا فى الإسكندرية يوم 10 أبريل 1932 لأبوين من أصل لبنانى من طائفة الروم الكاثوليك، والذى اعتنق الإسلام عام 1955 ليتزوج فاتن حمامة، هو الممثل المصرى والعربى الوحيد الذى نال جوائز دولية «حقيقية» يحلم من يصدعوننا ليل نهار بنجوميتهم بمجرد الترشح لها.
فقد ترشح لأوسكار أفضل ممثل فى دور مساعد عام 1963 عن فيلم «لورانس العرب»، وفاز بثلاث من جوائز «الكرة الذهبية» الأمريكية: الأولى عن نفس الفيلم، والثانية كأحسن نجم صاعد عام 1963، والثالثة كأفضل ممثل فى فيلم درامى عام 1966 عن فيلم «الدكتور زيفاجو».. كما فاز بالأوسكار الفرنسى (سيزار) عام 2004 كأفضل ممثل عن فيلم «السيد إبراهيم وزهور القرآن»، وحصل على أسد فينيسيا الذهبى عن مجمل أعماله عام 2003.
أما أكبر تكريم دولى للشريف، فكان حصوله - فى نوفمبر 2005 - على ميدالية «سيرجى آيزنشتاين» من منظمة اليونسكو تقديرا لإسهاماته البارزة فى إثراء صناعة الأفلام والتنوع الثقافى حول العالم.. وهى تحمل اسم المخرج الروسى الكبير آيزنشتاين، وتم الاتفاق بين اليونسكو وستوديو «موسفيلم» الروسى الشهير على أن تُمنح فى أضيق نطاق، ولم تحصل عليها سوى 25 شخصية دولية فقط.
صحيح أن أصدقاءه، من أمثال النجم العالمى بيتر أوتول ويوسف شاهين وأحمد رمزى وصالح سليم، رحلوا عن الحياة، وصحيح أنه قد لا يكون قادرا على التعرف شخصيا على أصدقاء جدد، لكنه من المفترض أنه يعيش وسط 90 مليون صديق طالما أمتعهم ورفّه عنهم.
هذا الفنان الكبير، الذى تربع على عرش النجومية 60 عاما متصلة، منذ أن قدم أول أفلامه «صراع فى الوادي» عام 1954 وحتى شهور قليلة مضت، والذى ما زال يحتفظ بسحر عينيه الواسعتين ونظراته الآسرة، موجود بيننا الآن، وينتظر التكريم، ليس رسميا من قبل الدولة فقط، ولكن شعبيا أيضا من خلال المنظمات والجمعيات الأهلية.. وقبل التكريم، يستحق أن نقول له جميعا: شكرا.