فوسين - اسبانيا (دويتشه ﭭيله) : نقل البافاريون فن صناعة آلة العود الموسيقية من الأندلس، وأصبحت مدينة فوسين ولعدة قرون المركز الرئيسي الوحيد في أوروبا لصناعة هذه الآلة قبل تطويرها واختراع آلات وترية جديدة مثل الغيتار.
اشتهرت مدينة فوسين الواقعة جنوب ميونيخ والمطلة علي جبال الآلب المهيبة بصناعة آلة العود الموسيقية الشرقية. وفي شوارع المدينة القديمة توجد عدة مواقع تاريخية شاهدة على صناعها عبر الأزمنة المختلفة هناك، مثل ورش الآلات الموسيقية القديمة ، أوالتماثيل التي تخلد أشهر صناع هذه الآلة في الساحات المختلفة للبلدة مثل تمثال كسبار تيفن بروكر (الذي عاش بين 1514 و1571) أمام أقدم ورشة لصناعة الآلات الموسيقية فيها ، أو النماذج الأصلية للعود بأشكاله وأحجامه المتعددة والتي ما زالت محفوظة في حالة جيدة بالمتحف الوطني لفوسين.
بافاريا مركز صناعة العود في أوروبا
تقول السيدة أندريا بولجر من متحف فوسين :"لقد اشتهر الحرفيون القدماء في المدينة بالمهارة الفنية والدقة وساعدهم في ذلك وقوع المدينة علي نهر الليخ، الممر الرئيسي للتجارة مع فيينا وبودابست ، وكذلك الممر الروماني القديم المار في وسط البلدة والذي أعتبر في حينه أحد أهم الممرات التجارية القديمة في أوروبا، لهذا السبب يمكن الإعتقاد بأن آلة العود قد تكون وصلت من الأندلس إلى البلدة عبر تلك الطرق التجارية المهمة ،غير أنه لا يوجد في سجلات المدينة أي تسجيل دقيق عن كيفية دخول العود إلى بافاريا".
أندريا بولجر من متحف مدينة فوسين
عن أسباب براعة البافاريين في صناعة العود تقول السيدة بولجر:" لم يكن أمام الصناع المهرة في فوسين من فرص عمل أخرى غير الزراعة ،لكنها كانت تتوقف طول أشهر فصل الشتاء ، لذلك اكتشفوا صناعة هذه الآلة وبرعوا في تصميمها لتصبح مصدر رزقهم الوحيد. وقد قاموا باستئجار ساحة كنيسة "مانج" القديمة وخصصوها لصناعة آلة العود، وساعدهم في ذلك وجود غابات أشجار القيقب والصنوبر المحيطة بالمدينة، وهي من أجود أنواع الأخشاب المستخدمة في صناعة العود.
العود أهم آلة موسيقية في بلاط ملوك أوروبا
بلغت صناعة العود في فوسين ذروتها عام 1562 ، وتأسست في نفس السنة أول نقابة لصناع العود في التاريخ ،وكانت تضم بين أعضائها أهم 20 صانعا للعود بالمدينة غير أنها بدأت في وضع شروط قاسية لمن يعمل في تلك الصناعة بعد أن صار العود آله العزف الرئيسية في بلاط الملوك والأمراء .ووفق السيدة بولجر فإنه بين سنة 1500 حتى 1700 ذاع صيت العوادين الأوروبيين ،وأصبح الملوك في ألمانيا وإيطاليا وانجلترا وفرنسا وإسبانيا يعتمدون عليهم في إحياء الحفلات، ومن خلال ذلك بدأ الصناع يطورون في شكل آلة العود وحجمها ثم تم توظيفها في الفضاءات الصوتية المعروفة في الموسيقي الأوروبية، وإلى آلة العود يرجع الفضل في إخراج الموسيقي الأوروبية من نطاق الموسيقى الكنائسية إلى نطاق الحفلات العامه.
معرض للآت العود في متحف مدينة فوسين
صر الاضمحلال
إستمرت فوسين كمركز لصناعة العود في أوربا خلال القرنيين 16 و17 ثم بدأ عهد اضمحلالها. وفي هذا السياق تقول السيدة بولجر:" أثناء حرب الثلاثين عاما بين البروتستانت والكاثوليك التي استمرت من سنة 1618 إلى سنة 1648 انشغل الناس بالحرب ولم يعد أحد يهتم بالموسيقي ، فهاجر الصناع المهرة إلى خارج فوسين خاصة إلي البندقية ،وبعد انتهاء الحرب وفي بداية عصر الباروك عادت أهمية الآلات الوترية لترتفع من جديد لكن بحلول عام 1800 تردت الأوضاع المعيشية للناس نظرا للوضع الاقتصادي البائس وللحروب التي شنها نابليون علي بافاريا فبدأت موجه هجرة ثانية للصناع الي فيينا وبراغ والبندقية ورما ونابولي ،وقد انتهت صناعة العود في المدينة عام 1866 بوفاة آخر من حافظ علي ممارسة هذه المهنة جوزيف اليوسلكن ،والآن يحاول بعض الصناع إحياء التراث العريق للمدينة الخاص بصناعة الآلات الوترية من جديد، مثل بيريه هاوبرت الذي جاء من جنيف عام 1982 وأسس ورشة جديدة متخصصة في صناعة الكمان والجيتار، أو اخيم هوفر أحد أشهر صناع آله الكمان المعروفين الآن في فوسين .
صناعة آلة العود :تمثال كاسبار تيفن بروكر فوسين
الموطن الأصلي للعود
التسمية الألمانية لآلة العود Laute Die تشير إلى الأصل الحقيقي لهذه الآلة الموسيقية ولتأثيرها القوي في تاريخ الموسيقى الأوروبية. ويذكر التاريخ أن الموسيقي زرياب ابن الحسن علي بن نافع المهدي العباسي أحد أهم العازفين علي آله العود في العصر العباسي كان قد سافر إلى الأندلس بعد خلافه مع الخليفة هارون الرشيد. وهناك أسس أول معهد لدراسة الموسيقي في أوروبا. وإليه يرجع الفضل في انتشار ثقافة العود عزفاً وتلحيناً لتدخل بعد ذلك الوجدان الموسيقي الأوروبي. وفي هذا السياق تشير دراسة للدكتور زين نصار أستاذ الفنون علي موقع أكاديمية الفنون المصرية أن بعض المؤرخين الأوربيين أشاروا في كتاباتهم إلى الأصل العربي لآلة العود في أوروبا، مثل وليم جيرم واليزبيث روش اللذين كتبا: " إن العود أتى إلى أوربا من الشرق في أوائل العصور الوسطى" أما المؤرخ انتونى باينز فقد اعتبر " أن آلة العود وصلت إلى أوربا عبر الحضارة العربية نهاية القرن الثالث عشر. من جهته يذكر الدكتور نصار في بحثه أن الأوروبيين تحدثوا دائما عن صناعة العود دون أن يذكروا موطنه الأصلي وما لعبه من دور في بناء الفن الموسيقي الأوروبي، ملاحظا أنه وجب عليهم الإنصاف والإشارة إلي الأصل العربي لهذه الآلة الموسيقية.
اشتهرت مدينة فوسين الواقعة جنوب ميونيخ والمطلة علي جبال الآلب المهيبة بصناعة آلة العود الموسيقية الشرقية. وفي شوارع المدينة القديمة توجد عدة مواقع تاريخية شاهدة على صناعها عبر الأزمنة المختلفة هناك، مثل ورش الآلات الموسيقية القديمة ، أوالتماثيل التي تخلد أشهر صناع هذه الآلة في الساحات المختلفة للبلدة مثل تمثال كسبار تيفن بروكر (الذي عاش بين 1514 و1571) أمام أقدم ورشة لصناعة الآلات الموسيقية فيها ، أو النماذج الأصلية للعود بأشكاله وأحجامه المتعددة والتي ما زالت محفوظة في حالة جيدة بالمتحف الوطني لفوسين.
بافاريا مركز صناعة العود في أوروبا
تقول السيدة أندريا بولجر من متحف فوسين :"لقد اشتهر الحرفيون القدماء في المدينة بالمهارة الفنية والدقة وساعدهم في ذلك وقوع المدينة علي نهر الليخ، الممر الرئيسي للتجارة مع فيينا وبودابست ، وكذلك الممر الروماني القديم المار في وسط البلدة والذي أعتبر في حينه أحد أهم الممرات التجارية القديمة في أوروبا، لهذا السبب يمكن الإعتقاد بأن آلة العود قد تكون وصلت من الأندلس إلى البلدة عبر تلك الطرق التجارية المهمة ،غير أنه لا يوجد في سجلات المدينة أي تسجيل دقيق عن كيفية دخول العود إلى بافاريا".
أندريا بولجر من متحف مدينة فوسين
عن أسباب براعة البافاريين في صناعة العود تقول السيدة بولجر:" لم يكن أمام الصناع المهرة في فوسين من فرص عمل أخرى غير الزراعة ،لكنها كانت تتوقف طول أشهر فصل الشتاء ، لذلك اكتشفوا صناعة هذه الآلة وبرعوا في تصميمها لتصبح مصدر رزقهم الوحيد. وقد قاموا باستئجار ساحة كنيسة "مانج" القديمة وخصصوها لصناعة آلة العود، وساعدهم في ذلك وجود غابات أشجار القيقب والصنوبر المحيطة بالمدينة، وهي من أجود أنواع الأخشاب المستخدمة في صناعة العود.
العود أهم آلة موسيقية في بلاط ملوك أوروبا
بلغت صناعة العود في فوسين ذروتها عام 1562 ، وتأسست في نفس السنة أول نقابة لصناع العود في التاريخ ،وكانت تضم بين أعضائها أهم 20 صانعا للعود بالمدينة غير أنها بدأت في وضع شروط قاسية لمن يعمل في تلك الصناعة بعد أن صار العود آله العزف الرئيسية في بلاط الملوك والأمراء .ووفق السيدة بولجر فإنه بين سنة 1500 حتى 1700 ذاع صيت العوادين الأوروبيين ،وأصبح الملوك في ألمانيا وإيطاليا وانجلترا وفرنسا وإسبانيا يعتمدون عليهم في إحياء الحفلات، ومن خلال ذلك بدأ الصناع يطورون في شكل آلة العود وحجمها ثم تم توظيفها في الفضاءات الصوتية المعروفة في الموسيقي الأوروبية، وإلى آلة العود يرجع الفضل في إخراج الموسيقي الأوروبية من نطاق الموسيقى الكنائسية إلى نطاق الحفلات العامه.
معرض للآت العود في متحف مدينة فوسين
صر الاضمحلال
إستمرت فوسين كمركز لصناعة العود في أوربا خلال القرنيين 16 و17 ثم بدأ عهد اضمحلالها. وفي هذا السياق تقول السيدة بولجر:" أثناء حرب الثلاثين عاما بين البروتستانت والكاثوليك التي استمرت من سنة 1618 إلى سنة 1648 انشغل الناس بالحرب ولم يعد أحد يهتم بالموسيقي ، فهاجر الصناع المهرة إلى خارج فوسين خاصة إلي البندقية ،وبعد انتهاء الحرب وفي بداية عصر الباروك عادت أهمية الآلات الوترية لترتفع من جديد لكن بحلول عام 1800 تردت الأوضاع المعيشية للناس نظرا للوضع الاقتصادي البائس وللحروب التي شنها نابليون علي بافاريا فبدأت موجه هجرة ثانية للصناع الي فيينا وبراغ والبندقية ورما ونابولي ،وقد انتهت صناعة العود في المدينة عام 1866 بوفاة آخر من حافظ علي ممارسة هذه المهنة جوزيف اليوسلكن ،والآن يحاول بعض الصناع إحياء التراث العريق للمدينة الخاص بصناعة الآلات الوترية من جديد، مثل بيريه هاوبرت الذي جاء من جنيف عام 1982 وأسس ورشة جديدة متخصصة في صناعة الكمان والجيتار، أو اخيم هوفر أحد أشهر صناع آله الكمان المعروفين الآن في فوسين .
صناعة آلة العود :تمثال كاسبار تيفن بروكر فوسين
الموطن الأصلي للعود
التسمية الألمانية لآلة العود Laute Die تشير إلى الأصل الحقيقي لهذه الآلة الموسيقية ولتأثيرها القوي في تاريخ الموسيقى الأوروبية. ويذكر التاريخ أن الموسيقي زرياب ابن الحسن علي بن نافع المهدي العباسي أحد أهم العازفين علي آله العود في العصر العباسي كان قد سافر إلى الأندلس بعد خلافه مع الخليفة هارون الرشيد. وهناك أسس أول معهد لدراسة الموسيقي في أوروبا. وإليه يرجع الفضل في انتشار ثقافة العود عزفاً وتلحيناً لتدخل بعد ذلك الوجدان الموسيقي الأوروبي. وفي هذا السياق تشير دراسة للدكتور زين نصار أستاذ الفنون علي موقع أكاديمية الفنون المصرية أن بعض المؤرخين الأوربيين أشاروا في كتاباتهم إلى الأصل العربي لآلة العود في أوروبا، مثل وليم جيرم واليزبيث روش اللذين كتبا: " إن العود أتى إلى أوربا من الشرق في أوائل العصور الوسطى" أما المؤرخ انتونى باينز فقد اعتبر " أن آلة العود وصلت إلى أوربا عبر الحضارة العربية نهاية القرن الثالث عشر. من جهته يذكر الدكتور نصار في بحثه أن الأوروبيين تحدثوا دائما عن صناعة العود دون أن يذكروا موطنه الأصلي وما لعبه من دور في بناء الفن الموسيقي الأوروبي، ملاحظا أنه وجب عليهم الإنصاف والإشارة إلي الأصل العربي لهذه الآلة الموسيقية.