دبي - وسيم نصر (فرانس 24) - اليمن على جمر منذ أشهر ومؤسساته الحكومية والعسكرية في تخبط لا تعرف من أولى بالمواجهة، هل هم أنصار الشريعة وخلايا "القاعدة في جزيرة العرب" أم هم الحوثيون أم القبائل الجنوبية أم ماكينة الحكم السابق. تخبُط صب في مصلحة الحوثيين الذين ما برحوا يتقدمون من منطقة إلى أخرى وصولا إلى السيطرة على مفاصل الحكم في صنعاء. وباتت البلاد على قاب قوسين من حرب أهلية شاملة.
تجمع مقاتلين من قبائل مذحج في رداع مع جهاديي "أنصار الشريعة" لمواجهة الحوثيين
إذ نظرنا إلى حالة الساحة اليمنية منذ خروج الرئيس علي عبد الله صالح من الحكم واستبداله بعبد ربه منصور هادي نلحظ أن حالة التوتر وعدم الاستقرار السياسي كانت مفيدة للحوثيين كما لأنصار الشريعة والقاعدة معها، معادلة ضاعفها دخول دول العالم كما المنطقة في حرب شاملة مع تنظيم "الدولة الإسلامية" قلب معادلات المنطقة رأسا على عقب. وكل تقدم للحوثيين على حساب الدولة اليمنية يشد عصب المكون السني وعبره القبائل حول الفكر والتوجه الجهادي الذي بات يظهر كالسد الوحيد أمام المد الحوثي وعجز السلطات. وما التطورات الأخيرة في صنعاء وغيرها إلا تأكيدا ومحفزا لهذا التوجه ، وها هي العاصمة اليمنية تشهد تفجيرات كانت قد غابت عنها لفترة، ذلك على خلاف العمليات التي كانت تستهدف الجيش والقوى الأمنية ومنشآتها التي لم تتوقف قط.
اليوم باتت معظم مقومات الدولة والحكم في اليمن تحت سيطرة وسطوة الحوثيين الذين استفادوا من انحسار القوات الحكومية في مناطقهم وانهماكها في مواجهات مُنهكة مع تنظيم "أنصار الشريعة". فالحرب البرية وتكثيف حملات الطائرات بدون طيار لم تأت بالنتائج التي كانت تعوّل عليها، حيث تسرع الكثيرون في الإعلان عن "ضربة قاسمة" لقيادة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ليتبين لاحقا أن الأمر لم يتجاوز قصف معسكر للتدريب وانسحاب للجهاديين من بضع مناطق.
معادلة جديدة تنطلق من العراق وسوريا لتلقي بظلالها على اليمن
المعادلة التي كانت قائمة والتي أوصلت رئيس البلاد الحالي إلى الحكم وإلى إزاحة الرئيس السابق علي عبد الله صالح لم تعد قائمة اليوم بسبب تطورات الساحة العراقية – السورية والتحالف الذي نشأ للحد من تمدد تنظيم "الدولة الإسلامية". فالحرب المستعرة في كلا البلدين ترمي بظلالها على سائر بلدان المنطقة ومنها اليمن وما تقدم الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة صنعاء إلا نتيجة ولُبنة من لبنات هذه الحرب.
وقد خرج تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" ببيان منذ ساعات خلت نُصرة لتنظيم "الدولة الإسلامية" في تموضع يُنذر ببداية تمايز عن تنظيم "القاعدة" الأم في سياق الصراع القائم ما بين فرع التنظيم السوري و"الدولة الإسلامية" في سوريا. وهذا أيضا يأتي كنتيجة مباشرة لقيام التحالف الدولي ضد "الدولة الإسلامية". إلا أن التمدد الحوثي سبق هذا التموضع لا بل قد يكون هو ما سرع به. علما أن "أنصار الشريعة" وفرع القاعدة في اليمن يعتبران من التشكيلات الجهادية الأكثر فعالية على غرار تنظيم "الدولة الإسلامية"، إن كان من حيث العمليات "النوعية" ووتيرتها كما بالنسبة للمجهود الدعائي المتقن. فتموضعهما هذا والنقاش القائم في صفوفهم بخصوص تنظيم "الدولة الإسلامية" له أهمية مركزية وكبيرة على الساحة الجهادية.
من ناحية أخرى لا يمكن إلا أن نأخذ بعين الاعتبار غض الطرف السعودي عن التمدد الحوثي، حيث من المعلوم أن المملكة العربية السعودية ساعدت صنعاء لا بل وساهمت بشكل فعال في مجهود الحرب على الحوثيين منذ فترة ليست ببعيدة. فترة باتت من التاريخ بسبب قيام التحالف على تنظيم "الدولة الإسلامية" مع خصم الأمس الإيراني الداعم والحليف الأول للحوثيين.
فضلا عن أنه لا يمكن أن لا نقيّم غض الطرف السعودي إلا من منظار استشعار الرياض بميول "أنصار الشريعة" نحو تنظيم "الدولة الإسلامية"، وإن كانت قيادات التنظيم ما زالت ملتزمة بتوجهات أمير "القاعدة" أيمن الظواهري. فاليوم من يشكل الخطر الداهم على مصالح الرياض ليس الحوثيين بل الجهاديون الذين اخترقوا حدود المملكة وصولا إلى مدينة شرورة منذ أشهر قليلة. ومن يهدد أمنها ليس الحرس الثوري الإيراني بل مؤيدي ومحبذي تنظيم "الدولة الإسلامية" في ربوعها ومواطنيها المتواجدين على شتى المستويات في صفوف "الدولة الإسلامية". حيث الرياض متيقنة أنها أحد أهداف "الدولة الإسلامية" الأولية، وبحسب أمرائها ومنظريها. فتهديد تنظيم "الدولة الإسلامية" للملكة العربية السعودية ليس كالتهديد للحكم القائم في بغداد أو في دمشق ولا من حدودها الشمالية، لا بل من الداخل ومن حدودها مع اليمن.
نهاية، من الواضح أن التغاضي عن التمدد الحوثي وإعادة إحياء بعض رموز الحكم السابق في اليمن، يأتي في نفس سياق دعم حكم الرئيس السيسي في مصر والمواجهة مع الفصائل الجهادية والإسلامية في ليبيا، وفي سياق إعادة خلط ورسم لأولويات وسياسات المنطقة العربية ككل. كما لتحديد جديد للعلاقة مع طهران، رأس الحربة في تسليح ودعم الجهات والفصائل التي تقاتل تنظيم "الدولة الإسلامية" في كل من العراق وكردستان كما سوريا ولبنان، ولدورها الإقليمي الجديد الذي بدأت ترتسم ملامحه في عواصم القرار. ذلك بينما تستمر المعارك بين عدد من القبائل السنية والحوثيين بالتوسع إلى مناطق جديدة آخرها منطقة السحول شمال محافظة إب.
تجمع مقاتلين من قبائل مذحج في رداع مع جهاديي "أنصار الشريعة" لمواجهة الحوثيين
إذ نظرنا إلى حالة الساحة اليمنية منذ خروج الرئيس علي عبد الله صالح من الحكم واستبداله بعبد ربه منصور هادي نلحظ أن حالة التوتر وعدم الاستقرار السياسي كانت مفيدة للحوثيين كما لأنصار الشريعة والقاعدة معها، معادلة ضاعفها دخول دول العالم كما المنطقة في حرب شاملة مع تنظيم "الدولة الإسلامية" قلب معادلات المنطقة رأسا على عقب. وكل تقدم للحوثيين على حساب الدولة اليمنية يشد عصب المكون السني وعبره القبائل حول الفكر والتوجه الجهادي الذي بات يظهر كالسد الوحيد أمام المد الحوثي وعجز السلطات. وما التطورات الأخيرة في صنعاء وغيرها إلا تأكيدا ومحفزا لهذا التوجه ، وها هي العاصمة اليمنية تشهد تفجيرات كانت قد غابت عنها لفترة، ذلك على خلاف العمليات التي كانت تستهدف الجيش والقوى الأمنية ومنشآتها التي لم تتوقف قط.
اليوم باتت معظم مقومات الدولة والحكم في اليمن تحت سيطرة وسطوة الحوثيين الذين استفادوا من انحسار القوات الحكومية في مناطقهم وانهماكها في مواجهات مُنهكة مع تنظيم "أنصار الشريعة". فالحرب البرية وتكثيف حملات الطائرات بدون طيار لم تأت بالنتائج التي كانت تعوّل عليها، حيث تسرع الكثيرون في الإعلان عن "ضربة قاسمة" لقيادة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ليتبين لاحقا أن الأمر لم يتجاوز قصف معسكر للتدريب وانسحاب للجهاديين من بضع مناطق.
معادلة جديدة تنطلق من العراق وسوريا لتلقي بظلالها على اليمن
المعادلة التي كانت قائمة والتي أوصلت رئيس البلاد الحالي إلى الحكم وإلى إزاحة الرئيس السابق علي عبد الله صالح لم تعد قائمة اليوم بسبب تطورات الساحة العراقية – السورية والتحالف الذي نشأ للحد من تمدد تنظيم "الدولة الإسلامية". فالحرب المستعرة في كلا البلدين ترمي بظلالها على سائر بلدان المنطقة ومنها اليمن وما تقدم الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة صنعاء إلا نتيجة ولُبنة من لبنات هذه الحرب.
وقد خرج تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" ببيان منذ ساعات خلت نُصرة لتنظيم "الدولة الإسلامية" في تموضع يُنذر ببداية تمايز عن تنظيم "القاعدة" الأم في سياق الصراع القائم ما بين فرع التنظيم السوري و"الدولة الإسلامية" في سوريا. وهذا أيضا يأتي كنتيجة مباشرة لقيام التحالف الدولي ضد "الدولة الإسلامية". إلا أن التمدد الحوثي سبق هذا التموضع لا بل قد يكون هو ما سرع به. علما أن "أنصار الشريعة" وفرع القاعدة في اليمن يعتبران من التشكيلات الجهادية الأكثر فعالية على غرار تنظيم "الدولة الإسلامية"، إن كان من حيث العمليات "النوعية" ووتيرتها كما بالنسبة للمجهود الدعائي المتقن. فتموضعهما هذا والنقاش القائم في صفوفهم بخصوص تنظيم "الدولة الإسلامية" له أهمية مركزية وكبيرة على الساحة الجهادية.
من ناحية أخرى لا يمكن إلا أن نأخذ بعين الاعتبار غض الطرف السعودي عن التمدد الحوثي، حيث من المعلوم أن المملكة العربية السعودية ساعدت صنعاء لا بل وساهمت بشكل فعال في مجهود الحرب على الحوثيين منذ فترة ليست ببعيدة. فترة باتت من التاريخ بسبب قيام التحالف على تنظيم "الدولة الإسلامية" مع خصم الأمس الإيراني الداعم والحليف الأول للحوثيين.
فضلا عن أنه لا يمكن أن لا نقيّم غض الطرف السعودي إلا من منظار استشعار الرياض بميول "أنصار الشريعة" نحو تنظيم "الدولة الإسلامية"، وإن كانت قيادات التنظيم ما زالت ملتزمة بتوجهات أمير "القاعدة" أيمن الظواهري. فاليوم من يشكل الخطر الداهم على مصالح الرياض ليس الحوثيين بل الجهاديون الذين اخترقوا حدود المملكة وصولا إلى مدينة شرورة منذ أشهر قليلة. ومن يهدد أمنها ليس الحرس الثوري الإيراني بل مؤيدي ومحبذي تنظيم "الدولة الإسلامية" في ربوعها ومواطنيها المتواجدين على شتى المستويات في صفوف "الدولة الإسلامية". حيث الرياض متيقنة أنها أحد أهداف "الدولة الإسلامية" الأولية، وبحسب أمرائها ومنظريها. فتهديد تنظيم "الدولة الإسلامية" للملكة العربية السعودية ليس كالتهديد للحكم القائم في بغداد أو في دمشق ولا من حدودها الشمالية، لا بل من الداخل ومن حدودها مع اليمن.
نهاية، من الواضح أن التغاضي عن التمدد الحوثي وإعادة إحياء بعض رموز الحكم السابق في اليمن، يأتي في نفس سياق دعم حكم الرئيس السيسي في مصر والمواجهة مع الفصائل الجهادية والإسلامية في ليبيا، وفي سياق إعادة خلط ورسم لأولويات وسياسات المنطقة العربية ككل. كما لتحديد جديد للعلاقة مع طهران، رأس الحربة في تسليح ودعم الجهات والفصائل التي تقاتل تنظيم "الدولة الإسلامية" في كل من العراق وكردستان كما سوريا ولبنان، ولدورها الإقليمي الجديد الذي بدأت ترتسم ملامحه في عواصم القرار. ذلك بينما تستمر المعارك بين عدد من القبائل السنية والحوثيين بالتوسع إلى مناطق جديدة آخرها منطقة السحول شمال محافظة إب.