عبد العزيز بن صقر (الأهرام) : بعد أن قطع مجلس التعاون لدول الخليج العربية مسيرة امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً من العطاء، وبعد أن شعرت شعوب دول الخليج بمزايا هذا المجلس، وما حققه من انجازات، واستجابة لطموحات هذه الشعوب وللمطالب الداخلية فى دول المجلس
وسعيا لمواجهة التحديات الإقليمية والمتغيرات الدولية برزت رغبة هذه الدول فى تجاوز التعاون إلى الاتحاد.
وتلبية لذلك أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مبادرته فى هذا الاتجاه خلال اجتماع زعماء دول المجلس فى الدورة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى لدول الخليج التى عُقدت بالرياض فى 19 ديسمبر 2011.
لم تكن دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الاتحاد الخليجى منطلقة من فراغ؛ فرغم الرياح العاتية التى عصفت بمنطقة الخليج منذ بداية تأسيس المجلس قبل أكثر من ثلاثين عاما والتى تمثلت فى ثلاث حروب كبرى ضربت المنطقة، ورغم الأزمات الاقتصادية التى هزت كبريات الاقتصادات العالمية، فإن المجلس أثبت قدرته على النجاح والاستمرار، واستطاعت دول الخليج أن تتجاوز هذه الأزمات، بل حققت الكثير من الانجازات التى يشعر بها المواطن الخليجى الذى أصبح يطمح إلى الكثير، ويعتبر ما تحقق ليس كافيا اًو لا يلبى رغبات شعوب وحكومات هذه الدول، لذلك يريد أن يكون الاتحاد الخليجى هو الإطار الذى تنطلق منه الشعوب الخليجية إلى تحقيق أهدافها وطموحاتها فى ظل عالم يتجه إلى التكتلات العملاقة المتنافسة، ولم يعد فيه مكان للعمل الانفرادي، أو الانطواء على الذات، لذلك فإن الاتحاد الخليجى أصبح ضرورة وليس ترفاً. وكانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين إشارة البدء التى احتضنتها دول الخليج التى تؤمن بالعمل المشترك، والتى تسير فى موكب الوحدة التى نص عليها البند الرابع من اتفاقية تأسيس مجلس التعاون.
إن أهمية الاتحاد الخليجى تعود إلى مجموعة من الضرورات؛ فإذا كان الاتحاد الخليجى مطلبا شعبيا ورسميا، فهو ضرورة اقتصادية فى الوقت الحاضر وفى المستقبل لتنويع الدخل؛ فليس من المعقول أن يظل النفط يمثل نحو 90% من إجمالى موارد الميزانيات العامة لأكثر دول الخليج, لذلك من الضرورى أن يعمل الاتحاد على تنويع مصادر الدخل، وتوسيع القاعدة الاقتصادية من خلال تنفيذ المشروعات الكبرى التى تتمثل فى الصناعة الاستراتيجية والتحويلية والاستثمارات المشتركة، والاستفادة من المزايا النسبية لكل دوله لتكوين منظومة اقتصادية متكاملة قادرة على التعامل مع التكتلات الاقتصادية الكبرى والأسواق الجديدة والناشئة.
وعلى الجانب الأمني، تحتاج دول الخليج إلى زيادة التنسيق بينها فى ظل الاتحاد المرتقب؛ حيث يعد الأمن الخليجى الموحد ضرورة حتمية فى ظل ما تشهده المنطقة من تغيرات وتوترات وتدافع الموجات الإرهابية التى تقودها وتنفذها الجماعات التكفيرية.
وعسكريا, تدفع المتغيرات الإقليمية والدولية إلى ضرورة الاتحاد الخليجي، فى ظل اتجاه القوى الكبرى إلى شرق آسيا ومناطق أخرى من العالم, وفى ظل ما تسعى إليه قوى إقليمية للاستئثار بأمن المنطقة، بل للهيمنة عليها بوسائل مختلفة، سواء بامتلاك الأسلحة غير التقليدية، أو توسيع نفوذها فى دول الجوار، فى ظل نقص عدد سكان دول الخليج العربية، وتواضع أعداد جيوشها، على نحو يتطلب إعادة النظر فى عدتها وعتادها، وتطوير قوات درع الجزيرة الموجودة حالياً لتكون نواة لجيش خليجى مدرب على مستوى عال بما يمكن من الدفاع عن سيادة واستقلال دول الخليج, ناهيك عن التطور المتلاحق الذى يطرأ على الأسلحة مع ارتفاع أسعارها ما يجعل التسليح يأتى على حساب التنمية فى هذه الدول فرادي.
سياسياً، من الضرورى لدول الخليج المتجانسة - بل والمتطابقة - فى كثير من أنماط الحياة ونوعية المصالح والأهداف، وفى مواجهتها لتحديات متشابهة ومشتركة, أن توحد سياساتها الخارجية بما يجعل للقرار الخليجى تأثيره فى المحافل الدولية والإقليمية فى ظل التكتلات العالمية الكبري، على أن يكون ذلك فى إطار التنسيق العربى وتحت مظلة جامعة الدول العربية بما يعزز العمل المشترك ويدعم الوحدة العربية. والاتحاد الخليجى، فإن هدفه هو المحافظة على استقرار وسلامة الدول الخليجية، والعمل على استقرار المنطقة برمتها؛ فهو على مستوى الداخل سيكون وسيلة للتقارب بين شعوب ودول الخليج حيث سيحافظ على سيادة، واستقلال كل الدول الخليجية دون انتقاص منه قيد أنملة، ودون المساس بمكتسباتها وهويتها ونظامها السياسى وما ترتضيه شعوبها، أو شعبها الخليجى الواحد، من نمط للحياة، وذلك ما تعكف الجهات المعنية على دراسته حاليا، من خلال فحص تجارب الاتحادات العالمية السابقة لاقتباس أفضل الصيغ الاتحادية التى تناسب دول الخليج.
وعلى المستوى الخارجي، فهو ليس حلفاً عسكرياً وليس موجهاً ضد أى دولة إقليمية أو أجنبية، وليس له أطماع خارج حدود دوله، باختصار هو عامل استقرار وليس مصدر قلق لدوله أو الدول الإقليمية أو العالم؛ فجميع دوله أعضاء فى الأمم المتحدة وملتزمة بالمواثيق الدولية التى سبق أن وقعت عليها... لذلك فإنه مشروع إقليمى جديد يؤكد قدرة دول الخليج على مواجهة التحديات والتعامل مع المستقبل بآلياته ومفاهيمه، وهو يعد ببزوغ فجر الاستقرار والتنمية الجماعية فى منطقة الخليج، ليمثل بذلك تجربة اتحادية مهمة تكون أحد روافع العمل العربى المشترك.
وسعيا لمواجهة التحديات الإقليمية والمتغيرات الدولية برزت رغبة هذه الدول فى تجاوز التعاون إلى الاتحاد.
وتلبية لذلك أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مبادرته فى هذا الاتجاه خلال اجتماع زعماء دول المجلس فى الدورة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى لدول الخليج التى عُقدت بالرياض فى 19 ديسمبر 2011.
لم تكن دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الاتحاد الخليجى منطلقة من فراغ؛ فرغم الرياح العاتية التى عصفت بمنطقة الخليج منذ بداية تأسيس المجلس قبل أكثر من ثلاثين عاما والتى تمثلت فى ثلاث حروب كبرى ضربت المنطقة، ورغم الأزمات الاقتصادية التى هزت كبريات الاقتصادات العالمية، فإن المجلس أثبت قدرته على النجاح والاستمرار، واستطاعت دول الخليج أن تتجاوز هذه الأزمات، بل حققت الكثير من الانجازات التى يشعر بها المواطن الخليجى الذى أصبح يطمح إلى الكثير، ويعتبر ما تحقق ليس كافيا اًو لا يلبى رغبات شعوب وحكومات هذه الدول، لذلك يريد أن يكون الاتحاد الخليجى هو الإطار الذى تنطلق منه الشعوب الخليجية إلى تحقيق أهدافها وطموحاتها فى ظل عالم يتجه إلى التكتلات العملاقة المتنافسة، ولم يعد فيه مكان للعمل الانفرادي، أو الانطواء على الذات، لذلك فإن الاتحاد الخليجى أصبح ضرورة وليس ترفاً. وكانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين إشارة البدء التى احتضنتها دول الخليج التى تؤمن بالعمل المشترك، والتى تسير فى موكب الوحدة التى نص عليها البند الرابع من اتفاقية تأسيس مجلس التعاون.
إن أهمية الاتحاد الخليجى تعود إلى مجموعة من الضرورات؛ فإذا كان الاتحاد الخليجى مطلبا شعبيا ورسميا، فهو ضرورة اقتصادية فى الوقت الحاضر وفى المستقبل لتنويع الدخل؛ فليس من المعقول أن يظل النفط يمثل نحو 90% من إجمالى موارد الميزانيات العامة لأكثر دول الخليج, لذلك من الضرورى أن يعمل الاتحاد على تنويع مصادر الدخل، وتوسيع القاعدة الاقتصادية من خلال تنفيذ المشروعات الكبرى التى تتمثل فى الصناعة الاستراتيجية والتحويلية والاستثمارات المشتركة، والاستفادة من المزايا النسبية لكل دوله لتكوين منظومة اقتصادية متكاملة قادرة على التعامل مع التكتلات الاقتصادية الكبرى والأسواق الجديدة والناشئة.
وعلى الجانب الأمني، تحتاج دول الخليج إلى زيادة التنسيق بينها فى ظل الاتحاد المرتقب؛ حيث يعد الأمن الخليجى الموحد ضرورة حتمية فى ظل ما تشهده المنطقة من تغيرات وتوترات وتدافع الموجات الإرهابية التى تقودها وتنفذها الجماعات التكفيرية.
وعسكريا, تدفع المتغيرات الإقليمية والدولية إلى ضرورة الاتحاد الخليجي، فى ظل اتجاه القوى الكبرى إلى شرق آسيا ومناطق أخرى من العالم, وفى ظل ما تسعى إليه قوى إقليمية للاستئثار بأمن المنطقة، بل للهيمنة عليها بوسائل مختلفة، سواء بامتلاك الأسلحة غير التقليدية، أو توسيع نفوذها فى دول الجوار، فى ظل نقص عدد سكان دول الخليج العربية، وتواضع أعداد جيوشها، على نحو يتطلب إعادة النظر فى عدتها وعتادها، وتطوير قوات درع الجزيرة الموجودة حالياً لتكون نواة لجيش خليجى مدرب على مستوى عال بما يمكن من الدفاع عن سيادة واستقلال دول الخليج, ناهيك عن التطور المتلاحق الذى يطرأ على الأسلحة مع ارتفاع أسعارها ما يجعل التسليح يأتى على حساب التنمية فى هذه الدول فرادي.
سياسياً، من الضرورى لدول الخليج المتجانسة - بل والمتطابقة - فى كثير من أنماط الحياة ونوعية المصالح والأهداف، وفى مواجهتها لتحديات متشابهة ومشتركة, أن توحد سياساتها الخارجية بما يجعل للقرار الخليجى تأثيره فى المحافل الدولية والإقليمية فى ظل التكتلات العالمية الكبري، على أن يكون ذلك فى إطار التنسيق العربى وتحت مظلة جامعة الدول العربية بما يعزز العمل المشترك ويدعم الوحدة العربية. والاتحاد الخليجى، فإن هدفه هو المحافظة على استقرار وسلامة الدول الخليجية، والعمل على استقرار المنطقة برمتها؛ فهو على مستوى الداخل سيكون وسيلة للتقارب بين شعوب ودول الخليج حيث سيحافظ على سيادة، واستقلال كل الدول الخليجية دون انتقاص منه قيد أنملة، ودون المساس بمكتسباتها وهويتها ونظامها السياسى وما ترتضيه شعوبها، أو شعبها الخليجى الواحد، من نمط للحياة، وذلك ما تعكف الجهات المعنية على دراسته حاليا، من خلال فحص تجارب الاتحادات العالمية السابقة لاقتباس أفضل الصيغ الاتحادية التى تناسب دول الخليج.
وعلى المستوى الخارجي، فهو ليس حلفاً عسكرياً وليس موجهاً ضد أى دولة إقليمية أو أجنبية، وليس له أطماع خارج حدود دوله، باختصار هو عامل استقرار وليس مصدر قلق لدوله أو الدول الإقليمية أو العالم؛ فجميع دوله أعضاء فى الأمم المتحدة وملتزمة بالمواثيق الدولية التى سبق أن وقعت عليها... لذلك فإنه مشروع إقليمى جديد يؤكد قدرة دول الخليج على مواجهة التحديات والتعامل مع المستقبل بآلياته ومفاهيمه، وهو يعد ببزوغ فجر الاستقرار والتنمية الجماعية فى منطقة الخليج، ليمثل بذلك تجربة اتحادية مهمة تكون أحد روافع العمل العربى المشترك.
د. عبد العزيز بن عثمان بن صقر